Posted inصحة

أكياس البلاستيك تسمّم التربة والمياه والحل في اعادة تدويرها

أشار موقع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري أن المشكلة البيئية التي تسببها أكياس البلاستيك أو “النايلون”، وهي الصفة الأكثر شيوعاً لها، ليست ببسيطة.

أكياس البلاستيك تسمّم التربة والمياه والحل في اعادة تدويرها

أشار موقع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري أن المشكلة البيئية التي تسببها أكياس البلاستيك أو “النايلون”، وهي الصفة الأكثر شيوعاً لها، ليست ببسيطة كما يصفها مواطن مستهتر يهزأ بناشط بيئي يحاول أن يشرح له أبعاد ما تحمله أكياس البلاستيك من أخطار وضرورة إبدالها بكيس قماش أو التخفيف من استخدامها.

فترى صاحب السوبرماركت يسرف في توزيع الأكياس، واضعاً كل غرض يشتريه الزبون في كيس، لربما قدّر الأخير في ذلك كرمه في وهب هذه الأكياس.

وفي المقابل يعتبر الزبون أن مشهد خروجه من السوبرماركت ممسكا بعدد كبير من الأكياس يجعله غنياً وكريماً.

وبين كرم التاجر وتباهي الزبون، لا يشكل كيس البلاستيك عاملا من عوامل “البريستيج” إلاّ لدقائق أو ساعات قليلة تكفي لنقل الأغراض إلى المنزل، وبعدها يرمى في سلة المهملات لتنطلق مشكلة “إلها أول وما إلها آخر”.

ينتقل كيس البلاستيك من سلة المهملات إلى المكبات والأنهر والبحر فيطفو على وجه المياه وتبتلعه السلاحف والأسماك والطيور البحرية مما يؤدي إلى اختناقها.

وقد أظهر العديد من الدراسات، ومن بينها دراسة أشارت إليها “النهار” في تحقيق بعنوان “كيس البلاستيك عشقته الأسواق فصار وباء” نشر في 6 أيلول 2008، آثار هذا الكيس الكبيرة على نفوق الحيوانات البرية والبحرية.

“فأكياس البلاستيك تقتل سنوياً نحو إلى مليون طائر بحري ومئة ألف من الثدييات البحرية وأعداداً لا تحصى من الأسماك… وعلى الأرض تواجه بعض الحيوانات أيضاً، مثل الأبقار والماعز، مصيراً مشابهاً عندما تبتلع أكياس البلاستيك ظناً منها أنها طعام”.

هذا على مستوى الضرر الذي يصيب الحيوانات نتيجة أكياس البلاستيك، أما التلوث الذي يلحق بالتربة فشأن آخر.

فالكيس الرقيق والخفيف يستر بميزاته العملية مواد سامة تشكل أساسا في عملية تصنيعه، فهو مصنوع من مادة البوليثيلين وهي من المشتقات النفطية، وتالياً فإن عملية التصنيع تستلزم استهلاكا للطاقة، وفي ذلك تلويث للهواء، مما يسبب ارتفاعا في حرارة الأرض.

والمشكلة لا تنتهي هنا، فمادة البوليثيلين تمد هذا الكيس بعمر طويل، مما يتطلب تالياً نحو 500 سنة ليتحلل فيتكسر إلى جزئيات سامة تتسرب إلى المياه الجوفية لتسمم التربة والنبات والإنسان والحيوان.

إن وعي هذه المشكلة بدأ يتزايد ويتبلور في العالم، حتى أن حكومات الدول النامية اتخذت خطوات حاسمة في هذا المجال ومن بينها، وفق المعلومات، بنغلادش التي حظّرت استخدام أكياس البلاستيك عام 2002 بعدما ثبت لها أن هذه الأكياس كانت عاملا مساعدا جدا في الفيضانات الكبيرة التي وقعت بين 1988 و1998 لأنها سدت مجاري المياه في الطرق.

إلى جانب جنوب أفريقيا التي فرضت حظرا على استخدام أكياس البلاستيك الرقيقة جداً لعام 2003 وضرائب على الأكياس الأسمك، وحذت حذوها كل من اريتريا والصومال ورواندا وأوغندا وكينيا والهند والصين والنيبال وتايوان، فيما تُبذل جهود مماثلة في اثيوبيا وغانا وتنزانيا وغيرها.

