من المتوقع أن تتعافى صناعة البناء على مستوى العالم إلى حد كبير من صدمة الجائحة والتي تسببت بانخفاض في القطاع بنسبة 2%. ومع ذلك، من المرجح أن تنمو مجدداً بمعدل 3.2 على أساس سنوي.
وبالتالي هناك احتمالية أن تصل القيمة الإجمالية للناتج العالمي للبناء إلى حوالي 14.8 تريليون دولار أمريكي في عام 2030 بعد أن كانت 11.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2020.
ويأتي هذا النمو في أعقاب انخفاض الأرباح الذي كان مدفوعاً بارتفاع تكلفة مواد البناء بما في ذلك النفط الخام والخشب اللين والتي ارتفعت بنسبة مذهلة بلغت 49% و23% على التوالي خلال فترة الجائحة.
ولكن حتى مع تعافي قطاع البناء العالمي تدريجياً مع عودة مئات المشاريع المتوقفة وتوقيع عقود جديدة، فلايزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتسريع النمو.
تبرز التكنولوجيا الآن بإعتبارها الحل الأمثل لإطلاق العنان للإمكانيات الكاملة لهذه الصناعة وذلك بسبب فعاليتها من حيث التكلفة والعائد المرتفع على الاستثمار.
مع التقدم التكنولوجي المتاح بسهولة للاستخدام، يمكن لقطاع البناء أن يعزز بشكل كبير إنتاجيته خاصة في وقت تحتاج فيه الصناعة إلى بناء أكثر من 13,000 مبنى يومياً من الآن وحتى عام 2050 وذلك لدعم عدد السكان المتوقع أن يبلغ 7 مليارات شخص حول العالم.
وفي حين أن هذا الإنجاز يبدو مبالغاً فيه، فإن اعتماد نهج قائم على التكنولوجيا يمكن أن يعزز الإنتاجية وبالتالي يساعد القطاع لتحقيق أهدافه المحددة وبتكلفة أقل.
لم يكن قطاع البناء متأخراً عن ركب التكنولوجيا، فقد تم استخدام التكنولوجيا في قطاع البناء من خلال توظيف الأجهزة اللوحية في مواقع البناء ومع ذلك يجب توظيفها على نطاق أوسع وبسرعة أكبر بكثير.
على الشركات في قطاع البناء تحديد المنصات التي تعتمد على التكنولوجيا وتبنيها لمساعدتهم ليس فقط على إنهاء المشاريع في وقت قياسي ولكن الأهم من ذلك أيضاً هو بناء مساحات تجارية ومعيشة مستدامة وجاهزة رقمياً.
كل هذا سيكون ممكناً فقط إذا تم تعزيز الإنتاجية من مرحلة التفكير في المشروع والمفاهيم إلى مرحلة البناء المكثف للطاقة وهي استراتيجية تتطلب أن تكون راسخة على التكنولوجيا لتحقيق أفضل النتائج.
هناك العديد من المجالات التي يمكن أن يكون للتكنولوجيا تأثير هائل على الإنتاجية والتي ستساعد المقاولين على توفير جزء كبير من تكاليفهم وكذلك طمأنة العملاء على التسليم السريع وفي الوقت المناسب، بالإضافة إلى تقديم عمل عالي الجودة. تشمل هذه المجالات الرئيسية ما يلي:
البناء المتصل
تستخدم هذه التكنولوجيا مزيجاً من الأجهزة والبرامج والخدمات لتوحيد الأشخاص والعمليات والمراحل. فإذا اعتمد المقاولون هذا المشروع على نطاق واسع فقد يؤدي إلى تحقيق مكاسب في إنتاجية البناء تتراوح بين 14 و 15% وخفض التكاليف بنسبة 4 إلى 6% .والحد من انبعاث الكربون من خلال خلق المزيد من الرؤية والشفافية في كيفية إنجاز المشاريع من البداية إلى النهاية وكذلك خفض التكلفة.
برنامج إدارة المشاريع
إدارة مشروع البناء هو مجال آخر حاسم يمكن تطويره بشكل كبير باستخدام التكنولوجيا المناسبة. باستخدام منصات إدارة المشاريع يمكن للمتعاقدين تبسيط إدارة مشاريع البناء من خلال التركيز على بضع أشياء مثل السلامة أو الإشراف على الموقع أو الميزانية أو الجمع بينهم.
إدارة معلومات البناء
يتزايد اليوم استخدام نماذج إدارة معلومات المباني من قبل قطاع البناء لكيفية تصميمها وبناءها. وهذا ليس كل شيء حيث أنه يتم استخدام هذه التكنولوجيا من أجل تسهيل التنسيق متعدد التخصصات وأيضاً المساعدة في دمج التصاميم ثلاثية الأبعاد والتحليل وتقدير التكاليف وجدولة البناء..
من خلال نماذج بناء إدارة معلومات البناءأصبح القطاع قادراً على استخدام البيانات الرئيسية لإنشاء نماذج رقمية دقيقة تتم إدارتها في منصة سحابية مفتوحة للتعاون بين الفرق. فإذا كان يجب بناء ال 13,000 منزلاً بحلول عام 2050 فإن القطاع بحاجة إلى تسريع تنفيذ مثل هذا النوع من التكنولوجيا التحويلية.
تحليل البيانات
يعتمد العالم اليوم إلى حد كبير على البيانات ويرجع ذلك إلى احتياجات المستهلكين التي تتطور باستمرار مما يعني أن توقعاتهم تتغير أيضاً.
بدون البيانات الصحيحة سيواصل قطاع البناء محاولة اللحاق بالركب بسبب عدم القدرة على مواجهة التحديات القادمة. ولكن مع وجود أدوات لتحليل البيانات سيكون القطاع في وضع أفضل لتحديد المخاطر القادمة والقدرة على تجنبها. كما سيتمكن القطاع من تتبع الأداء بدقة والذي يشمل ربح المشروع والكفاءة.
برامج ما قبل البناء
البدء بأساس صحيح من بداية عملية المشروع هو أمر ضروري لنجاحه. تتيح أدوات ما قبل البناء للمتعاقدين العامين العثور بسهولة على الاحتياطات وتأهليها وأيضاً تسمح لهم بإرسال دعوات عروض الأسعار المخصصة وإدارة الاتصالات. بالنسبة للمتقاعدين التجاريين فمن السهل تتبع الدعوات واتباع الجدول للمواعيد النهائية المهمة.
ومع زيادة استخدام التكنولوجيا، سيزداد التواصل بين الفرق في الموقع وخارجه بنسبة كبيرة. وسيساعد نشر الأدوات الرقمية على توليد بيانات في الوقت الحقيقي مما سيسمح فيما بعد أيضاً بتقديم خطط وتصاريح البناء وغيرها من الوثائق ذات الصلة والموافقة عليها بشكل أسرع. هذه الصفات المهمة من شأنها أن تعزز في نهاية المطاف مستويات الإنتاجية في جميع مراحل البناء.