مع تصاعد الخلاف بين الحكومة الفيدرالية الأمريكية وسلطات ولاية تكساس، بسبب أزمة المهاجرين وطريقة علاجها، خرجت بعض التقارير التي تنضوي جميعها تحت فكرة رئيسية وهي، “هل تنفصل تكساس عن الولايات المتحدة وما الذي ستخسره أمريكا؟”.
بالفعل يوجد في تكساس حركات تدعو إلى الاستقلال، لكن هذه المساعي فشلت دائما في تحقيق أهدافها على مر تاريخ انضمام تكساس لأمريكا.
ما الذي فجر أزمة المهاجرين مجددا؟

بالعودة إلى شهر مارس من العام 2021، أطلق حاكم تكساس عملية تسمى “لون ستار”، لنشر عناصر من الحرس الوطني في تكساس، وإدارة تكساس للسلامة العامة (DPS)، وغيرهم، ونشر أسلاك شائكة، للحد من أعداد المهاجرين غير الشرعيين.
وبعد أكثر من عامين وتحديدا في سبتمبر 2023، بدأت الحكومة الفيدرالية في قطع الأسلاك الشائكة على طول ضفة نهر ريو غراندي، ما دفع ولاية تكساس لرفع دعوى قضائية في 24 أكتوبر أمام المحكمة الفيدرالية لمنع حرس الحدود من قطع الأسلاك، ودخل الجانبان سجالا قانونيا في المحاكم.
لكن ولاية تكساس بادرت في 10 يناير بوضع يدها على متنزه شيلبي، المملوك لمدينة إيغل باس، والمتاخم لنهر ريو غراندي، ثم قامت ببناء سياج حول المنتزه ومنع حرس الحدود الفيدرالي من الوصول إلى مرافق المنتزه.
ووفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية، الخلاف يدور حول من له السلطة على هذا الجزء من الحدود مع المكسيك. وفي 12 يناير، زادت حدة الخلاف مرة أخرى، بعدما غرق طفلان، وامرأة في جزء قريب من نهر ريو غراندي.

ويوم الإثنين، الموافق 22 يناير الجاري، أكدت المحكمة العليا أن الحكومة الفيدرالية لديها سلطة إزالة الأسلاك الشائكة التي قامت ولاية تكساس بتركيبها على الحدود الجنوبية.
لكن حاكم ولاية تكساس رفض تطبيق القرار، وقال إنه يزيد من دوريات حرس الحدود، ويضيف المزيد من الحواجز، والأسلاك الشائكة.
وهذا الخلاف أثار العديد من التساؤلات بشأن اقتصاد ولاية تكساس، وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي؟، حتى ولو كان افتراضا جدليا.
وفق أحدث الأرقام الرسمية، فاقتصاد ولاية تكساس يتفوق على العديد من دول العالم، بناتج محلي إجمالي يبلغ 2.4 تريليون دولار، كما أنها تمتلك أكبر قوى عمل بشرية على وجه الأرض، كما أنها مركز الطاقة في أمريكا، وهو ما يمنحها قوة استثنائية بين اقتصادات الولايات الأمريكية، وذلك بخلاف قوتها السياسية حيث تمتلك ثاني أكبر عدد من الأصوات الانتخابية ومقاعد في الكونغرس.
المركز الثاني بين ولايات أمريكا من حيث الحجم والسكان
يبلغ عدد سكان ولاية تكساس أكثر من 30 مليون نسمة، لتلحق بولاية كاليفورنيا باعتبارها الولاية الأخرى الوحيدة في أمريكا التي وصلت إلى الثلاثينات، وهو ما يمنحها نفوذا كبيرا في المشهد السياسي، كما أن حجمها يجعلها واحدة من أهم المواقع لاقتصاد أمريكا، وسوق العمل والصناعات الرئيسية.
اقتصاد متنوع

يعتبر اقتصاد ولاية تكساس الأكثر تنوعا بين الولايات الأخرى، ويحتل اقتصاد تكساس المرتبة الثانية من حيث الحجم (2.4 تريليون دولار). ورغم أنها تتميز أيضا في الصناعات البتروكيماوية وتربية الماشية والصناعات التابعة لها هائلة، إلا أن هناك العديد من الصناعات القوية الأخرى في الولاية.
وكما أن أحد أهم الأسباب لوضع تكساس الاقتصادي، هي أنها تعد موطن لثاني أكبر قوة عمل مدنية على هذا الكوكب (أكثر من 14 مليون شخص). وفي تكساس لا توجد ضريبة دخل، مما يجعلها مكاناً جذاباً للموظفين والشركات.
وتقدم أيضا الشركات عروضا مغرية لعمالها، مما يزيد من تحفيز الاقتصاد وتسريع نموه، كما أنها واحدة من 7 ولايات فقط يشعر فيها العمال بالقيمة الإجمالية لراتبهم.
وخلال 2023، وفرت تكساس أكثر من نصف مليون فرصة عمل جديدة أي أكثر من أي ولاية أميركية أخرى.
ويبلغ معدل خلق فرص العمل حوالي 4% سنوياً، وهو أعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ 2.7%.
البطالة مستقرة
سجل معدل البطالة في تكساس نحو 4.1%، مما يعني أن معظم القوى العاملة البالغ عددها 14 مليون شخص لديها وظيفة.
ورغم أنه خلال عقدين من الزمن، قادت تكساس النمو السكاني في البلاد، إلا أن فرص العمل الجديدة شجع تدفق العمال، والأسر.
مركز الطاقة في أمريكا

يبلغ إنتاج تكساس نحو نصف نفط الولايات المتحدة، وحوالي ربع الغاز الطبيعي، حيث تمثل 42% من النفط الخام، و27% من إنتاج الغاز الطبيعي على مستوى البلاد، كما تقوم تكساس أيضاً بتكرير حوالي 33% من النفط في أمريكا سنوياً.
وتعد تكساس الولاية الرائدة في مجال طاقة الرياح، والثانية في مجال الطاقة الشمسية، حيث تجاوزت طاقة الرياح توليد الطاقة النووية والطاقة التي تعمل بالفحم في تكساس خلال العقود القليلة الماضية.
الفضاء
تحتل تكساس المرتبة الأولى في أمريكا من حيث التوظيف في صناعات الفضاء والطيران، حيث يعمل بها نحو 148 ألف شخص بشكل مباشر في هذه الصناعات، عبر 1400 منظمة.
كما يوجد في تكساس 1450 مطاراً (خاصاً وعاماً)، وصناعة الطيران في تكساس جعلتها الموقع الأكثر تفضيلاً لأعمال الفضاء الجوي.
وأيضا تعد تكساس موطناً لمركز ليندون جونسون الفضائي التابع لناسا (هيوستن)، وهو مركز التحكم الأكثر أهمية لتدشين مهمات فضائية متعددة من الولايات المتحدة.
نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي
تظهر أحدث البيانات أن النمو الاقتصادي في ولاية تكساس أعلى من النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بشكل عام، حيث احتلت المرتبة الثانية في النمو الاقتصادي بين الولايات.
وفي الربع الثالث من عام 2023، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لولاية تكساس 7.7% سنويًا، مقارنة بـ 4.9% في الربع السابق.
النمو الاقتصادي حسب الصناعة
في الربع الثالث من عام 2023، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للزراعة والغابات وصيد الأسماك والصيد في تكساس 32.8% سنويًا، وهو الأعلى في الولاية.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتكساس 2.5 تريليون دولار من السلع والخدمات سنويًا، كما بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعقارات في تكساس 335.6 مليار دولار سنويًا (معدل موسميًا)، وهو الأعلى في الولاية.
حصة تكساس من الاقتصاد الأمريكي
وفي الربع الثالث من عام 2023، شكلت ولاية تكساس 9.1% من الاقتصاد الأمريكي.