واتخذت سوريا في الأشهر الماضية خطوة نوعية في هذا المجال، إذ نظمت وزارة البيئة السورية حملة بعنوان “لا لأكياس النايلون” وزعت على أساسها آلاف الأكياس القماشية والورقية على المتاجر والأسواق والمجمعات التجارية كبديل من أكياس البلاستيك وللحد من استخدامها، وقد صممت الأكياس القماشية في شكل أنيق ومعاصر كي تلقى قبول المستهلكين، وخصوصاً أنه يمكن استخدامها أكثر من مرة.

وفي خطوة ثانية ملازمة للأولى، تستعد وزارة البيئة السورية، بالتعاون مع وزارة المال، لفرض رسم مالي على أكياس البلاستيك بهدف رفع أسعارها وتقليل استخدامها. وقد أشار مصدر في وزارة البيئة إلى أن الهدف من الرسم المالي ليس زيادة العبء على المستهلك، بل وقف الإستسهال في استخدام هذه الأكياس من الباعة.

ويمكننا أن نقرأ في نتيجة هذه الخطوة الخضراء لوزارة البيئة السورية، أن لا استخدام لأكياس البلاستيك في سوريا في المستقبل المنظور وإن استخدمت فعلى المستخدم أن يدفع غرامة مالية.

وأمام تحول سوريا وغيرها من أفقر دول العالم إلى اعتماد السياسات الخضراء نتساءل: لماذا يبقى لبنان بعيداً من انتهاج هذا النوع من السياسات؟ علما أن وزارة البيئة أطلقت حملة بالتعاون مع جمعية “الثروة الحرجيّة” AFDC وزعت خلالها الأكياس الخام على المتاجر والمجمعات التجارية والأسواق في كل لبنان، لكن الحملة توقفت أو “جمّدت”، والسبب وفق الوزير رحال “توفير مصدر جديد لتمويل الحملة، وتالياً استكمالها”.

وأمام واقع مأسوي تفرضه بيئة متدهورة ووزارة مفلسة نسأل، إلى أي حد يمكن لحملات متقطعة أو موسمية تتوقف أو تستمر، وفق التمويل أن تفيد في حل الأزمة؟

وكان لـ”النهار” لقاء مع رحال، طرحت خلاله المسألة مستفسرة عن خطط الوزارة في هذا الملف، وعن السبب الذي يمنعها من اتخاذ إجراءات عملية لفرض رسوم على أكياس البلاستيك بهدف إجبار الناس على الحدّ من استخدامها.

خطوات تنتظر التمويل

استهل رحال حديثه بالإجابة عن سبب عدم استكمال الحملة، مشيراً إلى أنه “لم يكن ثمة امكان للقيام بالحملة لولا المجتمع المدني، إذ دفعت تكاليفها جمعية “الثروة الحرجية”.

ولن أكذب في هذا المجال، فليس لدينا مال في وزارة البيئة”.

وقال: “الحملة لم تتوقف، وزعنا 70 ألف كيس على نحو 20 مركزاً في لبنان، على أساس أن نستكمل هذا المشروع في حملات أخرى عندما نؤمن التمويل اللازم”.

وكشف عن أن استكمال الحملة سيتزامن “مع خطة تعمل عليها الوزارة حالياً، وتقوم على اعتماد مادة أساسية في تصنيع أكياس البلاستيك تجعل الكيس يتفكك خلال مدة أقصاها ثلاث أو خمس سنوات بدل 500 سنة.

هذه المادة باتت معتمدة عالميا في كل دول العالم، ونعمل حاليا مع مؤسسة المواصفات اللبنانية، التي تضع المواصفات للصناعات اللبنانية أو السلع المستوردة من الخارج، بهدف إدخال هذه المادة كمواصفة إجبارية وملزمة لكل من يرغب في استيراد أكياس البلاستيك أو تصنيعها”.

ولفت إلى ملفات بيئية أخرى تستوجب الإهتمام بها “فالمشكلات كثيرة ونحن نقوم بتحديد أولوياتنا.

حملة أكياس البلاستيك كانت من الأولويات، وقد وزعنا 70 ألف كيس في حملة كبيرة والمفترض أن نستكملها مطلع السنة المقبلة، لكن هذه المرة ستتزامن مع دعاية على الراديو والتلفزيون ولوحات إعلانية” وسيسوق للإعلان أحد الفنانين الذي لم يفصح رحال عن اسمه.

