تستدعي حرمة الموت الكف عن ذكر مساوئ الأموات، فهل ينسحب ذلك على شخصيات عامة متهمة بجرائم حرب مثل السيناتور الأمريكي جون ماكين؟
انقلبت معظم وسائل الإعلام الأمريكي عقب الإعلان عن وفاة جون ماكين لتكيل المديح والتمجيد له بلا حدود، والغريب أن العديد منها كانت تتهم ماكين بتجاوزات وجشع في قبول “مساهمات” لوبيات شركات السلاح وشركات الاتصالات وغيرها، إلى جانب ارتكابه جرائم حرب، وبعد قتل 4 مليون شخص في فيتنام، لم يتراجع وقال عبارة عنصرية ضد الأسيويين وقال إنه يكرههم حتى الموت I hate the gooks.
وخفت حدة الانتقادات التي يثيرها الإعلام الأمريكي عادة ضد ماكين مثل تلقيه أكبر تبرعات لوبي السلاح، وبشكل خاص الاتحاد القومي للبنادق NRA.
ودعم ماكين السماح بالأسلحة الرشاشة و صوّت ضد تمديد قانون حظر حمل الأسلحة الهجومية – والذي أصدره الكونجرس في عام 1994، ويشمل 19 نوع من الأسلحة النارية شبه الاتوماتيكية – وعارض مشروع قانون الجريمة عام 1994 والذي تضمن حظر الأسلحة الهجومية.
وعبّر ماكين عن ذلك بوضوح في مؤتمر “الاحتفال بالقيم الأمريكية” “Celebration of American Values” والذي نظمه الاتحاد القومي للبنادق، لأول مرة في عام 2001، قائلاً “منذ ترشحت للكونجرس للمرة الأولى عام 1982 كنت فخوراً لأنني أدعم ملاك البنادق والاتحاد القومي للبنادق. ولأكثر من عقدين عارضت جهود الداعين لمنع حمل الأسلحة”، وخاطب الحضور ” ملاك البنادق ليسوا متطرفين، إنهم قلب أمريكا الحديثة”.
أما على الصعيد الخارجي فكان للسيناتور الأمريكي الراحل سجلا حافلا يتهمه البعض بارتكاب الكثير من جرائم الحرب
فالطيار السابق الذى شارك فى حرب فيتنام، وتم أسره بعد أن أسقطت طائرته فى هانوى 1967، عاد للعمل في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» ليشارك فى انقلاب شيلى 1973 ويلتقي مع الديكتاتور بينوشيه في زيارات سرية عديدة، وهو الذى ساهم فى مساندة الوكالة للحكام العسكريين فى أمريكا اللاتينية ومنهم ديكتاتور بنما نورويجا. ثم دعم ممارسات التعذيب وأيد قانون يجيز التعذيب، رغم أنه يعبر عن معارضته للتعذيب وكان يزعم أنه تعرض لتعذيب شديد خلال فترة أسره في فيتنام.
ودعم ماكين نازيين جدد في أوكرانيا وأمريكا اللاتينية (فرق الموت) فيما اتهمه كثيرون بالمساعدة على نقل أسلحة من ليبيا إلى سوريا لدعم جبهة النصرة، فرع القاعدة الإرهابي في سوريا.
كان ماكين مدافعا شرسا عن الحروب وطالب بقصف دول عديدة بما فيها دول في الشرق الأوسط مثل العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان ودول أخرى.
رحل ماكين تاركا سجلا حافلا في الكونغرس وفي الكواليس وستسطر سيرته الحقيقية بعد انقشاع سحابة وفاته في الإعلام الأمريكي الذي لا يحتمل مناقشة سجل شخصية عملت في الجيش الأمريكي سابقا حتى وإن كان الأمر الوحيد المميز في خدمته العسكرية مجرد وقوعه في الأسر.
وتكفي الإشارة إلى ما كتبه بيتر هارت في فير، مركز الرصد الإعلامي