شاركت ثلاث نساء في تأسيس الحركة وهن باتريس كارلوس و أليشا غارزا و أوبال توميتي في عام 2013 وعرفت بوسم بلاك لايفز ماتر – #BlackLivesMatter انتشر على نطاق واسع على تويتر والشبكات الاجتماعية.
تتميز هذه الحركة المستقلة بعدم وجود هيكل تنظيمي بل مجرد عشرات الفروع في الولايات المتحدة وتسعى لإنهاء التمييز العنصري والعبودية المتسترة التي تجعل الأمريكيين من غير البيض مواطنين من الدرجة الثانية، وتحتج الحركة ضد وحشية الشرطة واللامساواة القائمة على العنصرية في النظام القضائي في الولايات المتحدة، وقمع ذوي البشرة السمراء في الانتخابات والإسكان والمدارس وكل مناحي الحياة. وأصبحت تجد لها أصداء عالمية مع انتشار التمييز العنصري المتستر في كندا وأوروبا وبريطانيا.
تشتد حملة نشطاء حياة السود مهمة بعد عدة حوادث وقعت مؤخرا كان مقتل جورج فلويد شرارتها، لكن في ذات الشهر كانت هناك حوادث مذهلة، فقد اقتحمت الشرطة منزل ممرضة تعمل في مستشفيين لعلاج مصابي كورونا وقاموا بقتلها وهي نائمة، واسمها بريونا تايلور، ولم يحصل أي شيء مع أفراد الشرطة الذين ارتكبوا تلك الجريمة بزعم أنهم دخلوا المنزل الخطأ.
وبدأت الحملة تحقق مكاسب واسعة أولها انتشارها في أوروبا ودول عديدة أخرى مثل كندا واستراليا حيث تتشابه سياسات القمع والتمييز ضد أصحاب البشرة السمراء وتمتد حتى الصين.
وسبق أن انطلقت الحملة في عام 2013 مع انتشار وسم – هاشتاغ #BlackLivesMatter عبر الشبكات الاجتماعية بعد حكم براءة ضد شرطي اسمه جورج زيمرمان بعد قتله الصبي الأمريكي ذو الأصل الأفريقي ترايفون مارتين.
و أصبحت الحركة مشهورة على المستوى الوطني بمظاهرات الشوارع عقب مقتل مايكل براون في عام 2014 التي أسفرت عن اضطرابات فيرجسون 2014، ومقتل إريك غارنر في مدينة نيويورك.
وكشفت الحركة أن العبودية لم تنتهي رسميا في الولايات المتحدة بل لا تزال متسترة عبر قوانين وسياسات تقيد ذوي البشرة السمراء في السكن والتعليم والوظائف والتعامل بل حتى في استهداف الشرطة لهم وممارساتها الوحشية ضدهم بدون أي سبب أحيانا، وتزيد احتمالات قتل أي شاب أفريقي على يد الشرطة بدون أي سبب إلى 1000 بالمئة.
ما هي أهداف هذه الحركة؟
تطالب حركة “حياة السود مهمة” بإزالة رموز تبجل العبودية مثل أعلام الكونفدرالية وقادتها وهم الطرف الذي خسر الحرب الأهلية وكان يطالب بحق امتلاك العبيد. ويوجد قرابة 800 تمثال قائمة في العديد من المدن الأمريكية لقادة الكونفدرالية من دعاة العبودية، ويزعم مؤيدو رفع علم الكونفدرالية وتماثيلها بأنها جزء من التاريخ لكنهم لا يأبهون لمشاعر الأمريكيين الأفارقة ممن تذكرهم هذه الرموز باغتصاب وقمع أجدادهم على مدى أربعة قرون. ويقول نشطاء الحركة إن التاريخ مدون في الكتب والمتاحف ولا يعني وجود هذه الرموز سوى توجيه رسالة بدعم العبودية وقمع الأمريكيين من أصل أفريقي.
إلغاء التمييز في السكن أو ما يعرف بالتخطيط الأحمر -Redlining- حيث اتهم الملياردير الأمريكي مايكل بلومبرغ الأمريكيين من أصل أفريقي بأنهم تسببوا بالأزمة المالية حين جرى تقديم قروض سكنية لهم، رغم أن الحقيقة هي أنه جرى توريطهم بقروض سكنية ذات فوائد تعجيزية تسببت بسلب ثروات 53% منهم.
الأمريكيين من أصل أفريقي يشكلون أقل من 14 في المئة من السكان في احصائيات 2019 الرسمية، لكنهم يمثلون أكثر من 23 في المئة من بين ضحايا كل 1000 حالة إطلاق نار مميتة يد الشرطة.
وتكفي لمحة تاريخية لتظهر أن الأمريكيين من أصل أفريقي لا يزالوا يتعرضوا لقمع مرعب, فطوال 400 سنة، اختطف ملايين الأفارقة وتم استعبادهم واغتصاب بناتهم، وأرسلوا للعمل في الولايات المتحدة وتم تشغيلهم بالزراعة ومد سكك الحديد- تحت السياط- بنوا أمريكا بعرقهم وثروات هائلة بلا مقابل سوى السياط- ولكن بعد إنهاء العبودية لم يسمح لهم بالعيش الكريم ولا يزالوا محرومون من المساواة في السكن والتعليم وكل جوانب الحياة الاقتصادية- وفي الأزمة المالية سنة 2008 تبين أنه تم خداعهم من قبل بنوك مثل ويلز فارغو وآلان غرينسبان رئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفدرالي وقتها ، كي يحققوا أرباحا من توريط الأمريكيين الافريقيين في قطاع السكن، وجرى تقديم قروض بفائدة تعجزية لهم مما ساهم بحدوث الأزمة المالية وخسارة 53% من الأمريكيين الأفارقة لثرواتهم. وثائقي مجاني على يوتيوب يكشف جوانب من هذه الأحداث هنا https://youtu.be/Mqrhn8khGLM
قصفت السلطات الأمريكية مناطق الأمريكيين الأفارقة أكثر من مرة- قصف بلدة كارفر للأمريكيين الأفارقة في فلوريدا ١٩٥٠- أخرها في فيلادلفيا في الثمانينات (هنا)
قصف الطيران لمناطق الأمريكيين الأفارقة سنة 1921- والمعروفة بأحداث مذبحة وول ستريت الأسود سنة 1921 -قصف تلسا في أمريكا
https://en.wikipedia.org/wiki/Tulsa_race_massacre
وتحقق الحملة مكاسب عديدة مثل إزالة رموز من ساهموا بالعبودية في بريطانيا وبلجيكا والولايات المتحدة رغم مزاعم اليمينيين بأنها رموز تمثل التاريخ علما أن هتلر هو أيضا جزء من التاريخ ولا يجرؤ أي ألماني على تقديم زعم بنصب تمثال له لحماية التاريخ!
وها هي شركات عديدة تهرول لدرء شبهات تورطها في التواطؤ في قمع الأمريكيين الأفارقة التي تتكشف وكأنها كانت مخفية بستار حديدي بدأ يتهاوى ويفضح جرائم يومية، وسارعت شركة أبل التي لا تهتز عادة بأي شيء، لتعلن إنها ستزيد الإنفاق مع شركات التوريد المملوكة لسود في إطار مبادرة للمساواة والعدالة العرقية حجمها 100 مليون دولار في حين قالت خدمة مقاطع الفيديو (يوتيوب) المملوكة لشركة جوجل إنها ستنفق 100 مليون دولار لتمويل الفنانين السود.
تستجيب لاحترام حقوق الأقلية من الأمريكيين الأفارقة في الولايات المتحدة، وتتوالى أخبار مثل انسحاب شركة أي بي إم من قطاع برمجيات التعرف على الوجوه التي تستخدمها الشرطة الأمريكية لاستهداف الأقليات .
وأعلنت شركة “مايكروسوفت” عن حجب تقنيتها للتعرف على الوجوه عن الشرطة في غياب قانون، على غرار شركات عملاقة أخرى قلقة من التجاوزات، وعلى خلفية التظاهرات المنددة بعنف الشرطة.
وقال براد سميث “نحن لا نبيع تكنولوجيا التعرف على الوجوه إلى أجهزة الشرطة الأميركية في الوقت الراهن. طالما لم يسن تشريع فدرالي متين يستند إلى حقوق الإنسان لن نبيع هذه التكنولوجيا إلى القوى الأمنية” وكانت “غوغل” أعلنت في كانون الثاني/يناير أنها لن توفر تقنيتها للتعرف إلى الوجوه ما لم تتخذ السلطات أي اجراءات. بحسب ا ف ب.
كذلك كان الحال مع تعيينات جديدة مثل الجنرال تشارلز براون الذي عينه الرئيس دونالد ترامب، رئيسا لأركان القوات الجوية، ليصبح أول مواطن من أصول إفريقية يشغل هذا المنصب في تاريخ البلاد، كما عينت مجلة الأزياء هاربرز بازار أول رئيس تحرير سمراء البشر وهو تعيين لم يسبق له مثل منذ تأسيس المجلة منذ 150 عاما.
وبدأت السلطات في بلجيكا وبريطانيا والولايات المتحدة تستجيب للضغوط بإزالة رموز العبودية التي تبجل شخصيات متورطة بجرائم مروعة بحق الأفارقة، رغم أن هذه الدول كانت تماطل ولا تصغي لتلك المطالب منذ عقود.