Posted inمقالاتآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسأخبار الإماراتأخبار السعوديةمجتمعمنوعات

دولة العمل التطوعي المليارية … من منظور العطاء إلى سياسات التنمية وبناء الاقتصاد

أشار تقرير التنمية البشرية الصادر في العام 2015 إلى أن دولة العمل التطوعي المليارية تساهم بنسبة 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

العمل التطوعي

هناك أكثر من مليار شخص من كافة أنحاء العالم يعملون في العمل التطوعي، إما بصفتهم الفردية أو الجماعية أو من خلال منظومة مؤسسية سواءً كانت تعمل في القطاع الربحي أو القطاع غير الربحي. وإذا افترضنا أن هؤلاء المليار نسمة يشكلون دولة، فتأتي هذه الدولة نسبةً إلى عدد سكانها كثاني أكبر دولة بعد الصين.

دولة العمل التطوعي المليارية


لفتت دولة العمل التطوعي المليارية الأنظار إليها، وذلك نظراً للقوة الكامنة في اقتصادها، ويعتمد هذا الاقتصاد على الاقتصاد الاجتماعي، والذي يشكل فيه تنمية رأس المال البشري الفعّال والمؤهل جسراً لعبور الاقتصادات إلى اقتصادات متينة ومستدامة قادرة على الإبداع والريادة.
حيث أشار تقرير التنمية البشرية الصادر في العام 2015 إلى أن دولة العمل التطوعي المليارية تساهم بنسبة 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولكن هذه النسبة غير شمولية وتفتقر إلى الكثير من المدخلات، وذلك نتيجةً للعديد من الأسباب، من أهمها وجود الملايين من الأعمال التطوعية التي لم يتم رصدها كمدخلات في هذه القيمة، إلى جانب وجود الملايين الأخرى التي لم يتم حسابها ضمن قيمة قياسية اقتصادية قابلة للقياس ضمن المعايير الدولية والمحلية، وصولاً إلى هشاشة التشريعات والحوكمة والمعايير المحلية والدولية واعتماد منظومة تطوعية مستدامة ترصد الأداء وتحدد الحجم والنطاق لهذه البرامج التطوعية.

الإشراف والمعايير والإحصاءات

تشرف منظمة العمل الدولية وبرنامج متطوعي الأمم المتحدة على سن التشريعات ورصد الإحصاءات وعمل الدراسات اللازمة وتنظيم العمل التطوعي مرجعياً، ولا تتولى سلطات تنفيذية للمتطوعين المحليين داخل كل دولة. فيما تتولى كل دولة عربياً وعالمياً الاهتمام بالقطاع التطوعي والمتطوعين ضمن نطاقها الجغرافي، حيث بلغت قيمة مساهمة القطاع التطوعي في اقتصاد المملكة المتحدة ما يقارب 4.6 مليار جنيه إسترليني سنوياً.


فيما ساهم القطاع التطوعي في أمريكا بخلق أكثر من 4 مليارات ساعة عمل سنوياً. أما عربياً، فقد سجلت المملكة العربية السعودية أكثر من 53 مليون ساعة عمل تطوعية لأكثر من 75 مليون مستفيد. أما الإمارات العربية المتحدة فقد احتلت المرتبة 25 عالمياً في مؤشر التنمية البشرية من برنامج متطوعي الأمم المتحدة، فيما سجلت المملكة الأردنية الهاشمية ما يقارب 5 ملايين ساعة عمل تطوعية مستدامة.

