Posted inمقالاتآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنس

الذكاء الاصطناعي والرؤى المستندة إلى البيانات ودورهما في تمكين الشركات من استخدام الطاقة بكفاءة

الذكاء الاصطناعي

في محاولتها لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة والحد من إهدارها، والمخاوف المرتبطة بزيادة الانبعاثات الدفيئة، تبحث المؤسسات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طرق جديدة لتكوين فهم متكامل حول استهلاكها للطاقة بهدف المبادرة بخفض معدل الاستهلاك ككل. في السابق، لم تُعر المؤسسات الكبيرة أهمية تُذكر لمعدل إنفاقها على الطاقة، إلا أن هناك حاجة ملحّة الآن لتبدأ الشركات من جميع الأحجام بتقييم مقدار الطاقة التي تستخدمها، والمقدار الذي ستحتاج إلى استخدامه، والأهم من ذلك، مقدار ما يتم إهداره من تلك الطاقة.

الذكاء الاصطناعي

على المدى القصير، حققت الممارسات التقليدية لترشيد استهلاك الطاقة، مثل إطفاء الأنوار أو استخدام أجهزة استشعار الحركة للتحكم في استخدامات الطاقة، نجاحاً في تقليل هدر الطاقة والحد من ارتفاع تكاليفها، إلا أن المتطلبات التنظيمية المتزايدة لأطر واستراتيجيات الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة سارعت من الحاجة إلى استخدام الطاقة بكفاءة. هنا تثبت التقنيات المستندة إلى البيانات، وخاصة الذكاء الاصطناعي، قيمتها.

ومع استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ (COP28) هذا العام، وإعلان عام 2023 عام الاستدامة، حددت حكومات المنطقة العديد من الأهداف، مثل رؤية المملكة 2030، لتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة. ولتوضيح حجم التحدي الذي تواجهه دولة الإمارات العربية المتحدة، استثمرت الدولة أكثر من 40 مليار دولار أمريكي في مشاريع الطاقة النظيفة حتى الآن للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. وعليه، تم تحديد أهداف أكثر صرامة للانبعاثات لخفض انبعاثات الكربون بنسبة 40% بحلول عام 2030.

للحصول على رؤى دقيقة حول استخدام الطاقة، وهدرها، وتكاليف ذلك كله، ينبغي الاستفادة من مصادر البيانات المتنوعة، وعلى رأسها: العدادات الذكية، بيانات الاستهلاك، سجلات الاستخدام الخارجي، معلومات التسعير وتوقعات الاستهلاك. ومع ذلك، فإن دمج هذه البيانات في خط واحد متماسك يمثل تحديات معتبرة. تمثل الطبيعة اللامركزية للبيانات، وأشكالها المختلفة، وتعقيدات التكامل عوائق في وجه معالجة البيانات وتحليلها بسلاسة. للتغلب على هذه العقبات، من الأهمية بمكان الوصول إلى التحليلات بسهولة، وتعزيز ثقافة إضفاء الطابع الديمقراطي على البيانات، وتمكين الخبراء المعنيين من استخلاص الرؤى في الوقت الفعلي. تساهم التقنيات المستندة إلى البيانات إلى سد الفجوة، وتسهيل اتخاذ القرارات المستنيرة، وتحسين كفاءة الطاقة وتحديد فرص الحد من هدرها.

كشف تقرير برايس ووترهاوس كوبرز أن 84% من الرؤساء التنفيذيين في المنطقة يخططون للاستثمار في الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السحابية في عام 2023، بينما يركز 74% منهم الاستثمار في تحسين مهارات القوى العاملة في شركاتهم. تساهم آلية العمل السلسة المستندة إلى البيانات بدعم أهداف الاستدامة وتتماشى مع استراتيجيات الاستدامة البيئية والمجتمعية والحوكمة المتطورة.

تُعدّ إمكانية الوصول إلى البيانات ودمجها بسلاسة أمر مهم لإنشاء قاعدة موحّدة لإعداد التقارير ونماذج التدريب المصممة لتحديد الاتجاهات، والتعرف على حالات الهدر والتنبؤ بالاستهلاك والتكاليف.

الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات: قاعدة أساسية لاستخدام الطاقة بكفاءة

تسمح الأتمتة وتحليلات البيانات للشركات بالوصول إلى بيانات استهلاكها للطاقة في أي وقت، حتى لو كانت منعزلة ومرتبطة بأقسام مختلفة. بعد ذلك، يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي لتحديد مكان وسبب الهدر، والتمكين من اتخاذ إجراءات فعالة للحد منه.

