يتحدث الرئيس التنفيذي لـ “إي آند” حاتم دويدار عن توسع المجموعة في 38 سوقاً تخدم فيها 198 مليون مشترك والتحول السريع من أسلاك النحاس إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي وما الخطوة التالية في سباق السيادة الرقمية.
يوضح دويدار كيف أعادت «إي آند»، في أقل من أربع سنوات، هندسة نموذج عملها، فانتقلت من التركيز على الشبكات إلى بناء منظومة منصّات رقمية متكاملة تُضخ فيها استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والاستدامة. يكشف دويدار كيف حوّلت المجموعة استحواذات أوروبا الشرقية إلى رافعة نفوذ، وقدمت مشاريع الإطلاق السحابي السيادي في الإمارات، وما الذي يجعل مدناً ذكية ومناخاً أخضر جزءاً من معادلة نموٍ لا تعرف سقفاً، وكل ما يجعل المجموعة لاعباً في سباق الابتكار العالمي رداً علـى أسـئلة محوريـة حــول ذلــك.
كيف تُقيّمون تحول مجموعة “إي آند” من شركة اتصالات محلية إلى مجموعة تكنولوجية عالمية؟ وكيف كانت استراتيجيتكم لتحويل التفوق المحلي إلى ريادة إقليمية ودولية في ظل المنافسة الشديدة والسباق التكنولوجي الفائق والاستثمارات الضخمة؟
منذ انطلاقتها في السبعينيات، كانت “إي آند” (اتصالات سابقًا) مرآة لطموحات المنطقة، ونقطة انطلاق لابتكارات غير مسبوقة، مثل إطلاق أول شبكة للهاتف المتحرك في الشرق الأوسط. واليوم، بعد عقود من التميُّز المحلي والإقليمي، تحوَّل هذا التغيُّر الجوهري إلى تكتُّل تكنولوجي عالمي، باعتباره نقلة نوعية تُقاس بتأثيرنا المتَّسع والمتنامي على حياة الأفراد والمجتمعات في أكثر من 38 سوقًا حول العالم، تضم الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وأوروبا الوسطى والشرقية، تعكسها حسابات الإيرادات والأرباح التي نكشفها بكل شفافية على مدار العام، وإجمالي أعداد المشتركين الذي بلغ 198 مليون مشترك حول العالم خلال النصف الأول من 2025، وبنسبة نمو %13.1 مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي.
عندما أطلقْنا هُوِيَّتَنا الجديدة “إي آند” (&e) في فبراير من عام 2022، جسَّدت هذه الهوية رؤيتنا المتكاملة لمستقبل شركات الاتصالات، واستندت استراتيجيتنا إلى ركائز أساسية تلغي الفواصل التقليدية بين تقنيات الاتصالات والتكنولوجيا، فقد أعدْنا تعريفَ جوهر أعمالنا، وأنشأنا ركائز متخصصة، مثل “إي آند لايف” و”إي آند إنترناشونال”، لتقديم حلول رقمية متكاملة في مجالات التكنولوجيا المالية والترفيه والتنقل.
عَقَدْنا العزم على الريادة عبر الشراكات الذكية، فأقمنا تحالفات استراتيجية مع رُوَّاد عالميين، مثل مايكروسوفت وأمازون وفودافون وهواوي ودل تكنولوجيز، ما مَكَّنَنا من تسريع وتيرة الابتكار وتوسيع نطاق خدماتنا الرقمية، ووضعنا أسسًا للاستثمار في المستقبل بكل عزم وجدّية، فخصَّصنا استثماراتٍ ضخمةً في شبكات الاتصالات والذكاء الاصطناعي والحَوْسَبَة السحابية وإنترنت الأشياء، كما تعهدنا باستثمار 6 مليارات دولار لدعم البنية التحتية الرقمية عالميًّا.
في ظل المنافسة الكبيرة والسباق التكنولوجي المتسارع، لم تكن استراتيجيتنا مجرد رد فعل، بل كانت استباقًا. فقد ركّزنا على بناء منظومة مرنة ومستدامة وقادرة على التكيُّف مع التغيرات، وضرورة تخطي كل التحديات المتوقعة مستقبلًا في مختلف الأسواق العالمية التي نهتمُّ بتقديم خدماتنا إليها.
