حديث ملؤه الشغف والتفاؤل بالمستقبل مع خالد بن كلبان، العضو المنتدب وكبير المسئولين التنفيذيين لشركة دبي للاستثمار. فهو الذي يدير دفة إحدى أكبر المجموعات الاستثمارية في الإمارات والمنطقة وأكثرها تنوعاً حيث تنضوي تحت مظلتها 46 شركة فرعية وتابعة تعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية، بدءاً بالصناعة والعقار، وصولاً إلى الاتصالات وصناعة الأدوية.
يبدو خالد بن كلبان وهو يشرح بالتفصيل وبمنتهى الاهتمام نشاطات شركة دبي للاستثمار وكأنه يتحدث عن أفراد عائلته. فهو الذي شارك شخصياً منذ عام 1995 بإطلاق معظم الشركات والمشاريع التابعة للمجموعة، والإشراف على تطويرها وتوسعة أعمالها، حتى بات ملماً بكل التفاصيل التي تعمل عليها شركات المجموعة، من صناعة وتأمين وعقار واستثمار.
حتى أنه وبمجرد قراءة ملخص عمليات كل شركة، يستطيع أن يتوقع مستويات أدائها المستقبلية معتمداً على الخبرة العملية التي اكتسبها خلال السنوات الـ 13 التي قضاها في قيادة شركة دبي للاستثمار.
لاخوف
يرى بن كلبان أن النمو الاقتصادي الذي تشهده دبي ودولة الإمارات سيستمر بنفس الوتيرة خلال السنوات السبع القادمة، ويستبعد أن يتباطأ هذا النمو في ظل الوفرة المالية الحالية التي تعيشها دول الخليج بشكل عام، بالإضافة إلى البرامج الطموحة التي تعمل عليها حكومات المنطقة لتنويع مصادر الدخل وخلق قنوات اقتصادية خارجية من خلال استثمارات الصناديق السيادية حول العالم.
ويضيف بن كلبان قائلاً :»لا خوف على اقتصاديات الخليج التي تشهد ميزانياتها وفورات كبيرة وباتت تتمتع ببنية تحتية متطورة قادرة على مواكبة النمو الاقتصادي في المستقبل، حيث نجحت هذه الدول في بناء منظومات اقتصادية قادر على استيعاب أي صدمات محتملة».
لكن لا يخلو الأمر من منغصات يتوجب على الجهات المسئولة الانتباه إليها والبدء في الحد من آثارها السلبية والتي يأتي التضخم في مقدمتها.
وعلى الرغم من أن بن كلبان يشير إلى أن انعكاسات التضخم في ارتفاع تكاليف المعيشة لم تصل إلى حد الخطورة التي تؤثر سلباً على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، فالتضخم بات مشكلة عالمية، لكنه في الإمارات ما يزال في الحدود المعقولة نظراً لكونه اقتصاد ناشئ ويشهد عادة معدلات تضخمية مرتفعة نتيجة نمو النشاط الاقتصادي المدفوع بزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية الأساسية والخدمات، بالإضافة إلى ضعف الدولار الذي يساهم في التضخم بنسبة تتراوح بين 20 – 25 %، والذي كان من جانب آخر السبب في رفع التكلفة التشغيلية لشركات دبي للاستثمار بمقدار 20 % سنوياً، والتي بادرت إلى تنويع مواردها وعدم الاعتماد على أسواق منطقة اليورو فقط والاتجاه إلى أسواق خارجية بديلة.
وقد تم استيعاب هذه الزيادات في التكلفة وفقاً لبن كلبان من خلال زيادة أسعار معظم المنتجات والخدمات التي، وعلى الرغم من ذلك يبدي تحفظاً نوعاً ما على فك ارتباط الدرهم وباقي العملات الخليجية مع الدولار الأمريكي، ويفضل اللجوء إلى إعادة تقييم العملات وإبقاء الربط.
وفي موجة ارتفاع الأسعار السائدة حالياً، يؤكد بن كلبان أن الأسعار التي ترتفع لا تنخفض ثانية، بل قد تتوقف عن الارتفاع، ومادامت السيولة متوفرة، واستمر النشاط الاقتصاد في النمو، يجب الاستثمار في الأصول، التي قد تكون تكلفتها اليوم أقل وترتفع في ما بعد، ويقول :»نعيش حالياً في عصر تضخم الأصول، فالجميع اليوم من حكومات وأفراد وشركات يبادرون إلى تكوين محافظ أصول للاستفادة من تضاعف قيمتها مستقبلاً».