يمكّن استخدام الذكاء الاصطناعي من تحسين استهلاك الطاقة وخفض التكاليف في المجالات التالية:

الطاقة في المباني والمصانع

من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتوحيد فواتير الكهرباء وتحليل استهلاك الطاقة، يمكن للمؤسسات تحديد العمليات التي تؤدي إلى ذروة الاستهلاك، لتقوم بعد ذلك بتوزيع هذه العمليات خلال فترات أكثر هدوءاً.

على سبيل المثال، تمكّن جوجل، بفضل مشروع ديب مايند (DeepMind)، الذي يعتمد على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، من خفض الطاقة اللازمة لتبريد مراكز بياناتها بنسبة 40%.

وباستخدام بيانات درجة الحرارة المسجلة في مراكز البيانات الخاصة بها، اعتمدت جوجل الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبئية للتحكم في تكييف الهواء.

إدارة أفضل للشبكات الذكية

في حال تطلّبت استراتيجية الطاقة الخاصة بشركة ما استخدام الطاقات المتجددة مثل الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح، ينبغي إذن أن تأخذ في الاعتبار طبيعة هذه الطاقات المتجددة التي لا يمكن التنبؤ بها. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نموذج تنبؤ أفضل، وبالتالي تحسين تخزين الطاقة.

على سبيل المثال، إذا كان من المتوقع، استناداً إلى بيانات الطقس في الوقت الفعلي، حدوث انخفاض حاد في إنتاج الخلايا الكهروضوئية على الأسطح خلال الأيام الثلاثة المقبلة، فستتمكن الشركة من التصرف بسرعة وبصورة استباقية من خلال إعادة شحن أسطولها الكهربائي في مكان آخر واختيار مصدر طاقة بديل.

إدارة النقل بشكل أكثر ذكاءً

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في إدارة النقل وذلك بدمج البيانات القادمة من العديد من المصادر وتحليلها لتحديد المشاكل.

تشمل بعض الطرق التي يتمكن بها الذكاء الاصطناعي من تحسين كفاءة النقل: التحقق من امتثال السائقين للقوانين، وتقديم طرق بديلة لتسريع التنقل في الوقت الفعلي، وضمان اكتمال الحمولة (الداخلة والخارجة على حد سواء)، وإخطار الشركاء بالتأخير مقدم، وجدولة الصيانة للحفاظ على الاقتصاد في استهلاك الوقود، وأتمتة إشعارات الوصول لتقليل وقت الانتظار قبل التسليم.

سلسلة توريد أكثر كفاءة

هناك طلب متزايد على الخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة على مستوى العالم، حيث تبحث 75% من شركات الشحن عن خيارات صديقة للبيئة عند تصدير البضائع، وفقاً لتقارير البنك الدولي. إلا أن سلاسل التوريد ككل تتضمن عدم الكفاءة بسبب كم الروابط التي تتطلبها. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي لتحقيق السلاسة وضمان التنسيق بين شركات النقل والموردين والعملاء من خلال التنبؤ واتخاذ القرارات بصورة تلقائية.

استناداً إلى بيانات الإنتاج والمخزون، يتوقع الذكاء الاصطناعي متى ستنفد كمية المنتج من المورّد، فيتم إبلاغ المشتري تلقائياً بتاريخ إعادة التخزين المتوقع مما يعطيه خيار تغيير طلبه أو انتظاره. كما يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بنقص المنتجات وتقلبات الأسعار، والكشف عن أي مشاكل في الجدولة، وتمكين إدارة أفضل للمستودع الذكي، مع تقليل التكاليف. ومع ازدهار التجارة الإلكترونية والبقالة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعد هذا أمراً ضرورياً لتوفير تجربة سلسة لكل من الشركات والمستخدمين النهائيين.

بشكل عام، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الاستهلاك عبر سلسلة التوريد من خلال توفير إدارة أكثر كفاءة للمخزون، وإمكانية تتبع أفضل، وتقليل هدر الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفترات زمنية أقصر. اعتماد هذه التكنولوجيا وتسخيرها ضروري باعتبارها أداة مهمة لمواجهة تحديات الطاقة الحالية والمستقبلية.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
كارل كراوثر

كارل كراوثر

بصفته نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة ألتيريكس، يتولى كارل كراوثر مسؤولية تسليط الضوء على فوائد...