“إي آند” اليوم ليست فقط مجموعة تكنولوجية عالمية، بل منصة تمكين رقمية تُسهم في بناء مستقبل أكثر اتصالًا وإنتاجية وفائدة وإثراء للجميع، ونجحت في قيادة التحول الرقمي في المنطقة، والإسهام بفاعلية على الصعيد العالمي.

شهدت مجموعة “إي آند” نموًّا ملحوظًا في نتائج النصف الأول من عام 2025، كيف تقيّمون هذا الأداء في ظل التحديات العالمية التي واجهتكم، وما العوامل الجوهرية التي ساهمت في تحقيق هذا النمو رغم التحديات؟
نحن فخورون بهذا الأداء الاستثنائي للنصف الأول من عام 2025، ليس لأنه يعكس أرقامًا قوية فحسب، بل لأنه يُجسِّد قدرتنا على تحويل التحديات إلى فرص، ويُبرز “إي آند” بصفتها نموذجًا للشركات التي تُدير النمو بذكاء وشجاعة وسط بيئة عالمية مليئة بالتقلُّبات الاقتصادية والتكنولوجية. وقد جاء هذا النمو مدفوعًا بحرصنا على الابتكار المُسْتَدَام، واستمرار وَتِيرَة التوسع والتنوع الاستثماري في شتى ركائز أعمالنا، وتمكين الكفاءات، بالإضافة إلى قدرتنا على تلبية الطلب المتزايد على حلول الاتصالات المتقدمة وخدمات الذكاء الاصطناعي والتجارب الرقمية المتكاملة، التي تُواصِل المجموعة تطويرَها لتلبية تطلُّعات الأفراد والشركات على حد سواء.
وسجَّلت “إي آند” ارتفاعًا في إيراداتها الموحَّدة في النصف الأول من عام 2025، حيث بلغت 34.9 مليار درهم، محقِّقة زيادة بنسبة %23.3 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. كما ارتفع صافي الأرباح الموحدة إلى 8.8 مليار درهم، بزيادة سنوية قدرها %60.7، مما يؤكِّد الأداء القوي للمجموعة عبْر محفظة أعمالها المتنوعة. ووصلت الأرباح الموحدة للمجموعة قبل احتساب الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء خلال النصف الأول من العام إلى 15.4 مليار درهم، بنسبة زيادة وصلت إلى %18.8 على أساس سنوي، محقِّقة هامش ربح بنسبة %44.1. لذلك، نحن نرى أن نتائجنا اليوم تعكس صلابة نموذج الأعمال، وليس هذا فحسب، بل تعكس أيضًا قدرة فِرَقِنا على التنفيذ برُوح ريادية لا تعرف المستحيل.
يعد بيع حصتكم في شركة “خزنة” خطوة استراتيجية لافتة، كيف تعكس هذه الخطوة توجُّهات “إي آند” نحو تعزيز المرونة المالية واستثمار الموارد في أولويات النمو؟
لم يكن قرار بيع حصتنا في “خزنة” مجرد قرار مالي، بل هو تتويج لرؤية استراتيجية واضحة بدأت منذ دخولنا في هذه الشراكة عام 2022، حين ساهمنا بمحفظة مراكز البيانات التابعة لنا في دولة الإمارات مقابل حصة %40 في الشركة. ومنذ ذلك الحين، شهدت قيمة هذه الحصة نمواً ملحوظاً، حيث انتقلت من كونها أصولاً تشغيلية ضمن محفظتنا إلى استثمار استراتيجي ارتفعت قيمته لتصل إلى 2.2 مليار دولار (8 مليارات درهم) عند البيع، ما يعكس تعزيز العوائد بشكل ملحوظ خلال فترة زمنية قصيرة، كما يضمن عوائد مُجزية للمساهمين ويمنحنا مساحة أكبر للابتكار والتوسُّع.
