عندما تدخل للمرة الأولى، مدينة الجونة، إحدى المدن المتكاملة والمستدامة، لشركة أوراسكوم للتنمية بمحافظة البحر الأحمر، وأول مدينة خاصة من نوعها في الشرق الأوسط، تشعر فيها بحرارة الاحتفاء في الترحيب، وكأنك في زيارة لأقاربك بموطنك الأصلي، ما يدفع عدد من الأسئلة للقفز إلى ذهنك، مع استمتاعك بالطبيعة الخلابة، وسط عدد كبير من الخدمات الترفيهية.
مَن أبرز هذه الأسئلة، كيف تأسست مدينة الجونة؟، وفيما كان يفكر مؤسسها؟، وكيف استمرت في التوسع والازدهار لتصل لهذه المساحة الشاسعة، وتقدم هذه الخدمات الترفيهية المختلفة؟، وما سبب نجاح هذه المدينة، واستمراريتها؟
كما يدفعك الفضول للتساؤل حول كيف تحافظ ” مدينة الجونة”، على تناغم ثقافتها في ظل الجنسيات المتعددة التي تعمل فيها، وتزورها على مدار العام؟، وكيف تلتزم بمعايير الاستدامة؟، وكيف تستعد كل عام لاستضافة مهرجان الجونة السينمائي، الذي أصبح واحد من المهرجانات السينمائية المميزة بالمنطقة؟، وهل الاستثمار في إنشاء المدن مربح للقطاع الخاص، وهي مهمة الحكومات في المقام الأول؟
“أريبيان بزنس” حاورت محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، لنسمع منه إجابات عن الأسئلة التي تدور في أذهان السائحين، والزائرين للمدينة المتألقة بالبحر الأحمر، ويروى لنا حلم مؤسس “الجونة”، سميح ساويرس وكيف تطور؟
ويلقي عامر، الضوء خلال حواره معنا، على رؤيته لمستقبل أول مدينة خاصة متكاملة بالشرق الأوسط ، وأهم ما حققته من نجاح بالأرقام، وأكبر مشروعاتها المستقبلية، وما هي خططه لجذب أعداد أكبر من السائحين من دول مختلفة حول العالم مثل إنجلترا، وألمانيا، وسويسرا، كما أجاب عن عدد من الأسئلة الهامة، من أبرزها رأيه في مناخ الاستثمار السياحي في مصر؟
حلم مدينة الجونة بدأ ببضعة منازل وميناء صغير
قال محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن “الجونة”، التي تعتبر أيقونة المدن السياحية بمحافظة البحر الأحمر، بدأت فكرتها من بضعة منازل صغيرة، لتصل مساحتها إلى 36.9 مليون متر مربع، وتضم بين ارجائها نحو 9200 وحدة سكنية، ونحو 18 فندق، فيها 2800 غرفة، كما تتميز بملاعب جولف بمواصفات عالمية، وأربعة مارينا لليخوت، وأماكن مخصصة للشركات الناشئة، ومدارس، ومستشفى دولي، ومركز للمؤتمرات والثقافة، ونادي لكرة القدم يلعب في الدوري المصري الممتاز.
وأضاف عامر، على الرغم من أن مؤسس المدينة سميح ساويرس، كان يهدف في البداية إلى بناء بضعة منازل، وميناء صغير، للاستمتاع بجمال الطبيعة، إلا أن حبه الشديد للمكان دفعه إلى التفكير بشكل أكبر، ليحول الجونة إلى مدينة متكاملة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط.
وأوضح، أن سميح ساويرس، عندما دعا أصدقاؤه لزيارته، طلبوا منه بناء فلل لهم، فاشترطت هيئة تنمية السياحة المصرية، بناء فندق لكي يتم السماح ببناء فلل أكثر فتم إنشاء أول فندق في جنوب الجونة، وهو فندق “بارديسيو”، وانشاء عدد من الفلل، ثم بدأ التوسع بإنشاء محلات، ومرافق للخدمات حتي بدأ التفكير في حلم مدينة الجونة، وعمل دراسة جدوى لإنشاء أول مدينة مستدامة خاصة بما تضمه من مستشفى، ومدارس، وخدمات ترفيهية متنوعة، ومنازل العاملين، ليحقق التوازن بين معدلات إشغال علي مدار العام مستمرة، والجدوى الاقتصادية من التشغيل.
ويرى عامر، أن إنشاء أول مدينة مستدامة خاصة، كان مهمة صعبة وحلم حققه المؤسس سميح ساويرس، بما يميزه من الإصرار على تحقيق الحلم، والمرونة عند تنفيذ الأفكار، مع مساعدة الجهات الحكومية كلها لإنجاح الفكرة.
وأكد، أن استمرار نجاح مدينة الجونة، كأول مدينة خاصة مستدامة في العالم، جعل العديد من المستثمرين داخل مصر وخارجها يفكرون في إنشاء مدن مثيلة لها.
إطلاق “منطقة توبان” أكبر مشروع بمدنية الجونة متعدد الأغراض
قال محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، إن “الجونة”، أطلقت خلال شهر سبتمبر الماضي، مشروع منطقة “توبان”، وهو أكبر مشروع عمراني بالمدينة، على مساحة مليون متر مربع، ويستغرق تنفيذه نحو 5 سنوات تقريبا، مشيرا إلى أن مشروع “توبان”، يمثل فرصة استثمارية مميزة، وخيار مثالي للاستثمار طويل الأجل، وأن تسليم المرحلة الأولى من المشروع للعملاء، سيبدأ في الربع الأول من 2027.
وأضاف عامر، أن منطقة توبان، تتميز بتصميم معماري مبتكر تم بالتعاون مع شركة EDSA الهندسية العالمية، ليضاهي تصميم المشروع أحدث معايير الهندسة العالمية، وأن المرحلة العقارية الأولى من المشروع “Tuban Waterfalls”، تم تصميمها من قبل المهندس المعماري العالمي، هيكتور بوروسو، وتضم المرحلة الأولى مجموعة من التاون هاوس، والشقق، التي لها إطلالات بانورامية على لاجون واسع متصل بالبحر.
وأوضح عامر، أن مشروع “توبان”، يعتبر بلدة متكاملة، توفر لسكانها تجربة معيشية فريدة، عبر مجموعة متكاملة من الخدمات، والمنتجات الترفيهية المختلفة، والطبيعة الخلابة، وواجهة مائية ساحرة، في قلب “الجونة”، لتعزيز مكانة الجونة كوجهة عالمية متكاملة.
الكفاءة البشرية وتأليف كتاب إدارة المدن
ويرى محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن سر نجاح إنشاء وإدارة مدينة الجونة أول مدينة خاصة بالشرق الأوسط يعود للكفاءة البشرية، والعامل البشري على مدار 35 عام، والذي كان من أهم أسرار النجاح، حيث إن الجميع يتعلم أثناء التجربة، لأنه لا مشروعات مماثلة لذلك نتعلم من خبرتنا أثناء الإدارة اليومية، ولا يوجد كتاب قواعد لإنشاء مدن القطاع الخاص.
وأضاف عامر، أن ولاء موظفي “الجونة”، من نوع مختلف، ومميز عن أى مكان في العالم، ويحسن مستوى ادائهم، بسبب اعتبارهم شركاء لا موظفين منذ تأسيس المدينة، ولدينا ما يتراوح بين 4 إلى 5 آلاف موظف يعيشون ويسكنون في الجونة، في مجتمع داخل المدينة، بعضهم أنجب ابنائه فيها، وأصبحوا من مواليد الجونة، حيث تعتبر الجونة بالنسبة لهم هي الموطن، ويسعى أبناء هؤلاء الموظفين جاهدين للعمل في الجونة مستقبلاً، معبرين عن عمق انتمائهم لهذه المدينة الاستثنائية.
وأكد، أن مؤسس المدينة سميح ساويرس، ورئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم للتنمية، يردد دائما أن حدوث الأخطاء عند العمل على مشروع جديد لا مثيل له بالعالم مثل مدينة الجونة، أمر وارد ولا نخجل منه، ونتعلم من هذه الأخطاء، ونقوم باصلاحها حتى نصل لمعادلة المدينة الجميلة.
استمرار نمو أرباح “مدينة الجونة” يؤكد عبقرية فكرة المدينة المستدامة
أكد محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن معدلات أرباح “الجونة”، وتصاعدها المستمر، يثبت مكانتها كإحدى أهم الوجهات في مصر، ويؤكد عبقرية فكرة المدينة المستدامة الخاصة التي تقدم خدماتها على مدار العام، فالقطاع العقاري، والفندقي، والخدمات السياحية مثل المارينا، والجولف، وقطاع إدارة المدن بما يشمله من مستشفى، ومدارس، يحافظ على نمو الأرباح بصفة مستمرة، وتكاملها.
وأضاف، أن ما يؤكد ذلك هو ارتفاع المؤشرات الاقتصادية لمدينة الجونة، حيث شهدت إجمالي إيرادات الجونة ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 51 %، لتبلغ 10.7 مليار جنيه مصري خلال التسعة أشهر من 2024.
وأوضح عامر، أحيانا تحقق الفنادق الربحية الأكثر، وعندما تتأثر السياحة بالمناخ الجيوسياسي للمنطقة، يعوضه القطاع السكني، أو إدارة المدن، وهذه ميزة أن الجونة مدينة تعمل على مدار العام، وليست كمبوند، أو منتجع سياحي، فهي تقدم خدمات متنوعة، وتستضيف فعاليات دولية مهمة، ارتبطت باسمها مثل مهرجان الجونة السينمائي، وبطولة الجونة الدولية للاسكواش للرجال والسيدات.
وأضاف، أن هذه أبرز أرقام التسعة أشهر من عام 2024، مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، والتي تؤكد ذلك:
أولا قطاع العقارات:
- المبيعات العقارية: ارتفعت بنسبة 109.7%، ليصل إلى 10.5 مليار جنيه مصري خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
- سعر المتر المربع: ارتفع بنسبة 85.7% ليصل إلى 226.206 ألف جنيه مصري.
ثانيا قطاع الضيافة:
- إيرادات فنادق الجونة: ارتفعت بنسبة 50% لتصل إلى 2.8 مليار جنيه مصري.
- معدل الإشغال: 69%.
- إجمالي الأرباح التشغيلية لفنادق الجونة: ارتفعت بنسبة 38.7% لتصل إلى 1.5 مليار جنيه مصري.
- نسبة الأجانب في معدلات الإشغال:80%
ثالثا قطاع إدارة المدن:
- سُجِّلَت زيادة ملحوظة في الإيرادات بنسبة 57.5%، لتبلغ 2 مليار جنيه مصري.
نمو معدلات إشغال الفنادق والعمل على جذب السائح الأجنبي
أكد محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن الأجانب يشكلون 80% من إجمالي إشغال الفنادق خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأضاف، أن إدارة “الجونة” تركز على تطوير الخدمات السياحية، وتقديم خدمات جديدة كل عام لجذب السائح لزيارة مدينة الجونة مرة أخري، وخاصة في الخدمات التي نتميز بها مثل الألعاب، والرياضات البحرية، ومسابقات الصيد.
وأوضح عامر، أنه يعمل على جذب أعداد أكبر من السائحين الأجانب للجونة بالتعاون مع شركات الطيران في المنطقة، وخاصة الخليجية والأجنبية، لتشجيعهم على تسيير رحلات طيران مباشرة مع مطار الغردقة، الذي يبعد نحو 30 دقيقة فقط عن المدنية، حيث إن أعداد السائحين بالمدينة ترتبط ارتباط كبير بوجود طيران مباشر، مشيرا إلى أنه على مدار العامين الماضيين، زادت أعداد السائحين السعوديين، عندما تم تشغيل رحلات طيران مباشرة في الصيف لمطار الغردقة مع السعودية.
الإعداد لاستضافة مهرجان الجونة السينمائي
وأكد محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن الاستعداد لمهرجان الجونة السينمائي، من الناحية اللوجيستية، يستغرق نحو 9 أشهر، حيث تقوم إدارة الجونة بالمساعدة في تنظيمه من ناحية توفير الخدمات، والتنسيق مع مختلف الأجهزة الحكومية، حيث إن المهرجان له ادارة فنية مستقلة ننسق معها، وهو بالنسبة لنا من الفعاليات المهمة التي تستضيفها المدنية، وترعاها.
عوائد مجزية لقطاع السياحة في مصر
ويري محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، أن الاستثمار في قطاع السياحة في مصر، من القطاعات الواعدة، وله عوائد مجزية، وهو من أبرز مصادر النقد الأجنبي لمصر، والتي لديها مزايا تنافسية متفردة ليس لها مثيل في العالم، وتحتاج فقط إلى تسويق ممتاز، وتقديم خدمات متميزة، لهذا تركز الدولة على دعمه، لزيادة حصيلتها من النقد الأجنبي، فيما يركز المستثمرين بمختلف جنسياتهم على الاستثمار في قطاع السياحة بمصر.
وأشاد عامر، بمبادرة “دعم القطاع السياحي” لوزارة السياحة والآثار المصرية، بتخصيص 50 مليار جنيه مصري لتمويل قطاع السياحة، ووصفها بأنها خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية رائدة، مشيرا إلى أن هذا الدعم جاء في الوقت المناسب، لتمكين القطاع من توسيع طاقته، وتحديث البنية التحتية.
وأضاف، كما أن المبادرة تعمل على تحسين تجربة السائح بشكل عام، وجذب مجموعة متنوعة من الزوار، من خلال الاستفادة من التراث التاريخي، والثقافي الغني لمصر، إلى جانب جمالها الطبيعي الخلاب.
وأكد عامر، أن مبادرة “دعم القطاع السياحي”، لن تحفز النمو الاقتصادي فحسب، بل ستساهم أيضًا في الحفاظ على تراثنا الثقافي الثمين للأجيال القادمة.
- تابعونا:
