يشهد قطاع التعليم نشاطًا قوياً هذه الأيام من شركات الذكاء الاصطناعي المهيمنة. وقد طرحت كل من أوبن إي آي OpenAI وأنثروبك Anthropic وغوغل أدوات متخصصة في الذكاء الاصطناعي إلى جانب دخولها في شراكات لتقديم منتجاتها للمؤسسات التعليمية والمعلمين والطلاب. ما الذي تقدمه أوبن إي آي؟ أطلقت الشركة مبادرات تعليمية في الولايات المتحدة و تشمل تسهيل الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي للمعلمين والطلاب وذلك ضمن خطة أوسع لدعم أكثر من 400,000 معلم في تحسين إتقانهم لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مع ورش عمل ودعم فني وإمكانية الوصول إلى أدوات مستقبلية خاصة بالتعليم. هناك أيضا منصة ChatGPT Edu التعليمية بأدوات ذكاء اصطناعي متقدمة، بما في ذلك أدوات GPT مخصصة لتلبية احتياجات المؤسسات، وضمانات لخصوصية البيانات. صُممت هذه الحزمة خصيصًا للجامعات والمراحل التعليمية من الروضة إلى الصف الثاني عشر، حيث تساعد في تقديم دروس خصوصية مخصصة مع أدلة دراسية، وأتمتة مهام المعلمين الإدارية أو المتكررة. كما تشير تقارير صحفية إلى أدوات ذكاء اصطناعي موجهة للطلاب يجري العمل على تطويرها من أوبن إي آي باسم “الدراسة معا” “study together” في تشات جي بي تي، والتي لن تكتفي بتقديم الإجابات بل بتقديم خطوات واختبارات لحل المسائل وتعليم الطلاب كيفية استنتاجها. وتتلخص فكرة هذه الاداة في تقديم تجربة دراسة تفاعلية وجذابة، حيث يطرح الطلاب أسئلةً، ويبادر تشات جي بي تي بعرض سبل الإجابة عليها.

أما أنثروبك، التي تقدم تطبيق كلاود، فهي تعمل أيضا لتطوير أداة جديدة باسم مشاريع دراسية توضح فيها خطوات لتعليم الطلاب سبل التفكير لحل المسائل وتقديم الإجابات في المواد الدراسية. و ستقدم هذه تصوّيراً للمفاهيم الرئيسية بمخططات وصور توضيحية للمقاهيم المعقدة، وبناء أدلة دراسية شاملة، تقدم توجيهات بحسب احتياجات الطالب التعليمية. وأصدرت أنثروبيك نسخةً مُركزةً على التعليم من مساعدها الذكي “كلود للتعليم: ” (Clude AI)، المُصمم خصيصًا للكليات والجامعات ومسؤوليها. ومن أبرز ما تشمله من ميزات هناك “وضع تعلم” جديد يُعزز طرح الأسئلة السقراطية وهي طريقة تدريس تعتمد على طرح الأسئلة لتشجيع التفكير النقدي وحل المشكلات لتساعد على بناء مهارات التفكير النقدي، بدلًا من مجرد تقديم الإجابات. كما توفر أدواتٌ لأعضاء هيئة التدريس لإنشاء المناهج الدراسية والواجبات وأطر التقييم، ولمسؤولي الجامعات لأتمتة المهام الشائعة. وتزعم أنها توفر الأمان والخصوصية لتلبية معايير الامتثال التعليمي – وأنها لا تُستخدم بيانات الطلاب لتدريب النماذج. وتتعاون أنثروبيك مع مُزودي أنظمة إدارة التعلم مثل Instructure (Canvas)، وقد وقّعت اتفاقياتٍ على مستوى الحرم الجامعي مع مؤسساتٍ مثل جامعة نورث إيسترن وكلية لندن للاقتصاد، مما يجعل “كلود” مُتاحًا لجميع الطلاب والموظفين.
أما الحال مع غوغل، فلايختلف كثيرا وهي تختبر أداة باسم التعليم الموجه، Guided Learning for Gemini، ووقتها سيحصل الطالب على شرح لتسلسل الأفكار، وذلك بعد أن يوجه جيميني خطواته نحو عملية التعلم بدلاً من مجرد تقديم الإجابات. ويأتي هذا بعد أن أتاحت الشركة اشتراك مجاني للطلاب في جيميني AI Pro الذي يكلف عادة 20 دولارًا مجانًا. هناك أيضاً جيميني للذكاء الاصطناعي للتعليم: وتتوفر غوغل جيميني، عبر غوغل ورك سبيس للتعليم (Google Workspace for Education) أكثر من 30 ميزة جديدة للذكاء الاصطناعي، أُطلقت في عام 2025، تُساعد على توفير مساحة للمعلمين لتبادل الأفكار، وابتكار مواضيع الدروس وإنشاء أدلة دراسية تفاعلية. فيما يُمكّن للطلاب الوصول إلى أدوات تعليمية مُعززة بالذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي، مثل رفيق القراءة والدروس الخصوصية المُخصصة. كما تتيح نوتبوك إل إم (Notebook LM) والتي تتوفر بالعربية بناء مواد دراسية ومقاطع فيديو وصوت لإنتاج محتوى تعليمي من قبل مجموعة من المشاركين بالعمل التعاوني لإنتاج مع توفير أدلة دراسية تفاعلية. تخيل قوة هذه الأداة مع تحميل المصادر والروابط إليها لتكون مصدراً لاستخلاص المفاهيم الأساسية ومناقشتها. ومثلا، يمكنك تحميل كتاب أو تقديم رابط يتوفر من خلالها، لتقوم الأداة بسبر كل الأفكار فيه وتقديم خلاصات أو جوانب معينة تبحث عنها. يعد تطويع منتج Google NotebookLM AI الشهير لتوليد البودكاست، لأغراض الدراسة وسيلة مذهلة في فائدتها وكأنك تستعيض عن الكتاب بكتاب صوتي أو حوار يناقش الكتاب من قبل شخصين باللغة العربية أو الإنكليزية (مثال هنا).
قد لا تُغني أدوات الذكاء الاصطناعي عن الدروس الخصوصية ودور المعلمين والمعلمات في الفصول، لكنها ستُساعد في تعلم الطلاب، وقد تُحدث نقلة نوعية في سوق التعليم الإلكتروني.