هذا التخارج يجسد عدة أبعاد استراتيجية بالنسبة لنا، فقد أتاح لنا تحويل مساهمتنا الأولية إلى سيولة ضخمة، بما يحقق أقصى استفادة من استثمارنا خلال فترة وجيزة. وساهم أيضاً في تعزيز المرونة المالية، حيث ستُستخدم عوائد الصفقة في تقليص مديونية المجموعة، ما يمنحنا مرونة أكبر في تمويل خطط النمو المستقبلية ويحسن ملفنا الائتماني. كما سمح لنا تركيز استثماراتنا على قطاعات النمو الأساسية التي نقودها، مثل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والخدمات المبتكرة، وذلك عبر إعادة توجيه الموارد وتحرير رأس المال من أصول غير خاضعة لسيطرتنا المباشرة.

نحن نؤمن بأن التركيز على الأعمال الأساسية، وتحديدًا في مجالات الاتصالات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، هو ما سيقودنا نحو الريادة العالمية، والتخارج من “خزنة” لا يعني الانفصال عن قطاع مراكز البيانات، بل هو إعادةُ تَمَوْضُعٍ بطريقة ذكية تُتيح لنا مواصلة الشراكة الاستراتيجية مع “خزنة” من خلال تقديم حلول الاتصال والبنية التحتية الرقمية، مع الحفاظ على دورنا في دفع التحول الرقمي في المنطقة.
يدلِّل على ذلك ما شهده النصف الأول من عام 2025 من تَوْسِعَة استراتيجية لمركز البيانات والبنية التحتية Smarthub في الفجيرة، بإضافة مركز بيانات جديد من الفئة الثالثة بسعة 1.5 ميغاواط، مما يعزِّز البنية التحتية الرقمية لدولة الإمارات، ويقوِّي الربط الإقليمي وحركة البيانات العالمية. ويواصل المركز لعبَ دور محوري في استضافة المحتوى والخدمات السحابية، وترسيخ موقع الإمارات باعتبارها مركزًا متقدمًا للاتصال الرقمي على مستوى المنطقة.
هذه الخطوة تعكس فلسفتنا في إدارة رأس المال بمُرُونَة وفاعلية، وتؤكِّد التزامنا بتعزيز الجدارة الائتمانية، وتوسيع نطاق الاستثمار في التقنيات المستقبلية، بما في ذلك الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، لتكون “إي آند” في قلب الاقتصاد الرقمي العالمي.
حصلتم على تصنيف الفئة (S) خلال أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي، وهو أعلى مستوى تقدير، كيف تُترجمون هذا الإنجاز إلى ممارسات عملية في الحَوْكَمَة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي؟
حصلت “إي آند” على تصنيف “الفئة S”، وهو التصنيف الأعلى ضمن مبادرة (Dubai AI Seal)، التي أَطْلَقَهَا مركزُ دبي للذكاء الاصطناعي التابع لمؤسسة دبي للمستقبل، وهذا الحدث لا يمثِّل مجرد تكريم، بل يُعَدُّ شهادةَ ثقة في قدرتنا على بناء منظومة ذكاء اصطناعي مسؤولة وشفافة وقابلة للمُساءلة، ويمثِّل تأكيدًا لريادة “إي آند” في تبنِّي تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوير البنية التحتية المرتبطة به، مع تطبيق المئات من حالات الاستخدام عبر قطاعات الاتصالات والخدمات الرقمية وحلول المؤسسات.
ونحن نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي لا يُقاس فقط بعدد حالات الاستخدام، بل بمدى التزامنا الأخلاقي في تطويره وتطبيقه، ولهذا، قُمنا بتضمين مبادئ الحوكمة الأخلاقية في كل مرحلة من مراحل الابتكار، بدءًا من تصميم النماذج، مرورًا بتدريبها، وصولًا إلى نشرها في بيئات تشغيل حقيقية.
لذلك، وخلال مشاركتنا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، كشفنا عن إطار عمل مبتكر لحوكمة الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، تمَّ تطويره بالتعاون مع شركة IBM، ويهدف إلى تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي وآمن وشفاف، ويساعد على ضمان الامتثال والرقابة على المخاطر ضمن المنظومة المتنامية للذكاء الاصطناعي لدى المجموعة، ويعكس التزامها بالابتكار المسؤول.

