حاورت مجلة أريبيان بزنس عبد الرحمن المهيدب حول هندسة الصفقات العقارية لاستكشاف الفرص والإمكانيات في هذا القطاع
يؤمن عبد الرحمن بن عدنان المهيدب الرئيس التنفيذي لشركة “وثرة” بأهمية هندسة الصفقات ودورها في القطاع العقاري، ويعول عليها للقيام بمهام رئيسية، ولتعزيز وإتمام مراحل الصفقات العقارية، يلفت بداية من القدرة على التصميم، ومروراً بتوفير المدخلات اللازمة لتنفيذ الصفقة بالتكلفة المناسبة والجودة المطلوبة، وليس انتهاءً بالقدرة على توفير التمويل المطلوب، وإيجاد فريق مؤهل في التسويق والمبيعات، وقدرة أفراده على البيع بالأسعار التي تحقق عائدات مالية مستهدفة.
ويرى المهيدب أن قطاع العقارات ليس في حاجة إلى مزيد من الشركات الناشئة، بقدر الحاجة إلى من يقود هذه الشركات إلى بر الأمان، ويساعدها على تجاوز عقباتها والتغلب على تحدياتها، داعياً روّاد الأعمال إلى استثمار النمو الذي يشهده الاقتصاد الوطني، والعوائد المجزية للمشاريع.
المهيدب، في حواره معنا، وجه الدعوة إلى المستثمرين لضخ أموالهم في تقنيات القطاع العقاري، مشيراً إلى أن هناك نقصاً في هذا الجانب، وقال إن هذا القطاع وإن كان متقدماً في المملكة، إلا أنه في حاجة إلى المزيد من الشركات العاملة في المجال نفسه.
ـ بداية دعنا نسألك عن المزايا التي تسهم في نجاح هندسة الصفقات العقارية التي باتت واضحة في المملكة مؤخراً؟
تتطلب هندسة الصفقات العقارية جوانب متعددة، تسهم في سرعة إنجازها، من أبرزها الركن الأساسي المتمثل بوجود فريق تسويق ومبيعات يتميز بالقدرة على ترجمة كل العناصر المميزة للصفقة العقارية أمام عملاء لديهم الرغبة والقدرة على شراء المنتج العقاري للصفقة، ثم يأتي بعدها وجود فريق عمل محترف قادر على التخطيط والتنفيذ وفق المواصفات والمعايير العقارية والهندسية، وقبل هذا وذاك، ينبغي امتلاك رؤية واضحة حول مختلف جوانب السوق العقارية، إلى جانب القدرة والكفاءة المالية، التي تساعد على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
الشركات الناشئة
ـ هل ترى أن عدد ومستوى الشركات الناشئة في قطاع العقارات السعودي يواكب حجم السوق؟
الشركات الناشئة في المملكة تواجه تحديات عديدة، والعبرة ليست بعدد هذه الشركات، بل بمدى قدرتها على مواجهة التحديات والصمود أمام العقبات وبالتالي كيفية اجتيازها.
كما يعلم الجميع التقنية اليوم أصبحت جزء من جميع أعمالنا اليومية، وهي كذلك أهم في قطاع الأعمال، ومن ذلك القطاع العقاري بكل مكوناته، السكنية والتجارية، والاستثمارية.
. وماذا عن العقبات التي تواجه الشركات العقارية الناشئة؟
العقبات والتحديات كثيرة.. ولكن أبرزها الحاجة إلى الخبرة الكافية، خاصة عند بدء العمل في القطاع العقاري برأس مال ضخم، بالإضافة إلى طول فترة الاستثمار، وتنوع المعرفة المطلوبة للإلمام بالمجال العقاري من ناحية التصميمات والهندسة والمقاولات والإنشاء والتسويق والمبيعات، إلى جانب تعدد وتشعب العلاقات والأطراف ذات الصلة بهذه المشاريع العملاقة، وبنظرة فاحصة، نجد أن كل هذه التحديات، إن أحسنا استغلالها، تشكل سر نجاح شركات رواد أعمال في صناعة العقار.
والأمر نفسه ينطبق على ملاك الأراضي، حيث يتواصل معهم العقاري رائد الأعمال، باعتباره مهندس الصفقة، ويقنعهم بجدوى الصفقة والعائد المتوقع لها، والفائدة من دخولهم في الصفقة. ومن يظن أن التمويل هو العائق الأساسي أمام نجاح تلك الصفقات مخطئ، فمهندس الصفقات الناجح يستطيع اجتذاب البنوك وصناديق تمويل العقار، وذلك من أجل توفير التمويل اللازم، بما يضمن النجاح للجميع، لذلك نجد أن الأمر يتطلب حزمة من المهارات الإدارية والتسويقية والتمويلية، إلى جانب مهارات القيادة الفائقة في التعامل مع جميع الأطراف المختلفة ذات الصلة في القطاع العقاري.
ومن التحديات أيضاً، عدم التخطيط الاحترافي، خاصة في ما يتعلق بكيفية إدارة الأزمات الطارئة، وهذا الأمر يتطلب رؤية مستقبلية واضحة المعالم، تتوقع حدوث أزمات ومشكلات، الأمر الذي يساعد كثيراً في تجنب الأزمات وتخطي التحديات.
تقنيات القطاع
ـ وماذا تقول عن فرص الاستثمار في تقنيات القطاع العقاري والمستقبل المرتقب لها؟
في ما يتعلق بتقنيات القطاع العقاري وفرص الاستثمارات فيها، لا أريد أن أقول أن هناك نقصاً في التقنيات الحديثة في القطاع، لكن قطاع العقار في المملكة في هذا الجانب متقدم، لكننا نحتاج إلى المزيد من الشركات العاملة في مجال تقنيات القطاع العقاري ولمزيد من الاستثمارات فيه، وهناك العديد من الفرص المتاحة، لأن التطورات التقنية تسير بوتيرة متسارعة في مختلف دول العالم، لذلك نحتاج إلى مزيد من توظيف التقنيات الحديثة في القطاع، عبر الشركات المحلية والأجنبية، وهذا بدوره يزيد من فرص التنافسية في هذا القطاع الحيوي البالغ الأهمية.
ـ ما سبق يدعونا للسؤال عن دور التقنيات المالية في دعم القطاع العقاري؟
لقد ساهمت تطبيقات التقنية المالية كثيراً في تقليل الجهد، واختصار الوقت في إنجاز المعاملات، ليس على مستوى القطاع العقاري فحسب، وإنما أيضاً على مختلف القطاعات، وهذا يساعدنا كثيراً في تسريع الخطى نحو التحول الرقمي، أو التحول إلى الاقتصاد الرقمي بالكامل، ومنها الدفع الإلكتروني، وإنجاز مختلف المعاملات إلكترونياً، والحصول على ائتمان عقاري إلكترونياً، إلى جانب إدارة الاستثمارات وإنجاز الكثير من الأنشطة المالية العقارية عبر التقنية المالية.
الرهن العقاري
– إذن، إلى أي مدى تشهد هذه التقنيات المالية تطورات وتحديثات تخدم القطاع؟
التطورات كثيرة ونوعية، تكمن في قدرتها على تقديم خدمات متعددة ومتنوعة بشكل أكثر سهولة وأكثر يسرًا، أبرزها خدمات الرهن العقاري، وكذلك خدمات التداول، وذلك عبر عروض ذكية ومبسطة، وهذا بدوره يعزز فعالية شركات القطاع العقاري، بالإضافة إلى مساعدتها في خفض التكاليف المرتبطة بالمعاملات التي كانت في السابق تتم بشكل تقليدي، وكل ذلك يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030 التي تحفز على تحول اقتصاد المملكة إلى الاقتصاد الرقمي بالكامل.
– كيف ترى التوجهات الحديثة في تصميم المباني السكنية والتجارية.. هل هناك دور للتكنولوجيا فيها؟
– في الماضي، كان الهدف الأساسي للمطور العقاري تحقيق عائد مادي، أما حالياً، فقد أصبح لزاما عليه أن يركز اهتمامه على المصلحة العامة للمبنى السكني والتجاري، إلى جانب اتباع معايير الاستدامة في مختلف قطاعات الحياة.
وبالتأكيد، فإن استخدام التكنولوجيا الحديثة في تصميم المباني أصبح ضرورة ملحة، ما ساهم في تحقيق نقلة نوعية للمباني السكنية والتجارية، وجعلها تواكب متطلبات الأجيال المستقبلية، لأن هذه التكنولوجيا تحث على استخدام شبكات التحكم الإلكتروني، وتطبيق الحلول الذكية (المدن الذكية)، ومعايير ومواصفات التصميم البيئي، عبر إتاحة استخدام وسائل التهوية والإضاءة الطبيعية.
وأستطيع التأكيد أن العاملين في القطاع العقاري في المملكة بدأوا يركزون خلال السنوات القليلة الماضية على تطبيق المواصفات والمعايير العالمية، وفي هذا الصدد، يعمل كود البناء السعودي على تحقيق الحد المعقول من الاشتراطات والمتطلبات التي تعمل على ضبط جودة البناء، وفقاً للمعايير الدولية.
معادلة الاستثمار
ـ كيف يمكننا تذليل عقبات خوض الاستثمار في هذا القطاع؟ وهل يتم ذلك عبر تأسيس العلاقات مع الأطراف المختلفة في معادلة الاستثمار والعمل في قطاع العقار؟
بفضل السياسات الحكيمة لحكومة خادم الحرمين الشريفين، فقد شهد الاستثمار في قطاع العقار حراكاً كبيراً، وهناك قرارات عديدة ساهمت في هذا الحراك بكل أنواعه، وأهمها إطلاق صناديق الريت وعدد من الصناديق العقارية ذات المركز المالي القوي، والتوسع في إطلاق ودعم المشاريع السياحية والترفيهية، وإطلاق المشاريع العملاقة، مثل نيوم وذا لاين، والبحر الأحمر، والقدية، والسودة، وداون تاون السعودية، وهيئات ومكاتب التطوير، بالإضافة إلى اعتماد البيع على الخارطة، ورفع نسبة القروض العقارية إلى 85%، واعتماد كود البناء السعودي.
وأستطيع التأكيد أنه من خلال التعاون المشترك مع الجهات العاملة في مجال الاستثمار في القطاع العقاري، يمكن أن يتم تذليل العقبات الاستثمارية، وذلك عبر بناء علاقات وشراكات استراتيجية، للدخول في الاستثمار برؤى واضحة، تتسم بالشفافية، ومن ذلك اندماج الشركات لإنشاء كيانات قوية قادرة على مواجهات تحديدات الاستثمار العقاري، وتجاوز عقباته، وبالتالي تحقيق عوائد وأرباح كبيرة.
ـ هناك منتجات استثمارية عدة أبعد من كونها منتجات عقارية قابلة للشراء أو الاستئجار، مثل صناديق الاستثمار العقاري.. فهل ترى لها دوراً محتملاً في المستقبل؟
– لا شك أن صناديق الاستثمار العقاري تساهم بدور كبير في الاستثمار العقاري، وذلك لأنها تتمتع بمزايا عديدة تجعلها جذابة للمستثمرين والمساهمين، منها سهولة الاستثمار فيها لتميزها بوضوح أنظمتها وسهولة التعامل بوحداتها في البيع والشراء، وذلك مثلها مثل الأسهم المدرجة في السوق المالية، لذلك أرى من وجهة نظري أن لها دوراً كبيراً في المستقبل، وبالتحديد للذين يرغبون في تحقيق دخل مالي مستقر، دون الدخول في استثمارات طويلة المدى ومعقدة في الجوانب الإدارية والمالية، ونسبة لمزاياها العديدة أصبحت صناديق الاستثمار العقاري تجد إقبالاً كبيراً للدخول في الاستثمار فيها.
المهارات القيادية
ـ ما هي نصيحتكم لجيل لرواد الأعمال في جميع القطاعات؟
أدعو شباب ريادة الأعمال إلى الإقدام بكل جرأة على تحقيق الحلم، متسلحين بقدرتهم على هندسة الصفقات والمهارات القيادية والتسويقية، فضلاً عن العلاقات اللازمة، كما أدعوهم في هذه المرحلة إلى استثمار النمو غير المسبوق في القطاعات المختلفة، والعائدات الكبيرة على الاستثمارات، فضلاً عن النهضة الشاملة التي وضعت أسسها المحاور الأساسية لرؤية 2030 التي تقدم دعماً غير مسبوق لرواد الأعمال في صورة تأهيل وتدريب، وكذلك تيسير الإجراءات والوصول إلى التمويل اللازم وكل عناصر هندسة الصفقات العقارية.
ـ عبد الرحمن المهيدب الرئيس التنفيذي لشركة وثرة للتطوير العقاري، في سطور:
حاصل على بكالوريوس في إدارة التسويق من “جامعة أنجليا روسكين” في المملكة المتحدة، كما أنه حاصل على شهادة تحليل استثمار العقارات التجارية من قبل “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” في الولايات المتحدة الأميركية.
حاز عبد الرحمن على العديد من الجوائز المرموقة، كما تولى رئاسة إدارة العديد من الشركات مثل “ثيرد آي للمقاولات” و”ثيرد آي القابضة” و”كازمارت”، فضلاً عن عضوية مجالس إدارات شركات هامة، وهو عضو مجلس إدارة كل من “شركة لوكسبورو العقارية” في لندن، “شركة أدير الدولية” في بريطانيا، “صندوق أريب”، “مشروع رواسي جبل عمر 1″، “صندوق أديم
التعليمي”، “مجموعة أريب المالية”، “شركة أدير العقارية”، “صندوق جدة للضيافة” التابع لـ “شركة نمو المالية”، “لوجستيك بارك” التابع لـ”أديم المالية”، كما أنه نائب رئيس اللجنة العقارية في مجلس الأعمال السعودي الإماراتي، إضافة إلى عضويته في صندوق الفرص العقارية في شركة “أديم المالية”. وشغل عضوية مجلس إدارة “مجموعة عقال للمستثمرين الأفراد” في منطقة مكة المكرمة، وكان عضواً في اللجنة العقارية بـ”غرفة جدة”، ولجنة تطوير العمران في الغرفة ذاتها واللجنة العقارية في “غرفة الرياض” عام 2018.