الطلب سيرتفع على الألومنيوم والنحاس والزنك نتيجة التحول للاعتماد على الطاقة الشمسية
من المتوقع أن تزداد أهمية المعادن باضطراد خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة من جهة تحول العالم إلى استخدام الطاقات المتجددة، الأمر الذي سوف يضاعف استهلاك المعادن، على المستوى الدولي، بحوالي 4 مرات.
ولذلك تسعى المملكة، من خلال تلبيتها لحاجات سوق المعادن الحالية والمستقبلية، لتعظيم الاستفادة من القطاع التعديني وتحقيق أهدافه الرئيسة المتمثلة في المساهمة في تنويع مصادر الدخل الوطني وتنمية الإيرادات غير النفطية والمساهمة في الناتج المحلي، خاصة وأن مناطق المملكة تزخر بالثروات المعدنية على اختلاف أنواعها والتي تم تقدير قيمتها بـ 5 تريليونات ريال، ما يعني أن لدينا فرصة كبرى للتأثير في مستقبل الطلب على المعادن حول العالم.
ومن هنا، أيضاً، تبرز أهمية قمة مستقبل المعادن التي ستنعقد في الرياض في يناير القادم، حيث أكدت اللجنة المنظمة للقمة، في بيان صحفي نشرته مؤخراً، على أنه قد تم تطوير برنامج القمة، بما يتناسب مع الطلب المتزايد على المعادن المستخدمة في بعض التقنيات مثل تلك التقنيات الخاصة بالسيارات الكهربائية، والألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، بالإضافة إلى تقديم أبرز الابتكارات الخاصة في هذا المجال في قطاع التعدين، وما تضيفه هذه الابتكارات من طرق جديدة وأكثر استدامة لصناعة التعدين.
زيادة الطلب على المعادن الأساس
كما هو معلوم فإن الطاقة الشمسية تعد من أهم مصادر الطاقة المتجددة، حيث بدأت الكثير من دول العالم في إنشاء محطات يتم من خلالها تحويل الطاقة الشمسية لطاقة كهربائية لتشغيل المصانع والمنازل، وذلك في ظل الاهتمام العالمي بالبيئة والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية. وقد توقعت مجموعة الاستشارات (وود ماكنزي) وهي مجموعة عالمية لأبحاث واستشارات المعادن والتعدين، أن يؤدي الاهتمام باستخدامات الطاقة المتجددة والنظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية، إلى زيادة الطلب على المعادن الأساس في السنوات القادمة. وقالت المجموعة، في تقرير صدر حديثا، إنه في الوقت الذي تعمل فيه الحكومات على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بموجب اتفاقية باريس، فإن الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية سيزيد الطلب على العديد من المعادن. وحدد تقرير (وود ماكنزي) بالذات ثلاثة أنواع من المعادن سوف تستفيد من نمو الطلب عليها في صناعات الطاقة المتجددة، وهي الألومنيوم والنحاس والزنك.
ارتفاع الطلب على الألومنيوم
توقع تقرير (وود ماكنزي) أنه بحلول نهاية القرن الحالي، ستكون درجات الحرارة قد ارتفعت بمقدار من 2.8 إلى 3 درجات مئوية عن أوقات ما قبل العصر الصناعي، وفي هذه الحالة، سيرتفع الطلب على الألومنيوم من 2.4 مليون طن في عام 2020 إلى 4.6 مليون طن في عام 2040، نتيجة التوجه نحو المعادن المستخدمة في التقنيات منخفضة الانبعاثات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، حيث يستخدم الألومنيوم في تصنيع الألواح الشمسية وأجزائها الهيكلية.
وإذا ما تحدثنا عن صناعة الألومنيوم في المملكة، فإنالمستهدف هو أن تصبح المملكة من الدول العشر الأولى عالميا في إنتاج الألومنيوم؛ لتسهم، بقدرة فائقة، في تلبية الطلب العالمي المتوقع ارتفاعه على هذه السلعة في المستقبل القريب.
ومن جانبها تعمل شركة “معادن” على استثمار موارد المملكة من البوكسايت لإنتاج الألومنيوم، من خلال أول وأكبر مُجمّع تكامُلي مُترابط عالي الكفاءة لتصنيع الألومنيوم يشهده العالم، في مدينة رأس الخير الصناعية، باستثمارٍ 41 مليار ريال، تمتلكه بالشراكة مع شركة الكوا العالمية التي تعمل في إنتاج الألومنيوم منذ أكثر من 120 عاما.
وتلبي مُـنتجات معادن من الألومنيوم احتياجات السوق المحلية كما يتم تصديرها للعديد من دول العالم. ويساهم هذا المُجمع في تمكين تطوير الصناعات التحويلية من الألومنيوم في المملكة، بما يساند برنامج تطوير الصناعات والخدمات اللوجستية، أحد أهم برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.
مكاسب ملحوظة للنحاس
فيما يتعلق بمعدن آخر هو النحاس يرى تقرير (وود ماكنزي) أن هذا المعدن سوف يحقق مكاسب ملحوظة، نتيجة لكون الطاقة الشمسية ستكون أكثر انتشارا في دول العالم. وتوقع التقرير أن الطلب على النحاس، الناتج عن مشاريع توليد الطاقة الشمسية، سيرتفع من 0.4 مليون طن في عام 2020 إلى 0.7 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040، ومن المتوقع أن يزداد استهلاك النحاس في قطاع الطاقة الشمسية مع إرتفاع درجات الحرارة عالميا نظرا لكفاءته العالية في توليد الطاقة ونقلها مع المحافظة على التأثيرات البيئية.
وفي المملكة كانت هيئة المساحة الجيولوجية أعلنت في عام 2016 أنها اكتشفت، من خلال عمليات التنقيب التي تقوم بها مخزونا للنحاس يتجاوز مئات الملايين من الأطنان في مساحة لا تتجاوز 3 آلاف متر مربع، وستسهم هذه الاكتشافات، بشكل كبير، في مضاعفة إنتاج النحاس.
ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أن شركة “معادن” نجحت في تطوير استكشافات وإنتاج النحاس بالمملكة في مشروع جبل صايد، وهو مشروع سعودي كندي من خلال شركة “معادن – باريك” بنسبة 50 في المئة للجانبين، وباستثمار يقدر بـ810 ملايين ريال وبطاقة تتراوح بين 45 و 60 ألف طن من النحاس، حيث نجحت شركة معادن باريك للنحاس، التي تدير عمليات النحاس لدى معادن، بزيادة نسبة إنتاج الخام عن الهدف المعتمد بنسبة 22 % لتبلغ 1٫632٫958 طن متري عام 2017.
وتؤكد إستراتيجية “معادن” لعام 2025 على إمكانية نمو أعمالها في قطاع النحاس حيث توفر معادن الأساس، وخاصة النحاس والزنك، إمكانات جيدة للدخول في السوق العالمية للمعادن، في وقت تمتلك المملكة مخزونات هائلة من المعادن حيث تبلغ دورة حياة جبل صايد من النحاس، على سبيل المثال، 14 عاماً، باحتياطات مؤكدة وأخرى محتملة تبلغ 23.7 مليون طن، بدرجة تركيز 2.4 %.
طلاء الزنك.. حماية رخيصة ومستدامة
وفي الحديث عن معدن الزنك ذكر تقرير (وود ماكنزي) أن طلاء هذا المعدن فقط هو الذي يمكن أن يوفر حماية رخيصة وطويلة الأمد من تآكل الأجزاء الهيكلية للألواح الشمسية، موضحا أن منشآت الطاقة الشمسية تستهلك حالياً حوالي 0.4 مليون طن من كميات استهلاك معدن الزنك على مستوى العالم.
ووفقا لهذا التقرير من المتوقع أن يزداد الطلب على معدن الزنك ليصل إلى 0.8 مليون طن بحلول عام 2040.