هذا التصنيف يعزِّز مكانتنا بصفتنا شريكًا موثوقًا في مشروعات الذكاء الاصطناعي الوطنية، ويمنحنا أولوية في تنفيذ المبادرات الحكومية، كما يفتح أمامنا آفاقًا جديدة للتعاون مع الجهات التنظيمية لضمان توافق الحلول مع أعلى المعايير الأخلاقية والتقنية. وهدفنا الدائم هو ترسيخ ثقافة الذكاء الاصطناعي المسؤول عبر منظومتنا، وتوسيع نطاق التأثير الإيجابي ليشمل المجتمعات والمؤسسات وصُنَّاع القرار في المنطقة.
حصلت “إي آند” على تصنيف “أسرع العلامات التجارية نموًّا في العالم” من براند فاينانس، ما هي الاستراتيجية التي اتبعتها المجموعة لتحقيق ذلك؟ وكيف تُوازن بين الهُوِيَّة المحلية والطموح العالمي؟
حصدت “إي آند” هذا التصنيف نتيجة ارتفاع قيمة علامتها التجارية إلى 15.3 مليار دولار. كما جاءت ضمن أقوى 10 علامات تجارية وأكثرها قيمة في المنطقة، في حين تمَّ إدراج علامة “موبايلي”، التي تملك “إي آند” حصة كبيرة فيها، ضمن قائمة العلامات الأسرع نموًّا في الشرق الأوسط.
لم يكن تصنيف “براند فاينانس” لنا من قبيل الصدفة، بل نتيجة لرؤية واضحة واستراتيجية متعددة الأبعاد. فنحن في “إي آند” نؤمن بأن قوة العلامة التجارية الحقيقية لا تكمن في الشعارات، بل في الانعكاس الحي لطموحاتك وثقافتك والأثر الذي تطمح لتركه في حياة الناس عبر بَذْلِ جهد دائم ودؤوب.
لقد حرصنا على أن يعيد التحول الرقمي الشامل تعريف تجربة العميل، ويضع الابتكار في قلب كل خدمة، وأدركنا أهمية الاستثمار الضخم في التقنيات المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي والاتصالات فائقة السرعة والحوسبة السحابية، من أجل تعزيز مكانتنا بصفتنا مجموعة تكنولوجية عالمية. وانطلقنا في بناء شراكات استراتيجية توسِّع نطاق تأثيرنا، وتفتح لنا آفاقًا جديدة في الأسواق العالمية.
أما عن الهُوِيَّة، فنحن نرى أن الإمارات ليست فقط نقطة الانطلاق، بل هي مصدر الإلهام. نستلهم من رُوحها الريادية، ومن تَوَجُّهات قيادتها الرشيدة في التمكين والاستدامة، ونحرص على أن تبقى هذه الهوية حاضرة في كل ما نقدمه، حتى ونحن نتوسع عالميًّا، وأصبحت هذه الروح المتوازنة بين المحلي والعالمي هي ما تميزنا، فنحن نُصدِّر طموح الإمارات إلى العالم، ونستورد أفضل الممارسات لنُثري بها تجربتنا المحلية.
كيف ترون دور “إي آند” في تمكين الأولويات الوطنية لدولة الإمارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، خصوصًا في ظل التغيرات المتسارعة عالميًّا؟
نحن نتشرف بأن دورنا في “إي آند” يتجاوز حدود الابتكار التقني ليصبح جزءًا أصيلًا من منظومة التمكين الوطني لدولة الإمارات، وشريكًا تنمويًّا فاعلًا في صنع اقتصادها المعرفي ومستقبلها التقني، يضع التكنولوجيا في خدمة الإنسان، ويُترجم الرؤية الإماراتية إلى واقع ملموس.
