في الطرف الجنوبي الشرقي للمملكة العربية السعودية يقع ميناء العقير الذي ظل مركزا رئيسيا لنقل الأفراد والبضائع حتى اكتشاف النفط، وشهد أحداثا تاريخية مهمة ما زالت بصمتها حاضرة.
أُبرمت “معاهدة العقير” بمبنى الإمارة في ميناء العقير بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية لترسيم الحدود السعودية القطرية الكويتية في عام 1922.
يقول علي البسام أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك فيصل “من أهم الأحداث السياسية التي شهدها الميناء اللقاء التاريخي بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وملك العراق الملك فيصل الأول، للاتفاق على تحديد الحدود السعودية العراقية عام 1925″.
بوابة منطقة نجد
ميناء العقير الواقع على بعد 65 كيلومترًا شرق محافظة الإحساء أول ميناء بحري في المملكة على شاطئ الخليج العربي قبل اكتشاف النفط، وكان البوابة البحرية لمنطقة نجد حيث كانت تفد إليه السفن من مختلف دول العالم.
- يُقابل الميناء الطرف الجنوبي الغربي لمملكة البحرين وفي الجنوبي الشرقي منه تقع جزيرة الزخنونية.
- قال عادل الشبعان، وهو مرشد سياحي بوزارة السياحة السعودية في تصريح لتلفزيون السعودية، إن ميناء العقير كان محطة وصول الحجيج من إيران والصين والهند وشرق آسيا مشيرا إلى أنهم كانوا يجلبون أهم بضائع بلادهم لتباع بنظام المقايضة والمبادلة.
سبب التسمية
يعود تاريخ العقير إلى الكنعانيين العرب قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، ويرجع تاريخ أبنية الميناء القائمة حاليا إلى أكثر من خمسة قرون.
- اسم الميناء مشتق من اسم قبيلة تسمى عجير أو إيجيرو أو أجارو سكنت المنطقة خلال الألف الأول قبل الميلاد.
- يقول مؤرخون إن عدد الأحمال التي كانت تغادر الميناء إلى الأحساء كانت تتراوح بين 250 إلى 300 حمل بعير عليها صنوف البضائع التي كانت ترد من مختلف البلاد.
الفرضة والخان ومبنى الجوازات
يضم الميناء مواقع تاريخية أثرية هي الفرضة، والخان، ومبنى الجوازات والجمارك، والحصن، وبرج المياه، والإمارة، بالإضافة إلى مسجد تاريخي. كما يضم أكثر من 300 متجر لأغراض التبادل التجاري وساحة كبيرة للاحتفالات.
- يضم الميناء أيضا بوابة رئيسية واحدة كانت تستقبل الحجيج والمعتمرين الوافدين من بلاد شرق آسيا وفارس والصين والهند، حيث كانوا يحطون رحالهم ثم ينتقلون بعد ذلك الى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
- يقول المهندس عبد الله الشايب مدير مركز الإبداع الحرفي بالإحساء “تُشكل الأبنية طراز العمارة الإحسائية الإسلامية بأشكالها الفريدة وبمفرداتها العمرانية التي تنقل الصورة الحقيقية لما وصلت إليه فنون العمارة الإحسائية على أيدي الفنانين الإحسائيين.”
- “تتميز عمارة ميناء العقير بأشكال وأنواع مختلفة من الحضارات منها ما هو إحسائي المنشأ، فالبناؤون الذين بنوا هذا الميناء كانوا من الإحساء واستخدموا النقوش والطرق الإحسائية في البناء فيما يخص النوافذ والابواب”.
- “هناك تأثيرات من الوجود العثماني. وعندما ضم الملك عبد العزيز الإحساء أمر بإنشاء بعض المباني وتطويرها.”
حتى اكتشاف النفط
أسفرت عمليات استكشاف في تلال قريبة من الميناء أجرتها فرق تنقيب أثري عن اكتشاف مبنى سكني إسلامي يرجع إلى القرن الثالث أو الرابع الهجري، وعُثر بداخله على مواد أثرية منوعة، وكان المبنى يرتكز على أساسات بنايات قديمة ترجع لفترة ما قبل الإسلام.
- كان العقير مُنطلقًا للجيوش الإسلامية التي اتجهت شرقا نحو بلاد فارس والهند وحتى حدود الصين بعد دخول قبيلة عبد القيس في الإسلام.
- عندما بدأت أعمال التنقيب عن النفط كان العقير هو الميناء الرئيس الذي زود فرق التنقيب بالأدوات وذلك عبر البحرين أو المنامة.
- في ظل ضحالة المياه على ساحل العقير وعدم جاهزيتها لاستقبال السفن بدأت أهمية الميناء تتقلص في عام 1957 مع الشروع في إنشاء ميناء الدمام وخط السكة الحديد.
- في تلك الفترة، بدأ البحث أيضا عن طرق أقرب وأسهل لمصادر النفط المكتشف لتسهيل نقله، وما يحتاج إليه من مواد، وتسهيل وصول العاملين فيه لمناطق العمل بيسر وبأقل كلفة، ليسدل الستار على آخر أدوار ميناء العقير.