يشهد المشهد السياسي في واشنطن تحولًا لافتًا مع تصاعد نفوذ عمالقة وادي السيليكون، مع عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وكان حضور عمالقة وادي السيليكون، ومن أبرزهم مؤسس شركة “ميتا“، مارك زوكربيرغ، ومؤسس “أمازون“، جيف بيزوس، والمؤسس المشارك لـ “غوغل”، سيرغي برين، والأبرز “إيلون ماسك”، أغنى رجل في العالم في حفل تنصيب دونالد ترامب، إشارة إلى تغييرات جوهرية في طبيعة الإدارة الأمريكية، خاصة مع شغلهم مقاعد عادة ما تخصص لكبار المسؤولين الحكوميين.
ماذا يعني حضور عمالقة وادي السيليكون لحفل التنصيب؟
حضور عمالقة وادي السيليكون، لحفل تنصيب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لم يكن مجرد مشاركة رمزية، بل عكس التوازنات الجديدة في السلطة الأمريكية.
وقد أكد إيلون ماسك، وهو واحد من أبرز عمالقة وادي السيليكون، نفوذه فعليًا خلال إدارة ترامب، بعد أن أنفق أكثر من 250 مليون دولار لدعم حملة المرشح الجمهوري، كما أظهر قوته السياسية بعرقلة خطط الإنفاق الحكومي التي كانت ستؤدي إلى الإغلاق، وفق ما أفادت به “أسوشيتد برس”.
وكان ترامب، قد أسند لماسك، قيادة هيئة غير حكومية تهدف إلى تقليص إنفاق الدولة، في حين ينفي الرئيس الاتهامات التي تزعم إمكانية تأثير ماسك ،المفرط على إدارته.
الإدارة الأمريكية الجديدة تضم 13 مليارديرًا في مناصب رئيسية
لا يقتصر نفوذ عمالقة وادي السيليكون، من مليارديرات التكنولوجيا، على إيلون ماسك، فحسب، بل تضم الإدارة الأمريكية الجديدة 13 مليارديرًا يشغلون مناصب رئيسية، ما يمثل تحولًا جذريًا في هيكل السلطة.
وتُقدر الثروة الإجمالية لهؤلاء الأثرياء في إدارة ترامب، بنحو 460 مليار دولار، وهو فارق كبير مقارنة بإدارة جو بايدن، التي بلغ إجمالي ثروتها ما يقرب من 118 مليون دولار فقط.
ترامب: لن يحظى عمالقة وادي السيليكون بمعاملة خاصة
ورغم الدعم المالي الكبير الذي يقدمه قادة التكنولوجيا، شدد ترامب، على أنهم لن يحظوا بمعاملة خاصة.
وأكد الرئيس الأمريكي، أنه لن يتعامل معهم بشكل مميز، مشيرًا إلى أنه ليس بحاجة إلى المال، بل يهدف إلى “ازدهار الأمة”، حيث يمكن لهؤلاء من خلال تميزهم خلق العديد من فرص العمل.
جاءت هذه التصريحات ردًا على تحذيرات جو بايدن في خطابه الختامي، الذي أعرب فيه عن مخاوفه من تحول الولايات المتحدة إلى “نظام شمولي” يهيمن عليه عمالقة وادي السيليكون، ويتمتعون فيه “بنفوذ خطير”.
تأثير تحالف عمالقة وادي السيليكون على الصناعة
في مجتمع يتشكل بالذكاء الاصطناعي والتقدم التكنولوجي، تتجاوز مخاوف هذا التحالف الجدل السياسي التقليدي، حيث يؤدي وجود عمالقة وادي السيليكون، في المشهد السياسي، إلى تأثير مباشر على عملية صنع القرار وتحديد سياسات الحكومة.
ويثار التساؤل حول تأثير تحالف عمالقة وادي السيليكون، على تنظيم الصناعة، والرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد أن ألغى ترامب، قرار الرئيس السابق بايدن الذي كان يهدف إلى تقييد أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي قد تشكل مخاطر كبيرة على الأمن القومي، أو الاقتصاد، أو السلامة العامة.
هل التملق هو الطريق إلى السلطة؟
في عام 2017، انتقد زوكربيرغ، سياسات ترامب، المتعلقة بالهجرة بشكل علني، متأثراً بخلفية أسرته وزوجته المهاجرة.
إلا أن الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، يبدو أنه غيّر استراتيجيته نحو اتباع نهج أكثر تملقاً لكسب ود الإدارة الجديدة، حيث أشاد بـ”الطاقة الذكورية” وأهمية تعزيز وجودها داخل هيكل شركات التكنولوجيا، في تحول واضح يعكس تبني سياسة جديدة أكثر يمينية، وأقل شمولاً.
من جانبه، سار جيف بيزوس، على النهج ذاته، فبعد أن أعرب سابقاً عن مخاوفه من تأثير فوز ترامب، على الديمقراطية الأمريكية، أبدى حالياً دعماً أكبر له.
وأسهمت شركة “أمازون”، التابعة لبيزوس، بمليون دولار لصالح لجنة حفل التنصيب، كما وافقت الشركة على إنتاج فيلم وثائقي عن السيدة الأولى ميلانيا ترامب، وفقاً لما ذكرته “فايننشال تايمز”.
لماذا غير قادة التكنولوجيا موقفهم من ترامب؟
لكن لماذا هذا التغيير؟ لأن قادة التكنولوجيا يواجهون ضغوطاً، ومخاطر متزايدة من جميع الجهات.
زوكربيرغ، على سبيل المثال، يواجه دعوى قضائية من لجنة التجارة الفيدرالية ضد شركة “ميتا”، بينما تخضع شركة “أمازون” التي يمتلكها بيزوس لعدد من قضايا مكافحة الاحتكار.
بالإضافة إلى ذلك، تتعرض شركة “تسلا” التابعة لماسك، لتحقيقات فيدرالية بسبب تقنية القيادة الذاتية.
ولا تقتصر التحديات على ذلك، إذ تحتدم المنافسة بين شركتي “سبيس إكس”، و”بلو أوريجين” المملوكة لبيزوس للحصول على عقود حكومية ضخمة، في سباق محموم للتفوق على وكالة “ناسا”.
وسط هذه المعطيات، يبرز السؤال: هل ستثمر محاولات التملق التي يبديها عمالقة التكنولوجيا تجاه ترامب، أم أن رهانهم عليه سيكون خاسراً؟.