Posted inعمل

كيف سيكون سوق الوظائف في 2019 بالعالم العربي؟

نستفسر من خبراء الموارد البشرية حول رؤيتهم للوضع القائم لسوق الوظائف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فهل تنجح الشركات والشباب العربي في مواكبة التغيرات والمستجدات التي تطرأ على هذا السوق؟

كيف سيكون سوق الوظائف في 2019 بالعالم العربي؟

يقع على عاتق العاملين في الموارد البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الكثير من المسؤوليات والمهام الصعبة. ويرجع السبب في ذلك إلى دورهم الأساسي في إيجاد الحلول وتوفير الكثير من فرص العمل خلال المستقبل القريب وتحديداً لجيل الشباب الذي يمثل أكثر من 30% من العالم العربي.

بقلم: تميم الحكيم

نتحدث حول أبرز التوجهات في قطاع التوظيف في المنطقة مع كل من كريستوفر بايج، الرئيس التنفيذي في شركة الاستشارة في الموارد البشرية «أيون هيويت» في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتريفور ميرفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «كوبر فيتش» المتخصصة في التوظيف والخدمات الاستشارية للموارد البشرية والأبحاث التنفيذية، وأندرو بيرد، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم من أجل التوظيف، وروث فليتشر، نائب الرئيس «للمواهب البشرية» في شركة كريم، المختصصة في خدمة حجز سيارات الأجرة الخاصة عبر تطبيق الهاتف الذكي، وغريغ هكر، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع مهاراتي.

المتطلبات والتوجهات
يرى تريفور ميرفي أنه عندما يتعلق الأمر بتوجهات سوق العمل، فإن كل بلد لها متطلباتها الخاصة، ويقول: «لذلك تركز بعض البلدان حاليًا على إعادة تنظيم أو إعادة ضبط صناعتها حول النفط والغاز والموارد الطبيعية وهناك مجموعة معينة من المهارات التي تتطلب أن تكون متواجدة لتحقيق ذلك وللأسف الكثيرين من الذين يملكون هذه المهارات الأساسية  قد غادروا البلد».
ويضيف: «تتطلع بعض الدول الاّخرى من دول مجلس التعاون الخليجي إلى الابتعاد عن الاعتماد الأساسي على السلع الأساسية مثل النفط، كما أن لديها مبادرات حول الخصخصة، وإنشاء الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتنمية قطاعات أخرى خارج السلع الأساسية مثل الرعاية الصحية والأجهزة الطبية والتعليم وتطوير الأبحاث. لذا فإن كل دولة داخل دول مجلس التعاون الخليجي لديها الثغرات الخاصة بها ومتطلبات مجموعة المهارات الخاصة بها. وبشكل عام فإن القطاع العام في جميع دول مجلس التعاون الخليجي يشهد تغيرًا كبيرًا حيث أن القطاعات الحكومية تريد أن تتبنى عقلية القطاع الخاص بشكل أكبر مما قد يؤدي إلى حدوث تغيير هائل في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي».
ويوضح أن شركة كوبر فيتش «تتطلع إلى إدارات حكومية جديدة تم تأسيسها في القطاع العام مثل السعادة في الإمارات والثقافة في السعودية والضرائب وضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وجميع القطاعات الأخرى بما في ذلك الكيانات الأكثر تحفظًا مثل التمويل عبر دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تتغير تمامًا بينما تحاول تطوير وتبني عقلية القطاع الخاص حيث هناك حاجة إلى إعادة تنشيط الدوائر الحكومية للمساعدة في قيادة الطريق ودفع القطاع الخاص لتنشيط نفسه».
من جهته، يرى أندرو بيرد أن سوق التوظيف في الإمارات له خصائص تميزه عن غيره من دول المنطقة، حيث يقول: «يعتبر الاقتصاد المتنوع لدولة الامارات العربية المتحدة والمرونة في تبني نماذج اقتصادية جديدة عاملاً مهماً في خلق فرص عمل في المنطقة. فقد تم إتاحة ما يقارب من 60000 فرصة عمل جديدة في الإمارات في الفترة ما بين يونيو 2017 و يونيو 2018، حسب إحصاءت مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، الأمر الذي يمكن اعتباره مؤشراً جيداً من وجهة نظر التوظيف».
ويضيف: «من العوامل المهمة الأخرى التي تحدد تطور القوى العاملة في الإمارات العربية المتحدة ظهور وظائف وصناعات جديدة نتيجة التغييرات التكنولوجية التي تقودها التكنولوجيا الناشئة القائمة على الذكاء الاصطناعي والأتمتة. ويتيح الموقع الذي تحتله دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي متميز لشركات التكنولوجيا العالمية والشركات الناشئة فرصة فريدة للشباب الإماراتي والشباب من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإيجاد فرص عمل في تلك المجالات الرائدة والمبتكرة مما يعطي المنطقة مدخلاً إلى الثورة الصناعية الرابعة».

