Posted inأخبار أريبيان بزنس

هل الوصية الإلكترونية ستنهي خلافات الورثة وزوجات الخفاء في السعودية؟

رجال أعمال سعوديون وتجار وأكاديميون وسيدات كتبوا وصياتهم وأودعت في مكاتب محاماة وطلب الموصون من محاميهم عدم فتحها إلا بعد وفاتهم بحضور أسرهم

وزارة العدل السعودية أطلقت خدمة “توثيق وصية” إلكترونياً عبر بوابة “ناجز” بهدف اختصار الوقت والجهد على المستفيدين وتغنيهم عن زيارة كتابة العدل

وزارة العدل السعودية أطلقت خدمة "توثيق وصية" إلكترونياً عبر بوابة "ناجز"

نشرت صحيفة سعودية مرموقة، اليوم الجمعة، تقريراً مطولاً تناولت فيه الوصية الإلكترونية الحديثة وزواجات الخفاء التي تشعل الخلاف بين الورثة في المملكة العربية السعودية.

وكانت وزارة العدل السعودية أطلقت في نهاية العام الماضي خدمة “توثيق وصية” إلكترونياً عبر بوابة “ناجز” بهدف اختصار الوقت والجهد على المستفيدين وتغنيهم عن زيارة كتابة العدل في وقت تشهد فيه كتابة الوصية قبل الوفاة إقبالاً متزايداً في الأوساط المحلية بالمملكة.

وأوضحت وزارة العدل أن الخدمة متاحة لجميع المستفيدين عبر بوابة ناجز، وأن الخدمة تستهدف مقدم الوصية بالأصالة عن نفسه ومقدم الوصية بالوكالة، إضافة إلى إقرار ورثة متوفى من خلال بيانات وثيقة الورثة.

خدمة توثيق وصية

للاستفادة من الخدمة المتاحة على بوابة ناجز، عبر اختيار خدمة “توثيق وصية”، ثم تقديم الطلب والمصادقة على الإرسال، ثم تدقيق الطلب من قبل الإسناد المركزي للتوثيق، ثم مصادقة الطلب من مقدم الطلب، واعتماده من قبل كاتب العدل، ثم صدور الوثيقة.

ويمكن للمستفيد طلب إلغاء الوصية المعتمدة في أي وقت من خلال النظام نفسه.

وتأتي هذه الخدمة في سياق التحول الكامل لخدمات التوثيق؛ ما يغني المستفيدين عن زيارة كتابات العدل، وتوفير الوقت والجهد عليهم.

وصايا رجال الأعمال في السعودية

رصدت صحيفة “عكاظ” الورقية، في تقريرها، تحرير وصايا من رجال أعمال وتجار وأكاديميين وسيدات ومواطنين وأودعت في مكاتب محاماة، وطلب الموصون من محاميهم عدم فتح الوصية إلا بعد الوفاة بحضور أفراد أسرهم.

وأوضحت الصحيفة اليومية، نقلاً عن مصادرها، إن الوصية تكون باللفظ أمام القاضي أو أمام شاهدين عدلين أو كتابة بخط اليد، ومن الأفضل توثيقها إلكترونياً في الوقت الراهن بعد الخدمة التي وفّرتها وزارة العدل. ويجوز تعديل أو إلغاء الوصية لأنها لا تلزم ولا تنفذ إلا بالموت.

ويشرح الدكتور يوسف غرم الله الغامدي القاضي السابق وأستاذ القانون بكلية الحقوق في جامعة الملك عبد العزيز بجدة إن الوصية إقرار شرعي وقانوني يصدر بشروط الإقرار المعروفة وأهمها الأهلية الشرعية والنظامية التي وجدت لتنظيم وحفظ الحقوق المتداخلة أو التي ستؤول للتداخل، خصوصاً في الإرث والتركة بعد الموت، والوصية لها أهمية كبيرة فهي مما يلحق ويتحكم فيه الإنسان بعد الموت من ماله كإبراء الذمة من الديون والقروض وكذلك الصدقة بالثلث من مجموع أمواله المحصورة بعد موته وما يرغب في قوله بعد موته لورثته، والوصية مندوب إليها ومأمور بها على سبيل الإلزام والوجوب إذا تعلقت ببيان الحقوق الواجبة كالديون والقروض؛ وكذلك الإفصاح عما لا يعلم إلا من طريقه كالوثائق والمستندات ونحو ذلك مما يجب بيانه، والوصية لها أركان ثلاثة؛ الموصي والوصية وتشمل الصيغة والموصى به وله.

