Posted inسينما وتلفزيونآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنس

الخدمات السحابية تعيد صياغة مستقبل صناعة السينما والتلفزيون

في خضم هذه الثورة الرقمية، يبدو أن صناعة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني تقف على أعتاب عصر جديد من الإبداع والابتكار. من خلال تبني الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي.

الخدمات السحابية تعيد صياغة مستقبل صناعة السينما والتلفزيون

في قلب هوليوود الرقمي النابض، حيث تتلاقى التكنولوجيا والإبداع، بدأ عصر جديد للإنتاج السينمائي والتلفزيوني. عصر الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي، حيث تتلاشى الحدود بين الواقع والخيال، وتتحول الأحلام إلى مشاهد سينمائية مذهلة بلمسة زر.

في استوديوهات الإنتاج الضخمة، لم تعد الكاميرات التقليدية هي الملك. بل أصبحت الكاميرات المتصلة بالإنترنت هي العين السحرية التي تنقل المشاهد مباشرة إلى عالم السحابة الرقمية. وبفضل سرعة النطاق الترددي الفائقة، أصبحت عملية نقل الملفات الضخمة والمؤثرات البصرية المعقدة سلسة وفعالة كما لم يحدث من قبل.

لم تعد استوديوهات الإنتاج الضخمة والمكلفة هي القاعدة. بفضل قوة الحوسبة السحابية، أصبحت عملية التصوير والتحرير والمونتاج أسرع وأكثر كفاءة من أي وقت مضى. وبات بإمكان المخرجين والمنتجين الآن الوصول إلى موارد الحوسبة الهائلة وتخزين كميات ضخمة من البيانات دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية.

في غرفة التحرير، لم يعد المونتاج مهمة شاقة تستغرق أيامًا وأسابيع. بفضل قوة المعالجة الهائلة في الخدمات السحابية، وأصبح بإمكان المحررين العمل معًا في الوقت الفعلي، وتطبيق المؤثرات البصرية المذهلة، وإضافة الموسيقى التصويرية الأصلية بلمح البصر.

الخدمات السحابية أحدثت ثورة في صناعة السينما

وقالت كاترينا كينغ – قائدة الاستراتيجية العالمية – إنتاج المحتوى في أمازون لخدمات الحوسبة السحابية (AWS) في حوار مع “أريبيان بزنس” حول التقنيات الجديدة التي ترى أنها ستغير مستقبل الفيديو: “في الحقيقة، نحن نعمل الآن على تمكين الإنتاج الكامل في الخدمات السحابية. وقد نجحنا في ذلك تقنياً. في السابق، كانت هناك مشاكل في التحرير والعرض. كانت هذه مجالات عملنا الرئيسية لسنوات. لكن الآن أصبح بإمكاننا إجراء محادثات جادة مع الاستديوهات حول إمكانية الإنتاج الكامل في الخدمات السحابية. قبل ثلاث سنوات، جلسنا وقلنا: “دعونا نقيّم تقنياتنا بصراحة ونرى ما نحتاج لتحسينه”. حددنا مجالين مختلفين، وهما، بشكل مثير للاهتمام، بداية العملية، حيث كانت الأشياء التي تعيق الإنتاج الكامل”.

وتعد الخدمات السحابية المحرك الأساسي وراء التحول الرقمي في مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني. إذ تمكنت الشركات من تقليص التكاليف الباهظة المرتبطة بالبنية التحتية التقليدية مثل التخزين والأجهزة الحاسوبية القوية. بدلاً من ذلك، أصبحت عمليات التحرير، والمؤثرات البصرية، وتخزين البيانات تتم عبر الإنترنت.

