انطلقنا إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي للقاء الرئيس التنفيذي لمجموعة “إي آند” حاتم دويدار. أشعة الشمس تتسلل من نوافذ مكتب دويدار، تلقي بانعكاساتها على الأثاث الفخم. كان المشهد يوحي بشيء من أسلوب الإدارة الهادئة الرزينة، تماماً كالتي يتمتع بها ساكن المكتب.
لم يكن جالساً على مكتبه، بل كان واقفاً بجوار النافذة ينظر إلى الأسفل وكأنه يحاول الفصل ما بين صخب المدينة وبين هدوء النجاح التالي لمجموعة “إي آند“، التي كانت تعرف في السابق باسم “اتصالات”، وهي مفارقة لرجل من تلك النوعية، أن يعيش الهدوء عبر مسيرة مهنية اتسمت بالحركة المستمرة.
قرابة عقد من الزمن منذ انضمامه للمجموعة قضاه دويدار في قيادة تحول لم يؤدِ إلى ثورة في قطاع الاتصالات فحسب، بل ساهم في تغيير طريقة حياة الملايين.
تحت قيادة دويدار، تحوّلت “إي آند” من مزود اتصالات إقليمي إلى مجموعة تكنولوجية عالمية تمتلك محفظة أعمال متنوعة. هذه الرحلة التحويلية لم تكن سهلة، ورغم التحديات التي واجهتها، إلا أنها لاقت إشادة واسعة من خبراء الصناعة.
قصة دويدار، ومجموعة “إي آند” تجسد الرؤية الاستراتيجية والقدرة على التكيف العميق مع التحولات السريعة في عالم تتداخل فيه التكنولوجيا مع الاتصالات بشكل متسارع. ما قام به دويدار ليس مجرد إعادة تشكيل للشركة، بل هو فهم عميق لاحتياجات العصر الجديد وقيادة حكيمة نحو مستقبل تكنولوجي مشرق. القيادة الحكيمة تتطلب جرأة على اتخاذ القرارات الحاسمة، ورؤية تستشرف المستقبل، وهذا بالضبط ما جسده دويدار في مسيرة تحول “إي آند” إلى عملاق تكنولوجي متعدد الأبعاد.
قبل انضمامه إلى مجموعة “إي آند” في عام 2015، كان حاتم دويدار قد قطع شوطاً طويلاً في بناء مسيرة مهنية لامعة جعلته واحداً من أبرز الأسماء في صناعة الاتصالات العالمية.
كانت مسيرته تتسم بالتنوع والغنى، حيث امتدت عبر قارات مختلفة وشملت أدواراً قيادية مؤثرة في بعض من أكثر الأسواق ديناميكية في العالم. بدأت رحلته المهنية في أواخر التسعينيات عندما انضم إلى شركة فودافون، تلك الشركة التي كانت بمثابة الحاضنة التي صقلت مهاراته ووفرت له منصة لاكتساب معرفة عميقة وشاملة في قطاع الاتصالات.
على مدار السنوات، تولى دويدار مناصب قيادية هامة في دول عدة، حيث ساهم في تطوير استراتيجيات ناجحة لكل سوق على حدة.
وقد مكنته هذه التجارب من بناء سمعة قوية كقائد يتمتع بقدرة فائقة على التكيّف مع التحديات الفريدة لكل سوق، وعززت فهمه لطبيعة البيئات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
كل مرحلة في رحلته المهنية كانت تضيف إلى خبرته وتجعل منه قائداً لا يعرف المستحيل، قادراً على توجيه الدفة نحو النمو والنجاح في أحلك الظروف.
يقول دويدار: “لقد تغيرت صناعة الاتصالات بشكل جذري منذ أن دخلت هذا المجال لأول مرة. في بداياتي، كانت الرسائل النصية القصيرة “SMS” هي التطبيق الرائج والرائد للتواصل بين الأفراد. أما الآن، فالأمر كله يتعلق بالبيانات، وكيف نستخدمها ونديرها ونوفرها. اليوم، نحن نقدم الإنترنت، الأمر الذي يتيح للناس الوصول إلى العالم بأسره من أي مكان، وهذا لم يغير فقط أسلوب حياتهم الناس، بل أيضاً طريقة عملهم ودراستهم وترفيههم وتواصلهم مع الآخرين”.
