أعلن فريق أكسفورد/ أسترازينيكا الخاص بإنتاج لقاح جديد لفيروس كورونا المستجد عن إقامة مؤتمر افتراضي خاص حول لقاح لمرض كوفيد-19 الذي دخل في مرحلته السريرية الثالثة والأخيرة في مطلع الشهر المقبل.
وقال الدكتور أحمد محمود سالمان، وهو دكتور ومدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد إدوارد جينر، وزميل كلية كيلوج بجامعة أكسفورد بإنجلترا لأريبيان بزنس إنه نيابة عن اللجنة المنظمة للمؤتمر؛ يسعدني ويشرفني دعوة سيادتكم للتسجيل في المؤتمر الافتراضي عن لقاحات (كوفيد-19) يومي 4 و5 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 من الساعة 11:45 صباحًا بتوقيت المملكة المتحدة (3:45 مساءً بتوقيت دبي).
وأوضح الدكتور أحمد وهو الباحث العربي الوحيد المشارك في فريق جامعة أوكسفورد البريطانية؛ العريقة في إنتاج اللقاحات، أن التسجيل في المؤتمر الافتراضي مجاني ويمكن الحضور والاستماع إلى المحاضرات من أي مكان في العالم عن طريق تطبيق زووم (ZOOM) أو البث المباشر على صفحة المؤتمر على موقع يوتيوب.
وأضاف “نرحب بجميع السادة الحضور من جميع أنحاء العالم بما في ذلك الجمهور من الأوساط الأكاديمية، والصناعية، والإعلام، والجمهور غير الأكاديمي وغير المتخصص، والطلبة، وجميع أطياف المجتمع. نحن نهدف في هذا المؤتمر إلى تسليط الضوء على جميع القضايا والتحديثات ذات الصلة حول الجهود العالمية المبذولة لتطوير لقاحات كوفيد-19، والتجارب السريرية وتمويل وتصنيع وتوزيع اللقاحات عالمياً”.
وسيضم المؤتمر عدة متحدثين رئيسيين يقودون أبحاث لقاحات كوفيد-19 “الأكثر تقدماً في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على مستوى العالم بما في ذلك متحدثين عن لقاح جامعة أكسفورد/أسترازينيكا البريطاني (بروفيسور أدريان هيل وبروفيسور سارة جيلبرت)، ولقاح موديرنا الأمريكي، ولقاح شركة جونسون أند جونسون، واللقاح الصيني، والروسي وغيرها من اللقاحات، بالإضافة إلى منظمات تمويل أبحاث وتصنيع اللقاحات الدولية مثل CEPI ومؤسسة GATES الخيرية وغيرهما من الشركات المصنعة للقاحات”.
ومن خلال الرابط:
https://globalcovid19vaccines.com/
يمكن التسجيل والاطلاع على مزيد من التفاصيل حول المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر، واللجنة المنظمة، والبرنامج، والجهات الراعية للمؤتمر على صفحة الموقع الإلكتروني للمؤتمر.
إنتاج لقاح لكوفيد-19 سيبدأ أواخر 2020
وكان الدكتور أحمد سالمان أكد، في أغسطس/آب الماضي، على أن فريق أكسفورد اقترب كثيراً من الإعلان عن لقاح خاص بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتوقع آنذاك أن يتم الكشف عنه في نهاية سبتمبر/أيلول 2020 أو بداية أكتوبر/تشرين الأول 2020، وأن يبدأ تصنيعه في أواخر العام الجاري أو بداية 2021.
وتشكل فريق أوكسفورد الخاص بإجراء أبحاث لإيجاد لقاح لمرض كوفيد-19 في مطلع يناير/كانون الثاني العام 2020، ويضم الفريق بين 300 و400 باحث وعالم متخصص في علم المناعة وتطوير اللقاحات من وخارج معهد إدوارد جينر بجامعة أكسفورد من مجموعات بحثية مختلفة متخصصة في الأمراض المعدية مثل الملاريا، الدرن، الالتهاب الكبدي الوبائي وغيرها.
ويقود «الفريق البحثي العملاق» عدداً من الأساتذة المتخصصون، وعلى رأسهم البروفيسور سارة جيلبرت المتخصصة في الأمراض المنبثقة والتنفسية، والبروفيسور أدريان هيل، رئيس معهد إدوارد جينر بجامعة أكسفورد.
