Posted inسوق العملآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسأسواق المالأعمالدولعمل

طوكيو تتبنى أسبوع العمل من 4 أيام

تُعرف اليابان تاريخياً بثقافة عمل شاقة ومتطلبة، حيث يُنسب لإدمان العمل والتفاني فيه الفضل في تحقيق النمو الاقتصادي الملحوظ والتعافي الوطني بعد الحرب العالمية الثانية.

طوكيو

تسعى العاصمة اليابانية طوكيو إلى اعتماد نظام العمل المختصر من أربعة أيام في الأسبوع، في خطوة تهدف إلى تحسين التوازن بين الحياة والعمل ومواجهة التحديات الديموغرافية المتمثلة في انخفاض معدلات المواليد ونقص العمالة.

اقترحت عمدة طوكيو يوريكو كويكي مؤخراً تطبيق هذا النظام على موظفي الحكومة في العاصمة بدءاً من شهر أبريل، كجزء من استراتيجية وطنية أوسع لتشجيع الإنجاب وتحسين ظروف العمل. وتأتي هذه المبادرة في ظل دعم حكومي متزايد لأساليب العمل المرنة، مع تحول ملحوظ في ثقافة العمل اليابانية التقليدية المعروفة بساعات العمل الطويلة والالتزام المفرط بالعمل.

تُعرف اليابان تاريخياً بثقافة عمل شاقة ومتطلبة، حيث يُنسب لإدمان العمل والتفاني فيه الفضل في تحقيق النمو الاقتصادي الملحوظ والتعافي الوطني بعد الحرب العالمية الثانية. لعقود طويلة، كانت ساعات العمل الطويلة والإهمال النسبي للحياة الشخصية سمة مميزة للعمالة اليابانية، مما أدى إلى ظهور مصطلحات مثل “العمل حتى الموت” الذي يصف حالات الوفاة المرتبطة بالإرهاق من العمل.

على الرغم من أن غالبية أصحاب العمل (حوالي 85%) يفيدون بأنهم يمنحون عمالهم يومين إجازة في الأسبوع، إلا أن الواقع العملي غالباً ما يكون مختلفاً، حيث يقوم العديد من الموظفين بـ “عمل إضافي للخدمة” – وهو عمل إضافي لا يتم الإبلاغ عنه ولا يتم تعويضه مالياً.

بدأت الحكومة اليابانية في تغيير هذا النهج تدريجياً، حيث أعربت لأول مرة عن دعمها لأسبوع عمل أقصر في عام 2021 بعد تأييد المشرعين للفكرة. ومع ذلك، كان التقدم في تبني هذا النموذج بطيئاً نسبياً، مما دفع السلطات إلى تكثيف جهودها لتشجيع اعتماد أسابيع عمل أقصر. هذا التحول يمثل إعادة تقييم جذرية للقيم العملية التي سادت اليابان لعقود، ويعكس الاعتراف بالحاجة إلى تغيير هذه الثقافة لمواجهة التحديات المعاصرة.

استجابة الشركات اليابانية للتغييرات المقترحة

رغم الدعم الحكومي، لا تزال نسبة الشركات التي تتبنى أسبوع العمل المختصر محدودة. تشير البيانات الرسمية إلى أن حوالي 8% فقط من الشركات في اليابان تسمح لموظفيها بأخذ إجازة لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع، في حين تمنح 7% منها عمالها يوم إجازة قانوني واحد فقط، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية. هذه الأرقام تعكس التحديات التي تواجهها عملية تغيير ثقافة العمل الراسخة في المجتمع الياباني.

تعد شركة باناسونيك القابضة من الشركات الكبرى التي بدأت في تجربة أسبوع العمل المكون من أربعة أيام. ومع ذلك، من بين 63,000 موظف مؤهل للحصول على جداول عمل مختصرة في الشركة وشركاتها التابعة في اليابان، اختار 150 موظفاً فقط الاستفادة من هذا الخيار. هذا يبرز التردد الثقافي في الابتعاد عن أنماط العمل التقليدية، حتى عندما تكون الخيارات البديلة متاحة رسمياً.

مبادرة طوكيو ودوافعها الديموغرافية

اقترحت عمدة طوكيو يوريكو كويكي مؤخراً تطبيق “أسبوع عمل مختصر” من أربعة أيام لموظفي الحكومة في العاصمة، كجزء من استراتيجية أوسع لمعالجة التحديات الديموغرافية التي تواجه اليابان. من المقرر أن يبدأ تنفيذ هذه المبادرة في أبريل، مما سيمنح الموظفين المدنيين في حكومة طوكيو خيار العمل لأربعة أيام فقط في الأسبوع.

