يُسلّط أريبيان بزنس الضوء على أوجه التشابه بين منطقتين، إحداهما سعودية والأخرى سورية، تحملان الاسم نفسه السودة أو السودا.
فما أوجه التشابه بين هاتين المنطقتين المميزتين اللتين تحملان الاسم ذاته ويبعد بينهما نحو 2500 كيلومتر؟

السودة السعودية.. عروس جبال عسير
تُعد منطقة السودة مركزاً سياحياً بارزاً في منطقة عسير جنوب غرب المملكة، حيث تشتهر بمرتفعاتها الشاهقة، وأجوائها المعتدلة، وطبيعتها الخلابة.
وتضم السودة أعلى قمة في المملكة بارتفاع يُقدَّر بنحو 3133 متراً فوق سطح البحر.
ويقع جبل السودة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من مدينة أبها، وهو جزء من سلسلة جبال السروات المطلة على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر شمال الحدود اليمنية.
ويمثل الجبل وجهة سياحية مميزة، إذ يشتهر بمناخه البارد وغاباته الكثيفة من أشجار العرعر والنباتات الجبلية النادرة.

السودة السورية.. البلدة البازلتية على الساحل السوري
تقع قرية السودة في محافظة طرطوس الساحلية غرب سوريا، وتشتهر بحجارتها البازلتية السوداء التي منحتها اسمها.
وقد استُخدمت حجارتها في بناء شارع الشانزليزيه في باريس خلال فترة الانتداب الفرنسي (1920 – 1946).
وتقع البلدة على بُعد نحو 15 كيلومتراً شمال شرقي مدينة طرطوس، وتتميّز بموقعها المطل على البحر الأبيض المتوسط من جهة، والجبال من جهة أخرى.
كما تضم سوقًا قديماً وكنيسة تاريخية تعكس عمقها الثقافي والتراثي.
اختلاف جغرافي.. وتشابه بيئي وثقافي
رغم الاختلافات الجغرافية والثقافية الواضحة بين السودة السورية والسودة السعودية، فإن بينهما نقاط التقاء طبيعية ولغوية وسياحية لافتة تستحق الاهتمام والدراسة.

أوجه التشابه الرئيسة
1- الارتفاع والموقع الجبلي
تقع المنطقتان في مناطق مرتفعة: فالسودة السورية مبنية على هضبة بركانية، بينما تضم السودة السعودية قمماً جبلية هي الأعلى في المملكة بارتفاع يتجاوز 3 آلاف متر، ما يمنحهما طقساً فريداً ومناظر طبيعية آسرة.
2- المناخ المعتدل والرطوبة
بفضل الارتفاع، تتمتّع المنطقتان بمناخ أبرد وأكثر اعتدالاً من المناطق المجاورة.
ففي طرطوس يسمح المناخ بزراعة الزيتون والتين، بينما تكتسي السودة السعودية بالضباب في الصيف لتصبح مقصداً سياحياً محبباً.
3- الغطاء النباتي والزراعة
كلتا المنطقتين تتميّزان بغطاء نباتي كثيف نسبيًا؛ ففي سوريا تنتشر الأشجار المثمرة والمحاصيل البعلية، بينما تغطي الغابات الجبلية -ولا سيما العرعر- مرتفعات السودة السعودية الخضراء.
4- الطابع التراثي والسياحي
تحتفظ السودة السورية بطابعها التراثي ومبانيها الحجرية وأزقتها القديمة، في حين تشهد السودة السعودية مشروعاً سياحياً ضخماً ضمن رؤية المملكة 2030 يسعى للحفاظ على طابعها الطبيعي وتحويلها إلى وجهة عالمية.
5. التسمية المشتركة ودلالتها
تشير كلمة السودة في الحالتين إلى اللون الداكن، في سوريا بسبب الصخور البركانية السوداء، وفي السعودية بسبب الغطاء النباتي الكثيف والجبال الداكنة.

الفروقات بين السودة السعودية والسودة السورية
رغم التشابه اللافت، ثمة فروق واضحة بين الموقعين، ففي السعودية، السودة جزء من مشروع تطويري كبير يستهدف السياحة الفاخرة. أما في سوريا، قرية السودة فهي بلدة زراعية صغيرة يغلب عليها الطابع الريفي.
الغطاء النباتي في السودة السعودية أكثر كثافة، وطبيعتها أكثر وعورة، مقارنة بطرطوس التي يغلب عليها الطابع الزراعي الساحلي.
طريق صعب.. وسحر الوصول
تتشابه المنطقتان في صعوبة الطريق الجبلي المؤدي إليهما، إذ يتطلّب الوصول إلى كلٍّ منهما عبور طرق متعرجة وشديدة الانحدار تزيد من سحر الرحلة ومتعتها.
انعكاس لتشابه بصري
تتشابه المنطقتان في الجغرافيا والمناخ والطابعين الطبيعي واللغوي، ما يجعل اسميهما انعكاساً لتشابه بصري وطبيعي لافت.
ومن المفيد تشجيع دراسات ميدانية ومشاريع إعلامية تُسلّط الضوء على هذا التشابه، بما يُعزّز الوعي البيئي والثقافي في البلدين الشقيقين، ولا سيّما في سوريا التي أنهكتها الحرب طيلة السنوات الأربع عشرة الماضية، في وقت يمكن فيه الاعتماد على السياحة بوصفها رافداً مهماً للتنمية والاستقرار.