وقال الدكتور أحمد إن «الأستاذة الدكتورة سارة جيلبرت؛ العالمة في مجال اللقاحات بجامعة أوكسفورد، هي أول من بدأ في إجراء الأبحاث على فيروس كورونا المستجد لكشف تسلسله؛ وذلك في أول انتشاره في يناير/كانون الثاني العام 2020، وبدأت في تصميم هذا اللقاح ومعها فريق مؤلف من نحو 17 باحثاً، وحين زاد وضع المرض سوءاً في مارس/آذار العام 2020 وبدأ ينتشر في كل أوروبا، بدأت باقي المجموعات البحثية ومنها فريق الأستاذ الدكتور أدريان هيل؛ رئيس معهد إدوار جينر؛ وهو رئيس مجموعة الملاريا، وأنا (الدكتور أحمد سالمان) من ضمن هذه المجموعة، وبدأ جمع الباحثين الذين يملكون خبرة في مجال اللقاحات ضمن المعهد؛ سواءً الذين يحملون شهادة دكتوراه أو المتخصصين أكثر في مجال اللقاحات حتى وصل عددنا إلى نحو 150 باحثًا متواجدون في هذا المشروع».
مستقبل اللقاحات
وقال الدكتور أحمد إنه «وفقًا للمعلومات من تاريخ الأوبئة وبرمجيات التنبؤ المستقبلية، يمكن التنبيه بأن جائحة وباء كورونا المستجد الحالية ليست هي الأسوأ ولا الأكثر فتكًا في تاريخ الأوبئة. وبالطبع ليس الوباء الأول ولن يكون الأخير. بالإضافة إلى ذلك، فإن أغلب التوقعات العلمية تحذر من فرص عالية جدًا لحدوث موجات مستقبلية أخرى من وباء كورونا المستجد التي قد تكون أسوأ وأكثر فتكًا. وبغض النظر عن الجدل الضخم في المجتمع العلمي حول أصل فيروس كورونا المستجد الذي تسبب في كل هذا التأثير المدمر والكارثي لهذا الوباء العالمي الحالي؛ فإن غالبية المجتمع العلمي يدعم فرضية التطور الطبيعي لهذا الفيروس بسبب سلسلة من الطفرات الطبيعية».
وأضاف إنه «من خلال النظر والتفكير في هذه الفرضية وإمكانية حدوث أي أوبئة مستقبلية قد تنشأ بسبب الطفرات الطبيعة أو هجمات الإرهاب البيولوجي، فإنه وجب التنويه بشدة مرة أخرى على القيمة الحيوية لامتلاك هذا النوع من مرافق التصنيع وأبحاث اللقاحات البشرية في الوطن العربي مع اعتبارها أداة أساسية للحفاظ على الأمن القومي وتوفير الرعاية الصحية الأساسية للمنطقة. للتوضيح بمثال؛ سوف أشير فقط إلى أشهر مثال لهجمات الإرهاب البيولوجي في العصر الحديث، وهي الهجمات الإرهابية البيولوجية التي قد حدثت وأعلن عنها في الولايات المتحدة باستخدام جراثيم الجمرة الخبيثة خلال العقود القليلة الماضية والتي كان لها تأثير بالغ ومدمر على الأرواح والاقتصاد وكل صور الحياة الاجتماعية».
ويستخدم لقاح أكسفورد تقنية الناقلات الفيروسية التي يستخدمها اللقاح الصيني المعتمد للاستخدام الطارئ حالياً، ولكن مع فارق رئيسي وجوهري، وهو أنه يستخدم الفيروسات الغدية الذي يسبب نزلات البرد الخفيفة عند الشمبانزي، بخلاف اللقاح الصيني الذي يستخدم الفيروسات الغدانية البشرية، وأوضح الدكتور أحمد أن «ميزة استخدام الفيروس الذي يصيب الشمبانزي هي أن جهاز المناعة لا يتعرف عليه، مما يساعده في الوصول إلى الخلايا المخاطية الطلائية في الجهاز التنفسي، ليقوم بحقن المادة الوراثية الخاصة بتركيب بروتين الأشواك من فيروس كورونا المستجد، مما يساعد على إنتاج أجسام مضادة قادرة على معادلة وتدمير الفيروس بالإضافات إلى تكوين ذاكرة مناعية خلوية».
فكرة التجارب السريرية
تقوم فكرة التجارب السريرية على تقسيم مجموعة المتطوعين إلى فريقين؛ الأول يتم تطعيمه باللقاح، وفريق ثانٍ يتم إعطاؤه لقاحاً وهمياً (Placebo)، ثم يتم تركهم للتعرض الطبيعي للفيروس في المجتمع، لتقصي مدى فاعلية اللقاح في توفير الحماية، وأوضح الدكتور سالمان أنه «في التجارب السريرية لبعض اللقاحات مثل اللقاحات ضد الملاريا التي يوجد لها علاج فعال وآمن بنسبة 100 بالمئة، يمكن أخلاقياً إعطاء اللقاح للمتطوع، ثم حقنه بالملاريا لاختبار فاعلية اللقاح. ولكن في أمراض مثل كوفيد- 19 أو إيبولا لا يمكننا فعل ذلك، لأنه لا يوجد لها علاج فعال وآمن تمامًا بنسبة 100 بالمئة».
