Posted inاستثمارآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسأخبار السعوديةتكنولوجياذكاء اصطناعيشركات

السعودية تتوسع في التصنيع التكنولوجي بالشراكة بين “ألات” و”لينوفو”

هذا المصنع لا يقتصر على كونه منشأة إنتاج فحسب، بل هو استثمار طويل الأجل في تطوير الكفاءات المحلية وتعزيز التكامل مع السوق الإقليمية.

لينوفو

في خطوة تعكس التحولات التي يشهدها قطاع التصنيع في المملكة العربية السعودية، تستعد الرياض لاحتضان مصنع جديد للحواسيب والأجهزة التقنية، وذلك بموجب شراكة بين لينوفو وآلات، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة (PIF). وتبلغ قيمة الاستثمار في المشروع 2 مليار دولار، ويهدف إلى إنشاء مركز إقليمي متطور للتصنيع التكنولوجي، على أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2026.

يقع المصنع في منطقة الخدمات اللوجستية المتكاملة (SILZ) بالقرب من مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وسيركز على إنتاج الحواسيب المحمولة والمكتبية والخوادم. وبحسب الشركات المعنية، سيتم تصميم المنشأة وفق معايير عالية في الاستدامة وكفاءة الطاقة، مع دمج سلاسل التوريد المحلية والإقليمية لتحسين الكفاءة التشغيلية.

ويتوقع أن يسهم المشروع في رفع الناتج المحلي غير النفطي للمملكة بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2030، مع توفير 15,000 وظيفة مباشرة و45,000 وظيفة غير مباشرة، في إطار جهود السعودية لتوسيع قاعدة التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات ضمن رؤية 2030.

تُعد هذه الشراكة واحدة من أضخم الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا التصنيعية في المنطقة، حيث تعكس التوجه المتزايد نحو تعزيز القدرات المحلية في مجالات مثل أشباه الموصلات والبنية التحتية الذكية والذكاء الاصطناعي.

تعزيز القدرات التصنيعية في المملكة

مات دوبردوجي، رئيس لينوفو في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا

على هامش معرض LEAP 2025، قال مات دوبردوجي، رئيس لينوفو في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، في مقابلة خاصة مع أريبيان بزنس، إن المشروع يعد جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز مرونة سلسلة التوريد العالمية، مع التركيز على تطوير القدرات المحلية.

“هذا المصنع لا يقتصر على كونه منشأة إنتاج فحسب، بل هو استثمار طويل الأجل في تطوير الكفاءات المحلية وتعزيز التكامل مع السوق الإقليمية”.

تشهد العديد من الأسواق الناشئة حول العالم تحولاً مماثلاً، حيث تسعى شركات التكنولوجيا إلى تنويع مراكز التصنيع بعيداً عن المراكز التقليدية في آسيا والولايات المتحدة. ودول مثل المجر والهند والبرازيل بدأت بالفعل في جذب الاستثمارات التصنيعية كجزء من هذه التغيرات.

وأشار دوبردوجي إلى أن الشرق الأوسط بات يمثل سوقاً رئيسياً للنمو، مع تزايد الطلب على التطبيقات السحابية المختلطة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية الذكية.

“السعودية تعمل على ترسيخ مكانتها كمركز رئيسي في صناعة التكنولوجيا. هناك استثمارات كبيرة تُضَخ في مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، مما يعكس التزاماً واضحاً بتطوير قطاع التكنولوجيا”، أضاف دوبردوجي.

لينوفو

إعادة تشكيل سلاسل التوريد والاستثمارات الاستراتيجية

سيكون المصنع الجديد جزءاً من شبكة لينوفو العالمية التي تضم أكثر من 30 منشأة تصنيع، حيث سينضم إلى مواقع الإنتاج في الصين وألمانيا والمكسيك والولايات المتحدة. وتُعد خطوة التوسع في السعودية استجابة للضغوط المتزايدة على الشركات لتنويع سلاسل التوريد وتقليل مخاطر الاعتماد على مناطق محددة.