خبرات متفاوتة في التوظيف
لا يزال سوق المنطقة وخصيصاً قطاع الموارد البشرية في طور النمو، أو كما يرى كريستوفر بايج. وهو يؤكد أنه: «إذا نظرنا إلى الإمارات فإن عمرها فقط حوالي 40 عاما من حيث الدخول في عالم الأعمال. ولكن الخبرات في المنطقة نمت بشكل سريع. إلا أن الموراد البشرية في الكثير من الأوقات في المنطقة لا تزال تختص بالمعاملات الورقية فقط، ولا تشمل كثيراً ما يتعلق بتطوير المنظمات والشركات، فهي لا تقدم دعماً استراتيجياً للشركات حتى الآن بشكل ملحوظ».
وينوه إلى أن «المنطقة تتسم بالكثير من الشباب العاملين والذين يبحثون عن الدخول في سوق العمل. وهم يملكون عقلية مختلفة جداً عن الأجيال السابقة. وبالتالي فإن السوق مختلف قليلاً في المنطقة عن العالم من ناحية نوعية الموظفين».
ويشير إلى أهمية تطوير القائمين على الأعمال نظرتهم لسوق التوظيف وكيفية التعامل مع مطالب السوق، حيث يقول: «عندما نتحدث عن الشركات العائلية أو الشركات الكبيرة في المنطقة، فإنك ستجد بعض الشركات لم تكن قادرة تماماً على التكيف مع الطريقة الجديدة في العمل. وهذا الأمر يؤثر على إمكانيتها في جلب المواهب المناسبة وتنميتها والاستفادة منها».
ويحذر من أن هذا الأمر «يؤثر بالتالي على ربحية هذه الشركات. وفي هذه الحالة، علينا النظر إلى ما تقوم به الشركة من أخطاء في عدم تحويل طريقة عملها».
ويوضح: «ما نجده أن هناك بعض الشركات التي تملك نظرة تقليدية جداً في العمل وبالتالي لا يمكنها توليد الأرباح والسبب لأن السوق تطور والشركة لم تقم بمواكبة هذا التطور».
كما يشير إلى نقطة مهمة وهي أنه «إذا نظرت إلى الشركات المحلية، فإنها على الرغم من محليتها فإنها تتنافس على المستوى العالمي ومع الأسواق العالمية. فإن لم تكن قادرة على المنافسة بجدارة مع المنافسين حول العالم فإن هؤلاء المنافسين العالميين سيتكمنوا بسهولة من كسب المنافسة».
من جهته، يعود تريفور ميرفي للتأكيد على أنه ليس من السهل معرفة الأرقام حول هذا القطاع بسبب الاحتياجات المختلفة للشركات، ويقول: «الكثير يعبر عن ما يشعر ولا يتحدث عن معلومات حقيقية أو أرقام واقعية. بينما نرى نمواً معتدلاً في بعض المناطق ولكننا نرى هذا النمو تحديداً عبر المجالات الأساسية. شركات التوظيف لا تزال مشغولة حتى إذا كان هناك تزايد في عدد البطالة».

