أصبحت السماء أكثر ازدحامًا من أي وقت مضى، ما يفرض تحديات جديدة على سلامة المجال الجوي، وإدارة الحركة الجوية، ويزيد من تعقيد المشهد في السماء، ويبدو أنها ستزداد ازدحامًا مع تزايد أعداد الصواريخ الفضائية، وطائرات الدرون، والتاكسي الطائر، تزامنًا مع ازدهار السياحة الفضائية، والتقدم التكنولوجي،
سلامة المجال الجوي في خطر

يحذر خبراء الطيران، من أن سلامة المجال الجوي في خطر، مع أساليب إدارة المجال الجوي التقليدية لم تعد كافية لمواكبة التطورات السريعة في هذا المجال، مما يتطلب إعادة هيكلتها بشكل كامل، وفقًا لتقرير نشرته فايننشال تايمز.
من المتوقع أن يرتفع عدد الطائرات التجارية، بنسبة 33% بحلول عام 2034 ليصل إلى أكثر من 36 ألف طائرة، إضافة إلى دخول حوالي 10 آلاف طائرة كهربائية قادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا، بالإضافة إلى زيادة عمليات إطلاق الصواريخ الفضائية، التي تترك آثارًا في مسارات الطائرات.
ومع تزايد عدد الطائرات، يزداد حجم تحديات سلامة المجال الجوي، كما يرى إدواردو جارسيا، كبير المديرين في منظمة خدمات الملاحة الجوية المدنية “كانسو”.
مخاطر سلامة المجال الجوي تلوح في الأفق

في أواخر الشهر الماضي، وقع تصادم مروع بين مروحية بلاك هوك، تابعة للجيش الأمريكي، وطائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الأمريكية، أثناء استعداد الطائرة للهبوط في مطار رونالد ريغان الوطني بفيرجينيا.
والحادث، الذي أسفر عن عدم نجاة أي ركاب، سلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه سلامة المجال الجوي.
وأشارت التحقيقات الأولية التي أجرتها هيئة سلامة النقل الأمريكية، إلى أن التشويش في الاتصالات اللاسلكية، قد يكون أحد العوامل المساهمة في الحادث، وهي مشكلة يُحتمل أن تتفاقم مع زيادة أعداد المركبات في السماء.
حطام الصواريخ الفضائية يهدد سلامة المجال الجوي

في الشهر الماضي، اضطرت شركة “كانتاس”، إلى تأجيل رحلاتها بين أستراليا، وجنوب أفريقيا، بسبب المخاوف من سقوط حطام صاروخ لشركة “سبيس إكس“، في المحيط الهندي بعد عودته إلى الغلاف الجوي.
ومع تزايد عدد الشركات التي تعمل في قطاع الفضاء، سيستمر خطر الحطام الفضائي في التصاعد، ولهذا تعمل العديد من الشركات الناشئة على تطوير تقنيات لإعادة الأجزاء المفككة من الصواريخ إلى الأرض، وهو ما يثير القلق بشأن سلامة المجال الجوي العالمي.
ولا توجد قواعد ثابتة لتنظيم عملية إعادة دخول الأجزاء المفككة إلى الغلاف الجوي، مما يشكل تحديًا كبيرًا على الحكومات، والمواطنين على حد سواء، ويهدد سلامة المجال الجوي.
على سبيل المثال، اضطرت إسبانيا، إلى إغلاق مجالها الجوي في عام 2022 خوفًا من دخول حطام صاروخ فضائي صيني.
ورغم أن العديد من المركبات الفضائية تحتوي على آليات لإخراجها من المدار بمجرد انتهاء عمرها الافتراضي، إلا أنه لا توجد قواعد عالمية تلزم الشركات بتصميم الصواريخ بحيث تعود الأجزاء المفككة إلى الأرض، وهو أمر بالغ الأهمية لتنظيم قطاعي الفضاء، والطيران.
الدرونز والتاكسي الطائر تعقدان المشهد أكثر

تسببت الطائرات بدون طيار في فوضى لشركات الطيران، حيث أغلق مطار جاتويك في لندن في عام 2019 أبوابه لمدة 36 ساعة بسبب الدرونز، مما أدى إلى تأخير أكثر من 140 ألف مسافر.
كما أن الحديث عن سيارات الأجرة الطائرة، يثير قلق شركات الطيران، خصوصًا مع اقتراب تحول هذا النوع من النقل الجوي التجاري إلى حقيقة خلال عامين إلى ثلاثة، وفقًا لتقرير فايننشال تايمز.
وهذا النوع من النقل الجوي، قد يشهد نموًا كبيرًا في العقد المقبل، خاصة مع الفوائد التي يقدمها للمسافرين داخل المدن، ولكنه يضيف عبئًا جديدًا على المجال الجوي المكتظ بالفعل، مع الحاجة إلى وضع قواعد جديدة لحركته في الأجواء التي تقل عن 1500 متر.
هل تقدر أنظمة مراقبة المجال الجوي على تحمل كل ذلك؟

تعمل خدمة مراقبة المجال الجوي في المملكة المتحدة، حاليًا على اختبار مسارات جديدة للطائرات العمودية الكهربائية بين المطارات الرئيسية، وتتعامل معها كما لو كانت مروحيات.
في حين قامت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية، بتقليص أوقات إغلاق المجال الجوي أثناء إطلاق المركبات الفضائية، مما خفض متوسط وقت التوقف من أربع ساعات إلى ساعتين فقط، وهو ما قد لا يكون كافيًا مع تزايد حركة المرور.
ويعتقد الخبراء، أن الحل يكمن في الأتمتة، التي تعني تدخل الذكاء الاصطناعي في مرحلة ما لمساعدة مراقبي الحركة الجوية في الحفاظ على سلامة المجال الجوي، بشكل سلس، وبدون مشكلات.