العمل التطوعي

الانضمام إلى دولة العمل التطوعي المليارية

يحظى العمل التطوعي باهتمام الدول العربية، من مرونة التشريعات إلى حزمة التحفيزات وصولاً إلى التكريمات للمنتسبين فيه سواءً كانوا من الأفراد أو المؤسسات الخاصة أو مؤسسات القطاع غير الربحي وغيرهم. فكيف يمكن لمؤسسات القطاع الخاص بمختلف أحجامها ونشاطاتها الاندماج بالعمل التطوعي؟ وكيف يمكن لهذه الأعمال التطوعية إحداث قيمة اقتصادية فارقة وزيادة كفاءتها وفاعليتها لبرامجها التطوعية؟ علماً بأن هذه المبادرات التطوعية منفردة تشارك بإحداث أثر اجتماعي وبيئي وصحي وتعليمي مستدام، بينما تُسهم مجتمعة بإضافة قيمة اقتصادية مستدامة قابلة للقياس وطنياً ودولياً من خلال المتطوعين والمستفيدين من البرامج والمبادرات التطوعية، والتي عادةً ما تكون نشاطاتها وأهدافها ضمن الأهداف التنموية المستدامة لبرنامج الأمم المتحدة، والتي تختلف أولوية هذه الأهداف من دولة إلى أخرى بحسب رؤيتها الوطنية لتحقيق هذه الأهداف التنموية.

إعادة صياغة تعريف العمل التطوعي


عرّفت منظمة العمل الدولية العمل التطوعي بأنه “العمل غير الإلزامي الذي يتم القيام به للآخرين دون أجر”. والمتطوعون هم أربع فئات: الأفراد والجماعات والكيانات العاملة في القطاع الخاص والمؤسسات العاملة في القطاع غير الربحي.
والعمل التطوعي قد يقدم إما خدمات أو منتجات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للمستفيدين من جميع فئات المجتمع. وتساهم هذه الأعمال والمبادرات التطوعية في حل المشاكل البيئية والاجتماعية والاقتصادية بأهداف تنموية مستدامة.

فيما اعتبرت منظمة العمل الدولية في تعريفها “دون أجر” بأنها مساحة مرنة الحدود في صياغة تشريعات العمل التطوعي، بحيث تبدأ هذه القيمة من عدم احتساب أي مقابل مادي، إلى وجود بعض التعويضات المتعلقة بمشاركة المتطوعين في الأنشطة التطوعية مثل النقل والإقامة والوجبات وغيرها، وصولاً إلى مكافأة عينية أو مالية، على أن لا تتجاوز هذه المكافآت المالية في مجملها ثلث الأجر المحلي الأدنى المعتمد في الدولة المنفذة للعمل التطوعي، وتشترط على أن الأشخاص المنخرطين في العمل التطوعي ليس لديهم أي توقعات أو اتفاقيات مالية.

وصرح برنامج متطوعي الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية عن توقيع شراكة جديدة فيما بينهما ابتداءً من شهر أبريل 2024 وتمتد إلى نهاية 2025، وتهدف هذه الشراكة إلى البناء على ما تم إنجازه وتطوير آليات وأدوات المسح للقياس الإحصائي للعمل التطوعي، وتوسيع المساندة للدول الأعضاء لدراسة التوصل إلى نهج قياس أكثر اتساقًا عبر البلدان ولزيادة البيانات المتاحة عن حجم ونطاق العمل التطوعي. ويمكن الاستدلال من هذه التصريحات على أن العمل التطوعي ما زال قطاعًا ناشئًا وفرصة كامنة لتفعيله وإنتاج قيمة اقتصادية مستدامة قابلة للقياس والتعديل.

فالعمل التطوعي هو قيمة اقتصادية اجتماعية وطنية، تشارك بجزء منه المؤسسات الربحية من خلال برامج ومبادرات تنموية تهتم بحل المشكلات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وتهدف إلى رفع مهارات الفرد وبالتالي التأثير الإيجابي على المجتمع، على أن لا يكون الأساس المادي هو المتوقع من المتطوعين في هذه البرامج، ولكن لا يمنع ذلك من مكافأة المتطوع وتحفيزه ودعمه والارتقاء بمهاراته التعليمية والصحية وزيادة مستوى دخله.

