في إنجاز علمي واستراتيجي ضخم، أعلنت المملكة العربية السعودية عن اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية معمارية في الجزيرة العربية، يعود تاريخها إلى أكثر من 11 ألف سنة.
يمثل هذا الاكتشاف، الذي أعلنه الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة ورئيس هيئة التراث، تحولاً جذرياً في فهم تاريخ الاستيطان البشري في المنطقة، ويضيف بُعداً جديداً لمكانة المملكة كوجهة سياحية وتراثية عالمية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) اليوم الخميس أن الكشف عن المستوطنة تم في موقع “مصيون” شمال غرب مدينة تبوك، ضمن جهود التنقيب التي تنفذها هيئة التراث بالشراكة مع جامعة “كانازاوا” اليابانية بالتعاون مع نيوم. وتكشف البقايا الأثرية عن هياكل معمارية متقدمة من العصر الحجري الحديث، تشمل وحدات سكنية، ومخازن، وممرات، ومواقد نار، مما يثبت أن المنطقة كانت موطناً لحياة مستقرة تعتمد على الصيد وزراعة الحبوب.
الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للاكتشاف
هذا الإنجاز ليس مجرد كشف علمي، بل له تأثيرات اقتصادية واستراتيجية كبيرة:
تعزيز رؤية 2030: يصب الاكتشاف مباشرة في أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتنمية القطاع السياحي، وتقديم تجارب ثقافية فريدة للزوار من حول العالم.
جذب الاستثمارات: تفتح هذه المواقع التاريخية آفاقاً جديدة للاستثمار في تطوير البنية التحتية السياحية، والمتاحف، والمراكز الثقافية التي تروي قصص التاريخ الإنساني.
تغيير السرد التاريخي: يضع الاكتشاف المملكة في موقع ريادي علمياً، ويؤكد على أن شمال غرب الجزيرة العربية كان امتداداً طبيعياً لـ”الهلال الخصيب”، مما يغير فهمنا لدور المنطقة في الحضارات الإنسانية المبكرة.
التعاون الدولي: يعكس المشروع نجاح التعاون بين هيئة التراث السعودية والجامعات الدولية المتخصصة، مما يعزز مكانة المملكة كمنصة عالمية للبحث العلمي في مجال التراث.
تمثل هذه المستوطنة، مع ما تم العثور عليه من أدوات حجرية وفخار وهياكل بشرية وحيوانية، كنزاً علمياً يمنح الباحثين فهماً أعمق للحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكان الجزيرة العربية الأوائل، ويعزز من جهود المملكة في الحفاظ على تراثها وتوثيقه للأجيال القادمة.