شهدت الشركات السعودية غير المنتجة للنفط توسعاً حاداً في النشاط التجاري في نهاية عام 2022، مدفوعاً بالطلب القوي في السوق وأيضاً الأعمال الجديدة الواردة. وساعد هذا الانتعاش على زيادة التوظيف بمعدل كان الأقوى منذ قرابة خمس سنوات، في حين تباطأت عمليات التخزين في ظل ارتفاع أسعار المشتريات. وعلى الرغم من تراجع تضخم التكلفة، ارتفعت أسعار الإنتاج إلى أقصى حد منذ شهر مارس، وفق مؤشر بنك الرياض السعودي لمدراء المشتريات المعدل موسمياً.
وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي قراءة أعلى بكثير من المستوى المحايد (0.50 نقطة) حيث سجل 56,9 نقطة في شهر كانون الأول / ديسمبر، ليشير إلى تحسن قوي في الأوضاع التجارية على مستوى القطاع غير المنتج للنفط. ومع ذلك، فقد انخفض المؤشر من 58,5 نقطة سجلها في شهر تشرين الثاني / نوفمبر ووصل إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر.
زيادة قوية في النشاط التجاري
وكان من الأسباب الأساسية وراء هذا الانتعاش زيادة أخرى قوية في النشاط التجاري، رغم تراجع معدل النمو من مستوى شهر نوفمبر الذي كان الأعلى في سبع سنوات. وربطت الشركات بشكل أساسي بين زيادة النشاط وارتفاع المبيعات وتحسن الطلب في السوق.
و في الوقت نفسه، ارتفعت تدفقات الطلبات الجديدة بشكل حاد، حيث أفادت 30% من الشركات المشمولة بالدراسة أنها سجلت نمواً مقارنة بالشهر الماضي. وفي حين ارتفعت المبيعات في جميع القطاعات الأربعة الخاضعة للدراسة، شهد قطاع الخدمات أقوى انتعاش. كما أفادت الشركات بوجود زيادة حادة في الطلبات الجديدة الواردة من الخارج، وهو ما يعزوه كثير من الشركات المشاركة إلى ارتفاع الطلب من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ومع نمو المبيعات، قامت الشركات السعودية بزيادة أعداد الموظفين في شهر ديسمبر من أجل تعزيز كفاءة التشغيل. وكان معدل خلق فرص العمل هو الأسرع في ما يقرب من خمس سنوات. وساعدت زيادة أعداد الموظفين الشركات على خفض الأعمال المعلقة للشهر السابع على التوالي، إلا أن معدل الانخفاض كان الأقل منذ شهر حزيران / يونيو.
ارتفاع قوي للنشاط الشرائي
وفي حين ارتفع الطلب على الموظفين استجابة للظروف المحلية القوية، أشارت الشركات إلى انخفاض الرغبة في زيادة مخزون مستلزمات الإنتاج. وقد ارتفع النشاط الشرائي بقوة، ولكن بدرجة أقل بكثير مما كان عليه في شهر نوفمبر، مما أدى إلى زيادة هامشية في المخزون كانت أضعف منذ أكثر من عامين. وتحسنت مواعيد تسليم مستلزمات الإنتاج بمعدل متواضع. وجاء تراجع جهود التخزين متزامناً مع زيادة أخرى في تكاليف المشتريات، والتي ربطتها الشركات بشكل أساسي بارتفاع رسوم الاستيراد وزيادة أسعار مستلزمات الإنتاج مثل المعادن والمواد الكهربائية. ومع ذلك، كان الارتفاع الإجمالي في تكاليف المشتريات أقل حدة مما كان عليه في شهر نوفمبر.
بالتزامن مع ذلك، ارتفعت تكاليف التوظيف للشهر الثاني على التوالي بسبب نشاط التوظيف القوي. وارتفعت أسعار مبيعات الشركات غير النفطية بقوة وبأسرع وتيرة في تسعة أشهر خالل شهر ديسمبر، حيث أشار كثير من الشركات إلى حاجتها لتمرير النفقات المتزايدة إلى عملائها. وللمرة الأولى منذ شهر تموز / يوليو، ارتفعت أسعار الإنتاج في جميع القطاعات الأربعة المشمولة بالدراسة.
وحافظت الشركات غير المنتجة للنفط على نظرة إيجابية على نطاق واسع في شهر ديسمبر في ما يتعلق بالعام 2023، وكان التفاؤل معتمداً إلى حد كبير على تحسن الطلب وتوقعات زيادة الاستثمار المرتبط بمبادرة رؤية 2030. ومع ذلك، انخفضت درجة التفاؤل إلى أدنى مستوى لها في سبعة أشهر وظلت أضعف بكثير من الاتجاه طويل المدى.
نمو سريع للأنشطة غير المنتجة للنفط
وقال الدكتور نايف الغيث، كبير الاقتصاديين في بنك الرياض: “شهد معدل خلق فرص العمل في القطاع غير المنتج للنفط أقوى مستوياته منذ خمس سنوات. ويعزى ذلك إلى الإصالحات الجارية التي تدعم القطاع الخاص في ظل رؤية السعودية 2030. ولا تزال ظروف التشغيل مواتية في شهر ديسمبر، وتتسم بنمو سريع في الأنشطة غير المنتجة للنفط وسوق عمل قوي في نهاية عام 2022، مع وجود زخم في كل من الوظائف واللجور أكبر بكثير من التوقعات. وقوبلت الزيادة في أسعار الفائدة بالنمو السريع الذي من المتوقع أن يقترب من 9% لعام 2022. وأدى هذا النمو الكبير إلى زيادة الأسعار في قطاع الخدمات، مما يشير إلى ضغوط تضخمية ناتجة عن الطلب، وخاصة في قطاع الخدمات، تعكس تكلفة مستلزمات الإنتاج. ولكن من المتوقع أن تنخفض الأسعار في العام 2023 في ظل التوقعات بهبوط الأسعار العالمية بسبب ارتفاع معدل الفائدة وتعافي سلاسل التوريد. وبشكل عام، تشير بيانات شهر ديسمبر إلى نمو مستمر للربع الرابع من العام، مع تفاؤل بشأن العام 2023. وهذا جعلنا نتوقع بسهولة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير المنتج للنفط بنسبة 4% في عام 2023”.
- تابعونا:
