أُسدل الستار الأحد 28 ديسمبر 2025، على حياة إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل والتأثير في التاريخ الثقافي الفرنسي، حيث أُعلن في تمام الساعة 17:39 بتوقيت غرينتش عن وفاة الأيقونة “بريجيت باردو” عن عمر يناهز 91 عاماً.
تفاصيل الرحيل في “سان تروبيه”
أكدت مؤسسة باردو أن الوفاة حدثت في الساعات الماضية من يوم الأحد داخل منزلها الشهير “لا مادراغ” في منطقة سان تروبيه بالريفيري الفرنسي. ويأتي هذا الرحيل بعد شهرين فقط من دخولها المستشفى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لإجراء جراحة بسيطة، لتفارق الحياة في الأسبوع الأخير من عام 2025، تاركة وراءها إرثاً سينمائياً وحقوقياً حافلاً.
نعي رئاسي: “أسطورة القرن”
وفور إعلان النبأ مساء اليوم الأحد، نعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الراحلة واصفاً إياها بـ “أسطورة القرن”، مؤكداً أن وجهها الذي جسد شخصية “ماريان” (رمز الجمهورية) سيبقى حياً في الذاكرة الجماعية كرمز للحرية والشغف.
محطات من حياة “المرأة التي لا تقهر”
البداية والشهرة: وُلدت عام 1934، واقتحمت العالمية عام 1956 بفيلم “وخلق الله المرأة”.
التحول الجذري: في أوائل السبعينيات، صدمت العالم باعتزال التمثيل لتكرس حياتها للدفاع عن حقوق الحيوان.
النشاط السياسي: شهدت سنواتها الأخيرة انخراطاً قوياً في السياسة اليمينية المتطرفة، حيث كانت حليفاً فكرياً لمارين لوبان وجوردان بارديلا.
الجدل القانوني: لوحقت قضائياً ست مرات بين عامي 1997 و2008 بسبب تصريحاتها التحريضية ضد المهاجرين والجالية المسلمة.
إشادات دولية في يوم الوفاة
لم يقتصر الرثاء في هذا اليوم (28 ديسمبر) على الداخل الفرنسي، بل امتد لروما؛ حيث وصفها نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني بأنها “نجمة خالدة وبطلة شجاعة”، فيما اعتبرها وزير الثقافة الإيطالي “مُجسِّدة استثنائية للحريات الغربية”.
رحلت باردو وهي التي بدأت كعارضة أزياء في سن الخامسة عشرة، لتنهي رحلتها الطويلة كواحدة من أكثر الشخصيات التي انقسمت حولها الآراء، لكن أحداً لم يختلف على كونها “سفيرة إشراق” لفرنسا في العالم.
بريجيت باردو: من أيقونة الجمال إلى صخب المواقف الجدلية
تحولت بريجيت باردو، التي كانت يوماً رمزاً للجمال الفرنسي في القرن الماضي، إلى وجه يثير الكثير من التساؤلات بسبب مواقفها الحادة تجاه المهاجرين والوجود الإسلامي في أوروبا. ففي حين تصف الحضور الإسلامي في فرنسا بـ “الغزو” ، يرى مراقبون أن هذا الطرح يتغافل عن سياقات تاريخية هامة، حيث كانت الهجرات نتيجة مباشرة لتعقيدات حقبة الاستعمار والنزاعات التي انخرطت فيها القوى الكبرى في بلاد المهاجرين.
تناقضات في الطرح الإنساني
برزت باردو بمواقف هجومية وصفت فيها بعض الشعائر الدينية بـ الوحشية” ، وهو نقد يراه البعض انتقائياً ‘ إذ ركزت هجومها على شعائر المسلمين بينما غضت الطرف عن ممارسات مشابهة في ثقافات غربية أخرى، مثل طقوس عيد الشكر الأمريكي.
الصدام مع قيم العصر
لم يقتصر خطاب باردو على الجانب الثقافي، بل امتد ليشمل تصريحات وُصفت بـ “الإقصائية” تجاه المهاجرين، مما عرضها للمساءلة القانونية والإدانة بتهم العنصرية في مناسبات عدة. كما لم تخلُ مواقفها من التشدد السياسي، حيث:
اتهمت المؤسسات الرسمية بالتساهل المبالغ فيه تجاه التعددية الثقافية.
أظهرت تحفظاً لافتاً تجاه حركات الدفاع عن حقوق المرأة ضد التحرش الجنسي.
تبنت قناعات تتماشى مع نظريات اليمين المتطرف، مثل “الاستبدال الكبير” ، التي تعبر عن هواجس ديموغرافية تجاه الملونين والمهاجرين.
مسيرة باردو المتأخرة تعكس فجوة عميقة بين صورتها كفنانة عالمية وبين تبنيها لخطاب يراه الكثيرون مشحوناً بالانحيازات الثقافية والعرقية.

