أكدت تقارير سويدية أنه ردا على حرق القرآن طالب خالد هواري وهو مواطن سويدي من أصول عربية تقدم بطلب إلى الحكومة السويدية للسماح بالتجمع وحرق التوراة أمام السفارة الإسرائيلية وسط العاصمة ستوكهولم وحرق الإنجيل في ساحة سيرجلتوري وسط العاصمة وتراجع فيما بعد عن فكرته.
وقالت وزارة الخارجية السويدية، حول حرق القرآن إن الحكومة السويدية لا تستطيع التأثير فيما إذا كان يمكن إجراء مظاهرة أم لا، مؤكدة أن الشرطة هي التي تقرر بخصوص منح تصريح للمظاهرات. وأضافت السفارة أن “الحكومة السويدية تنأى بنفسها بقوة عن جميع أنواع التعبيرات المعادية للسامية والمعادية للإسلام التي يعبر عنها الأفراد”. وقال الرجل، بحسب الكومبس الناطق بالعربية اسمه، “فكرتي لحرق الكتاب المقدس كانت بدافع الغضب. لقد راجعت المركز الإسلامي في ستوكهولم، فقالوا إن الإسلام لا يسمح بحرق الكتب المقدسة الأخرى. كما يعتقدون بأن السويد لا تحتاج إلى مزيد من الفصل العنصري في المجتمع خصوصاً في هذا الوقت. لذلك تراجعت عن الطلب”.
الخارجية السويدية تكذب السفير الإسرائيلي
قال تقرير منفصل لموقع الكومبس إن وزارة الخارجية السويدية تكذب تصريحات السفير الإسرائيلي في ستوكهولم زئيف كولمان التي قال فيها إن سفارته نجحت بالتعاون مع السلطات السويدية بإيقاف حرق التوراة. وقال المكتب الصحفي للوزارة في رسالة “تلقت وزارة الخارجية، من بين أمور أخرى، مذكرة دبلوماسية من السفارة الإسرائيلية، ردت عليها الوزارة بأن الشرطة هي التي تقرر بشأن ترخيص المظاهرات. الشرطة سلطة مستقلة ولا يمكن أن تؤثر الاتصالات مع وزارة الخارجية على قراراتها”.
وجاء ذلك رداً على تغريدة السفير الإسرائيلي في تغريدة قال فيها إن طلب الشاب الذي دعا إلى تنظيم مظاهرة تحرق فيها التوراة جرى سحبه بفضل “نشاط السفارة الإسرائيلية مع السلطات السويدية وأفراد من الجالية اليهودية المحلية” في السويد.
وكان موقع جويش برس (Jewish Press) الذي يبث من الولايات المتحدة نقل تصريحاً نسبه إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية جاء فيه أن “وزارة الخارجية والسفارة الإسرائيلية في السويد تصرفتا بشكل فوري وحاسم لمنع وقوع الحدث الصادم والمهين (حرق التوراة). وشملت الإجراءات الاتصال بوزارة الخارجية السويدية وشرطة ستوكهولم، وكذلك السفارة السويدية في إسرائيل، والمنظمات اليهودية وغيرها”.
حرق القرآن في السويد
وكان متظاهرون متطرفون أحرقوا نسخة من القرآن الكريم خلال مظاهرة، جرت قبل أيام، وسط العاصمة السويدية ستكهولم وهي حادثة لا تزال ردود أفعالها المستنكرة والغاضبة تتوالى إزاء لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وثمة جدل وسخط لا يهدآن عبر المنصات الإلكترونية في العالم الإسلامي، تقابلهما محاولات للتهدئة من قبل صفحات سويدية ناطقة بالعربية وبلغات أخرى.
فقد تعالت دعوات لمقاطعة المنتجات السويدية عبر وسوم عديدة أبرزها “غضبة مليارية على حرق المصحف”، و”مقاطعة المنتجات السويدية”، و”طرد السفير السويدي”.
وترافقت تلك الدعوات مع بيانات إدانة رسمية من مؤسسات بارزة، بينها منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الأزهر ومجلس التعاون الخليجي، ووزارة الخارجية التركية.
وهذه ليست أول مرة تشهد فيها السويد “تنظيم مظاهرات تتخللها محاولات لحرق نسخ من القرآن، تحت حماية الشرطة”.
وأمام هذا المشهد المتكرر، تبرز رؤيتان متعارضتان تتعلقان بالنظرة للأديان وللحد الفاصل بين حرية التعبير وازدراء المعتقدات.
كما تطرح تظاهرات حرق المصاحف في السويد العديد من التساؤلات عما إذا كانت أهداف تلك التظاهرات ومنطلقاتها عقائدية أم سياسية؟ وما هو موقف الحكومة مما يجري؟
غضب عربي وإسلامي
يقول متفاعلون مع وسم “حرق القرآن في السويد”، إن ذلك التصرف “تجاوز الخطوط الحمراء وتخطى حدود حرية التعبير”.
ووصف الداعية الإسلامي عائض القرني السماح بإحراق نسخة من المصحف، بأنه “عمل دنيء ومستفز”. وأيده في ذلك كثيرون ممن حذروا بأن تلك المظاهرات “تعد أعمالاً تحريضية ضد المسلمين وتؤجج خطاب الكراهية بين الشعوب والأديان”.
ودعا مغردون إلى إطلاق حملة جمع توقيعات إلكترونية لمقاطعة الشركات السويدية أسوة بحملات مقاطعة البضائع الفرنسية التي أثرت بشكل كبير في الاقتصاد.
تصحيح المفاهيم وازدواجية الغرب
وفي المقابل، نادى آخرون باستثمار هذه الحادثة “للتعريف بالإسلام وتصحيح الأفكار المغلوطة”، كما دعا البعض إلى “تجاهل تلك الحملات أو الرد عليها بالقانون بدلا من الانجرار وراء مظاهرات عنيفة”.
انتقد آخرون ما سموها بـ “ازدواجية الغرب” وقالوا إن “الحملات التي تطال الإسلام ورموزه تستوجب إعادة النظر في سقف ما يمكن أن يصل إليه المرء في انتقاد الآخر ومقدساته”.
ويتهم قطاع من المعلقين العرب والمسلمين السلطات في السويد بـ “التطرف والتواطؤ مع مروجي رهاب الإسلام”.
تعقيب رسمي سويدي
وكان حساب “السويد بالعربي” على تويتر، قد انخرط في الرد على تغريدات تضمنت اتهامات لحكومة السويد “برعاية التطرف وبالتمييز ضد المسلمين”. وأشار الحساب، الذي يعرف نفسه على أنه بوابة السويد الرسمية باللغة العربية، إلى أن “تعميم تصرف فرد على دولة أمر غير منصف”. واستعان الحساب بتغريدة كان قد نشرها وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم.
وأدان بيلستروم، الذي ينتمي لـ “الحزب المعتدل” المحافظ، ما حدث، وأكد أن “الاستفزازات المعادية للإسلام مروعة”، وأضاف “تتمتع السويد بمساحة واسعة من حرية التعبير، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة السويدية، أو أنا، نؤيد كل الآراء التي يتم التعبير عنها”.
بدوره، وجه رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، يوم الأحد الماضي، رسالة إلى المسلمين، في منشور عبر الحساب الرسمي لرئاسة الوزراء السويدية، أكد فيها “تضامنه مع كل المسلمين الذين شعروا بالإساءة إزاء ما حدث في ستوكهولم”، وأضاف أن “حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أمر ملائم”.