سلسلة مترابطة
لا ينظر خالد بن كلبان إلى قطاع على أنه كتلة واحدة، بل سلسلة مترابطة من القطاعات التي تكمل بعضها البعض. فالعقار مرتبط بمشاريع تطوير البنية التحتية بما في ذلك تشييد المرافق العامة كالمطارات والمستشفيات والمدارس، بالإضافة إلى قطاع الفنادق والسياحة، والذي تركز عليه الإمارات لمساهمته الهامة في تنويع مصادر الدخل وضخ عائدات بالعملات الصعبة إلى الأسواق المحلية.
وعلى الرغم من توقعات بتلاقي العرض العقاري مع الطلب عام 2009، يليه حصول فائض في المعروض من المشاريع العقارية بحلول عام 2010، إلا أن بن كلبان يشكك في إمكانية حصول ذلك.
إذ أن النقطة الأهم في رأيه تكمن ليس في حجم الوحدات التي ستدخل السوق مستقبلاً، بل في توقع الطلب المستقبلي على العقار بمختلف أنواعه. فليس باستطاعة أحد توقع أعداد القادمين إلى الدولة بهدف الإقامة والعمل مستقبلاً.
ولذلك فليس هناك نهاية لمعادلة العرض والطلب على المدى المنظور طالما أن الحكومة تبادر إلى إطلاق المزيد من المشاريع ذات القيمة الاقتصادية المضافة، التي ستستقطب المزيد من الوافدين للعمل فيها.
ويضيف :»اليوم هناك عجز في كل مكان، هناك نقص في الوحدات السكنية والفلل والشقق والمكاتب. وهناك قصور في البنية التحتية، إلى جانب العديد من المشاريع الضخمة التي أعلن عنها لكنها لم تبدأ بعد، فلك أن تتخيل حجم الزخم الذي يشهده قطاع العقار والتشييد في دبي والإمارات».
باتت الإمارات اليوم مقصداً للإقامة وليس لمجرد العمل، نتيجة الخدمات المتطورة التي تتمتع بها الدولة وارتفاع مستوى المعيشة فيها وباتت منطقة جذب إقليمية وعالمية. ويشير بن كلبان إلى أنها ستستمر في استقطاب أبرز الخبرات العالمية من مختلف الاختصاصات خاصة في ظل الركود الذي تعيشه الولايات المتحدة وتسريح آلاف الموظفين.
الاستثمار الحقيقي
يحذر كبير المسئولين التنفيذيين في شركة دبي للاستثمار من المخاطر المحدقة بشركات التطوير العقاري التي لا تنوع استثماراتها وتعتمد على تطوير فئة واحدة فقط مثل الفلل أو الأبراج وغيرها، حيث قد يحصل تشبع في إحدى هذه الفئات وهنا يمكن أن تتكبد الشركات خسائر فادحة. ويشدد في الوقت ذاته على أهمية توجيه المزيد من المشاريع للفئة متوسطة الدخل أو شريحة الدخل المحدود والتي تشكل الطبقة الأوسع في المجتمع.
ويلفت إلى أن شركة دبي للاستثمار كانت سباقة في الانتباه إلى هذه الثغرة وأطلقت مشاريع عقارية موجهة لهذه الشريحة قبل 3 سنوات، حيث بات بناء المشاريع العقارية الفخمة ومشاريع التملك الحر المخصصة للبيع والشراء يطغى على مشاريع الفئة المتوسطة، التي يصفها بن كلبان بالاستثمار الحقيقي. فهي التي تتمتع بالاستدامة وتحقق نسب نمو ثابتة وتحد من تأثر هذه الفئة على الزيادة الجنونية في أسعار العقار.