وتقوم “إي آند” بإسهام كبير في دفع التحول الرقمي في دولة الإمارات، وذلك عبر نماذج متعددة، مثل تعاوننا الاستراتيجي مع كوالكوم تكنولوجيز في حلول الجيل الخامس المتقدمة والذكاء الاصطناعي الطرفي، حيث تركِّز شراكتُنا على نشر بوابات ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، إضافة إلى تطوير أجهزة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل نظارات الواقع الممتد وأجهزة الحاسوب المتقدمة. كما تشمل المبادرةُ مشروعاتٍ في التنقل الذكي وإنترنت الأشياء للقطاع الصناعي والحوسبة من الجيل التالي، بدعم من مركز كوالكوم الهندسي الجديد في أبوظبي.
كما شهد النصف الأول من عام 2025 إطلاقَنا “منصة الإطلاق السيادية لدولة الإمارات”، بالتعاون مع أمازون ويب سيرفيسز ومجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وهي منصة سحابية متطورة مصمَّمة لتسريع اعتماد خدمات السحابة والذكاء الاصطناعي للقطاع الحكومي والقطاعات الخاضعة للتنظيم في الدولة. وتُتيح المنصةُ للجهات الحكومية والشركات، في قطاعات مثل الصحة والمالية والنفط والغاز والتعليم، استخدامَ تقنيات أمازون ويب سيرفيسز، مع الحفاظ على سيادة البيانات وأمنها بشكل كامل. وتُعَدُّ المبادرة جزءًا من تحالف استراتيجي تتجاوز قيمته مليار دولار بين أمازون ويب سيرفيسز و”إي آند”، ومن المتوقَّع أن تسهم بأكثر من 181 مليار دولار في الاقتصاد الرقمي لدولة الإمارات بحلول عام 2033.

إضافة إلى ذلك، أطلقْنا خدمة استمرارية الأعمال، على هامش القمة العالمية لإدارة الأزمات والطوارئ 2025، والتي تُعَدُّ حلًّا متكاملًا يساعد المؤسسات على تحديد التهديدات المحتملة وتطوير آليات استجابة فعَّالة، مما يمكِّنها من تعزيز جاهزيتها التشغيلية وكفاءتها المؤسسية. وتوفِّر الخدمة إطار عملٍ متكاملًا مصمَّمًا لتلبية احتياجات المؤسسات في مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك الجهات الحكومية والاتحادية والقطاع الخاص، حيث يضمن استمرار العمليات التشغيلية خلال الأزمات، فضلًا عن الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية، وتقليل التكاليف، وتعزيز الأداء العام.
وعبر ركيزتنا للاتصالات “إي آند الإمارات”، ساهمنا في ترسيخ مكانة الدولة باعتبارها محورًا عالميًّا للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في النصف الأول من 2025. فقد أطلقْنا مبادرات نوعية تعكس التزامنا العميق بتمكين الأولويات الوطنية في مجالَي الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. فمن خلال تأسيس مختبر متخصص للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع Open Innovation AI، وضعْنا الابتكار المحلي في صدارة التحول الرقمي، مستهدفين قطاعات حيوية مثل الخدمات الحكومية والصحة والتعليم والمال، مع التركيز على بناء كفاءات وطنية مؤهَّلة.
وفي خطوة استراتيجية أخرى، أعلنَّا عن شراكتنا مع مجلس الأمن السيبراني لإطلاق مركز العين للابتكار، في حدث بارز خلال “جيسيك جلوبال 2025″، وتمثِّل هذه المبادرة نقطةَ تحوُّل في مسيرة الإمارات نحو اقتصاد معرفي مستدام، وتعزِّز ريادتها باعتبارها مركزًا عالميًّا للابتكار والتحول الرقمي.
نحن في “إي آند” نؤمن بأن الابتكار الحقيقي يبدأ من فهم الأولويات الوطنية، وينجح حين يُصاغ بلغة الطموح، ويُنَفَّذ بمعايير عالمية.
الحديث عن دور “إي آند” الوطني ينتقل بنا إلى التوطين والاستثمار في التعليم والصحة والشمول المجتمعي، التي باتت ركائز في نَهْجِكم، كيف تُقيّمون أثر هذه المبادرات في تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز الولاء المؤسسي؟
عندما نتحدث عن دور “إي آند” الوطني، فنحن لا نستعرض إنجازات، بل نؤكد التزامًا متجذِّرًا في وجداننا المؤسسي. إن التوطين والتعليم والصحة والشمول المجتمعي ليست مجرد محاور في استراتيجية المسؤولية المجتمعية، بل هي امتداد طبيعي لهويتنا بصفتنا شركة ترى في تمكين الإنسان جوهرَ التنمية المستدامة.
لقد حرصنا على أن تكون مبادراتنا ذات أثر ملموس، وليس رمزيًّا. في التعليم، على سبيل المثال، استثمرنا في بناء قدرات الشباب عبر برامج تدريبية متقدمة، وشراكات أكاديمية تُوَاكِب التحول الرقمي، وقد احتفلنا مؤخرًا بتخريج الدفعة الخامسة من برنامج خريجي الذكاء الاصطناعي، الذي نجح منذ إطلاقه عام 2021 في تمكين 284 خريجًا متميزًا من قادة المستقبل الإماراتيين في المجال التكنولوجي، وقد حرصنا في البرنامج على التوازن القوي في التمثيل بين الجنسين، حيث تبلغ نسبة توظيف الخريجات من الإناث %62، في حين بلغت نسبة المشاركة النسائية الإجمالية %81 منذ إطلاق البرنامج.
وفي مجال الصحة، دعمْنا الابتكار في الرعاية الذكية، ووسَّعْنا نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية الرقمية في المناطق النامية، ولدى “إي آند إنتربرايز”، ركيزة التحول الرقمي في “إي آند”، شَرَاكَة استراتيجية مع “لايف بوت” لتوفير خدمات رعاية صحية عن بُعد بمستوى وحدات العناية المركزة، تستهدف القطاعات الحيوية والمناطق النائية داخل الإمارات وخارجها، وتجمع هذه المبادرة بين الحضور القوي لـ “إي آند” في السوق المحلي والتقنيات المتطورة لـ “لايف بوت”، لتقديم استشارات طبية فورية ورعاية متنقلة مدعومة بأدوات تشخيص ذكية ونقل بيانات آمن، مما يعزِّز جودة الرعاية الصحية، ويضمن استجابة فعالة في البيئات الأكثر تحديًا.
أما في مجال التوطين، فقد تجاوزْنا التوظيف إلى تمكين الكفاءات الوطنية في مواقع القيادة وصناعة القرار. فقد حقّقت “إي آند الإمارات” إنجازًا غير مسبوق في ملف التوطين، مع ارتفاع نسبة الكوادر الإماراتية إلى %56 في عام 2025، مقارنة بـ %49 في 2021، مؤكدةً التزامنا العميق برؤية الإمارات لبناء اقتصاد تنافسي يقوده المواطنون. وفي خطوة تعكس ثقة الشركة بالكفاءات المحلية، تجاوزت نسبة المواطنين في المناصب العليا %60، فيما بلغت نسبة الموظفات الإماراتيات %82 من إجمالي الموظفات، في أعلى معدل بتاريخ الشركة.
وفي إطار مسؤوليتنا المجتمعية، تعاونَّا مع “ذا بترفلاي” و”جامعة ولونغونغ” و”جامعة زايد”، من أجل استكمال برنامجٍ “مكان العمل الشامل”، والمخصَّص لتمكين الطلاب من أصحاب الهِمَمِ وتزويدهم بتدريبٍ عملي يساهم في نجاحهم داخل سوق العمل، وقد أُقيم البرنامج في مركز الابتكار التابع لـ “إي آند”، وقدَّم للطلاب الجامعيين والخريجين الجدد فرصةً فريدة لاستكشاف المسارات الوظيفية المحتمَلة ضمن بيئة عمل داعمة.
هذه المبادرات لم تعزِّز فقط من ولاء مجتمعنا المحلي، بل عمَّقَت ارتباط موظفينا وشركائنا برؤية “إي آند” كقوة دافعة للتغيير الإيجابي. والولاء المؤسسي هنا لا يُقاس فقط بالانتماء، بل بالإيمان بأننا نبني مستقبلًا أكثر شمولًا، وأكثر قدرةً على احتضان الطموحات الوطنية.
انخفاض الانبعاثات ضمن عملياتكم يعكس التزامًا بيئيًّا واضحًا في “إي آند”، كيف تدمجون أهداف الاستدامة ضمن استراتيجية النمو، وما الخطوة التالية في هذا المسار؟
في “إي آند”، لا نَفصل بين النمو والاستدامة، بل نعتبرهما وجهين لعملة واحدة، وقد أصبح خفض الانبعاثات جزءًا لا يتجزأ من نَهْجِنا في الابتكار المسؤول. نحن لا نكتفي بتقليص الأثر البيئي لعملياتنا؛ بل نُعيد تصميم نماذج أعمالنا لتكون أكثر كفاءة، وأكثر احترامًا للموارد، وأكثر استعدادًا لمستقبل منخفض الكربون.
من أجل تحقيق هذا الهدف، كشفت “إي آند” عن خطة عمل مناخية تمتدُّ لستة أعوام، تهدف إلى الوصول لصفر انبعاثات كربونية في النطاقين 1 و2 داخل الإمارات بحلول 2030، وحملت الخطة عنوان “من الطموح إلى الإنجاز”، وشملت إجراءات واضحة وجداول زمنية لتقليل الانبعاثات التشغيلية وسلسلة القيمة والانبعاثات الناتجة عن المنتجات والاستثمارات، ضمن التزام المجموعة بتحقيق الحياد الكربوني الكامل عالميًّا بحلول 2050، وتُعَدُّ هذه المبادرة خطوة استراتيجية نحو مستقبل أكثر استدامة، تعكس نهج “إي آند” الشفاف في مواجهة تحديات المناخ، وتعزيز الابتكار البيئي على مستوى المنطقة والعالم.
وحقَّقت “إي آند” تقدمًا كبيرًا بالفعل، حيث قلَّلنا استخدام الكهرباء في شبكاتنا، وزادت حصة الطاقة المتجددة من الكهرباء إلى 17% في مصر. ومنذ عام 2019، نجحت المجموعة في القضاء على أكثر من 380 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال التوقف عن استخدام مولدات الديزل واستبدالها بحلول الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية.
وتستهدف المجموعة بحلول عام 2028 إعادةَ استخدام أو تدوير 75% من مُعدات الشبكة، وتوفير الأجهزة المجدَّدة، فضلًا عن اعادة استخدام 50% من المخلفات الخاصة بها، والحد من النفايات الإلكترونية بنسبة 20%، وتهدف “إي آند” من خلال الاستثمار في هذه المبادرات إلى التحرك نحو تأثير إيجابي على الطبيعة، وحماية التنوع البيولوجي.
ونحن ندمج أهداف الاستدامة في كل خطوة من استراتيجية النمو، من تطوير البنية التحتية الذكية، إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة، وصولًا إلى بناء منظومات رقمية تدعم الاقتصاد الأخضر، وقد وضعت “إي آند” خطتها للعمل المناخي لضمان الشفافية والمُساءلة، وذلك بالاستناد إلى إطار الإفصاح الخاص بفريق عمل خطة التحوُّل في المملكة المتحدة، وسيتمُّ تحديث خطة العمل المناخي دوريًّا، مع إجراء مراجعة شاملة في عام 2026، كما ستواصل “إي آند” أيضًا الكشفَ عن التقدم الذي تُحرزه من خلال تقريرها السنوي المتكامل وإفصاحات مشروع الكشف عن الكربون، وستُدرج المجموعة كذلك عمليات الاستحواذ الجديدة في خطة العمل المناخي المحدَّثة بعد إجراء دراسة مَرْجِعِيَّة مُنَقَّحَة لعام 2025.
وخطوتنا التالية تتضمَّن إطلاق مبادرات نوعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، لتسريع التحول نحو الحياد المناخي، مع تعزيز الشراكات التي تخلق أثرًا بيئيًّا ملموسًا، وتفتح آفاقًا جديدة للنمو المُسْتَدَام داخل الإمارات وخارجها.

