في خضمّ التطورات الاقتصادية المتسارعة، تُواجه مصر تحدياتٍ جمة، أهمها ارتفاع معدلات التضخم وتعدد أسعار الصرف، الأمر الذي يُلقي بظلاله على مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطنين.
في هذا السياق، تُشير عديد من المؤشرات إلى قرب ساعة الصفر لتعويم الجنيه المصري، وهو ما يُثير تساؤلات حول تداعيات هذا القرار على الاقتصاد الوطني.
التضخم، هاجسٌ يهدد استقرار الأسعار
ارتفعت معدلات التضخم بشكلٍ ملحوظ خلال العام الماضي، لتصل إلى 36.5% في تموز/يوليو 2023. وتُعزى هذه الزيادة إلى عواملٍ مُتعددة، أهمها:
- ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة عالمياً.
- اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
- ضعف قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.
تعويم الجنيه: خيارٌ مُحتملٌ لتخفيف الضغوط
يُرجح العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تُقدم الحكومة على تعويم الجنيه خلال الفترة المُقبلة. وتهدف هذه الخطوة إلى:
- جذب الاستثمارات الأجنبية.
- تعزيز الصادرات المصرية.
- تقليص فجوة العجز في ميزان المدفوعات.

تذبذب سعر صرف الدولار
- يتراوح سعر الدولار في السوق الرسمية بين 30 و 31 جنيهاً.
- شهدت السوق الموازية ارتفاعات قياسية بأسعار صرف الدولار، وصلت إلى 74 جنيهاً.
- عادت إلى التراجع إلى مستوى 52 جنيهاً، ثم عادت إلى الارتفاع خلال الأيام الماضية إلى مستوى 60 جنيهاً.
السعر العادل لصرف الدولار
تختلف التوقعات حول السعر العادل لصرف الدولار، خيث يتراوح بين 40 و 65 جنيهاً.
وتفاوت تقديرات البنوك والمؤسسات المالية الدولية حول تقديراتها وقد جاءت كالتالي:
- بنك “جيه بي مورغان” ما بين 45 و 50 جنيهاً للدولار.
- مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس” ما بين 55 و 65 جنيهاً للدولار.
- “كابيتال إيكونوميكس” إلى مستوى 65 جنيهاً للدولار.
- “سوسيتيه جنرال” ما بين 40 و 45 جنيهاً للدولار.
وتعتمد هذه التوقعات على عديد من العوامل، أهمها:
- حجم تدفقات النقد الأجنبي.
- مسار أسعار الفائدة.
- قدرة الحكومة على ضبط الإنفاق العام.

ضرورة توحيد سعر الصرف
وترى مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، أن تعدد أسعار الصرف كارثي، لذا لا بد أن يحدد السوق سعر الصرف، وأن على مصر التحرك باتجاه هذا الأمر.
صندوق النقد الدولي: شريكٌ في رحلة الإصلاح
وتُجري مصر مفاوضاتٍ مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرضٍ بقيمة 3 مليارات دولار. ويهدف هذا القرض إلى دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
وتُؤكد غورغيفا على أهمية خفض التضخم وتحقيق استقرار الأسعار.
وقام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بشكلٍ مُتكرر خلال الفترة الماضية، بهدف كبح جماح التضخم، وجذب الودائع بالجنيه المصري، وتقليص المضاربة على العملة.
التحدياتٌ لا تزال قائمة
تُواجه مصر تحدياتٍ اقتصاديةً صعبةً، أهمها:
- ارتفاع تكلفة المعيشة.ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
- ارتفاع معدلات البطالة.

مخاطر وتحديات تعويم الجنيه
- فقدان السيطرة على التضخم: قد يؤدي تعويم الجنيه إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما يضعف قدرة الشراء لدى المواطنين ويزيد من صعوبة الحياة اليومية.
- زيادة عبء الدين الخارجي: سيترتب على تعويم الجنيه زيادة في عبء الدين الخارجي، حيث سترتفع قيمة الدين المقوم بالدولار.
- عدم الاستقرار في أسواق المال: قد يؤدي تعويم الجنيه إلى اضطرابات في أسواق المال، مما يهدد الاستثمارات المحلية والأجنبية.
- تأثير سلبي على القطاعات الإنتاجية: قد يتضرر القطاع الصناعي والزراعي من تعويم الجنيه، حيث سترتفع تكلفة الواردات من المواد الخام والآلات.
فرص وإيجابيات تعويم الجنيه
- زيادة الصادرات المصرية: سيجعل تعويم الجنيه الصادرات المصرية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى زيادة الصادرات ونمو الاقتصاد.
- جذب الاستثمارات الأجنبية: قد يشجع تعويم الجنيه على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحفز الاقتصاد.
- زيادة كفاءة سوق الصرف: سيؤدي تعويم الجنيه إلى زيادة كفاءة سوق الصرف، حيث سيعكس سعر صرف الجنيه قيمته الحقيقية في السوق.
- تعزيز الشفافية في الاقتصاد: سيساعد تعويم الجنيه على تعزيز الشفافية في الاقتصاد، حيث سيتم تحديد سعر الصرف من خلال قوى السوق.