يواجه إيلون ماسك، تحديًا كبيرًا في الأسواق المالية، حيث انخفضت أسهم “تسلا” بنحو 40% خلال الأسابيع الأخيرة، بينما تعرضت “سبيس إكس”، لانتكاسة جديدة بعد انفجار صاروخ آخر.
وزاد الأمر تعقيدًا بتسريب غير مقصود لوثيقة سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، عبر وزارة الكفاءة الحكومية، التي يديرها إيلون ماسك، وهو جعل المستثمرين يراجعون تقديرهم لموهبة ماسك الحقيقية في تسويق الرؤى الطموحة التى تبدو مستحيلة للمستثمرين، والترويج لإنجازاته، وكأنها انتصارات استثنائية.
كشفت هذه التطورات عن تصدعات متزايدة في شركاته، مما يثير تساؤلات حول مدى قوة الأسس التي تستند إليها مكانة إيلون ماسك، والتي تعتمد بشكل أساسي على ثقة المستثمرين، وتقلبات السوق، وشعبيته الواسعة عبر الإنترنت.
ثروة إيلون ماسك تعتمد على تصوراته للسوق

على عكس رواد الأعمال، الذين أسسوا شركات ذات استقرار اقتصادي، تعتمد ثروة إيلون ماسك بشكل رئيسي على تصوراته للسوق، وثقة المستثمرين به، وفقًا لما أشار إليه أستاذ الاقتصاد في كلية هارفارد للأعمال مهير ديساي، في مقال بصحيفة نيويورك تايمز.
ورغم أن “تسلا”، أحدثت نقلة نوعية في صناعة السيارات الكهربائية، وساهمت سبيس إكس، في تطوير استكشاف الفضاء تجاريًا، إلا أن الموهبة الحقيقية لإيلون ماسك، تكمن في تسويق رؤى طموحة تبدو مستحيلة للمستثمرين، من خلال تصوير التحديات على أنها عقبات مؤقتة، والترويج لإنجازاته، وكأنها انتصارات استثنائية، وفقًا لديساي.
“تسلا” جوهر إمبراطورية إيلون ماسك

دخل إيلون ماسك، عالم “تسلا” عام 2004، بعد استحواذه على حصة في الشركة من مؤسسيها الفعليين، مارتن إيبرهارد، ومارك تاربنينج، قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي في 2008.
وفي 2009، رفع إيبرهارد، دعوى قضائية ضد ماسك متهمًا إياه بادعاء التأسيس الأصلي للشركة، لتنتهي القضية بتسوية قانونية منحته – إلى جانب اثنين آخرين من المديرين التنفيذيين غير المؤسسين – الحق في استخدام لقب “مؤسس”.
وفي 2021، قام ماسك رسميًا بتغيير لقبه داخل الشركة من الرئيس التنفيذي إلى “ملك التكنو”.
لطالما ارتبطت “تسلا” بعبقرية ماسك في ريادة الأعمال، إلا أنها تواجه اليوم تحديات تعكس أزمات متزايدة.. فالمبيعات تشهد تراجعًا، والأرباح تنخفض، فيما تلجأ الشركة إلى خفض الأسعار للحفاظ على تنافسيتها، وهي خطوة قد تضر بصورتها على المدى البعيد، وسط احتدام المنافسة مع شركات مثل “بي إم دبليو”، و”مرسيدس”، وصعود المصنعين الصينيين بقوة في سوق السيارات الكهربائية.
وقد خسر إيلون ماسك، نحو 102 مليار دولار من ثروته خلال شهرين فقط بسبب انهيار سهم تسلا، وفقًا لتقرير نيويورك تايمز.
تصدعات في إمبراطورية ماسك

لم تعد التحديات مقتصرة على “تسلا”، بل امتدت إلى مختلف مشروعات ماسك.. فمنصة “إكس” (المعروفة سابقًا باسم تويتر)، التي كانت تمثل الساحة الرقمية العالمية، شهدت تراجعًا حادًا منذ استحواذ ماسك عليها مقابل 44 مليار دولار في أواخر 2022، حيث انتقل المستخدمون إلى منصات مثل بلوسكاي، وثريدز.
كما أدت قراراته المثيرة للجدل إلى خسائر إعلانية ضخمة، مما تسبب في انخفاض قيمة المنصة بنحو 80% خلال عامين.
أما مشروع “نيورالينك”، الذي خضع لانتقادات واسعة بسبب تجاربه على أكثر من 1500 حيوان، فلا يزال يفتقر إلى رؤية واضحة لتحقيق الأرباح.
في حين أن شركة “بورينج”، التي قدمها ماسك كحل ثوري للنقل الحضري، لم تحقق سوى نتائج محدودة رغم الاستثمارات الكبيرة.
وبالنسبة لشركة “سولار سيتي”، المتخصصة في الطاقة الشمسية، والتي استحوذت عليها “تسلا” في صفقة مثيرة للجدل، فقد فقدت مكانتها بشكل شبه كامل.
حتى “سبيس إكس”، رغم إنجازاتها في الفضاء، تواجه تساؤلات حول قدرتها على تحقيق الاستدامة المالية بعيدًا عن العقود الحكومية، وعوائد اشتراكات “ستارلينك”، مما يعكس صورة أكثر تعقيدًا لإمبراطورية ماسك المتشابكة.
الانحياز إلى اليمين المتطرف لا يحقق المكاسب

يبدو أن تورط إيلون ماسك، المتزايد في السياسة، وانجذابه لخطاب مثير للجدل ساهما في تراجع تفاعل المستخدمين، وانخفاض اهتمام المستهلكين، وانسحاب المستثمرين.
كما أن دوره الجديد في الحكومة الأمريكية – ليس فقط كرئيس لوزارة الكفاءة الحكومية، بل أيضًا باعتباره “الصديق الأول” لدونالد ترامب، وفقًا لوصفه – أدى إلى تشتيت انتباهه عن مسؤولياته التنفيذية، بحسب التقرير.
ويتوقع الخبراء، أن يواجه ماسك، انهيارًا ماليًا وتراجعًا في نفوذه يوازي صعوده السريع، لا سيما مع التصحيح الجاري في الأسواق، حيث بدأ المستثمرون في إعادة تقييم شركاته بناءً على الأداء الفعلي بدلًا من الوعود الطموحة.