هناك توسُّع عالمي ملحوظ ومتسارع يشهد به الجميع لـ “إي آند”، ما رؤيتكم وراء هذا التوسُّع، وما الذي أضافته لكم أبرز صفقاتكم مؤخرًا؟
توسُّعنا العالمي ليس مجرد نمو جغرافي، بل ترجمة عملية لرؤية طموحة تتجاوز الحدود. فنحن نرى التَّوَسُّعَ العالميَّ أداةً استراتيجية لإعادة تعريف دور شركات التكنولوجيا والاتصالات في الاقتصاد الرقمي الجديد، وإعادة تشكيل موازين القوة الرقمية عالميًّا، خاصة أننا لا نبحث فقط عن دخول أسواق جديدة، بل عن بناء شراكات مؤثِّرة، ونقل المعرفة، والتوسع بالنسبة لنا وسيلة لتعزيز الريادة الرقمية، وتمكين الاقتصادات، وبناء مستقبل تُسهم فيه “إي آند” بصفتها قوةً عالمية ذات جذور وطنية.
من أبرز صفقاتنا للتوسُّع عالميًّا كان استحواذُنا على حصة الأغلبية (50% + حصة اقتصادية واحدة) في شركات الخدمات والبنية التحتية التابعة لـ “مجموعة PPF تيليكوم” في بلغاريا والمجر وصربيا وسلوفاكيا، والتي تمثل خطوة مهمة في جهود التوسُّع العالمية المستمرة للمجموعة، ويتوقع أن تُساهم في تحويل مشهد الاتصالات في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية، فضلًا عن تقديم قيمة مضافة لأكثر من 10 ملايين عميل عبر الأسواق الأربعة.
وكانت هذه الصفقة انطلاقًا نحو خطوتنا التالية، حيث وقَّعت “إي آند PPF تيليكوم” اتفاقية مُلزمة للاستحواذ الكامل على أصول شركة “صربيا برودباند” مقابل 825 مليون يورو على أساس خالٍ من النقد والديون، وهي إحدى الشركات الرائدة في مجال توفير خدمات النطاق العريض وخدمات تلفزيون الكابل في صربيا لأكثر من 700 ألف عميل نشط، بإيرادات تجاوزت 244 مليون يورو في عام 2023.
تكشف هذه الصفقات جانبًا من الرؤية الواسعة لـ “إي آند”، فسوف تمكِّن هذه الصفقة “إي آند PFF تيليكوم” من دمج أصول “صربيا برودباند” مع شركة الهاتف المحمول الصربية التابعة لها (Yettel)، لتتحول إلى مُشغّل اتصالات متكامل يقدِّم خدمات الهاتف المتحرك وخدمات النطاق العريض وخدمات التلفزيون المدفوع في سوق يتمتع بفرص نمو كبيرة، كما يتوافق مع الطموح الاستراتيجي للمجموعة في توسيع نطاق خدمات “إي آند إنترناشونال” في وسط وشرق أوروبا، وتنويع مصادر إيراداتها من أسواق تتمتَّع بثبات أسعار الصرف.
بالتزامن مع مشاركتكم في جيتكس 2025، ما الرسائل الأساسية التي تسعون لتوصيلها حول مستقبل الاتصالات والتكنولوجيا والسيادة الرقمية؟
نحن في “إي آند” نؤمن بأن مستقبل الاتصالات والتكنولوجيا لا يُبنى فقط على السرعة والكفاءة، بل على السيادة الرقمية والتمكين الاقتصادي والاستدامة الشاملة.
ورسالتنا في جيتكس هذا العام واضحة: نحن نعمل على بناء منظومة رقمية متكاملة تُعزِّز استقلالية القرار، وتحمي البيانات الوطنية، وتفتح آفاقًا جديدة للنمو والابتكار، من خلال استثماراتنا في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والسحابة السيادية والأمن السيبراني والتنقل الذكي وحلول المؤسسات. كما نُسلِّط الضوءَ على التزامنا بالاستدامة، من خلال مبادراتنا المناخية الطموحة، التي تضع التكنولوجيا في خدمة البيئة، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، التي تُرسِّخ دور “إي آند” بصفتها شريكًا استراتيجيًّا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لدولة الإمارات والمنطقة.