انخراط القطاع الخاص في الأعمال التطوعية

كما ذكرنا، تساهم أربع فئات أساسية في البرامج التطوعية، ولكننا سلطنا الضوء في هذه المقالة على المؤسسات العاملة في القطاع الربحي نظراً إلى أهميتها، حيث أن قرار المؤسسات الربحية في الاندماج في الأعمال التطوعية هو قرار استراتيجي تتخذه المؤسسة بهدف تحسين أدائها وتواصلها مع أصحاب المصلحة مثل العملاء والموظفين والمستثمرين والحكومة والموردين والمجتمع. وهذه الأعمال التطوعية تندرج تحت المسؤولية الاجتماعية للشركات، والتي تضمن للمؤسسة الربحية كفاءة وفاعلية أدائها على نحو مستدام ومتين. وهنالك خمس خطوات رئيسية لصياغة الأعمال التطوعية الخاصة بمؤسستك وهي:

  1. الاستراتيجيات

    تُبنى الاستراتيجيات الخاصة بالاندماج في الأعمال التطوعية كهوية مستدامة للمؤسسة الربحية وذلك لخلق هوية عامة للمؤسسة، وتندرج تشغيلياً بأبسط أداء لهذه الأعمال التطوعية تحت مسمى المسؤولية الاجتماعية للشركات. على أن تصاغ الاستراتيجيات الخاصة بالأعمال التطوعية للمؤسسة لحساب قيمة العمل التطوعي، والتي تتألف حسابياً من مدخلات رقمية متعددة، من أهمها مجموع ساعات التطوع، مستوى المهارة، مستوى التأثير، وقيمة الاستبدال.
  2. التخطيط

    يراعى في التخطيط معرفة نوع العمل التطوعي المراد العمل به، إن كان مباشراً أو غير مباشر، وتحديد المشاركين ونوع الشراكات، وتحديد الأهداف وربط التطوع بأهداف التنمية المستدامة وبمعايير أداء رئيسية، وحوكمة المدخلات، والتشغيل، والمخرجات، وتحديد مستوى المهارات المطلوبة، ومستوى التأثير وغيرها.
  3. التطوع الرقمي

    وهو ربط الأعمال التطوعية بتقنيات رقمية تساعد على أتمتة وحوكمة وسهولة إدارة الأعمال التطوعية وربطها ودمجها مع أصحاب المصلحة للمؤسسة (حكومة، موظفين، متطوعين، مشغلين، موردين وغيرهم).
  4. التنفيذ

    البدء بتنفيذ برامج الأعمال التطوعية بحسب الاستراتيجية المعتمدة، واعتماد معايير مماثلة لما يتم تنفيذه في البرامج الربحية للمؤسسة.
  5. قياس الأداء

    إن دقة تحديد الأهداف وفاعلية تحديد معادلة العوائد على الاستثمار، وتحديد معادلة العوائد الاجتماعية على الاستثمار، إضافةً إلى معادلة حساب قياس قيمة العمل التطوعي واعتماد المعايير المحلية والدولية للعمل التطوعي، تساعد المؤسسة وأصحاب المصلحة في دقة قياس الأداء وبالتالي حساب القيمة الفعلية المادية والاجتماعية لهذا العمل التطوعي.

ختاماً، إن العمل التطوعي هو منظومة وطنية مترابطة، تعزز فاعليتها وكفاءتها بالابتكار والريادة التقنية في الاقتصاد الاجتماعي، يتشارك فيها القطاع الخاص والقطاع غير الربحي بتعزيز الاستثمار الاجتماعي، والذي يسهم بدوره في تنمية الأفراد والأسر المعيشية والفئات الأقل حظاً من الابتكار والريادة، وهذا بدوره يؤدي مجتمعاً إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورفع مؤشر التنمية البشرية الوطني.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
رولا حجاوي

رولا حجاوي

الدكتورة رولا عادل حجاوي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيذا المتخصصة في التسويق المستدام وشركة لوانا للاستشارات...