ونظراً لأن العملة باتت أقل اليوم مما كانت عليه من 10 سنوات بما يعادل 40 %، ونظراً لتضخم الأسعار بات الناس يهتمون بتملك الأصول. ومع انخفاض فوائد القروض التي تقدمها البنوك، بات باستطاعة الجميع الاقتراض لشراء الوحدات العقارية، على أن يستمر هذا التوجه إلى حين ظهور فرص استثمارية جديدة تقدم عوائد أعلى، على غرار ما حصل بعد الحركة التصحيحية التي شهدتها أسواق الأسهم وتحول المستثمرين إلى الاستثمار العقاري.
أذرع استثمارية
عند النظر إلى أنجح شركات إمارة دبي، يلاحظ أن معظمها إما شركات حكومية أو شبه حكومية، أي المملوكة كلياً أو جزئياً بشكل مباشر أو غير مباشر للحكومة، في ظل دور ثانوي للقطاع الخاص، وعدم قدرته على التوسع والانطلاق إلى الإقليمية والعالمية.
لكن خالد بن كلبان له وجهة نظر أخرى في هذا الخصوص، فهو يرى أن لا وجود لمسمى القطاع العام والقطاع الخاص بالمعنى التقليدي في دبي، حيث بات من الصعب بمكان التفريق بينهما.
فالشركات الخاصة في دبي موجودة وناشطة منذ سنوات طويلة، وما تزال تساهم في الاقتصاد الوطني. لكن دور القطاع الخاص قد تضاءل اليوم، ليس بسبب قصور في أداءه بل لأن الشركات الحكومية وتلك التابعة لها قد سيطرت بقوة على الساحة الاقتصادية، بعد أن بات للحكومة أذرع استثمارية في مختلف القطاعات.
فليس هناك غنىً عن الدور الحكومي في وضع وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية برأي بن كلبان، الذي يضيف:»منذ البداية،خلصت الحكومة إلى نتيجة مفادها أن نسب النمو التي تطمح إليها قد لا يستطيع القطاع الخاص لوحده أن يستوفي متطلباتها. فالقيادة تريد لاقتصاد دولة الإمارات أن ينمو ويتطور وينافس إقليمياً وحتى عالمياً. وقد بات يحتل مراتب متقدمة على مستوى الوطن العربي وذلك حسب نسب النمو وحجم الاقتصاد الفعلي، والناتج المحلي القومي».
وبما أن القطاع الخاص يعمل وفقاً لرؤيته الخاصة، رأت الحكومة ضرورة قيام شركات حكومية وشبه حكومية لدعم نسب النمو والإسراع من وتيرته، وتقديم كل الدعم اللازم مباشرة أو غير مباشرة لإطلاق مشاريع نوعية وعملاقة تساهم في وضع الدولة على الخريطة الاقتصادية العالمية، وهذا ما نجحت دبي في تحقيقه بعد أن أصبحت علامة مسجلة على مستوى العالم، ساهمت في بلورتها مشاريع وشركات مثل برج دبي وجزر النخلة وطيران الإمارات وغيرها. ويؤكد بن كلبان على أهمية أن يقوم القطاع الخاص بتبني خطط واستراتيجيات مشابهة وتعزيز دوره ومساهمته في مسيرة التنمية الاقتصادية.
سلة محافظ وصناديق
تتوزع نشاطات شركة دبي للاستثمار على مجموعة متعددة من القطاعات يأتي في مقدمتها الصناعة والعقار وقطاع المقاولات إنشائية وإنتاج المواد الاستهلاكية، بالإضافة إلى استثمارات في الأسواق المالية من خلال سلة من المحافظ والصناديق استثمارية والأسهم والسندات، ويساهم القطاع الصناعي بالنسبة الأكبر من دخل الشركة.
ففي عام 2007 بلغت مساهمة مداخيل الشركات الصناعية التابعة لدبي للاستثمار 1.6 مليار درهم إماراتي ( الدولار يساوي 3.65 درهم) من أصل 3.4 مليار درهم دخل المجموعة كلل.
وعلى الرغم من التركيز الذي تبديه الشركة مؤخراً للقطاع العقاري من خلال توجيه استثمارات مباشرة من الشركة الأم وشركاتها التابعة تقدر بـ 20 مليار درهم لتطوير مشاريع عقارية متنوعة.