“بالنسبة لنا، التصنيع المحلي يعني سرعة أكبر في تلبية احتياجات السوق، وتحسين التكامل مع متطلبات المنطقة. هذه المنشأة لن تخدم السعودية فحسب، بل ستدعم الطلب المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها”، أوضح دوبردوجي.

التنافس الإقليمي والفرص الاستثمارية

يُنظر إلى المشروع الجديد على أنه جزءٌ من المنافسة المتنامية بين السعودية والإمارات في استقطاب الاستثمارات التكنولوجية. وبينما تظل دبي وأبوظبي مراكز رئيسية لشركات التقنية العالمية، تسعى السعودية إلى تعزيز مكانتها عبر جذب الاستثمارات التصنيعية وتطوير البنية التحتية للابتكار.

وتتمتع السعودية بميزة تتمثل في سوقها المحلية الكبيرة، إلى جانب تمويل حكومي موسع لدعم المشاريع الاستراتيجية. في المقابل، توفر الإمارات بيئة تنظيمية أكثر مرونة وسهولة في ممارسة الأعمال، فضلاً عن بنية تحتية متقدمة لاستقطاب المواهب التقنية.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت لينوفو ترى السعودية منافساً مباشراً للإمارات، نفى دوبردوجي أن يكون هناك تنافس مباشر، مشدداً على أن كل دولة تلعب دوراً مختلفاً في منظومة التكنولوجيا الإقليمية.

“الإمارات تظل مركزاً إقليمياً رئيسياً للخدمات التكنولوجية، بينما تركز السعودية على بناء قدرات تصنيعية واسعة النطاق”، قال دوبردوجي.

التحديات أمام تصنيع التكنولوجيا في السعودية

رغم التفاؤل بمستقبل التصنيع في السعودية، تواجه الشركات تحديات تتعلق بتوفير الكفاءات المتخصصة. فبينما استثمرت المملكة في برامج تعليمية وتدريبية لدعم قطاع التكنولوجيا، لا يزال بناء قوة عاملة مؤهلة بالكامل يتطلب مزيداً من الوقت.

“التوسع في المهارات المحلية أمرٌ حاسم. وجود منشأة إنتاج متقدمة ليس كافياً وحده، بل يجب أن يكون هناك كوادر قادرة على تشغيل هذه التكنولوجيا بكفاءة”، أوضح دوبردوجي.

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الاستثمار التكنولوجي

يأتي التوسع في التصنيع المحلي بالتوازي مع استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى السعودية إلى أن تصبح مركزاً عالمياً في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.

ويرى دوبردوجي أن التكامل بين التصنيع المحلي والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي سيكون عنصراً أساسياً في التحول الرقمي في المملكة.

“السنوات الخمس القادمة ستشهد استثمارات ضخمة في مراكز البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في السعودية ولكن في المنطقة ككل. السؤال ليس ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيغير الصناعات، بل إلى أي مدى يمكن للشركات تبني هذه التحولات بسرعة”، قال.

مع بدء تنفيذ مشروع التصنيع الجديد، يترقب المحللون مدى قدرة السعودية على تحقيق أهدافها في التحول إلى مركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا.

بالنسبة للآن، تمثل شراكة لينوفو-آلات نقلة نوعية في طريقة تعامل شركات التكنولوجيا العالمية مع منطقة الشرق الأوسط. لكن يبقى التساؤل قائماً: هل ستتمكن السعودية من توسيع نطاق الإنتاج التكنولوجي ليشمل كامل سلسلة القيمة، أم ستظل تعتمد على الخبرات الأجنبية في المراحل المتقدمة من التصنيع؟

“نحن نستثمر في السعودية على المدى الطويل. نجاح هذا المشروع يعتمد على مدى قدرتنا على دمج الكفاءات المحلية، وتعزيز سلاسل التوريد، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير الإنتاج”، ختم دوبردوجي حديثه.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
مجد البهو

مجد البهو

مجد البهو، رئيس تحرير مجلة "أريبيان بزنس"، هو خريج في الصحافة مع تخصص فرعي في العلوم السياسية من جامعة بيرزيت في...