التكنولوجيا وأثرها على القطاعات المختلفة
يرى تريفور ميرفي أن هناك زيادة في الحاجة إلى بعض الوظائف في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو يقول: «كان تطور التكنولوجيا يحدث كل خمس سنوات والآن هو يتطور كل 24 شهرًا، وخلال خمس سنوات ستطور كل 12 شهرًا وكذلك يزيد الطلب على موظفين ذو مهارات عالية في مجال التكنولوجيا. إن اللوائح والقوانين تزداد صرامة كل يوم سواء كانت في مجال البنوك والإسكان والإستثمار و السيارات. هناك طلب متزايد في مجال البنوك وخصوصاً في مجال الإمتثال بالقوانين والمخاطر نظراً لتطور الأسواق السريع . هناك أيضاً طلب متزايد على مهارات في مجال الصيدلة والأجهزة الطبية والتصنيع والخدمات المصرفية فهناك دائماً حاجة إلى مهارات جديدة في السوق. بالنسبة لي المهم بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي هو البدأ في الإنشاء والبحث عن قطاعات جديدة. الموهبة والمهارات متواجدة هنا ويمكن للوافدين توفير الكثير من الدعم إلى  مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي. بعض من ألمع العقول في العالم موجودون هنا، وينبغي علينا النظر في دفع الأمور الجديدة إلى الأمام وليس التكيف معها. علينا دائماُ النظر في التطوير من خلال أفضل البحوث ومن خلال استخدام أفضل التكنولوجيا».
ويشير إلى جهود المملكة العربية السعودية الفعالة في هذا المجال حيث يقول: «الحكومة السعودية على سبيل المثال تطور الاّن مركزاً للبحوث والتطوير بالتعاون مع بعض من أفضل الجامعات في المملكة العربية السعودية والقطاع الخاص. وهذه مبادرة جديدة كجزء من رؤية 2030. وبمبلغ 6 مليار ريال سعودي يتم حالياً إنشاء أفضل مراكز البحوث والتطوير التي ستأخذ السعودية إلى مستوى عالمي بالتأكيد حيث أن السعودية تحاول الإبتعاد عن الإعتماد على النفط لخلق اقتصاد ثاني».

تمكين المرأة في السوق
تختلف النظرة إلى توظيف المرأة اختلافاً كبيراً من منطقة إلى منطقة ومن مجتمع إلى آخر. ولكن أندرو بيرد يرى أن «هناك سمة واضحة في إقليمنا: هناك نقص كبير في نسبة تمثيل المرأة في مكان العمل، حيث يعمل 24% فقط من نساء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقا وهي نسبة ضئيلة مقارنةً ب 60% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».
ويقول: «في هذا السياق، فإن عملنا في مؤسسة التعليم من أجل التوظيف مع الشابات يكتسي أهمية خاصة، فالشابات يستحقنّ الفرصة كي يشعروا بالكرامة والأمل من خلال التوظيف. كما أن انخراطهن في  القوى العاملة له آثار إيجابية تساعد المجتمعات المحلية والاقتصادية على الازدهار. ودعم الشابات للوصول إلى فرص اقتصادية أمر يتعلق بالاستقلال الشخصي والأمل. وبالنسبة لكثيرٍ من الشابات اللواتي نعمل معهن فإن عملهن هو مصدر الدخل الاساسي لأسرهن. فضلاً عن أن تجربة الحصول على عمل، والتعاول ضمن فرق مع زملاء العمل، وكسب الراتب، كلها محطات بارزة ومهمة في تمكين المرأة».
ويرى أنه من الضروري إشراك المزيد من النساء في القوى العاملة لما له آثار إيجابية على المجتمعات والاقتصاد. فعلى سبيل المثال، يتطرق إلى تقرير البنك الدولي والذي يشير إلى أن «توظيف المرأة يمكن أن يحسِّن بشكل كبير دخل الأسرة  بنسبة تصل إلى 25%، كما ويسهم في إخراج العديد من الأسر من دائرة الفقر».
ويقول: «يضاف إلى ذلك أن أصحاب العمل والاقتصادات سيحققون مكاسب كبيرة من عمل المرأة. ووفقاً لماكينزي، قد تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة في الناتج المحلي الإجمالي قدرها 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2025 في حال عادلت مشاركة النساء في سوق العمل معدلات مشاركة الرجال».

الشباب وتحديات السوق
يرى أندرو بيرد أن «الشباب والشابات يقدرون أن يكونوا أعظم مورد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إذا تم إعطائهم الفرصة من خلال توفير التعليم الذي يزودهم بالمهارات والعقلية اللازمة لتحقيق النجاح. ولكي يتمكن الشباب في الإمارات العربية المتحدة من النجاح في عملهم وتحقيق النمو الاقتصادي ورفاه مجتمعهم، فهم بحاجة إلى المهارات والعقلية التي تهيئهم لسوق العمل».
ويضيف: «ففي بلدان المنطقة لا يأخذ نظام التعليم الرسمي في الاعتبار واقع سوق العمل واتجاهات الصناعة المتوقعة عند تصميم البرامج الأكاديمية. ولأن التعليم يجب أن يعكس احتياجات السوق الحالية والمتوقعة، فإنه ينبغي أن لا يجد الشباب الذين يتخرجون من الجامعة أنفسهم وقد استحال عليهم الحصول على وظائف ذات صلة بمادة دراستهم. ولأن الإمارات العربية المتحدة هي نقطة جذب لأفضل المواهب في المنطقة و العالم فإن الباحثين عن عمل  لأول مرة من الإماراتيين وغير الإماراتيين يواجهون سوقاً تنافسية عالية. وهذا يقدم فرصة كبيرة للشباب للتعلم من النخبة كلٌ في مجاله، إلا أن سوق العمل التنافسي هذا قد يشكل حاجزاً يمنعهم من الحصول على أول وظيفة لهم مما يسلّط الضوء على أهمية تزويدهم بالمهارات التي يتطلبها أصحاب العمل».
ويوضح أنه «إلى أن تتمكن أنظمة التعليم الرسمي من تهيّئة الشباب لاحتياجات سوق العمل بشكل ناجح، تستمر منظمة التعليم من أجل التوظيف بسعيها الدؤوب لسدّ تلك الفجوة في تسعٍ من دول في المنطقة. حيث يحتاج الشباب في منطقة الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا، لاسيما أولئك القادمون من المجتمعات التي تواجه بعض العوائق للوصول الى التوظيف، إلى دعم متواصل في الانتقال من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل.
ويضرب مثالاً بأن « منظمة التعليم من أجل التوظيف قامت بالشراكة مع الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة وبدعم من مؤسسة سيتي الاجتماعية بتوفير برنامج التدريب الوظيفي لمجموعة من الشباب والشابات الباحثينعن فرص عمل في رأس الخيمة. حيث قام برنامجنا بتجهيز الشابات الإماراتيات للتحلي بمهارة خدمة العملاء والمهارات الليّنة، يتمكنوا من النجاح في وظيفة خدمة العملاء لدى مركز اتصال أي إي دي في رأس الخيمة».
هذا ويؤكد تريفور ميرفي أن «هناك عدداً من التحديات التي نواجهها عادة ويمكننا تصنيفها. أولاً، هناك طلب متزايد على المواهب المحلية أو المواطنين ذو مستوى عالي سواء كانت في الكويت أو البحرين أو السعودية أو الإمارات العربية المتحدة وهناك تحدٍ خاص من حيث التأكد من حصولنا على المواطنين الذين يملكون المهارات المناسبة. ويتمثل التحدي الآخر في العثور على العمالة الوافدة التي ستعمل بشكل جيد مع المواطنين. أي المواهب الدولية أو المغتربين الذين يتميزوا بالمهارات المناسبة والذين يمتلكوا الشخصية الملائمة التي تساعدهم على التأقلم بسهولة والفهم الثقافي الذي يمكنهم من العمل في  منطقة. كلا التحديين صعب للغاية لأن لكلى الفأتين (المواطنين والوافدين) شروطهم الخاصة. هناك نقص في مواهب محددة عبر مختلف القطاعات. على سبيل المثال بالنسبة لقطاع التكنولوجيا، هناك طلب كبير في الوقت الحالي على المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والمتخصصين في الفضاء السيبراني والمحاسبين العدليين واستشاريي تكنولوجيا المعلومات. الخبرة التكنولوجية مطلوبة بشدة أيضاً في شركات الاستشارات سواء كانت استراتيجية أو استشارة تقنية أو رقمية. لذا، ففي كل مجال، هناك تحديات محددة للغاية».
وبالنسبة لتوجه توطين الوظائف والمنتشر بين دول الخليج، يرى كريستوفر بايج أن هناك اختلافات بهذا الشأن بين دولة وأخرى.
ويقول: «عدد المواطنين في الإمارات أقل كثيراً من عدد المواطنين في السعودية، وبالتالي هناك اختلاف بين السوقين».
ويضيف: «من أبرز التوجهات في المنطقة هي أن الأفراد يرغبون بالعمل في القطاع العام، وربما يختلف هذا الأمر عن التوجه المتواجد في دول وأسواق أخرى. وأعتقد أن العقبات هي أنه من الصعب جداً على القطاع العام أن يستمر في احتواء هذا الكم الهائل من الأفراد الذين يدخلون إلى سوق العمل. وبالتالي من المهم أن يتم إدخال مواطني الإمارات في القطاع الخاص».
ويوضح: «الكثير من أسباب تخوف البعض من العمل في القطاع الخاص هو عدم الشعور بالانتماء الكامل له، وذلك لعدم وجود الاستقرار فيه مقارنة بالقطاع العام. وبالتالي يجب أن يقوم القطاع الخاص بتطوير نفسه ليصنع بيئة مناسبة لاستقطاب المزيد من الكفاءات المحلية».

الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للعنصر البشري
لا يبدي كريستوفر بايج تخوفاً من الذكاء الاصطناعي وارتباطه بقطاع التوظيف، فهو يرى أن الروبوتات لن تحل مكان العنصر البشري لا في القريب ولا البعيد، ويقول: «كثيراً ما نسمع حول هذه التخوفات مؤخراً.. فهل سيتم استبدالنا بالروبوتات؟ والإجابة بالطبع هي لا».
ويضيف: «أعتقد أن هناك بعض الخدمات المتعلقة بالمعاملات قد تتم عن طريق الروبوتات بشكل أفضل بكثير من الوضع القائم حالياً. فنسبة الخطاً فيها شبه معدومة. لكن هذا يعني أن الأفراد هؤلاء سيتمكنون من أداء وظائف وأعمال لا يمكن للروبوتات والتقنيات مثل التعلم الآلي أن تقوم بها. عندما نفكر بالمهارات التي يحتاجها الأفراد في المستقبل، فإن الجميع عليه أن يكون ملماً بالبيانات والتعامل معها».
ويوضح: «أعتقد أن الأمور مثل الفضول والإبداع هي من جوهر الإنسان. ولا تملك أي آلة أو روبوتات هذه الخصائص البشرية. وهذا أمر في غاية الأهمية. فالروبتات لن تسيطر على العالم، ولكنها ستسيطر على المجالات التي لن نحتاج أن نخصص وقتنا لها».
ويضرب مثالاً أن هناك بعض الوظائف لم تكن متوفرة منذ 10 سنوات مثلاً، مثل سائقي سيارات الأجرة من شركة كريم أو شركة أوبر. فهؤلاء هم أفراد بشريون يقومون بقيادة السيارات، ولكنهم يعتمدون على التقنية بشكل أساسي في أعمالهم. وبالتالي هناك نوع من الدمج أو التكامل بين العنصر البشري والآلي في وظائف المستقبل.
ويختصر هذا الجانب بأن: «الذكاء الاصطناعي سيتمكن من خلق فرص جديدة للبشر لم تكن متوفرة من قبل».