كانت فترة عمله في فودافون حاسمة في تشكيل فهمه لهذه التحولات، وكانت تلك الفترة مليئة بالتقدم التكنولوجي السريع، بدءاً من الأيام الأولى للاتصالات اللاسلكية، وصولاً إلى انتشار الانترنت الذي شكل ثورة في مفهوم الاتصالات.
منحت هذه التجارب حاتم آفاقاً ومنظوراً أوسع حول قطاع الاتصالات العالمي والتحديات المتنوعة التي تواجهه، ورؤى كانت وستظل ذات قيمة كبيرة في دوره اللاحق في قيادة مجموعة “إي آند”، حيث ساعدته هذه الخلفية الثرية على استيعاب التغيرات السريعة في الصناعة وتطوير استراتيجيات تمكنه من البقاء في طليعة الابتكار والتقدم، مما يتيح له توجيه “إي آند” نحو مستقبل مليء بالفرص والإمكانات غير المحدودة.
عندما انضم دويدار إلى مجموعة “إي آند” (التي كانت تعرف آنذاك باسم اتصالات)، كانت الشركة بالفعل لاعباً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط، معروفة ببنيتها التحتية القوية وشبكتها الواسعة من العملاء.
ومع ذلك، كان قطاع الاتصالات على وشك دخول مرحلة جديدة من التغيير الكبير. فقد بدأت تقنية الجيل الرابع “4G” في إعادة تشكيل كيفية استخدام الناس لأجهزتهم المحمولة، حيث انتقل التركيز من المكالمات والرسائل النصية إلى الخدمات المعتمدة على البيانات.
ومع إدراكه لهذا التحول، رأى دويدار فرصة لتحويل مجموعة “إي آند” من مزود اتصالات إقليمي إلى مجموعة تكنولوجية عالمية رائدة، تحول يتطلب استراتيجية جريئة ورؤية مستقبلية عميقة.
وقد عمل دويدار على بناء هذه الاستراتيجية، مستهدفاً دفع الشركة نحو الابتكار والتوسع في مجالات جديدة تتجاوز حدود الاتصالات التقليدية، لجعلها في طليعة الشركات التي تقود التحول الرقمي في المنطقة والعالم.
الرؤية الطموحة: من شركة اتصالات إلى كيان تكنولوجي متكامل
إحدى أولى المبادرات الكبرى التي قام بها دويدار عند توليه قيادة مجموعة “إي آند” كانت بتحقيق رؤية مجلس الإدارة الاستراتيجية والتي كانت الدافع الأساسي لتحويل الشركة من مزود خدمات اتصالات إلى مجموعة تكنولوجية متكاملة، أو كما يصفه بدقة “شركة تكنولوجية” أو “TechCo”.
هذا التحول الاستراتيجي لم يكن مجرد عملية تغيير في العلامة التجارية؛ بل كان تغييراً جذرياً في نموذج أعمال الشركة، مستنداً إلى فهم عميق بأن مستقبل الاتصالات مرتبط بشكل وثيق بالتكنولوجيا، خصوصاً في المجالات الناشئة مثل التكنولوجيا المالية “FinTech”، والأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء “IoT”. لقد كانت هذه الرؤية بمثابة البوصلة التي وجهت الشركة نحو استغلال الفرص الجديدة وتوسيع آفاقها، لتصبح لاعباً رئيسياً ليس فقط في قطاع الاتصالات، بل في مختلف القطاعات التكنولوجية التي تشكل ملامح المستقبل.
يقول دويدار: “في عام 2015، كنا لا نزال في بدايات عصر الجيل الرابع 4G. كان واضحاً أن النمو لا يمكن أن يتحقق إلا بالنظر إلى ما هو أبعد من مجرد الاتصال، واستكشاف الخدمات الجديدة التي سيحتاجها عملاؤنا.”
كانت هذه الرؤية هي الدافع وراء استثمارات مجموعة “إي آند” في مختلف القطاعات التكنولوجية مثل التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء، حيث سعت الشركة إلى تنويع محفظتها ومصادر إيراداتها بطرق لم يكن من الممكن تصورها قبل عشر سنوات فقط.
على سبيل المثال، كان استحواذ المجموعة على شركة Help AG، وهي من الشركات الرائدة في مجال الأمن السيبراني في المنطقة، خطوة حاسمة جعلت المجموعة لاعباً بارزاً في مشهد الأمن السيبراني، وهو أمر بالغ الأهمية في عصر تزداد فيه التهديدات الرقمية من حيث التكرار والتعقيد، وكما قال دويدار: “أدركنا أنه مع زيادة استخدام الناس للأجهزة المتصلة بالإنترنت، أصبح من الضروري تعزيز الأمان.”
من خلال دمج شركة Help AG ضمن مجموعة “إي آند”، تمكنت الشركة من تقديم حلول شاملة للأمن السيبراني لعملائها من المؤسسات، وهي خدمة أصبحت لا غنى عنها في الاقتصاد الرقمي اليوم، حيث يمكن لانتهاكات البيانات والهجمات الإلكترونية أن تتسبب في عواقب وخيمة. هذا التحرك لم يكن مجرد توسيع لخطوط الخدمة، بل كان استجابة ذكية لتحديات العصر الرقمي، وضماناً لمكانة الشركة كقائد في مجال توفير الحماية الرقمية.
ركيزة أخرى من ركائز تحول مجموعة “إي آند”، كانت استثماراتها في مجال التكنولوجيا المالية “FinTech”، حيث أطلقت الشركة تحت قيادته منصة “e& money” للخدمات المالية الرقمية، والتي سرعان ما اكتسبت شعبية كبيرة في أوساط المستخدمين.
وقد أشار دويدار إلى أهمية هذه الخطوة قائلاً: “أصبحت التكنولوجيا المالية جزءاً هاماً من استراتيجيتنا.” وأكد على الأهمية الاستراتيجية لهذا التوجه، حيث قال: “نرى نمواً سريعاً في حلول الدفع، وهذا مجال سيواصل التوسع مع تزايد اعتماد المستهلكين والشركات على الخدمات المالية الرقمية.”
كما استحوذت المجموعة تحت قيادة دويدار على حصة الأغلبية في “تطبيق كريم الشامل” (Careem SuperApp)، الذي يقدم للعملاء العديد من الخدمات، بما في ذلك الدفع الإلكتروني وعدد من خدمات التكنولوجيا المالية.
هذا التركيز على التكنولوجيا والابتكار لم يقتصر على خدمات الاتصالات التقليدية، بل امتد أيضاً إلى قطاع الترفيه، وكان استحواذ مجموعة “إي آند” على حصة الأغلبية في “ستارزبلاي”، خدمة البث الشهيرة في المنطقة، خطوة جريئة تعكس التزام الشركة بأن تصبح كياناً تكنولوجياً متكاملاً.
وكما أشار دويدار: “نحن فخورون جداً باستثمارنا في “ستارزبلاي”، حيث يمثل هذا الاستثمار جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا لتنويع خدماتنا وتقديم قيمة أكبر لعملائنا، خاصة في عالم يتجه بسرعة نحو منصات البث عند الطلب.”
تخطي التحديات واغتنام الفرص
على الرغم من نجاح هذه المبادرات، فإن رحلة دويدار في “إي آند” لم تكن خالية من التحديات، فقد تطلب توسع الشركة في أسواق وقطاعات جديدة التنقل في بيئات تنظيمية معقدة وإدارة مخاطر مالية كبيرة، وغالباً في مناطق ذات ظروف اقتصادية متقلبة”.
في مصر، على سبيل المثال، واجهت المجموعة تحديات كبيرة نتيجة القيود الصارمة على أسعار البيع بالتجزئة والتضخم المرتفع، وهي حالة تفاقمت بسبب الصعوبات الاقتصادية الأخيرة التي تمر بها البلاد.
كما أوضح دويدار: “كانت قدرة الشركات على رفع الأسعار مقيدة بالتنظيمات الحكومية”.
وأضاف: “هذا الأمر كان له تأثير مباشر على الربحية، لكننا نجحنا في الحفاظ على حضور قوي في السوق من خلال التركيز على احتياجات العملاء والكفاءة التشغيلية، مما يضمن استمرارنا في تقديم قيمة مضافة لعملائنا رغم الضغوط الخارجية”.
وقد تعاملت المجموعة مع هذه التحديات عبر استراتيجية مبتكرة توازن بين متطلبات العملاء والقيود التنظيمية، ما مكنها من التكيف مع الظروف الصعبة والاستمرار في تقديم خدمات عالية الجودة تفي بتوقعات السوق المحلية، مع الحفاظ على قوة تنافسية في بيئة مليئة بالتحديات.
من أبرز التحديات التي واجهتها مجموعة “إي آند” مؤخراً كانت في المغرب، حيث رفضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الاستئنافَ المقدَّم من شركة اتصالات المغرب، لتؤيد بذلك الحكمَ الصادرَ عن المحكمة التجارية بالرباط، والذي يُلزم اتصالات المغرب بدفع غرامة قدرها 640 مليون دولار، وهي حالة وصفها دويدار بأنها “عاصفة كاملة” من التحديات التنظيمية والقانونية. ورغم هذا التحدي الكبير، أعرب دويدار عن تفاؤله بالمستقبل، مؤكداً على مرونة الشركة وقدرتها على اجتياز مثل هذه الأزمات.
يقول دويدار: “ما حدث في المغرب بمثابة خيبة أمل كبيرة بالنسبة لنا. لقد تعرضنا لغرامات ضخمة من قبل الجهات التنظيمية، والتي نعتقد أنها كانت مبالغاً فيها إلى حد كبير. هذه الغرامات، إلى جانب العقوبة القضائية البالغة 640 مليون دولار، وضعت ضغطاً كبيراً على قدرة الشركة في المغرب، مما يحد من قدرتها على الاستثمار في رقمنة الاقتصاد. ومع ذلك، فإن الشركة هناك قوية جداً، وآمل أن نتمكن من تجاوز هذا الموضوع وأن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي نواجه فيها مثل هذه التحديات، ونأمل أن نرى الشركة تعود إلى تحقيق ربحية أقوى وأن تكون قادرة على المساهمة في مواجهة التحديات التي تواجه المغرب لتصبح دولة رقمية بشكل أكبر”.
يضيف دويدار: “لا نزال نتابع المسارات القانونية لاستئناف الحكم، ولكننا أيضاً نعمل بشكل بناء مع الجهة التنظيمية والحكومة، وتركيزنا الآن هو تجاوز هذه المسألة والمضي قدماً في الاستثمار في مستقبل المغرب الرقمي. من المهم جداً أن نوجه أنظارنا نحو المستقبل ونتأكد من أن مثل هذه القضايا لا تعيق تحقيق أهدافنا طويلة المدى”.
الرهان على الذكاء الاصطناعي ورسم مستقبل “إي آند”
مع استمرار تطور المجموعة، يُعد الذكاء الاصطناعي من أكثر المجالات المثيرة في العصر الحالي والقابلة للنمو والابتكار، ولقد جعل دويدار الذكاء الاصطناعي جزءاً محورياً من استراتيجية الشركة، مدركاً إمكاناته الكبيرة في إحداث ثورة، ليس فقط في قطاع الاتصالات، بل في جميع جوانب العمليات التجارية وتفاعلات العملاء.
ويرى دويدار في الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحسين الكفاءة وتعزيز التجربة الشاملة للعملاء، مما يمكّن الشركة من الاستمرار في الابتكار وتقديم حلول متقدمة تتماشى مع التطورات السريعة في التكنولوجيا.
قال دويدار بإصرار: “نراهن بقوة على الذكاء الاصطناعي”، مشدداً على أهمية هذه التكنولوجيا في خطط الشركة المستقبلية. “الأمر لا يقتصر فقط على التطبيقات الموجهة للعملاء، بل يتعلق أيضاً بكيفية إدارة العمليات الداخلية وتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة على جميع المستويات”.
لدعم هذه الرؤية الطموحة، أنشأت مجموعة “إي آند” برنامجاً تدريباً باسم خريجي الذكاء الاصطناعي قبل أربع سنوات، والذي يهدف إلى الاستثمار في المواهب الوطنية من قادة المستقبل الرقمي لدولة الإمارات، وتطوير مهاراتهم في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة لمواكبة التكنولوجيا المستقبلية.
تحت قيادة دويدار، بدأت المجموعة بالفعل في دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها اليومية، حيث تستخدم الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لإعداد التقارير التجارية، وتعزيز عمليات اتخاذ القرار، وتبسيط العمليات التشغيلية.
يقول دويدار بشغف “هذا سيحدث ثورة في طريقة عملنا. فالذكاء الاصطناعي يتيح لفرقنا التركيز على العمل الإبداعي والقيّم، بدلاً من المهام الروتينية التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بها بكفاءة أكبر”.
يتجلى التزام الشركة بالذكاء الاصطناعي من خلال شراكاتها واستثماراتها الكبيرة في هذا المجال، حيث قامت المجموعة بتوقيع شراكات واتفاقيات تعاون مع شركات رائدة في الذكاء الاصطناعي، كما استثمرت بشكل كبير في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي داخل دولة الإمارات، ما عزز مكانتها كلاعب رئيسي في تحقيق طموح الدولة لتصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي.
ويتماشى هذا التوجه مع الاستراتيجية الوطنية الأوسع لدولة الإمارات في قيادة مجال الذكاء الاصطناعي، وهو مجال يراه دويدار أساسياً لتطوير الاقتصاد المستقبلي للدولة.
يؤكد دويدار أن استثمارات الشركة في الذكاء الاصطناعي ليست فقط لتحسين أعمالها، بل أيضاً لدعم رؤية الإمارات في أن تكون في طليعة الابتكار التكنولوجي العالمي، مما يساهم في تعزيز نموها الاقتصادي المستدام.
التوسع الجغرافي: رؤية عالمية مبنية على استحواذات استراتيجية
إلى جانب التقدم التكنولوجي، أشرف دويدار أيضاً على توسع مجموعة “إي آند” الجغرافي، خاصة في أوروبا وآسيا. ويُعد استحواذ المجموعة على “GlassHouse” التركية، وهي شركة رائدة في خدمات الحوسبة السحابية واستمرارية الأعمال، مثالاً بارزاً على نجاح استراتيجية النمو العالمية التي تتبناها الشركة.
يقول دويدار بنبرة فيها شيء من الفخر: “هذا الاستحواذ ليس مجرد دخول إلى أسواق جديدة، بل يتعلق بالتكامل والاستفادة من خبرات وقدرات الشركات التي نستحوذ عليها لتعزيز عروض خدماتنا عبر جميع الأسواق التي نعمل فيها. وقد مكّننا الاستحواذ على “GlassHouse” من توسيع نطاق خدماتنا السحابية وتقديم حلول متقدمة لاستمرارية الأعمال لقاعدة عملاء أوسع.”
حاتم متفائل للغاية بشأن إمكانيات توسع مجموعة “إي آند” في أوروبا، ويعتقد أن هذا التوسع سيحدث نقلة نوعية في مسار الشركة.
وقال دويدار: “أتطلع للحصول على الموافقات التنظيمية لإنهاء عملية الاستحواذ على شركة PPF Telecom قبل نهاية هذا العام والتوسع في أوروبا. سيساهم هذا في تغيير كبير في شكل وحجم المجموعة، حيث سنشهد نمواً يتراوح بين 15% و20% في حجم مجموعة “إي آند” بشكل فوري، وسيتيح لنا الوصول إلى شريحة أكبر من العملاء”.
كما تتطلع الشركة إلى تحقيق نموٍ كبيرٍ في باكستان، حيث تنتظر موافقة الهيئات التنظيمية على استحواذها على “Telenor Pakistan”، وهي صفقة ستضيف حوالي 40 مليون عميل إلى قاعدة عملاء المجموعة.
وتعليقاً على هذه الصفقة، قال دويدار: “ومع هذا الاستحواذ في باكستان بالإضافة إلى التوسع الأوروبي، من المتوقع ان تصل قاعدة عملائنا إلى ما يقارب ربع مليار عميل”، مشدداً على حجم الفرصة المتاحة. “إنها فرصة نمو كبيرة، ونحن متحمسون جداً للإمكانيات التي تتيح لنا توسيع قاعدة عملائنا وعروض خدماتنا بشكل كبير في باكستان.”
من خلال هذه التحركات الاستراتيجية، يواصل دويدار قيادة “إي آند” نحو تحقيق الرؤية الطموحة لتكون لاعباً عالمياً رائداً في مجالات التكنولوجيا والاتصالات، مع تعزيز مكانتها في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء.
بينما تعتبر الرؤية الاستراتيجية والبراعة التجارية لحاتم دويدار أحد المحاور الرئيسية في نجاح مجموعة “إي آند”، فإن أسلوبه القيادي هو ما يميزه حقاً، إذ يُعرف بهدوئه وتفكيره المتأني في اتخاذ القرارات. كما تعد قدرته على التعامل مع التحديات المعقدة مع الحفاظ على تركيزه الواضح على الأهداف طويلة الأمد سمةً بارزةً في أسلوب قيادته.
يقول حاتم بنبرة واقعية: “أعتقد أنه لا يمكنك توقع النجاح بنسبة 100% في عالم الأعمال. لكن إذا ما حققت النجاح في حوالي 90% من أعمالك وتابعت النمو، فهذا هو النجاح الحقيقي.” يعكس هذا النهج البراغماتي للقيادة قدرة دويدار على الحفاظ على مسار ثابت حتى في الأوقات العصيبة، وهو ما كان أساسياً في توجيه مجموعة “إي آند” خلال تحولها المستمر.
مع استمرار حاتم دويدار في قيادة مجموعة “إي آند”، فإن تأثيره على الشركة وعلى قطاعي الاتصالات والتكنولوجيا على نطاق أوسع لا يمكن إنكاره، حيث تحولت “إي آند” تحت قيادته إلى مجموعة تكنولوجية متنوعة، مهيأ لتحقيق نمو مستمر في عالم يتزايد فيه الاعتماد على الرقمية. ولكن بالنسبة لدويدار، الرحلة لا تزال في بدايتها.
“لا زلنا في البداية”، قال دويدار بمزيج مميز من التواضع والإصرار. “لا يزال هناك الكثير لنفعله، وأنا متحمس لما يحمله المستقبل للمجموعة.” رؤيته للمستقبل لا تقتصر على توسيع نطاق عمل المجموعة أو زيادة الأرباح، بل تتعلق بإعادة تعريف مفهوم الاتصالات والتواصل في عصرنا الحالي، حيث تشكل التكنولوجيا والابتكار وتركيز العملاء الأسس التي تقوم عليها النجاحات.
قال دويدار كلماته الأخيرة في حواره معنا وهو يمشي عائد إلى مكتبه، مستعداً لمواجهة التحدي التالي. بالنسبة لرجل أمضى حياته المهنية في عالم قطاع الاتصالات سريع التغير، لا يوجد شيء يمكن اعتباره يوماً عادياً، فكل يوم هو فرصة لإنجاز صفقة استحواذ كبيرة، أو يطلق منتجاً جديداً، أو يجتمع مع مسؤولين حكوميين، هناك أمر واحد ثابت: التزامه الراسخ بدفع مجموعة “إي آند” إلى الأمام وضمان بقائها في طليعة الثورة الرقمية.
في عالم تتطور فيه التكنولوجيا بسرعة فائقة، تأتي قيادة دويدار لمجموعة “إي آند” لتؤكد على قوة الرؤية والابتكار والعزيمة. قصة النجاح هذه لا تزال تُكتب، ولكنها ستترك أثراً دائماً على قطاعي التكنولوجيا والاتصالات وعلى الملايين من الناس الذين يعتمدون على خدمات “إي آند” يومياً.