وتحدثت كينغ عن المشكلات التقنية التي كانت تواجه الانتاج في السابق فقالت: “كنا نعاني من كيفية نقل الملفات إلى الخدمات السحابية. فالكاميرات الحديثة تنتج ملفات ضخمة جداً. وفي السنوات الأخيرة تحسنت سرعات الإنترنت كثيراً ما ساعدنا، وقامت شركات مثل Sohonet وPacket Fabric، وهما شريكتان لنا، بتوفير اتصالات إنترنت سريعة جداً لمواقع التصوير. هذا حل مشكلة سرعة الإنترنت. والمشكلة الثانية كانت كيفية نقل الملفات بكفاءة إلى السحابة. الآن، يمكن للكاميرات الاتصال مباشرة بالإنترنت، وبمجرد الانتهاء من التصوير، ترفع الملفات مباشرة إلى خدمة التخزين السحابي. في العام الماضي، عرضنا هذا في مؤتمر NAB باستخدام سيارة في جناحنا. كان بإمكان الزوار دخول السيارة، وتمثيل مشهد، وفور انتهائهم، يمكنهم رؤية لقطاتهم في برنامج Adobe Premiere.

التقنيات الحديثة سهلت عملية الانتاج

ولم يعد “المونتاج” النهائي للفيلم مهمة معقدة تتطلب أجهزة متخصصة ومختبرات معقدة. بفضل تقنيات الاتصال عن بعد المتطورة، أصبح بإمكان المخرجين والمنتجين والفنيين العمل معًا من أي مكان في العالم، ومراقبة جودة الصورة والصوت بدقة عالية، والتأكد من أن كل مشهد يعكس الرؤية الفنية بأدق التفاصيل.

وأشارت كينغ إلى هذا الموضوع بقولها: “في السابق، حتى لو نقلت كل ملفاتك إلى السحابة، كنت لا تزال مقيداً لأن المراحل النهائية كانت تتم في المختبر أو شركة متخصصة. كانت أكبر مشكلة هي الاتصال عن بعد بشاشات المراقبة عالية الجودة. لم نكن قادرين على توصيل شاشة مراقبة بجهاز بعيد دون فقدان جودة الصورة. لذلك، استخدمنا بعض أدوات البث لدينا، وعملنا مع شركات مثل Filmlight وElemental وEvertz وRiddell لإنشاء نظام يسمح بمراقبة الصورة عن بعد بجودة عالية جداً وبدون أي تأخير. اليوم، يمكنك توصيل شاشة مراقبة Sony عالية الجودة بجهاز بعيد والحصول على صورة مثالية بدون أي تأخير”.

الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة

يأخذ الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في كل مراحل الإنتاج، من كتابة السيناريوهات إلى تصميم الشخصيات والتحليل التنبؤي للجمهور. وأصبح من الشائع الآن استخدام برامج مثل “سينابتيك كرييتور” التي تساعد الكتاب في تطوير حبكات قصصية معقدة بناءً على تحليل بيانات الجمهور والاتجاهات السائدة.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. فالذكاء الاصطناعي دخل إلى عالم الإنتاج السينمائي والتلفزيوني بقوة، ليغير قواعد اللعبة بشكل جذري. لم يعد الفنانون مضطرين لقضاء ساعات طويلة في مهام روتينية مثل تحديد الأجسام المتحركة وإزالة العيوب البصرية. بفضل خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، أصبحت هذه المهام تتم تلقائيًا وبكفاءة عالية، مما يتيح للفنانين التركيز على الجانب الإبداعي وإخراج أفضل ما لديهم.

ومن بين الاستخدامات البارزة للذكاء الاصطناعي في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني هو تصميم المؤثرات البصرية والشخصيات الرقمية. بفضل الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان خلق عوالم افتراضية وشخصيات واقعية تماماً كما لو كانت حقيقية.

ولفتت كينغ إلى أن هناك رؤية مستقبلية وضعتها 5 استوديوهات كبرى في هوليوود بشأن خصوصية البيانات في إنتاج المحتوى تحت اسم ” Movie Labs 2030″، وتوقعت أن يكون كل شيء في الخدمات السحابية بحلول عام 2030. وأكدت أن هذه الخدمة ستوفربيئة يتحكم فيها الاستديو ضمن نظام آمن للمحتوى لم نعهده من قبل، وأنه سيقوم بحفظ كل شيء في مكان واحد والسماح للمختصين في الاستديو بالتحكم في الوصول إلى الملفات، كما يمكن للاستديوهات السيطرة الكاملة على أمن محتواها عالمياً.

رؤية تتيح مزيدًا من الأمان

واعتبرت أن رؤية Movie Lab 2030 ستتيج كفاءة عالية كما ستسمح بالعمل مع موظفين من كل أنحاء العالم. وأعطت مثالًا على ذلك، بأن مصحح الألوان لفيلم “سيد الخواتم” (The Lord of the Rings)  انتقل للعيش في ولاية أيداهو لأنه أصبح بإمكانه العمل عن بعد بفضل الخدمات السحابية.

ولكن مع كل هذه التطورات المذهلة، برزت تساؤلات حول مستقبل صناعة السينما والتلفزيون. هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الفنانين والمبدعين؟ هل سنشهد يومًا ما فيلمًا كاملاً مكتوبًا ومصنوعًا بواسطة الذكاء الاصطناعي؟

الإجابة هي لا. فالذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للإبداع البشري، بل هو أداة قوية تساعد الفنانين على تحقيق رؤيتهم الإبداعية بشكل أفضل وأسرع وأكثر فعالية. سيظل الفنانون هم القوة الدافعة وراء صناعة السينما والتلفزيون، ولكن بمساعدة الذكاء الاصطناعي، سيصبحون قادرين على تحقيق إنجازات لم تكن ممكنة في السابق.

وعن تاثيرات الذكاء الاصطناعي الإيجابية والسلبية على قطاع الانتاج السينمائي والتلفزيوني قالت: “الذكاء الاصطناعي يساعد الفنانين على أن يكونوا أكثر إبداعاً بتولي المهام الروتينية المملة. سيظل الفنانون دائماً الأهم، لكن الذكاء الاصطناعي يمكنه القيام بمهام مثل تحديد حدود الأشياء في الصور، مما يتيح للفنانين التركيز على الإبداع والمنتج النهائي”.

فرص جديدة

وأضافت: “الذكاء الاصطناعي سيخلق فرصاً للأشخاص الذين يتعلمون كيفية استخدامه لتسهيل عملهم. الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي يتم تدريبها واستخدامها في الخدمات السحابية. في مؤتمرNAB، استخدمنا الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول خلال العملية، مثل إنشاء صورة كرتونية لكوكب زحل. هذا جعل العمل أسهل وسمح لنا بإنجاز المشاريع بسرعة وكفاءة أكبر، مع التركيز أكثر على الإبداع”.

مع استمرار التطور التكنولوجي بوتيرة متسارعة، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من الابتكارات المذهلة في عالم الإنتاج السينمائي والتلفزيوني. ستصبح الأفلام والمسلسلات أكثر واقعية وتفاعلية، وستتمكن الجماهير من الانغماس في عوالم جديدة ومثيرة لم يسبق لها مثيل.

من المتوقع أن يستمر التكامل بين السحابة والذكاء الاصطناعي في صناعة الترفيه في النمو والتطور. سنشهد المزيد من الأفلام والمسلسلات التي يتم إنتاجها بشكل كامل في السحابة، مع استخدام الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل الإنتاج.

إن صناعة السينما والتلفزيون في عصر الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي هي صناعة ديناميكية ومثيرة. إنها صناعة تتبنى التغيير وتستثمر في المستقبل. وعلى الرغم من التحديات، فإن الفرص المتاحة هائلة، ومن المتوقع أن يشهد هذا المجال نموًا وازدهارًا كبيرًا في السنوات القادمة.

ولكن في خضم كل هذه التطورات، يجب علينا ألا ننسى جوهر صناعة السينما والتلفزيون: سرد القصص التي تلهمنا، وتثير فينا المشاعر، وتجعلنا نفكر في العالم من حولنا بشكل مختلف. فالذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية ليست سوى أدوات في أيدي المبدعين، ولكن القوة الحقيقية تكمن في القصص التي يروونها.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
مجد البهو

مجد البهو

مجد البهو، رئيس تحرير مجلة "أرابيان بزنس"، هو خريج في الصحافة مع تخصص فرعي في العلوم السياسية من جامعة بيرزيت في...