خلافات وشرور كثيرة

يقول الدكتور يوسف إن الأصل في الوصية، قول الله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما حقُّ امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يَبيتُ ليلتين إلا ووصيتُه مكتوبة عنده). أما وقت الوصية فتجب كتابتها الآن وبيانها لأن الإنسان لا يعلم متى يموت وينتقل إلى الدار الآخرة، ومن خلال مسيرتي القضائية لاحظت أن الإنسان الذي لا يهتم بالوصية لا يناله من الخير، وذلك لأنه فرط في بيان الحقوق الواجبة، ونتج عن هذا التهاون والإهمال خلافات وشرور كثيرة بين الورثة في ما بينهم وبين الورثة وأهل الحقوق من غيرهم.

وأضاف “أولت الحكومة مرفق القضاء ممثلاً في وزارة العدل توجيهات واضحة للتطوير ليواكب رؤية 2030 خاصة في مجال العدالة الناجزة ورقمنة المعلومات والتفاعل الرقمي وتفعيل الذكاء الاصطناعي الذي تقوده السعودية على مستوى العالم”.

هل تصح وصية السيدات؟

قال أستاذ القانون الدكتور عمر الخولي، صاحب أول نموذج لوصية مطبوعة عام 1407 وحولها أخيراً إلى وصية إلكترونية أتاحها لمن يرغب “من السنّة النبوية، من كان له مال يورثه أن يكتب وصيته ضماناً لبيان ما يملكه من مال وما عليه من ديون ويقوم بتحديث معلوماتها أولاً بأول لضمان تعريف ورثته على أمواله وأملاكه وعلى حقوقه والتزاماته لدى الغير، وأي وصية يكتبها الفرد في بيته تعتبر من المحررات العرفية التي تخضع للفحص اللاحق في حال الطعن، وتعتبر حجة بكافة ما ورد فيها من معلومات ولا يطعن فيها إلا بالتزوير، ويفضل الإشهاد عليها”.

وأوضح الدكتور عمر أن تحرير الوصية ليس قاصراً على رب الأسرة، إنما يمكن للسيدات والزوجات والأبناء كتابة وصاياهم متى كان لهم مال يورث.

وأكد أن من فوائد كتابة الوصية إمكان إظهار الملكيات الصورية؛ مثل العقارات المسجلة باسمه وهي مملوكة للغير كما يحدث في التستر، أو العقارات التي يمتلكها وقام بكتابتها بأسماء آخرين؛ فضلاً عن احتمال أن تكون له زوجة سرية غير معلنة أو أبناء من زوجة أخرى داخل أو خارج المملكة حتى لا يقع النزاع بشأنه.

أرصدة في سويسرا

قال الدكتور عمر الخولي إن أكثر من يهتم بكتابة الوصية هم رجال الأعمال وأصحاب الأموال، ونصح بكتابة الوصية في أي وقت وفي أي عمر، وحث عليها في الظروف التي تغلب عليها الوفاة مثل المرض الخطير وكبر السن، موضحاً أن أسلوب إيداع الوصايا لدى مكاتب المحاماة أسلوب منقول من دول أخرى، إذ يتم إيداع الوصية لدى أحد المحامين الموثوق بهم ويطلب منه فتح الوصية أمام ورثته وأمام أسرته عقب وفاته مباشرة.

ويقدر الدكتور عمر عدد محرري الوصايا في المجتمع السعودي بنحو 35-  بالمئة استناداً إلى دراسات ميدانية ومسح علمي أجراه تزامناً مع مرور 30 عاماً على كتابة (هذه وصيتي).