أسباب تميز فريق أوكسفورد
قال الدكتور أحمد إن هناك ثلاثة أسباب لتميز فريق أوكسفورد «الأول أن التجارب على القرود أعطت نسبة نجاح 100 بالمئة، ومنعت حدوث أيٍّ من أعراض الالتهاب الرئوي في القرود. والسبب الثاني أن الفريق عمل سابقًا على لقاح لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، ووصلت التجارب السريرية إلى أن 79 بالمئة من المتطوعين الذين تم تطعيمهم أنتجوا أجسامًا مضادة قادرة على معادلة وتدمير الفيروس. والسبب الثالث هو أن اللقاح يعمل على الجزء الخاص بالأشواك المميزة لشكل الفيروس، وهذا الجزء هو الذي يمنحه القدرة على الارتباط بمستقبلات الخلايا البشرية وإحداث العدوى، ومن ثم فإن من مصلحة الفيروس ألا يحوّر ويغيّر هذا البروتين الذي يسمح له بالارتباط بالخلايا البشرية بصورة متخصصة جدًا».
وأضاف أن التعاقدات التي أُبرمت بشأن لقاح أوكسفورد، تكشف بوضوح عن «ثقة العالم في اللقاح، والتي ستتأكد في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020 مع إعلان نتائج المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية».
هل سيؤخذ اللقاح لمرة واحدة أم سيكون أخذه موسمياً؟
وقال الدكتور أحمد إن «الذين حصلوا على اللقاح في التجارب السريرية التي بدأت، في أبريل/نيسان العام 2020، لا تزال لديهم أجسام مضادة إلى الآن، وحتى نستطيع معرفة مده فاعلية اللقاح علينا الانتظار، وإجراء تحليل كل فترة لمعرفة إلى أي مدى يمكن أن يستمر، وهذا أمر هام لأن الفيروس على ما يبدو لن ينتهي وسيظل مستمرًا معنا، ولكن تأكيد أو نفي هذه الفرضيات سيتضح مع مرور الوقت، وإجراء المزيد من الأبحاث العلمية».
وصول اللقاح إلى دول عربية في نهاية 2020
وتوقع الدكتور أحمد وجود صعوبة كبرى لوصول لقاح لمرض كوفيد-19 إلى بعض الدول العربية بنهاية العام 2020 الجاري، موضحاً أن «هذا أمر صعب للغاية وتحدٍّ كبير جدًا لأن دورة إنتاج اللقاح تأخذ من أربعة إلى ستة أشهر، وهناك تعاقدات حدثت بالفعل على عدد من دورات الإنتاج التي تنتهي بنهاية العام الجاري، وأن الوحدات المصنعة للقاحات تتقيد بطاقة إنتاجية وقدرة استيعابية على التخزين، وكذلك القدرة على إنتاج بعض المستلزمات الضرورية المطلوبة لإنتاج اللقاح أو تخزينه مثل الزجاجيات المعقمة والمخصصة لحفظ جرعات اللقاح».
والحل الوحيد الذي يراه الدكتور أحمد لوصول اللقاح إلى الدول العربية بشكل أسرع هو أن «تتعاقد مع أوكسفورد وشركة أسترا زينيكا البريطانية لإنتاج الأدوية على الإنتاج لا على الشراء، لأن انتظار شراء اللقاح قد يقتضي الانتظار لفترة قد تطول إلى عام ونصف العام».
وبالفعل كانت شركة أسترا زينيكا أعلنت، يوم 13 يونيو/حزيران الماضي، أنها وقعت عقداً مع إيطاليا وألمانيا وفرنسا وهولندا لتزويد أوروبا بلقاح أكسفورد المضاد لفيروس كورونا المستجد، على أن يتم التسليم بحلول نهاية العام 2020.
وقالت الشركة، حينها أيضًا، إن التعاقد قد تم على 400 مليون جرعة من اللقاح الذي طورته جامعة أوكسفورد. وأضافت أنها تتوق إلى التوسع في صناعة اللقاح الذي تعهدت بألا تجني منه أرباحًا خلال الجائحة.
وعقدت أسترا زينيكا اتفاقات تصنيع على مستوى العالم للوصول إلى هدفها المتمثل في إنتاج ملياري جرعة من اللقاح بما في ذلك مع مشروعين يدعمهما بيل جيتس وعقد مع الولايات المتحدة قيمته 1.2 مليار دولار.