وفي استفسارنا عن السبب الذي يمنع الوزارة من اتخاذ قرار بفرض الرسوم على أكياس البلاستيك والحد من استخدامها، قال: “ما من بلد في العالم نجح كليا في الإستغناء عن أكياس البلاستيك، فالدول الأوروبية، من فرنسا إلى اسوج والمانيا والنروج والنمسا وسويسرا وغيرها، لم تتمكن من القضاء نهائيا على أكياس البلاستيك”.

أما بالنسبة الى فرض الرسوم “فالخطة تفرض ضرورة إيجاد معالجة بيئية لهذه الأكياس… في أوروبا لا يدفع المواطن ثمن كيس البلاستيك بل ثمن إعادة معالجته بيئيا، وتاليا لا يمكننا فرض الرسوم على أكياس البلاستيك قبل أن نوفر إمكان معالجتها بيئيا”.

وفي شأن الاجراءات التي ستتخذها الوزارة، قال رحال: “بعدما قمنا بحملة التوزيع، ستكون الخطوة الثانية حملة إعلانية توجه انتباه الناس إلى الأضرار والمشكلات التي يسببها استخدام أكياس البلاستيك، والحملة الإعلانية ستتزامن مع حملة جديدة لتوزيع الأكياس.

وعلى مقلب آخر، سنواصل عملنا لإدخال المواصفات الجديدة التي سبق أن أشرت إليها في صناعة أكياس البلاستيك، إلى جانب حملات التوعية والإرشاد التي ستنظم في مختلف المناطق بالتعاون مع المجتمع الأهلي الذي يعتبر أساسا في هذا الموضوع”.

وأضاف “حملات التوعية ستتوجه في شكل أساسي إلى الفئة النسائية التي تستخدم أكثر من غيرها هذه الأكياس بفعل التبضع والإستخدام المنزلي، والتوجه إليها سيكون عبر مراكز البلديات والجمعيات أو الأندية… وسنشرح لهن اخطار استخدام أكياس البلاستيك والإفادة البيئية التي يمكن أن يساهمن بها في حال اعتمادهم الأكياس الخام التي سنوزعها عليهن”.

وأصر على موقفه قائلا: “أؤكد مجددا أنه لا يمكننا فرض رسوم على أكياس البلاستيك كما هي الحال في أوروبا قبل أن نوفر لكل الناس معالجة بيئية لنفاياتهم، فبعد تأمين ذلك يمكن فرض ضريبة مباشرة على شراء كيس البلاستيك و”غير هيك الوضع ما بيكون مظبوط”.

ورأى “ان حجم المشكلات التي نعانيها كبير ولمسنا صعوبة كبيرة في الدخول الى كل هذه الملفات، فالوصول إلى نتيجة يتطلب تجزئة للأولويات.

نحاول طبعا حل كل المشكلات، لكن 90 في المئة منها لا يمكن لوزارة البيئة أن تعالجها منفردة، فهي في حاجة إلى تعاون من الوزارات الأخرى”.

وختم رحال: “مشكلة البحر أولوية والمياه والمحميات والنفايات ونهر الليطاني أولوية أيضا، وتطوير عمل الوزارة من الداخل وإصدار القوانين والمراسيم التي تساعدها في الوقوف على قدميها وفتح المكاتب للوزارة في المناطق لنزيد انتشارها، أيضا أولوية… أكياس البلاستيك هي جزء من المشكلات، وعندما نتحدث عن ملف معالجة كل انواع النفايات فالمشروع يشمل أكياس البلاستيك أيضا”.

المجتمع المدني

تنشط الجمعيات البيئية للوصول إلى حلول جذرية في كل الملفات، وتشكل مشكلة أكياس البلاستيك واحدة من القضايا التي تتابعها هذه الجمعيات فتنظم حملات توعية في هذا المجال وتحركات، كثيرا ما تصطدم بحائط التمويل الذي يعيدها إلى نقطة الصفر بعدما تكون قطعت شوطا ولو بسيطا.

ديما مبسوط احد اعضاء Indyyouth الشبكة التي أسستها جمعية Indyact لتنظيم حملة “people against plastic”، تحدثت عن تحرك الجمعية في سياق هذه المشكلة، مشيرة إلى “أننا في البداية قمنا بدراسة بناء على استمارات وزعناها على الناس في عدد من السوبرماركت لنعرف آراءهم ومدى إلمامهم بالموضوع وإن كانوا سيتعاونون معنا لحل المشكلة.

والنتيجة كانت أن هؤلاء أبدوا لامبالاتهم حيال الموضوع وأصحاب السوبرماركت ترددوا في التعاون لأنهم متخوفون من فقدان زبائنهم في حال اجبروهم على استعمال اكياس القماش وجعلوهم يدفعون ثمن اكياس البلاستيك”.

واشارت الى ان الجمعية رفعت الدراسة الى وزارة البيئة منذ اكثر من عامين لكنها لم تلق اي تجاوب. وامام هذا الواقع “قررنا مواجهة الناس وتوعيتهم حيال هذا الموضوع، فأنتجنا 500 كيس قماش ووضعنا في داخلها تعريفا عن الجمعية وعن اخطار اكياس البلاستيك وما تسببه من مشكلات، ثم وزعناها على الناس في شارع الحمراء وامام الجامعة الاميركية لمدة ثلاثة ايام.

شجعنا البعض القليل منهم، لكننا لمسنا لدى الكثيرين رغبة في الحصول على كيس خام مجانا اكثر من الحماسة لحل قضية بيئية”.

لكن الحملة التي انطلقت توقفت، “فالتمويل انتهى ونحن في انتظار تمويل جديد لاستكمالها، نحن في حاجة للاستمرار، والوصول الى الناس اكثر من مضن ويتطلب المثابرة والاصرار، فمحاولة واحدة لا تكفي مطلقاً.

وأضافت: “لا بد من العمل على تغيير ذهنية الناس وحضهم على الاهتمام بالقضايا البيئية، فهم لا يدركون الاضرار الناجمة عن جهلهم بها، وجهلهم هو خطر في ذاته، ذلك لانهم يعتبرون المشكلة بعيدة منهم”.

كذلك ناشدت مبسوط وزير البيئة “العمل على تغيير الذهنية اللبنانية وان يجعل القضايا البيئية من اولويات الدولة، فان لم توضع خطوات مدروسة في هذا المجال فستتراكم المشكلات، ولا سيما ان اضرار البلاستيك لا نلمسها في المدى القريب”.

واتهمت المجتمع المدني بالتقصير “فهو لا يرى الا المشكلة الكبيرة وهي الاحتباس الحراري، ولكن ان قمنا بتجزئة المشكلة فسنرى أن لأكياس البلاستيك دورا فيها، لذلك العمل على اجزاء المشكلة سينفع اكثر في الوصول الى حل شامل للمشكلة الكبرى”.

وفي المقابل، دعا رئيس جمعية “ارض لبنان” بول ابي راشد، وزارة البيئة “الى دعم صناعات التدوير ودعم موضوع الفرز من المصدر والتعاون مع اصحاب المؤسسات للحد من الكرم في توزيع الاكياس على الزبائن، الى جانب دعم حملات توعية المواطن وحضّه على عدم رمي الاكياس في شكل عشوائي”.

وقال: “لكن يجب ان نتفهم عدم امكان التخلي كليا عن كيس البلاستيك بنسبة 100 في المئة لان اكياس القماش قد لا تفيد لاغراض عديدة لكن لا بدّ من ترشيد استخدام كيس البلاستيك”.

و لفت “الى الآثار السلبية لاكياس البلاستيك على الانسان والحيوان والتربة والهواء… ان قمنا بحرقه فذلك يؤدي الى انبعاثات سامة، وان طمرناه يسمم التربة ويخنقها، وان رميناه عشوائيا تأكله الحيوانات وتموت. الحل الامثل هو في اعادة تصنيعه، فمعامل تدوير اكياس البلاستيك متوافرة في لبنان وتشتري الطن بنحو 200 الف ليرة”.

واستبعد احلال اكياس الورق كحل للمشكلة، قائلا: “يمكننا ان نصنع من الشجرة 700 كيس ورق وهذا لا ينفع كثيرا، اولا لان كيس الورق لا يصلح لكل الاستخدامات وثانيا لاننا سنؤذي الثروة الحرجية وسنستبدل مشكلة باخرى.

الحل الوحيد لهذه المشكلة هو في اعادة تدوير اكياس “البلاستيك وترشيد استخدامها”. كما تحدث ابي راشد عن حملة “نسر” التي تقوم بها الجمعية والتي تتناول معالجة كل النفايات ومن بينها اكياس البلاستيك، مشيرا الى انها تنظم الى جانب ذلك حملات توعية دائمة حيال الموضوع.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا