ياتاغان… هي تلك الكلمة التركية التي تعني السيف، وتوحي بالكفاح ومواجهة التحديات، تماماً كحال سيدات الأعمال السعوديات اللواتي يحاربن لتحقيق أحلامهن في بيئة محيطة محافظة تحاول تحجيمهن في الحياة الزوجية أو الوظائف الإدارية التقليدية فقط.
من منطلق الكفاح ومواجهة التحديات، أرادت سارة أبو داوود، المؤسسة والمصممة الرئيسية بدار ياتاغـان للمجوهرات، أن تمنح لشركتها، المتخصصة في بيع وتصنيع المجوهرات العصرية المستوحاة من الفن المعماري والعراقة والفنون العربية عبر الإنترنت، اسماً مؤثراً يعكس عصراً تحارب فيه المرأة للحصول على حريتها ويسمح لها بتحقيق متطلباتها وأحلامها وعملها.
تقول سارة:«الكلمة تعني السيف، وهي كلمة تعني الكفاح فيجب على المرأة أن تحارب للحصول على حريتها وتفردها في مجتمع يريد تحجيمها عادة، ونحن نعيش في عصر يسمح لها بتحقيق متطلباتها وأحلامها وعملها. كنت أريد كلمة قوية وراء اسم العلامة التجارية وكان من المهم بالنسبة لي أن أجد شيئاً يدفعني لتأسيس الشركة واختيار اسم دالٍ عليها.»
وتضيف: «هذه الكلمة توحي بالحرب لأن تأسيس الشركة كان حلماً بالنسبة لي، كما أنني أعتبر الشركة فخراً لي لأن العمل عبادة. ياتاغان تكملني كسيدة وكأنها ابنتي التي رعيتها لترى العالم.»
التحديات
وترى سارة، التي بدأ شغفها بالمجوهرات منذ سن التاسعة بفضل والدتها التي عشقتها فصممتها وارتدتها في المنزل باستمرار، أن المرأة السعودية تواجه عدة تحديات في المجتمع السعودي، ستتغير مستقبلاً مع التطور الحالي للقطاع الخاص وبروز دور سيدات الأعمال من الجيل الجديد بشكل أوضح، في ظل مساعي الحكومة السعودية لتواجدها بمجالس الأعمال والغرف التجارية، وإن كان لابد من فتح المزيد من الأبواب لها لكي تؤدي دورها على نطاق أوسع.
توضح سارة: «كإمرأة سعودية يجب أن يكون لي سندٌ لكي أُكمل معاملاتي في الدوائر الحكومية. أي يجب أن يكون للمرأة وكيل، كالزوج أو الأب أو الأخ، لكي تذهب للدوائر المختصة من أجل إنهاء إجراءات التراخيص، وهو ما يعني أنه على المرأة أن تبقي على علاقاتها الطيبة مع أسرتها الممتدة تحسباً لهذا الأمر.»
وتضيف: «نحن نحيا في مجتمع محافظ وصغير وبحكم هذا الصغر يشجع بعضه بعضاً بيد أنه يتوقع أشياء معينة من المرأة. عانيت أنا و15 فتاة تخرجن معي في نفس الفترة، ورغم شعورنا بالسعادة لأننا التحقنا بالعمل، إلا أن الفتاة، مثلما قلت، لا تستطيع الذهاب إلى الجهات المختصة لإتمام معاملاتها بدون وكيل لها. قمت بتأسيس الشركة وأنا في لندن ومن هنا أيضاً كانت الصعوبة، كما لم يكن سهلاً توفير رأس المال لشركة مجوهرات وهذا شكل تحدياً إضافياً.»
وبالمقارنة مع السعودية، تشير سارة إلى قلة الوقت الذي تستغرقه السيدات السعوديات في تأسيس شركاتهن بدبي، ولكن السوق الإماراتي يُركز على متطلبات أخرى تتعلق بالترويج والاشتراك بالمعارض والاختلاط اجتماعياً لبناء قاعدة من العملاء ولتعريفهم بالمنتجات.