يؤكد بن كلبان أن الدخول في مشاريع صناعية سيسير بنفس الوتيرة مع إطلاق المزيد من المشاريع العقارية، ولن يتم إهمال الصناعة، فالتدفقات المالية للاستثمارات الصناعية في العامين القادمين للشركة لن تقل عن 3 مليار درهم إماراتي على حد تعبيره . إلا أن كبر حجم السوق العقاري دفع المجموعة للاستثمار في هذا المجال.
ويكشف عن أن حجم الاستثمارات العقارية في المستقبل سيفوق حجم الصناعية منها، ومع أن الدخل من الصناعة يفوق العقار حالياً، إلا أن هذا الأخير سيشهد ارتفاعاً ملحوظاً بعد تسليم المشاريع العقارية إلى أصحابها من المستثمرين، فمعظمها ما يزال تحت الإنشاء والتطوير، مما أدى إلى زيادة مصاريف الشركة نتيجة إطلاق المزيد من المشاريع.
ولا يتم إدخال عوائد تلك المشاريع في بند الأرباح إلا بعد تسلم الوحدات العقارية من قبل المشتري، وذلك وفقاً للأنظمة المحاسبية الدولية. وتكمن العبرة من هذا الإجراء في احتمال عدم تمكن شركة ما، من الاستمرار في بناء المشروع لسبب من الأسباب.
«خلال السنوات القليلة القادمة ستشهد أرباح شركة دبي للاستثمار نقلة نوعية». هذا ما أكده خالد بن كلبان ، معتمداً في توقعاته هذه على التحول الذي تشهده استراتيجية الشركة، من خلال التحول من الاعتماد الكامل على جني الأرباح التشغيلية للشركات التابعة إلى طرح أجزاء من أسهمها للاكتتاب الخاص أو العام بعد أن عمدت دبي للاستثمار في السابق على الاستحواذ على حصص وتأسيس شركات متنوعة وبناء المصانع وإطلاق المشاريع العقارية، حيث أثبتت هذه المشاريع جدواها الاقتصادية في المرحلة الأولى، ومن ثم دخلت مرحلة ضخ الأرباح للشركة الأم في المرحلة الثانية، على أن يتم طرح أجزاء من أسهمها للاكتتاب الخاص، وحتى للاكتتاب العام بالرغم من المعوقات التي تحول دون ذلك في سوق دبي المالي.
وتتجسد هذه المعوقات وفقاً لبن كلبان، في ارتفاع نسبة الأسهم المفروض طرحها للاكتتاب العام والبالغة 55 % . ويطالب بخفض النسبة أو السماح للشركات التي تريد التحول إلى المساهمة العامة بطرح هذه النسبة على دفعات توزع على فترة زمنية معينة وليس دفعة واحدة، أي بمعدل 10- 15 % سنوياً على سبيل المثال.
ويبرر بن كلبان تحفظه على هذا القانون بتعاظم قيمة الشركات مع مرور الوقت عبر إطلاقها للمزيد من المشاريع التوسعية وازدياد أرباحها ونمو عائداتها، وفي حال طرح نسبة كبيرة من أسهمها دفعة واحدة، تفوت عليها فرص استثمارية مستقبلية في طرح أسهمها بسعر أعلى في المستقبل.
شركات تتحول
إذ من الأفضل للجهات الناظمة للسوق المالي، برأي بن كلبان، أن تشجع أكبر عدد من الشركات على طرح أسهمها في السوق لتعزيز عمق السوق لما فيه مصلحة المستثمرين وفائدة للشركات التي يساهم دخول مستثمرين جدد في ملكيتها من خلال الاكتتاب العام في رفع ملاءتها المالية وتعزيز مستويات الشفافية والإفصاح الذي ينعكس إيجاباً على أداء الشركة.
ومن جانب آخر لدى بن كلبان ملاحظات عن عملية تقييم الشركات التي تريد طرح أسهمها للاكتتاب العام، حيث لا يتم إتباع السياسات العالمية في التقييم، في ظل تدخل هيئة سوق المال في عمليات التقييم. فهي جهة تنظم وتشرف لكنها من وجهة نظره لا تقيم.
ويضيف :»تخضع الأسهم للتقييم من قبل شركات متخصصة تتمتع بسمعة مرموقة في السوق وتتمتع بثقة الجميع ولها مصداقية. وهنا يجب على الهيئة مراقبة الأطر والأسس العامة التي اعتمدت التقييم، وهل تم المغالاة فيها، وهل تم استخدام معايير غير تلك المطبقة عالمياً؟».
والنتيجة التي يخلص إليها بن كلبان أن الشركات تتحول من خاصة إلى مساهمة عامة بدون الاستفادة من تقييم أسعار أسهمها أو من نسبة الطرح. ويبدي في نفس الوقت تفاؤله بما يشاع عن وجود مسودة قانون جديد لتنظيم تقييم أسهم الشركات ونسب الطرح وغيرها من إجراءات الاكتتاب العام، والذي سيشجع في حال صدوره طرح عددا من الشركات التابعة لشركة دبي للاستثمار لما فيه منفعة المستثمرين والسوق والشركة في نفس الوقت وفقاً لكبير المسئولين التنفيذيين لشركة دبي للاستثمار، الذي يشير إلى أن الشركة ستتجه إلى المستثمرين من خلال طرح أجزاء من أسهم شركاتها التابعة للاكتتاب العام لحين إصدار القانون الجديد.
وتأتي هذه الاستراتيجية التي تتبعها شركة دبي للاستثمار كجزء من طبيعة الشركات الاستثمارية القابضة، التي تبحث عن الفرص الاستثمارية معتمدة على إثبات جدواها الاقتصادية ومدى ربحيتها، ولدى بلوغها إلى مرحلة متقدمة من الأداء وحجم العمليات بما يضمن التدفقات النقدية وتحقيق استدامة الأرباح المستقبلية، عندها يتم طرح هذه الشركات للاكتتاب الخاص أو الاكتتاب العام.
مفهوم غير مفهوم
وعن مدى انعكاس أداء الشركة على سعر سهمها في السوق، يلفت خالد بن كلبان إلى أن مفهوم الشركة القابضة ما يزال غير مفهوم لعموم المستثمرين ويقول :»حتى في بعض المقابلات مع وسائل الإعلام، يسود الاعتقاد من خلال نوعية الأسئلة المطروحة أن دبي للاستثمار هي شركة واحدة فقط وبناء عليه يتم قياس الأرباح والمصاريف، لكن في المبادئ المحاسبية الدولية التي تتبعها الشركات القابضة عادة يكون هناك الكثير من التداخل الحسابي. فعلى سبيل المثال، وصلت أرباح شركة دبي للاستثمار في عام 2007 ما يعادل 1.5 مليار درهم إماراتي، لكن الأرباح الفعلية للشركة كانت 1.8 مليار درهم، وفرق الـ 300 مليون درهم كانت عبارة عن عمليات دارت بين عدة شركات التابعة والتي لا تدخل ضمن حساب الأرباح. فعندما تقوم شركة الإمارات للزجاج ببيع منتجاتها إلى شركة دبي للاستثمار العقاري، لا تحسب قيمتها في الأرباح المجمعة للشركة الأم، بينما لو بيعت لطرف ثالث يتم إدخالها في بند الأرباح».
تأتي دبي للاستثمار ضمن الشركات الأولى في سوق دبي المالي من حيث الأداء المالي بما في ذلك العائد على رأس المال، والعائد على حقوق المساهمين وتنوع المخاطر وتعدد مصادر الدخل ونمو أرباح الشركة.
وعند النظر إلى جميع تلك العوامل، يرى بن كلبان ضرورة أن ينعكس أداء الشركة على قيمة السهم وهو ما لا يحدث حالياً. إذ أن قيمة الشركة الحقيقية في السوق غير منعكسة في سعر السهم، والبعض يرجع ذلك إلى ميزانية الشركة المجمعة، حيث تفضل بعض الآراء إصدار ميزانية منفصلة للشركة الأم من جهة، والشركات التابعة من جهة أخرى ويضيف:»في السنوات الأولى من عمر المجموعة، كان يتم إصدار ميزانية منفصلة للشركة ولشركاتها التابعة، ولم يستطع الكثيرون آنذاك من قراءة النتائج بالطريقة الصحيحة، ومن ثم قررنا إصدار ميزانية مجمعة، وحتى في ضوء سياسية الإفصاح والشفافية التي نطبقها، يسألني بعض المساهمين عن القطاع الذي تستثمر فيه المجموعة، ولو أنه هؤلاء قرؤوا تقارير الأداء المالي سيجدون جميع المعلومات، إذ من المفاجئ في ظل كل هذا الإفصاح والشفافية والدعاية المستمرة التي نقوم بها للتعريف عن الشركة ونشاطاتها، أن يتم السؤال عن طبيعة عمل الشركة، في حين أن دبي للاستثمار لا تتخصص في قطاع معين، بل تستثمر في شركات ومشاريع عقارية واستثمارية وصناعية متنوعة».