سوق العمل الحر
ينوه غريغ هكر إلى أهمية اقتصاد المهارات في المنطقة، وتوضح له هذه الصورة من خلال عمل شركته «مهاراتي» في هذا المجال والتي باتت تشهد طلباً كبيراً للعمل بالأعمال الحرة من قبل «الفريلانسرز»، خصيصاً على مستوى مجتمع البائعين أو «المايكرولانسرز» والمتمرسون على منصات الانترنت والذين يملكون خبرة تقنية كافية.
ويقول هكر: «يعتبر اقتصاد المهارات يافعا بعض الشيء في المنطقة مما يمنح موقع مهاراتي فرصة مميّزة لتثبيت مركزها كلاعب أساسي في مجال توفير منصة للأعمال عند الطلب. في المقابل حققت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدما بارزاً في إرساء نموذج ناجح للأعمال المستقّلة التقليدية من خلال تبسيطها وجعلها فعّالة وغير مكلفة‎ لمن يرغب في تطوير خدماته في السوق المحلّي وانطلاقاً للعالمي».
ويقدم نصائحاً للشباب الذين يواجهون صعوبة في الإلتحاق بالقوى العاملة بأن: «العنصرين الأساسيين هما التميّز عن المنافسة والتوجّه الصحيح. هنالك أكثر من 200 مليون طالب في هذه المنطقة غير أن ‎التطور التكنولوجي السريع يتخطّى النظام التعليمي المعتمد فيها. ‎من الصعب بمكان تدريب الطلاب على مهارات تخوّلهم ممارسة أعمال غير متوفرة في المنطقة حتى الآن. لذلك أنصح الشباب بالعمل على إيجاد السبل ليتميّزوا عن غيرهم».
ويضيف: «أفضل طريقة لتحقيق ذلك قد تكون من خلال استخدام منصات مثل مهاراتي لتكوين محفظة تتضمن مهاراتهم وأبرز أعمالهم، واكتساب مهارة التواصل والعمل على تنفيذ المهام ضمن المهل المحددة لها. أما النصيحة الأهم فتبقى في معرفة ما يطمحون إلى تحقيقه وما يشكّل جوهر شغفهم في الحياة وهم لا يزالون في بداية مسيرتهم المهنية. أما فيما يتعلّق بتوجهاتهم أنصح جيل الشباب بأن يعتمدوا المرونة وأن يستكشفوا كل مستجدات عالم التكنولوجيا الحديث ويخضعوا للتدريب وتطوير المهارات. إن العمل الرقمي سوف يستمر في تحديد أطر أمكنة العمل والقوة العاملة لذلك علينا أن نستوعب تلك التغيّرات وعلينا أن نكون مستعدّين للتكيّف معها».
من جهته يرى أندرو بيرد أن اقتصاد الأعمال الحرة يشكل نموذجاً يتوجب على كل اقتصادات العالم التنبه له والاستفادة منه، حيث يقدم اقتصاد الأعمال الحرة إﻣﮐﺎﻧات إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ لكنه قد يشكل عائق ﻣن ﻣﻧظور فرص ﻋﻣل اﻟﺷﺑﺎب.
ويقول: «يعمل خفض التكاليف الذي تقوم به بعض الشركات في الإمارات العربية المتحدة على تعزيز اقتصاد الأعمال الحرة، حيث تسعى بعض الشركات إلى التعاقد مع مستشارين مستقلين وتقليص عدد الموظفين الدائمين بغرض خفض التكاليف اللتي تترتب على العمالة الدائمة. وتعتبر الخيارات المتنوعة من خيارات الترخيص المتاحة لمن يرغب بالعمل بصورة مستقلة في دولة الإمارات العربية المتحدة عاملاً مهماً في تشجيع المزيد من الموظفين بدوام كامل على الانتقال نحو شكل آخر من أشكال العمل الأكثر استقلالية. ذلك أن المرونة التي يوفرها نظام العقود المؤقته (اقتصاد الأعمال الحرة) تفتح باباً جديداً لفئات الأقلية في سوق العمل، كفئة النساء».
من جهته، لا يرى غريغ هكر أن هناك تحديات تواجه العاملين المستقلين على مستوى المنطقة أكثر منها على المستوى العالمي. ويؤكد: «إن بعض المبادرات الحكومية مثل مبادرة مليون مبرمج عربي التي تشكّل جزءا من مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية تسلّط الضوء على أهمية تعزيز المهارات و‎تشجيع الشباب على تحقيق طموحاتهم والمشاركة الفعّالة في القوة العاملة».
وبالنسبة لمستقبل هذا القطاع، يرى هكر أن المنطقة سوف تعتمد على اقتصاد المهارات بشكل مطّرد وسوف يتسع بشكل كبير ليشمل قطاعات تطبيقات طلب الرحلات مع السائقين، ومرافق الإقامة وقطاع الأغذية والمشروبات والخدمات المنزلية.
ويقول: «يوجد نقص كبير في توفّر المهارات. هنالك هوة كبيرة بين ما يتعلمّه جيل الشباب وبين الوظائف المتوفرة في سوق العمل. هنالك 30 إلى 45 بالمئة من القوة العاملة التي لا تزال في سن عطائها وهي حاليا عاطلة عن العمل، غير نشيطة أو تعمل دون مستوى إختصاصها، ونحن على ثقة بأن ‎المنطقة سوف تشهد تحوّلا جذريا لتحقيق التقدم نحو سوق عمل المستقبل».

أفضل أساليب التوظيف

يشير روث فليتشر إلى أن أساليب التوظيف والتعيين التي تتبعها شركة كريم مميزة وهي من أهم الركائز التي تعتمد عليها الشركة في التطور والنمو، حيث يقول: «يتم التوظيف لدينا عادة من خلال إجراء المقابلات القائمة على السلوك والأدلة ومرحلة التقييم».

ويضيف: «عامل الاختيار الأكبر لدينا هو التوافق القائم على القيم، ونحن نجتاز اختبارات قائمة على الأداء بشأن ذلك الأمر». ويوضح أنه من الصعب العثور على هؤلاء الأشخاص الذين يتوافقون مع قيم الشركات بدرجة قوية جدًا؛ إنهم سلعة نادرة، ولذلك فإن المشاركة تعد أمرًا مهمًا. وهناك الآن مجموعة مواهب محلية أكبر بكثير وأكثر حيوية ومن المثير للعجب أننا نواجه تحديات مختلفة لجذب المواهب والاحتفاظ بها وفقًا لجزء الشبكة الذي نتحدث عنه».
ويشير إلى أنه «يوجد في الإمارات العربية المتحدة سوق لمواهب الأجهزة المحمولة وأصبح من السهل على نحو متزايد جذب المواهب العالمية، ولكني أعتقد أن سوق المواهب الثانوي ينمو لأن الكثير من الأشخاص يعتقدون أن دبي والإمارات العربية المتحدة مكانٌ جذابٌ للعمل فيه. لذا، فإنهم ليسوا متحمسين بشكل زائد للعودة مرة أخرى إلى المكان الذي انتقلوا منه».
ويوضح أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة من قبل الباحثين عن فرص عمل، خصيصاً عندما يتعلق الأمر بالعمل في بلد آخر، ويقول عن القادمين للعمل في الإمارات بأن: «معظم الأشخاص يأتون بخطة تتراوح مدتها من عامين إلى ثلاثة أعوام، ولكن ينتهي الأمر بهم بالبقاء لمدة أطول، غالبًا بسبب التخفيف من المفاهيم الخاطئة». ويضيف: «هناك أيضًا آلاف الخيارات المهنية الرائعة هنا، إنها تزداد بشكل سريع جداً. وهناك العديد من المؤسسات الماهرة في العمل والتي تسعى إلى توظيف التكنولوجيا في خدمة نموها». ويشير إلى أنه من المهم على المؤسسات أن تعمل بأساليب صديقة ومرحبة بالموظفين، حيث يقول: «من خلال ثقافتنا، نتحدث عن الزملاء، وليس الموظفين. ليس هناك ترتيب هرمي صارم، ولغة الملكية، هذه كلها أساسيات لثقافتنا لكي يشعر الأشخاص بالراحة في العمل».

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا