أصدرت السلطات العراقية اليوم الاثنين أمراً للقبض على طارق الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي للاشتباه في ارتباطه باغتيالات وتفجيرات وهو قرار من المرجح أن يؤجج التوتر الطائفي بعد انسحاب القوات الأمريكية.
وتعرض هذه الخطوة للخطر الاتفاق الهش لتقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والأكراد الذين يكافحون للتغلب على التوترات بعد سنوات قليلة من العنف الطائفي الذي دفع البلاد إلى حافة الحرب الأهلية.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عادل دحام في مؤتمر صحفي إن اعترافات أدلى بها أشخاص مشتبه بهم ذكر أنهم حراس شخصيون للهاشمي ربطت بين نائب الرئيس وبين حوادث قتل وهجمات على مسؤولين حكوميين وأمنيين في العراق.
وقال دحام وهو يلوح بنسخة من مذكرة الاعتقال أمام الصحفيين إنها صادرة حسب المادة الرابعة من قانون الإرهاب وموقعة من خمسة قضاة وواجبة التنفيذ.
وأثناء انسحاب أخر القوات الأمريكية من العراق بعد تسع سنوات تقريباً من الغزو، اشتدت حدة الصراع السياسي بين رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ومنافسيه السنة في الاتفاق الهش لتقاسم السلطة بالبلاد.
وعرضت الوزارة شرائط مسجلة لاعترافات بثت على تلفزيون العراقية الحكومي وعبر وسائل إعلام محلية أخرى وقالت إنها لأفراد من وحدة الأمن الخاصة بالهاشمي. وقال الرجال إن مكتب الهاشمي دفع لهم أموالاً لتنفيذ أعمال قتل.
وتحدث الرجال الثلاثة بالتفصيل عن عمليات اغتيال طلب منهم مساعدون للهاشمي تنفيذها منها زرع قنابل على الطرق وإطلاق نار من سيارات على مسؤولين أمنيين وحكوميين. وقال أحد هؤلاء الأشخاص إنه تسلم 3000 دولار مكافأة من الهاشمي نفسه. ولكن لم يتسن الحصول على تأكيد مستقل لهوية هؤلاء الرجال.
وقالت مصادر سياسية كردية إن الهاشمي – الذي لم يتسن الاتصال به للحصول منه على تعقيب – موجود في كردستان وهي منطقة شبه مستقلة في شمال البلاد لها حكومتها وقواتها الأمنية الخاصة مما يجعل من غير المرجح إلقاء القبض عليه على الفور.
وفي بيان صدر في وقت سابق اليوم الاثنين اتهم الهاشمي حكومة المالكي بتعمد مضايقته بعد تأخير طائرته لمدة ثلاث ساعات في مطار بغداد. وكان الهاشمي متوجها إلى مدينة السليمانية الكردية للقاء الرئيس العراقي.
وقال البيان إن قوات الأمن ألقت القبض على ثلاثة من الحراس الشخصيين للهاشمي في طريق عودتهم من المطار. وأضاف انه تم تعزيز القوة العسكرية التي تحاصر منزل الهاشمي منذ أسابيع.
وجاء في البيان “السيد النائب وهو يتذرع بأقصى درجات الصبر وينتظر سلوكاً عقلانياً من جانب الأطراف الحكومية المعنية… يطالب السيد النائب فوراً بإطلاق سراح الضباط الثلاثة الذين تم احتجازهم في غياب أوامر قضائية ورسمية للقبض عليهم”.
ويجري ساسة عراقيون كبار محادثات مع المالكي وزعماء آخرين لاحتواء الموقف خشية تفاقم الأزمة التي قد تدفع العراق من جديد إلى خضم اضطرابات طائفية.
وقالت السفارة الأمريكية في بغداد إن السفير الأمريكي لدى العراق يجري اتصالات مع كبار الزعماء العراقيين. ولم تذكر السفارة أي تفاصيل عن الشخصيات التي تحدث معها أو الموضوعات التي جرى مناقشتها.
وتراجعت حدة أعمال العنف بصورة كبيرة منذ أن بلغت ذروة الهجمات في 2006 و2007 عندما أسفرت تفجيرات انتحارية وأعمال عنف عن مقتل آلاف الضحايا في عمليات قتل متبادلة بين السنة والشيعة.
لكن التوترات الطائفية أوشكت على الظهور مجدداً ولا تزال تطغي على أوجه كثيرة من الحياة السياسية بالعراق.
ومع اكتمال الانسحاب الأمريكي يوم الأحد الماضي يخشى كثير من العراقيين انهيار السلام الهش بين الأغلبية الشيعية والسنة وتجدد العنف الطائفي.
وطلب المالكي قبل يومين من البرلمان سحب الثقة من سياسي سني بارز آخر هو صالح المطلك وهو نائب لرئيس الوزراء بدعوى انه يفتقر للثقة في العملية السياسية.
والهاشمي والمطلك من زعماء كتلة العراقية وهي جماعة علمانية تدعمها الأقلية السنية وانضمت على مضض إلى حكومة الوحدة التي يقودها المالكي وقاطعت جلسات البرلمان في الآونة الأخيرة شاكية من أنها تتعرض للتهميش على الرغم من أنها اكبر كتلة منفردة في المجلس.