وتحدث الدكتور عمر عن قضايا نُظرت أمام المحاكم تتعلق بالتركات أهمل أصحابها كتابة وصاياهم أو أوصوا شفاهة ما أدى إلى تأخر قسمة الإرث إلى سنوات طويلة بلغت في إحدى القضايا نحو 20 سنة، وساعد على ذلك وجود ثلاث زوجات وإخوة غير أشقاء وعقارات واستثمارات غير معلنة خارج المملكة.

ومن الشواهد التي تابعها وصايا في مطالبات تتعلق بأرصدة في بنوك سويسرية واستثمارات في جزر ومنتجعات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأرقام سرية لحسابات لم يفصح عنها الموصي في وصيته ولا لورثته أو أصدقائه المقربين.

ضياع 70 مليون دولار

روى الدكتور عمر قصة رجل أعمال سعودي أسّس شركة خارج المملكة برأسمال يتجاوز 70 مليون دولار، وسجلت شهادات الأسهم (لحامله) ما أدى لفقدان المال عقب وفاة صاحب الشركة.

زوجات ومليارات في السر

ذكرت الصحيفة في تقريرها دعوى أقامتها أرملة عربية وابنها ضد ورثة مليونير سعودي قالت إنها تزوجته في السر وأنجبت له ابناً قبل 25 عاماً، وظل المليونير يتردد عليها وعلى ابنه في بلدها، وبعد وفاته تواصلت الأرملة مع أسرة المتوفى؛ لأن له حقاً في الإرث مع والدته، إلا أن الأسرة أنكرت واقعة الزواج، مؤكدة أن وصية الراحل لم تتضمن أي إشارة لزواجه السري. وفي ضوء ذلك توجهت إلى المحاكم لإثبات حقهما في الإرث الشرعي؛ فضلاً عن مطالبة إثبات نسب ابنها للمليونير المتوفى.

وقالت إنها اطلعت على نزاع بين ثمانية إخوة وأخوات عقب وفاة والدهم الذي ترك شركات وعقارات وأسهماً واستثمارات متعددة وأرصدة بنكية في الخارج، وتبيّن أن بعض العقارات والأسهم مسجلة بشكل متفرق بين الإخوة والأخوات غير الأشقاء من ثلاث زوجات، وبات كل منهم يطالب الآخر بنصيبه الشرعي من الإرث.

وهناك قصة شهيرة عن رجل أعمال سعودي توفي قبل نحو 10 سنوات في منطقة مكة المكرمة، وترك ثروة كبيرة وعدداً من الأبناء والبنات، وفجّرت امرأة سورية مفاجأة بتقديم دعوى أمام المحكمة العامة في جدة ادعت فيها أنها زوجة مسيار سراً للراحل، فأشعلت الحادثة الرأي العام ومنصات التواصل الاجتماعي منذ تداولها في السعودية قبل بضعة سنوات. ورفض ورثة الراحل منح زوجة والدهم حقها، حتى أنها طلبت 300 ألف ريال (80 ألف دولار) فقط لتتنازل عن قضيتها، لكنهم رفضوا، فلجأت إلى القضاء وحصلت على حكم بإضافتها إلى الورثة، لتحصل على 80 مليون ريال بدلاً من الـ 300 ألف ريال، واستغرقت هذه القضية أكثر من عشرة سنوات دون أن تنته لحد الآن، وجرى كل ذلك لأن الراحل لم يكتب وصيته قبل مماته.

نزاعات بين الورثة

يقول المحامي بدر الروقي إن ‏تجاهل كتابة الوصية قد يتسبب في كثيرٍ من الأحيان في نزاعات بين الورثة واللجوء للمحاكم للتقاضي بين أفراد الأسرة الواحدة ما يثير الفرقة والخلاف، وقال إن كتابة الوصية تتطلب صياغة واضحة ومقننة تكشف عن توزيع التركات، وقال إن خطوة وزارة العدل في الوصية الإلكترونية تعد خطوة مهمة لتشجيع وحث الكثيرين لأهمية كتابة وصيته وله الاستعانة بخبير أو مختص لمعرفة آلية الوصية وكتابتها وأركانها.

وشدد “الروقي” على مراعاة الأصول الشرعية والقانونية ‏في كتابة الوصية بأسلوب وطريقة مثالية تمكن من تنفيذها بسلاسة دون اعتراض من أي من الورثة.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا