أصبح تخلي الشركات عن موظفيها المتقدمين في العمر أمرا مكلفا للغاية، خصوصا مع ارتفاع التعويضات التي تترتب على قضايا التمييز وفقا للسن التي يرفعها الموظفون المتضررون ويكسبون منها مبالغ طائلة، وفقا لفايننشال تايمز.
تكلفة مرتفعة
سجل متوسط التعويضات في قضايا التحيز العمري بالمملكة المتحدة قفزة كبيرة بنسبة 624% خلال عامي 2022 و2023، ليصل إلى 103 آلاف جنيه إسترليني، مقارنة بـ 14 ألف جنيه فقط في العام السابق، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب المحاماة البريطاني فوكس أند بارتنرز.
ويعود هذا الارتفاع إلى تصاعد اعتراضات كبار المديرين التنفيذيين على السياسات التي تدفعهم للتنحي لصالح موظفين أصغر سنًا.
ويتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة مستقبلاً، لا سيما مع تقديرات تشير إلى أن أكثر من ربع سكان دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيتجاوزون 65 عامًا بحلول 2050. وفي الوقت الحالي، تلجأ بعض الشركات إلى تقليص أعداد الموظفين الأكبر سنًا، نظرًا لارتفاع رواتبهم ونفوذهم في توجيه قرارات الشركات، وهو ما يثير انتقادات بأن هذه السياسات تهدف بالأساس إلى استبدالهم بموظفين أصغر سنًا وأقل تكلفة.

تعقيدات قانونية متعددة
على عكس التوقعات، تتيح قوانين التحيز العمري بعض الممارسات التي تسهّل خروج الموظفين الأكبر سنًا من الشركات، خاصة إذا تمكن صاحب العمل من إثبات وجود “هدف اجتماعي مشروع” وراء القرار، وهو غالبًا ما يكون فتح المجال أمام الكفاءات الأصغر سنًا. ومع ذلك، يشعر العديد من الموظفين الأكبر سنًا بأن إجبارهم على الاستقالة ينهي مسيرتهم المهنية، حيث يصبح العثور على وظيفة مماثلة في عمر متقدم أمرًا بالغ الصعوبة.
التكلفة الحقيقية تفوق التعويضات
لا تصل معظم قضايا التمييز العمري إلى ساحات المحاكم، إذ تُفضّل الشركات تسوية النزاعات مبكرًا وبهدوء، مما يعني أن القضايا التي تنتهي بتعويضات ضخمة لا تعكس سوى جزء بسيط من حجم المشكلة الفعلي. كما أن عدد الموظفين الذين يمتلكون الموارد اللازمة لمتابعة الدعاوى القضائية محدود للغاية، بينما نسبة من ينجحون في كسبها أقل بكثير، وفقًا للتقرير.

هل هي قضية أخلاقية؟
لا يقتصر التحيز العمري على كونه مشكلة أخلاقية، بل يُعد خطأ إداريًا جسيمًا. فالشركات التي تحافظ على موظفيها الأكبر سنًا تستفيد من انخفاض معدلات الغياب، وارتفاع مستوى الولاء والخبرة العملية. كما أن بيئات العمل التي تضم أجيالًا متعددة تحقق أداءً أكثر كفاءة وفعالية. إضافة إلى ذلك، فإن المهارات البشرية التي يمتلكها الموظفون الأكبر سنًا، مثل الذكاء العاطفي، لا يمكن تعويضها بسهولة، مما يجعل الحفاظ عليهم ميزة تنافسية حقيقية.