عامل آخر
وبالإضافة إلى الميزانية، يشير بن كلبان إلى عامل آخر يؤثر في سعر السهم وهو عدم تحكم أفراد أو محافظ كبيرة بسعر السهم من خلال المضاربة عليه. فالأسهم موزعة على 23 ألف مساهم، فيما تشهد أسهم شركات مدرجة أخرى مملوكة من قبل فئات معينة وعدد معين من المساهمين يمكنهم بطريقة أو بأخرى بالتحكم في السهم».
في السنوات القليلة الماضية حققت الشركة نسب نمو غير مسبوقة، من ناحية الدخل ونسب النمو في الأصول ورأس المال والأرباح، حيث حافظت خلال السنوات الثلاث الماضية على نسبة نمو سنوية بمقدار 40 % من ناحية الأرباح والأصول.
وتسعى شركة دبي للاستثمار بقيادة خالد بن كلبان إلى استغلال جميع الفرص الاستثمارية من خلال تأسيس شركات ومشاريع أو الدخول في شراكات مع أطراف أخرى أو الاستحواذ على حصص معينة في شركات.
وتأتي الجدوى الاقتصادية للمشروع في المقدمة بغض النظر عن نوعه أو موقعه، حيث تتم دراسة كل فرصة على حدة، بدليل أن لجنة الاستثمار الخاصة بالشركة الأم، تساعد جميع الشركات التابعة في دراسة المشاريع الجديدة. فعند رصد فرصة استثمارية ما، يتم دراستها من قبل مجلس إدارة الشركة التابعة وقبل اتخاذ القرار النهائي يتم عرضها على لجنة الاستثمار التي في حال إبداء موافقتها على الاستثمار، ترفع توصية بالموافقة إلى مجلس إدارة الشركة الأم في حال كان الاستثمار من الحجم الكبير، وفي حال كان المشروع بحاجة إلى رأس مال محدود، تستطيع الشركة التابعة تقديمه بدون الرجوع للشركة الأم.
إلى المستقبل
عند سؤاله عن طموحه الشخصي لمستقبل شركة دبي للاستثمار، يؤكد خالد بن كلبان أن طموح الشركة لا سقف له. وهو يضع لنفسه هدفين متغيرين أحدهما سنوي والآخر على مدى 5 سنوات ويعمل على تحقيقها والانتقال إلى خطط واستراتيجيات جديدة ترتفع بالشركة إلى مستويات جديدة من الأداء والأرباح، ويقول :»وصلت دبي للاستثمار في عقدها الثاني إلى مرحلة ارتفعت فيها قيم جميع الشركات التابعة، وبات في مقدورها طرح جزء من أسهمها للمستثمرين، سواء كان ذلك من خلال الاكتتاب الخاص أو العام بهدف خلق عوائد مجزية للمساهمين الذين عليهم أن ينظروا إلى المستقبل بطريقة أكثر تفاؤلاً وثقة بأداء الشركة، بعد أن عملنا على الاستمرار في تحقيق نسب نمو مرتفعة في الأصول والأرباح. سابقاً كانت نسب توزيع الأرباح شبه متحفظة، لكنها سترتفع في السنوات القادمة بعد أن وصلت الشركة إلى مراحل متقدمة من الأداء والتوسع»
وفي ما يندرج تحت وصف النقد الذاتي البناء، يرى بن كلبان بعض القرارات التي اتخذت في السابق في دخول بعض المشاريع ذات الحجم المحدود لم تكن في محلها، فعلى الرغم من أن بعض تلك المشاريع الصغيرة كان يدر أرباحا تقارب الـ 100 %، إلا أنها في النهاية استهلكت جهداً ووقتاً من الإدارة لمتابعة أدائها يرى بن كلبان أن من الأفضل أن يتم توجيهها، كما يحصل اليوم، للاستثمار في مشاريع أقل في العدد لكن أكبر من ناحية الحجم ونوعية العوائد وارتفاع الأرباح.