تأتي هذه المبادرة في سياق حملة وطنية للتشجيع على الإنجاب، حيث وصف رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا معدل المواليد المنخفض في اليابان بأنه “حالة طوارئ هادئة”. هناك اعتقاد بأن الأعباء التي تقع على الأمهات العاملات فيما يخص تربية الأطفال تشكل السبب الرئيسي لندرة الأطفال في المجتمع الياباني، مما دفع الحكومة إلى تبني سياسات مثل ساعات العمل المرنة وأسبوع العمل المختصر لتشجيع الإنجاب وتحسين التوازن بين العمل والحياة الأسرية.

الدوافع الاقتصادية وتمكين المرأة

أكدت كويكي في خطاب سياسي أمام الجمعية الوطنية اليابانية أن “التأخر في تمكين المرأة هو قضية قديمة في اليابان”، مشيرة إلى الحاجة إلى “التغلب على الوضع الراهن وجعل المجتمع أكثر شمولاً”. هذه التصريحات تعكس الاعتراف بأن تحسين ظروف عمل المرأة وتمكينها اقتصادياً يمثل عنصراً أساسياً في استراتيجية معالجة التحديات الديموغرافية التي تواجهها اليابان.

تسعى مبادرة أسبوع العمل المختصر إلى تحقيق هدفين رئيسيين: أولاً، تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية للموظفين بشكل عام، وثانياً، تخفيف الأعباء على الأمهات العاملات على وجه الخصوص. من خلال منح المزيد من الوقت للحياة الشخصية والأسرية، تأمل السلطات في تشجيع المزيد من الأزواج على إنجاب أطفال، وبالتالي معالجة مشكلة انخفاض معدل المواليد التي تهدد النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في اليابان على المدى الطويل.

حملة “إصلاح أسلوب العمل” الحكومية

لتسريع عملية تبني أساليب العمل المرنة، أطلقت الحكومة اليابانية حملة “إصلاح أسلوب العمل” التي تهدف إلى تشجيع تقليل ساعات العمل وتبني ترتيبات عمل أكثر مرونة، إلى جانب فرض حدود على العمل الإضافي وضمان الإجازات السنوية مدفوعة الأجر. تركز هذه الحملة بشكل خاص على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الياباني ولكنها غالباً ما تكون أكثر تردداً في تبني أساليب عمل جديدة.

كجزء من هذه الحملة، بدأت وزارة العمل مؤخراً في تقديم استشارات مجانية ومنح للشركات التي تتبنى أساليب عمل أكثر مرونة، كما أنشأت مكتبة متنامية من قصص النجاح لتحفيز المزيد من الشركات على اتباع هذا النهج. هذه المبادرات تعكس إدراك الحكومة لأهمية تقديم حوافز ودعم ملموس للشركات لتشجيعها على تغيير ممارسات العمل التقليدية.

رغم الدعم الحكومي والمبادرات المختلفة، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام التبني الواسع لأسبوع العمل من أربعة أيام في اليابان. من بين هذه التحديات، تبرز القواعد الثقافية والاجتماعية الراسخة التي تقدر التفاني في العمل وتعتبر الساعات الطويلة دليلاً على الالتزام والإخلاص.

في المجتمع الياباني التقليدي، غالباً ما يأخذ الموظفون إجازاتهم في نفس الفترات من العام التي يقضيها زملاؤهم، مثل عطلات الصيف ورأس السنة الجديدة، تجنباً لاتهامهم بالإهمال أو عدم الاهتمام. هذا الضغط الاجتماعي يمكن أن يشكل عائقاً أمام الموظفين الذين يرغبون في الاستفادة من خيارات العمل المرنة المتاحة لهم رسمياً.

التأثيرات المتوقعة والآفاق المستقبلية

من المتوقع أن يكون لتبني أسبوع العمل من أربعة أيام تأثيرات متعددة على المجتمع والاقتصاد الياباني. على المستوى الفردي، يمكن أن يؤدي إلى تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتقليل مستويات الإجهاد، وزيادة الرضا الوظيفي. على المستوى الأسري، قد يساهم في زيادة الوقت المخصص للعناية بالأطفال والمشاركة في الحياة الأسرية، مما قد يشجع المزيد من الأزواج على إنجاب أطفال.

على المستوى الاقتصادي، هناك آمال بأن تساعد هذه السياسات في معالجة مشكلة نقص العمالة من خلال جذب المزيد من النساء والعاملين المسنين إلى سوق العمل، وكذلك تحسين الإنتاجية من خلال تقليل الإرهاق وزيادة التركيز أثناء ساعات العمل الفعلية.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
فريق التحرير

فريق التحرير

فريق تحرير أربيان بزنس يمثل مجموعة من المحترفين. يجمع الفريق بين الخبرة الواسعة والرؤية الابتكارية في عالم الصحافة...