يشهد عالم النقل في دول الخليج العربي تحولًا هامًا مع تنفيذ العديد من مشاريع القطارات الحديثة، التي تُساهم في تعزيز التكامل الإقليمي وتسهيل حركة التنقل بين دول المنطقة.
وتشمل هذه المشاريع شبكات سكك حديدية جديدة تربط بين العواصم، وخطوطًا فائقة السرعة، ورحلات قطارات فاخرة تُتيح للمسافرين الاستمتاع بتجارب استثنائية.
في هذا التقرير، يستعرض أريبيان بزنس أبرز مشاريع القطارات في دول الخليج، ويسلط الضوء على فوائدها المتوقعة على مختلف القطاعات، ويناقش تأثيرها على حركة النقل والاقتصاد والسياحة في المنطقة.
أبرز مشاريع السكك الحديدية في الخليج:
قطار عالي السرعة بين دبي وأبوظبي
مع اقتراب بدء أعمال البناء في مشروع القطار عالي السرعة الذي يربط بين أبوظبي ودبي، تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لقفزة نوعية في مجال النقل، وفقًا لموقع “ميد”.
سيُساهم هذا المشروع في تقليص زمن الرحلة بين أكبر مدينتين ومركزين اقتصاديين في الدولة بشكل كبير، مما سيُعزز من التواصل والتكامل بينهما ويعود بالنفع على مختلف القطاعات.
يُشار إلى أن هذا المشروع منفصل عن خدمة الركاب الحالية لشركة الاتحاد للقطارات، والتي تسير بسرعة 200 كيلومتر في الساعة.
وسيستخدم شبكة السكك الحديدية للشحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تم الانتهاء من بنائها إلى حد كبير.
تُعد شبكات السكك الحديدية عالية السرعة من أسرع وسائل النقل في العالم، حيث تصل سرعتها إلى أكثر من 300 كيلومتر في الساعة.
ووفقًا لموقع “Railway Technology”، فإن أسرع 10 خدمات للسكك الحديدية عالية السرعة في العالم هي:
- شنغهاي ماجليف (الصين): 460 كلم/ساعة
- سي آر هارموني (الصين): 350 كلم/ساعة
- سي آر فوشينغ (الصين): 350 كلم/ساعة
- DB ICE (ألمانيا): 350 كلم/ساعة
- SCNCF TGV (فرنسا): 320 كلم/ساعة
- جي آر شينكانسن (اليابان): 320 كلم/ساعة
- المكتب الوطني للسكك الحديدية البراق (المغرب): 320 كلم/ساعة
- Renfe AVE 103 (إسبانيا): 310 كلم/ساعة
- KTX-Sancheon (كوريا الجنوبية): 305 كلم/ساعة
- Trenitalia Frecciarossa 1000 (إيطاليا): 300 كلم/ساعة
ستشمل الأعمال المبكرة لشبكة القطار عالي السرعة في دولة الإمارات العربية المتحدة إعداد المواقع لأعمال البناء الفعلية، بما في ذلك نقل التربة وتحويل البنية التحتية أو المرافق الموجودة في المنطقة.
وقد بدأت بالفعل أعمال الاختبار الأولي للموقع، حيث تقوم مختبرات ماتكون للاختبارات في دبي وشركة الهندسة والأبحاث الدولية في أبو ظبي بإجراء اختبارات الحفر للتأكد من الظروف الأرضية في المناطق التي سيعبرها القطار.
وتتولى شركتا الهندسة الإسبانيتان “إينيكو” و”سينر” دور الاستشاري الهندسي للمشروع.
يُذكر أن شركة الاتحاد للقطارات كانت قد أجرت في السابق دراسات جدوى لخطوط السكك الحديدية عالية السرعة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي أواخر عام 2021، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامجًا بقيمة 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) لإنشاء نظام متكامل لنقل البضائع والركاب في جميع أنحاء الدولة.
يتضمن البرنامج ثلاثة مشاريع رئيسية:
- مكون الشحن بالسكك الحديدية: يتضمن سعة الشحن لشركة الاتحاد للقطارات.
- خدمات الركاب بالسكك الحديدية: يهدف إلى ربط 11 مدينة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة من السلع إلى الفجيرة. تبلغ سرعة نظام نقل الركاب 200 كيلومتر في الساعة ويهدف إلى تقليل زمن السفر بين أبوظبي ودبي إلى 50 دقيقة وأبوظبي والفجيرة إلى 100 دقيقة. ومن المتوقع أن يستخدم أكثر من 36.5 مليون مسافر النظام بحلول عام 2030.
- خدمات النقل المتكاملة: تتضمن إنشاء مركز ابتكار لدمج حلول النقل الذكية في الخطة الشاملة. وسيتم ربط شبكة السكك الحديدية الخفيفة بنظام الركاب عبر السكك الحديدية لتسهيل التنقل داخل مدن الإمارات.
قطار الخليج
شهد مشروع “قطار الخليج” في نوفمبر الماضي زخمًا ملحوظًا واستمرت المباحثات الخليجية المشتركة بين وزراء النقل والمواصلات لمناقشة مستجدات ملف النقل الخليجي والبدء بتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي.
وعقد وزراء النقل والمواصلات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعهم الـ 25 في العاصمة العمانية مسقط، وخرج الاجتماع بنتائج هامة تمثّل خطوات ملموسة على طريق تحقيق حلم ربط دول الخليج بشبكة سكك حديدية متطورة.
أبرز نتائج الاجتماع:
- التأكيد على تاريخ ديسمبر 2030 كهدف نهائي لتنفيذ وتشغيل مشروع سكة حديد دول المجلس.
- الموافقة على ميزانية الهيئة الخليجية للسكك الحديدية لعام 2024،
- الموافقة على عدد من وثائق الهيئة ذات الصلة.
ناقش الوزراء خلال الاجتماع أيضاً عدداً من المواضيع المهمة التي تعزز التعاون بين دول المجلس في مجال النقل والمواصلات، واتخذوا القرارات اللازمة بشأن:
- الاتفاقية العامة لربط دول المجلس بمشروع سكة حديد دول المجلس.
- الاستراتيجية والنظام واللوائح المنظمة للنقل البري بين دول المجلس.
- الإطار التنظيمي الموحد لإجراء الاختبارات الاستدلالية لمياه الاتزان.
- موضوعات أخرى ذات صلة بقطاع النقل والمواصلات في دول الخليج.
ويُعد مشروع قطار الخليج من المشاريع الاستراتيجية الهامة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يسعى إلى ربط دول المجلس بشبكة سكك حديدية حديثة تسهل حركة التنقل بين دول الخليج وتعزز التكامل الاقتصادي والتجاري فيما بينها.
يبدأ مسار سكة حديد دول المجلس من الكويت، مروراً بالدمام شرق السعودية إلى البحرين، ثم من مدينة الدمام إلى قطر عبر منفذ سلوى، ليربط قطر بالبحرين، ثم من السعودية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي والعين) ومن ثم إلى مسقط عبر صحار.
وقد حظي المشروع بدعم كبير من دول مجلس التعاون، حيث تم توقيع الاتفاقية العامة لربط دول المجلس بمشروع سكة حديد دول المجلس في عام 2011، كما تم إنشاء الهيئة الخليجية للسكك الحديدية للإشراف على تنفيذ المشروع.
وتُعد الخطوات التي تم اتخاذها في الاجتماع الأخير لوزراء النقل بدول مجلس التعاون تأكيدًا على التزام دول المجلس بتنفيذ مشروع قطار الخليج وإنجازه في الموعد المحدد.
ومن المتوقع أن يُساهم هذا المشروع في تحقيق العديد من الفوائد لدول الخليج،
- منها تحسين حركة التنقل بين دول المجلس وتسهيل التجارة والسياحة.
- تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.
- خلق فرص عمل جديدة.
- تنويع مصادر الدخل.
قطار بين السعودية والكويت
وافقت حكومة المملكة العربية السعودية في سبتمبر الماضي، على اتفاقية تاريخية مع دولة الكويت لإنشاء شبكة قطارات فائقة السرعة تربط بين العاصمتين الرياض والكويت.
وتُمثل هذه الاتفاقية ثمرة جهود مشتركة بين البلدين الشقيقين تهدف إلى تعزيز التواصل وتسهيل حركة التنقل بينهما، بما يُساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والسياحية في المنطقة.
ووفقًا للاتفاقية، سيتم إنشاء شبكة قطارات فائقة السرعة، أو ما يُعرف باسم “قطار الطلقة” أو “القطار المغناطيسي”، لربط العاصمتين.
وستُساهم هذه الشبكة في تقليل زمن السفر بين المدينتين بشكل كبير، مما سيُتيح للركاب التنقل بسهولة وراحة أكبر.
ومن المتوقع أن تُساهم هذه الاتفاقية في تحقيق العديد من الفوائد لكلا البلدين،
- منها:
- تعزيز التبادل التجاري والسياحي بين البلدين.
- خلق فرص عمل جديدة.
- تنويع مصادر الدخل.
- دعم التكامل الاقتصادي في المنطقة.
قطار حلم الصحراء
أعلنت الخطوط الحديدية السعودية “سار” عن إبرام اتفاقية تاريخية مع مجموعة أرسينالي الإيطالية، المتخصصة في إدارة رحلات القطارات الفاخرة، لإطلاق خدمة “حلم الصحراء” الفريدة من نوعها في المملكة.
سيضمّ قطار “حلم الصحراء” 40 كابينة فاخرة مجهزة بأحدث وسائل الراحة والترفيه، وسينطلق في رحلاته من محطة قطار الشمال بالعاصمة الرياض، مروراً بمدينة حائل، ليصل إلى محطته النهائية في محطة قطارات الركاب بالقريات.
وتُتيح هذه الرحلات الفريدة للمسافرين الاستمتاع بتجربة سفر استثنائية، حيث سيتمكنون من مشاهدة معالم المملكة وتاريخها العريق من منظور مختلف، مع الاستمتاع بخدمات ضيافة استثنائية تُقدمها مجموعة أرسينالي، التي تتمتع بخبرة واسعة في مجال إدارة رحلات القطارات الفاخرة.
ومن المقرر أن يبدأ الحجز على قطار “حلم الصحراء” في نهاية العام الحالي، على أن يبدأ التشغيل الفعلي في الربع الرابع من العام القادم.
وتُعدّ هذه الخطوة إنجازًا هامًا يُساهم في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كوجهة سياحية عالمية، ويساعد على تنويع عروضها السياحية الفاخرة، وجذب المزيد من الزوار من جميع أنحاء العالم.
مشروع السكك الحديدية العماني الإماراتي
تتجهز سلطنة عُمان بخطوات حثيثة لإطلاق مشروع سكك حديدية طموح يربطها بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما يمثل خطوة هائلة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي والتجاري بين البلدين الجارين.
وقال المهندس عبد الرحمن بن سالم الحاتمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة أسياد، إن المشروع يعتمد على حلول هندسية مبتكرة للتغلب على التضاريس الصعبة والظروف المناخية المتنوعة في المنطقة.
وسيتضمن المشروع إنشاء نفقين بطول 2.5 كيلومتر و 36 جسرًا بارتفاع يصل إلى 34 مترًا، مما يُتيح للقطارات التنقل بسلاسة عبر تضاريس متنوعة تشمل الجبال والوديان.
وسيضم المشروع محطات للركاب في كل من صحار والعين، ومحطات للشحن في صحار والبريمي والعين.
وتُعدّ هذه المحطات مصممة وفقًا لأحدث المعايير الدولية لتوفير تجربة سفر مريحة وآمنة للمسافرين.
ومن المتوقع أن يُساهم المشروع في تقصير زمن الرحلات بشكل كبير، حيث سيستغرق القطار حوالي 100 دقيقة للوصول من صحار إلى أبوظبي، و 47 دقيقة للوصول من صحار إلى العين، على مسافة تبلغ 238 كيلومترًا.
وعلاوة على ذلك، فإنّ المشروع يُتوقع أن يُحقق فوائد اقتصادية كبيرة لكلا البلدين، حيث يمكن لرحلة واحدة لقطار الشحن نقل أكثر من 25 ألف طن من البضائع العامة، مع تقليل الانبعاثات الكربونية بمعدل 10 مرات مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ المشروع سيُساهم في توفير 40% من تكاليف النقل، وتوفير وقت الرحلات بنسبة تصل إلى 80% لنقل البضائع بين صحار وأبوظبي مقارنة بالنقل البحري، و 50% مقارنة بالنقل عبر الشاحنات.
وأكد المهندس الحاتمي على أن سرعة القطار ستبلغ 120 كيلومترًا في الساعة لنقل البضائع، بينما تصل سرعة القطار الركاب إلى 200 كيلومتر في الساعة.