Posted inأخبار أريبيان بزنس

بالرؤية لا بالمصادفة… الاستثمار الاستراتيجي هو الرابح الأكبر في سوق العقارات بدبي

وسام بريدي، الرئيس التنفيذي لشركة “إتش آر إي” للتطوير العقاري يكشف عن سبل نجاح الاستثمار العقاري

وسام بريدي، الرئيس التنفيذي لشركة "إتش آر إي" للتطوير العقاري
وسام بريدي، الرئيس التنفيذي لشركة "إتش آر إي" للتطوير العقاري

وسط زخم عام 2025 الحافل في السوق العقاري بدبي، تكرّر على مسامعي سؤال واحد من المستثمرين والمشترين على السواء: “هل هذا المشروع مناسب للتدوير السريع أم للاستثمار طويل الأمد؟”

هذا السؤال بحدّ ذاته كان مؤشراً مهمّاً. لقد دلّني على أن الكثيرين لا يزالون يفكّرون بعقليّة الأمس، فيما دخلت دبي بالفعل دورة جديدة تماماً.

لسنوات، كان الاستثمار في المشاريع على المخطّط معادلة بسيطة: اشترِ وحدة صغيرة بسعر منخفض، ثم أعد بيعها بسرعة لتحقيق ربح سريع. وقد نجحت هذه الاستراتيجيّة آنذاك، بفضل الأسعار المتدنية، والعرض المحدود، والطلب الغزير. في تلك المرحلة، كان يمكن تقريباً تدوير أي عقار وتحقيق مكاسب فوريّة.

لكن تلك المرحلة انتهت. واليوم، لم يعد السوق العقاري في دبي يستجيب بنفس الطريقة لتلك الأساليب. فالمدينة لم تعد تبحث عن مضاربين، بل تستقطب مستثمرين حقيقيين يفهمون قيمة الموقع، وجودة التطوير، وجدوى الاحتفاظ بالأصل لفترة أطول.

النهج الذي نعتمده في “إتش آر إي” للتطوير العقاري هو الاستثمار الاستراتيجي، الذي يقوم على قراءة دقيقة للطلب، وتصميم مشاريع ترتبط بأسلوب الحياة، وليس فقط بالمتر المربّع. نحن نبني مجتمعات، لا مجرّد وحدات للبيع.

وسواء كنّا نعمل على مشروع سكني في منطقة ناشئة أو تطوير فاخر في موقع مركزي، فإننا لا نضع هدفنا عند نقطة البيع فقط، بل نركّز على التجربة الكاملة للعميل، من لحظة الشراء، إلى سنوات التملّك، وحتّى وقت إعادة البيع.

الاستثمار الحقيقي لا يقاس بسرعة التدوير، بل بجودة العائد، واستدامة القيمة، وتطوّر المجتمع المحيط بالمشروع. وهذا ما يميّز الرؤية الاستراتيجيّة عن الرهانات العابرة.

دبي اليوم أصبحت بيئة ناضجة للاستثمار العقاري طويل الأمد. مدعومة ببنية تحتيّة عالميّة، ونمو سكاني مستمر، ورؤية حكوميّة واضحة حتّى عام 2040. وهذه العوامل مجتمعة تتيح فرصاً عظيمة لمن يفكّر بعقليّة المستثمر، وليس بمنطق المغامر.

في النهاية، الأسواق القويّة تكافئ من يمتلك البصيرة، لا من يراهن على الحظ. ومن يفكّر بعقليّة اليوم، لا بعقليّة الأمس.

لكن عام 2025 يروي حكاية مختلفة تماماً. فدبي تطوّرت، والطلب أصبح أكثر نضجاً، وتوقعات أسلوب الحياة تغيّرت. ما كان ناجحاً في 2010 أو حتّى 2020 لم يعد يصلح كدليل اليوم.

الواقع الجديد واضح: المساحة أصبحت العملة الجديدة.

في مدينة ستشهد دخول آلاف الوحدات السكنيّة إلى السوق، أوّل من سيتأثر سلباً هي العقارات الضيّقة التي لا توفّر تجربة معيشيّة مريحة. المشترون والمستأجرون اليوم لا يتخذون قراراتهم بناءً على عدد الغرف فقط، بل على إحساسهم بالمكان – مدى اتساعه، وإضاءته، وقابليته للعيش.

المساحة لم تعد تكلفة، بل أصبحت قيمة، وأماناً، ومؤشراً للارتفاع المستقبلي في السعر.

وليس الأمر متعلّقاً بعدد الأمتار المربعة فقط، بل بالرؤية أيضاً. فعندما تشتري على الخارطة، فأنت تشتري وعداً – وهذا الوعد مرهون بسمعة المطوّر العقاري. لذلك أصبحت عوامل مثل سجل الإنجازات، جودة التشطيبات، تنسيق المساحات الخضراء، وفلسفة المجتمع السكني أكثر أهميّة من أي وقت مضى.

المقيمون الجدد في دبي يتمتعون بوعي عالٍ وتطلعات كبيرة.

فهم لا يشترون مجرّد شقق، بل يشترون نمط حياة متكامل. وفي هذا العصر الجديد، لم تعد المرافق مثل المسابح الفاخرة، ومساحات العمل المشتركة، والمناطق الخضراء، ومراكز العافية من الكماليات، بل أصبحت من العناصر الأساسيّة التي تضمن استقرار الإيجارات وارتفاع الطلب عند إعادة البيع.

حتّى خطط السداد لم تعد مجرّد وسيلة للراحة، بل أصبحت أداة استراتيجيّة تحمي السيولة وتعظّم العائد.

والآن دعونا نتحدّث بصراحة عن إعادة البيع السريع flipping))

ما بين عامي 2020 و2023، لم تكن إعادة البيع فنّاً عبقريّاً، بل كانت مسألة توقيت. الأسعار كانت منخفضة، السيولة وفيرة، والطلب ما بعد الجائحة كان استثنائيّاً. واليوم، لا تزال فرص “الفلِبّينغ” موجودة، لكنها لم تعد عشوائيّة. “الفلِبّ الأعمى” انتهى.

الوحدات التي تُباع بسرعة اليوم نادرة، وتشمل ما يلي: تصاميم ذكيّة تشعرك بأن المساحة أكبر من فئتها، وحدات تتمتّع بهُويّة عاطفيّة تلامس الذوق الرفيع، مواقع دقيقة مدروسة، ومطورين يتمتعون بالثقة والسمعة. “الفلِبّينغ” اليوم ليس حول عدد الغرف، بل حول القصّة التي ترويها الوحدة.

متى يفشل “الفلِبّينغ”؟

عندما تدور العمليّة حول وحدات صغيرة في مشاريع مزدحمة بالمستثمرين، أو في مبانٍ تفتقر لأي هُويّة معيشيّة حقيقيّة، أو عند وجود خطط سداد مؤجلة ومحفوفة بالمخاطر، أو ببساطة في أسواق مشبعة بالمضاربين. اليوم، يهيمن المستخدم النهائي على مشهد الطلب – وهؤلاء لا يشترون شققاً ضيقة بلا روح، بل يشترون منازل يشعرون بالراحة داخلها.

الرسالة الأهم؟ المستقبل للاستثمار الاستراتيجي.

فالجاذبيّة المعيشيّة هي ما يقود الطلب طويل الأمد، وهُويّة المجتمع هي ما يصنع الولاء، والإيقاع والنمط الحياتي هما ما يُسرّع البيع أكثر من أي كُتيّب تسويقي.
لم تعد الوحدة الأرخص هي الرهان الرابح – بل أصبحت الوحدة التي سيقع الناس في حبّها بعد خمس سنوات هي التي ستتفوّق على جميع الخيارات الأخرى.

فريق التحرير

فريق التحرير

فريق تحرير أربيان بزنس يمثل مجموعة من المحترفين. يجمع الفريق بين الخبرة الواسعة والرؤية الابتكارية في عالم الصحافة...