دبي للاستثمار الصناعي:
تتولى الشركة مسئولية رعاية الشركات القائمة والمشاريع الصناعية الجديدة. وهي تضم: الإمارات لأنظمة المباني، مزرعة مرموم للألبان، جلوبال فارما، شركة الزيوت الطبيعية، الإمارات لسحب البوليسترين، دبي للرافعات والخدمات الفنية ويونايتد سيلز بارتنرز.
مشاريع:
الذراع الاستثماري لـ «دبي للاستثمار»، تتخصص في صناديق الاستثمار في الملكية الخاصة في الشركات المتوسطة وكبيرة الحجم في الشرق الأوسط. وترتكز أعمالها على تحديد الفرص الاستثمارية الجذابة وهيكلة الصفقات وتقديم الدعم المالي والاداري للمشاريع والشركات.
مجمع دبي للاستثمار
يمتد المجمع المملوك بالكامل لـ»دبي للاستثمار»،على مساحة 32 مليون متر مربع ويتألف من ثلاث مناطق رئيسية صناعية، تجارية وسكنية تعليمية. ويتمتع المجمع، الذي تم تطويره بكلفة 1.5 مليار درهم اماراتي، بمرافق وخدمات لكافة قطاعات الصناعة والإسكان والتعليم والترفيه والأبحاث والتوزيع والعمليات اللوجستية. وهو يضم نحو 920 مستأجراً وأكثر من 30 ألف مقيم.
دبي للاستثمار العقاري
بعد تأسيسها عام 2006، و بالإضافة إلى المشاريع العقارية الضخمة التي يتم تشييدها في مجمع دبي للاستثمار، دخلت «دبي للاستثمار العقاري» في قطاع الضيافة من خلال شركة «المجمع للعقارات» التابعة لها بعد عقدها اتفاقية مع شركة «إيه إن سي» القابضة. كما خطت الشركة خطوات واسعة في مجال الادارة الرياضية عبر «القدرة للإدارة الرياضية» التابعة لها.
زجاج
أول شركة زجاج قابضة في منطقة الشرق الأوسط، وتضم تحت مظلتها أربع شركات تابعة وتنوي اضافة المزيد في السنوات القادمة. الشركات التابعة هي: «الإمارات للزجاج»، و»الإمارات لألواح الزجاج المسطح»، وشركة «لومي لصناعة الزجاج» و»الشركة السعودية الأمريكية للزجاج».
الطيف للاستثمار
بدأت «الطيف للاستثمار»، المشروع المشترك بين «دبي للاستثمار» ومؤسسة «الفجيرة للاستثمار»، الذراع الاستثماري لحكومة الفجيرة، أعمالها في مارس/آذار 2008 برأسمال قدره خمسمائة مليون درهم إماراتي وأعلنت عن اطلاق أربعة مشاريع عقارية وصناعية. وستبدأ الشركة أعمالها من خلال الاستثمار في مجال التطوير العقاري والصناعي كما تضع ضمن خطتها شراء الشركات القائمة ووضع محفظة استثمارية تتضمن العديد من المشاريع المتنوعة في المستقبل القريب.
استثمارات أخرى
عملت «دبي للاستثمار» على توسيع محفظتها الاستثمارية بشكل أكبر عبر الاستثمار في بعض الشركات المتخصصة في المنطقة بأكملها. وتتضمن هذه الشركات «الثريا للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية» في الامارات العربية المتحدة، «الشركة السعودية الدولية للبتروكيماويات» (سبكيم)في المملكة العربية السعودية، «نما للكيماويات» في المملكة العربية السعودية، دبي موبيل للشحن والنقل (دوموكو) في جزيرة كايمن، «الطويق للاستثمار» في المملكة العربية السعودية، «جلف فينتشرز كابيتال ليمتد» في جيرسي، «البنك الإسلامي الآسيوي» في سنغافورة و«تكافل ري لاعادة التأمين الاسلامي» في البحرين.