ومثلما تروي سارة تلك التحديات، يرى رأي اقتصادي أن سيدات الأعمال السعوديات لا يدخلن في مشروعات إنتاجية ضخمة لها مردود اقتصادي يُمكن قياس تأثيره مباشرة في الناتج المحلي، وإنما تذهب جُل الاستثمارات النسائية إلى القطاع العقاري التي يكون مردودها على الناتج المحلي أقل مساهمة من المشروعات الصناعية الإنتاجية.
كما أتى دور الثروات النسائية السعودية في المرتبة السابعة، ضمن 15 دولة عربية شملها تقرير عن مساهمة الثروات النسائية في الناتج المحلي، بينما احتلت الكويتيات المرتبة الأولى في حجم المساهمة الاقتصادية.
المساهمة في الناتج المحلي
وفيما تعترض سيدات سعوديات على هذه النظرية حيث لا يُمكن الربط بين كون السعوديات بالمرتبة الأولى في حجم الثروات وكونهن بالمرتبة السابعة في المساهمة الاقتصادية، يدل حجم الثروات على أن المرأة السعودية تمكنت من دخول مجالات متنوعة وتتمتع بقوة اقتصادية كسيدة أعمال مستثمرة قادرة على تحقيق أهدافها.
كما أنها تمكنت من تحقيق قفزة نوعية في سنوات قليلة جداً رغم التحديات، وربما في الأعوام المقبلة ستحتل مرتبة أولى من حيث المساهمة اقتصادياً، مع ضرورة توفير الفرص أمامها لكي ترتفع قيمة ونسبة مساهمتها التجارية والاقتصادية، بحسب رأيهن.
وتعلق سارة على ذلك بقولها:«تقدم الدولة تسهيلات أكثر للسيدات السعوديات ولكن لا تزال
هناك صعوبات. كل دولة تأخذ وقتها في تخطيها العقبات ورأينا قفزة بالسنوات الخمس الأخيرة في الفرص والمجالات التي دخلتها المرأة، كالمحاماة مثلاً، كما رأينا حماساً واندفاعاً من الفتيات تأثراً بالأجيال الحالية من سيدات الأعمال، ولو قارننا نسبة النمو السريع الذي تشهده مدينة دبي خليجياً في هذا المجال لما حققنا شيئاً. سعوديات كثيرات وجدن في دبي فرصة بسبب هذا النمو ولكن علينا أن نستمر لكي تتطور الأمور في المملكة.»
مستقبل جديد
ورغم تلك التحديات وذلك الكفاح والمساهمة النسائية المحدودة في الناتج المحلي، تبقى بارقة أمل حيث تشير إحصائيات وزارة التجارة السعودية في العام 2014 إلى ارتفاع عدد السجلات التجارية النسائية خلال الأعوام الماضية ليصل إلى نحو 100 ألف سجل تجاري بأسماء سيدات، فيما بلغ عدد السجلات التجارية المسجلة في السعودية، وفق أحدث التقارير، أكثر من 900 ألف سجل تجاري.
وهنا تتفق سارة مع الآراء النسائية السعودية التي تؤكد أن عدد السجلات التجارية يفوق 100 ألف سجل تجاري، والسبب يعود إلى معدل الارتفاع السنوي بالأرقام، والذي يتماشى مع خطة التنمية الاقتصادية، ليدل ذلك مرة أخرى على أن الأعوام الخمسة الأخيرة شهدت دخول المرأة إلى مجالات عديدة في قطاع الاستثمار الذي فتح أبواباً أمامها في قطاعات كانت مقتصرة على الرجال فقط.
وتوضح سارة:«أستطيع أن أؤكد زيادة عدد السجلات التجارية دون تفكير. من خلال تجربتي الشخصية، أعرف أكثر من 100 فتاة في عمر يتراوح بين الثلاثين إلى الثامنة والثلاثين قمن بتسجيل رخص تجارية. العدد في تزايد بلا شك.»
كما قدر تقرير سابق صادر عن بنك (غيت هاوس) البريطاني حجم الأموال النسائية في دول الخليج بنحو 1.125 تريليون ريال، حصة السعوديات منها قرابة 375 مليار ريال، هذه الأموال جُلها إما مودعة في حسابات بنكية أو في شركات عائلية أو مجمدة في العقارات.
وأشارت تقديرات اللجنة النسائية بمجلس الغرف السعودية إلى زيادة نمو حجم ثروات سيدات الأعمال لتصل إلى 20 %، بينما نمت الثروات النسائية السعودية خلال الفترة الماضية من 300 مليار ريال إلى 375 مليار ريال، فيما قدر تقرير للبنك الدولي إجمالي أرصدة السيدات السعوديات في المصارف المحلية بـ 60 مليار ريال، وإجمالي حجم ما تملكه سيدات الأعمال في السعودية بأكثر من 45 مليار ريال في البنوك السعودية، وقيمة الاستثمارات العقارية باسم السعوديات بنحو 120 مليار ريال.
وتقول سارة:«حوالي 80 % من النساء السعوديات، وبالذات المنتميات إلى الطبقة المتوسطة العليا، يستثمرن في مجال تصميم الثياب والعبايات والديكور المنزلي والمجوهرات لأن تلك المجالات تستهويهن، كما كان المجتمع محافظاً عبر السنوات في نواحٍ كثيرة، ما صّعب من دخولهن إلى مجالات غير مقبولة اجتماعياً، ونتج عن هذا طفرة في التعبير عن الذات، وكان الفن والتصميم، بطريقة أو أخرى، أحد منافذ التعبيرعن النفس.»
و يبقى عالم الأعمال والقطاع الحكومي السعودي أيضاً، بحسب قول سارة، شاهداً على تكمن بعض السيدات السعوديات من رئاسة الشركات ومن الوصول إلى المناصب الإدارية الوسطى أو إدارة الشركات العائلية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى أرقام متقدمة بفضل الأجيال الحالية من النساء اللواتي سيصبحن مُثلاً عليا للفتيات الصغيرات فيما بعد.
كما تتنبأ سارة بتغير وضع السيدات السعوديات في السنوات الخمس المقبلة، تماماً مثلما تغير الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالدولة السعودية حالياً تمنحهن دوراً أكبر في مجالات أوسع بالقطاعين الحكومي والخاص، لتتبوأن رئاسة المؤسسات والشركات الضخمة.
وقام القطاع الخاص أيضاً بتوظيف 400 ألف سيدة في العام 2014، فيما وصل عدد المنتسبات في الغرف التجارية لأكثر من 41 ألف منتسبة، ومثلت الشركات النسائية في ذلك العام 4.3 % من إجمالي عدد شركات القطاع الخاص السعودي.
تقول سارة:«في عالم الأعمال والمؤسسات الحكومية، نرى الكثيرات من رئيسات الشركات وليس فقط مديرات في الوظائف الإدارية الوسطى. أتوقع أن السنوات العشر الماضية، التي شهدت بروز جيلي من النساء، ستؤدي إلى الكثير من التغيير وستُصبحن علامة فارقة في تشكيل وعي الأجيال القادمة العاملة في القطاع الخاص، لنرى فيما بعد سيدات تستثمرن وتملكن أعمالاً في تخصصات جديدة ومجالات مختلفة.»
الشريك النائم
ومن المؤكد أيضاً أن كثيراً من سيدات الأعمال السعوديات، سواء اللواتي تنتمين للأجيال القديمة أو الحديثة، قمن بالمساهمة كشريك نائم أو شريك صامت، في العديد من الشركات التي تحولّت أخيراً إلى شركات مساهمة أو شركات قابضة أو شركات عائلية، بحسب تقارير اقتصادية متعددة.
وهنا يبرز السؤال الملح: ما هي فرص تحول سيدات الأعمال السعوديات من شريك نائم إلى شريك فاعل؟ وما الذي يدفعهن إلى ذلك؟
تقول سارة:«تفضلن الكثيرات من السعوديات الدخول في شراكات نائمة لأنها فرص تتيح لهن الاستثمار دون تمضية وقت طويل فعلي في مقار الشركات، خاصة أن الحياة الزوجية والأمومة أولويات لأكثرهن. ولكن أستطيع أن أضمن أن عدد الشريكات النائمات انخفض مثلاً إلى 4 من كل 10 سيدات لأنهن أصبحن يفضلن المشاركة الفاعلة في الاقتصاد.»
وأمام ما تقوله سارة، تشير التقارير إلى القدرات الإدارية النسائية، وخاصة عند الأجيال الجديدة، التي تسعى إلى الرغبة الشديدة في المشاركة الفعلية بقطاع الأعمال رغم أن الشراكات النائمة تتركز أغلبها في الشركات العائلية أو القطاع العقاري.
كما ترى التقارير أن المشاركة الحقيقية للمرأة السعودية في قطاع الأعمال ستتحقق بفاعلية أكبرعبر تمكين المرأة من المنافسة في سوق العمل دون مشاركة مستترة، مع ضرورة تنمية الفرص أمامها، وتحديها للعقبات، والأهم معرفة الإجراءات والتسلح بالثقافة القانونية التي تجعلها على معرفة بما يدور حولها في سوق العمل وما يصدر من قرارات.
ياتاغان للمجوهرات
وربما تصف هذه التقارير الأخيرة حالة سارة التي تمكنت من التحول إلى سيدة أعمال من ربة من منزل رغم صعوبة الأمر وكفاحها الدائم لتقسيم وقتها بين أعمالها وحياتها الزوجية وأمومتها.
ولتحقيق تلك المعادلة، قامت سارة بتأسيس مكتبها في جزء من منزلها بدبي، ما منحها المرونة في مواقيت ومواعيد لقائها مع عملائها، والقيام بواجباتها الأسرية، وتقليص تكلفة تأسيس المكاتب.
توضح سارة:«فضلت تأسيس الشركة بجزء من منزلي وركزت على التسوق الإلكتروني لكي تكون مواعيدي مرنة ولكي أعطي وقتاً أكبر لعملائي، واستعضت عن فكرة تأسيس المحلات بالاشتراك في المعارض التي تُقام خلال السنة.»
وبدأت سارة، المولعة بتصميم المجوهرات، شركتها بخمسة زبائن شجعوها على تأسيس الشركة رغم أن ذلك الأمر لم يكن حينها على سلم أولوياتها. ومنذ تأسيس الشركة في العام 2006، ارتفع عدد عملائها إلى 1000، وارتفعت نسبة نمو الشركة من 70إلى 80 %، فيما يُشكل 60 إلى 70 % من عملائها من الشباب، الذين يفضلون القطع الحديثة والخفيفة والبسيطة عن القطع الكلاسيكية، والأجيال الأكبر سناً التي تشتري المجوهرات للشباب أيضاً.
تقول:«بدأت بخواتم الخطبة والزواج ثم السوليتير وبالتأكيد يرتفع سعر القطع الكلاسيكية بحكم ارتفاع نسبة الألماس والذهب بها، ولكن مجموعاتي متوفرة للمناسبات الخاصة مثل الزواج والخطبة وبأسعار معقولة.»
من هذا المنطق، قامت سارة، التي تُصمم قطع المجوهرات بنفسها، بإطلاق مجموعتي (الله) و(إسمي) فيما تستعد خلال الشهرين القادمين إلى إطلاق مجموعات (حرفي) و(سبحتي) المرتبطة بأسماء الله الحسنى عند المسلمين، و(دبلتي) التي سيُحفر فيها أسماء الشريكين، المصنوعة من الأحجار الكريمة. «استخدم حرف الياء في مجموعاتي لكي أخلق علاقة شخصية مع عملائي من النساء والرجال والأطفال الذين يفضلون في وقتنا هذا الحصول على قطع خاصة بهم.»
ومع توسع الشركة أيضاً، بدأت سارة في إيصال المجوهرات إلى المنازل بدبي يومياً و إلى أبوظبي أسبوعياً، مع إمكانية إيصالها إلى الإمارات الشمالية والعين، بالإضافة إلى التواجد في جدة بالمملكة العربية السعودية عبر «ذا ستور» حيث يتم البيع و التسليم والدفع بتلك السلسلة فقط.
وفيما تقوم ياتاغان للمجوهرات بتسليم الطلبيات من 10 أيام إلى 3 أسابيع لعملائها، تقوم بتصنيع قطع المجوهرات في مصنعيها بهونج كونج وإيطاليا، اللذين يضما 25 عاملاً و موظفاً، فيما تقوم سارة بإصلاحات ما بعد التصنيع في مدينة دبي لكي تتمكن من الإشراف عليها بنفسها.
تستخدم سارة الألماس البلجيكي المعتمد من معهد الأحجار الكريمة الأمريكي GIA والذهب الإيطالي، فيما تتجه لتصنيع المجوهرات ذات الأوزان الكبيرة، كالأساور وخواتم الخطبة والزواج وقطع الألماس الكبيرة، في هونج كونج، فيما تقوم بتصنيع مجموعتي (الله) و (إسمي) اللاتي يحتجن إلى مهارة يدوية في إيطاليا.
و لتدعيم الثقة بين الشركة وعملائها، توضح سارة أنياتاغان للمجوهرات تقوم بإعطائهم شهادة جودة الألماس FLGVS لكل منتج يحتوي على أكثر من نصف قيراط، وفاتورة تحتوي على تفاصيل درجة الذهب، فيما تُباع 80 % من المجوهرات بأسعار تتراوح بين 600 إلى 3000 درهماً، كما ينحدر 90 % من عملائها من دول الخليج إلى جانب مجموعة من هونج كونج وإندونيسيا و البرازيل و أميركا و المجر و بريطانيا و روسيا.
وتؤكد سارة على تغير ذوق محبي المجوهرات في الخليج حيث استعاض العملاء عن شغفهم بالقطعة الجميلة فقط بالبحث عن المصمم والقصة والفكرة وراء تصميمها إلى جانب أهمية الحصول على قطعة فريدة خاصة به.
التجارة الإلكترونية
و مع تغيّر مفهوم التجارة الإلكترونية بشكل كامل بدءًا من العام 2007، عندما شهد العالم ثورة في الأجهزة والهواتف المحمولة مع إطلاق جهاز آيفون متبوعًا بأول هاتف ذكي يعمل بنظام أندرويد، كان لابد لسارة أن توسع نطاق العمل الإلكتروني لياتاغان للمجوهرات فتواجدت على إنستيغرام، وتويتير، وفيس بوك، و واتس آب، لتخاطب شريحة الشباب: عملائها الأساسيين.
تُعلق سارة:«عندما أسست شركتي شعرت بضرورة افتتاح محالاً في أبوظبي ودبي وجدة والرياض ولكنني عدلت عن الفكرة لأنني فضلت التوجه إلى التسوق الإلكتروني نظراً لشعبيته بين أجيال عملائي.»
وتضيف:«ليس لدينا متاجر و لن نقوم بافتتاح متاجر وتواجدنا على وسائل التواصل الاجتماعي. كان لهذا أثر في توسعنا ونجاحنا حيث يتناقل العملاء الحديث عن مجوهراتنا فيتواصلون معنا لشرائها أو يطلبون تصاميم محددة ننفذها لهم.»
ويعكس اتجاه ياتاغان للمجوهرات المرتكز على عالم التسوق الإلكتروني، أهمية و ضرورة التطبيقات التي يُمكن تثبيتها في الأجهزة الذكية المحمولة، والتي أصبحت المُحرك الأساسي لدفع عجلة نظامي آي أو إس من آبل وأندرويد من جوجل وأخرج بقية الأنظمة خارج السباق تقريبًا.
فبالفعل، غيّرت تلك التطبيقات طريقة التعامل مع الأجهزة الذكية والمحمولة ومفهوم التجارة الإلكترونية، وأدت إلى ظهور الكثير من المتاجر الإلكترونية العربية ، رغم أن أرقامها لا تتناسب طردًا مع عدد مُستخدمي الإنترنت في الوطن العربي بسبب عدة عوامل أهمها مشاكل الدفع الإلكتروني، والخصوصية والأمان، وانعدام الأسعار التنافسية، ما أدى إلى تعزيز ثقافة التسوق بشكل شخصي وليس بشكل افتراضي.
وتجيب سارة:«أغلب مبيعات منتجاتنا تتم عبر إنستيغرام بينما نستقبل الطلبات على خدمة واتس أب وفيس بوك. نقوم بإيصال الطلبات للمنازل ليدفع العملاء المبالغ عند الاستلام، وإن تعدت الطلبات 5000 درهم نطلب من العملاء إرسال حوالات بريدية ».
وفيما تعتبر سارة تلك الوسيلة المثلى لتلقي الطلبات، ترى التقارير التحليلية المتعددة أن الدفع واستلام الأموال من أكثر المشاكل التي تُؤرق مستخدمو الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط، فعلى الرغم من وفرتها في دول الخليج إلا أن سُكان بلاد الشام وشمال إفريقيا مازالوا يعانون حتى الآن من إيجاد وسيلة دفع إلكترونية تسمح بإرسال واستقبال الأموال بسهولة مثل تطبيق «باي بال» الذي يدعم منطقة الشرق الأوسط بشكل محدود. هنا تتوقف سارة قائلة:«نحن الآن بصدد إطلاق موقعنا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم وبعد التركيز على دول الخليج خلال العامين المقبلين سنتوجه إلى عملائنا في بريطانيا وأميركا. الأجيال الجديدة تتعلم بسرعة ومستعدة للدفع عن طريق بطاقات الإئتمان عبر الإنترنت. كما يُفضل الكثيرون الدفع عبر الحوالات البريدية ولا يُفضل البعض استخدام (باي بال) ولكن عند تأسيس موقع تسوق إلكتروني، علينا التفكير في الخيارات المتعددة لإرضاء العملاء.»
كما يجهل الكثيرون، مثلما تقول الدراسات، الفرق بين Http وHttps أو الفرق بين الدفع باستخدام منصّات الطرف الثالث وبوابات الدفع الإلكتروني الآمنة، ما يُبعد المُستخدم عن التسوق إلكترونيًا بسبب عدم ضمان مصير بيانات بطاقته الإلكترونية على الرغم من وجود بوابات دفع مربوطة مع شركات عالمية مثل فيزا أو ماستر كارد لا تسمح بإتمام عملية الدفع إلا من خلال كتابة رمز الأمان الذي يصل إلى هاتف المُستخدم. إلى جانب ذلك، تُعتبر الأسعار في مُعظم المتاجر الإلكترونية العربية هي نفسها في المحال التجارية، ما لا يُشجّع المُستخدم على شراء القطعة من الإنترنت عوضًا عن التوجه إلى المحال. تعلق سارة قائلة:«المسألة تعتمد على قطع المجوهرات التي يشتريها العملاء وبعض الشركات تضع أسعار منتجاتها ليشمل سعر الشحن فيما يضع البعض الآخر سعر المنتجات ويوضح نسبة الشحن التي سيتلقاها. الشراء قرار شخصي فالبعض يفضل ألا يستنفذ رصيده الائتماني المتبقي بينما يُنفق الآخرون حدهم الائتماني على المشتريات عبرالإنترنت دون تفكير في المبلغ المتبقي.»
وسواء اعتبرت أو لم تعتبر الدراسات غياب وسائل الدفع واستلام الأموال عبر الإنترنت من أكبر عوائق التسوق الإلكتروني، تتحمس سارة لانتشار التسوق الإلكتروني بشكل واسع في دول الخليج منذ خمس سنوات، حيث «كان من المستحيل للمرأة الخليجية أن تشتري أية منتجات عبر الإنترنت، فيما عدا العلامات التجارية العالمية الشهيرة. كان الأمر غريباً و لم يكن اعتيادياً حيث كانت تُفضل أن تذهب إلى محال المجوهرات بنفسها لكي تدقق في تفاصيل القطعة ولكن مع انتشار التسوق الإلكتروني، أصبحت الفكرة مقبولة.»
وتضيف سارة:«أستطيع أن أقول إن تجربة شراء 80 % من عملائنا عن طريق ياتاغان للمجوهرات كانت الأولى لهم عبر الإنترنت، حيث يعتمد شراء الألماس والذهب إلكترونياً على الثقة أولاً. ولكي نصل إلى هذه المرحلة، كان علينا أن نمنح عملائنا وقتاً أكبر، وكانت المعاملات والإجراءات تستغرق وقتاً أطول عن تلك التي في المحال لكي يطمئن عملاؤنا ولكي يقومون بشراء منتجاتنا مرة أخرى. كما نقوم دائماً بالتأكد من مواصفات الذهب والألماس الموجودة في الصور التي نعرضها.»
وفي مقابل كل ذلك، و حتى مع توفر وسائل الدفع و الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، تبقى ثقافة التسوق الإلكتروني غائبة عربياً، في ما عدا دول الخليج، وبحاجة إلى تبني أفكار جديدة من أجل دفع عجلة التجارة عبر شبكة الإنترنت وتشجيع المتاجر الإلكترونية العالمية على تواجدها عربياً.