نجح بحث رائد في تحديد تسلسل جينوم كامل لأحد أفراد مصر من المملكة القديمة وهو جينوم عمره 5000 عام كاشفًا أن حوالي 20% من أصوله الجينية تعود إلى الهلال الخصيب الشرقي. هذه النتيجة، المنشورة في مجلة نيتشر Nature ، تخالف الافتراضات السابقة حول عزلة الشعوب المصرية القديمة، وتشير إلى هجرة بشرية كبيرة واتصال بمناطق، بما في ذلك بلاد ما بين النهرين، خلال فترة محورية من الحضارة المصرية. وتشير الدراسة أنه على مدى آلاف السنين، ازدهرت الحضارة المصرية القديمة المتقدمة، إلا أن التركيب الجيني والترابط بين سكانها الأوائل ظل لغزًا إلى حد كبير بسبب سوء حفظ الحمض النووي.
ونجح باحثون من معهد فرانسيس كريك وجامعة ليفربول جون مورز في استخلاص وتسلسل الحمض النووي الكامل لبقايا إنسان مصري عاش قبل 4500 إلى 4800 عام، أي في فترة بناء الأهرامات الأولى. تمثل هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة “نيتشر” في 2 يوليو، نقطة تحول في فهمنا للتاريخ الوراثي لمصر القديمة وعلاقاتها الثقافية والبشرية مع جيرانها في غرب آسيا. يُعد هذا التسلسل الجيني الأول على الإطلاق الذي يتم الحصول عليه من مصر القديمة، ويأتي بعد عقود من المحاولات غير الناجحة لاستخلاص الحمض النووي من المومياوات، والتي كانت تواجه صعوبات بالغة بسبب الظروف المناخية الحارة والجافة التي تؤثر على حفظ المادة الوراثية.
هذه الدراسة الجديدة، بقيادة أدلين موريز جاكوبس وفريق من الباحثين الدوليين، تمكنت من التغلب على هذه التحديات من خلال تسلسل جينوم كامل بتغطية مضاعفة من ذكر بالغ تم التنقيب عنه في النويرات. يُحدد التأريخ بالكربون المشع حياة هذا الفرد بين عامي 2855 و2570 قبل الميلاد، وهي فترة تربط بين عصر الأسرات المبكرة وعصر الدولة القديمة، بعد بضعة قرون من توحيد مصر. ويُعزى الحفاظ الاستثنائي على حمضه النووي، جزئيًا، إلى دفنه في إناء خزفي داخل مقبرة منحوتة في الصخر. يتوافق معظم جينوم المصري القديم مع أصول العصر الحجري الحديث في شمال إفريقيا. ومع ذلك، فإن اكتشاف صلة وراثية كبيرة بنسبة 20% مع سكان الهلال الخصيب الشرقي – الذي يشمل بلاد ما بين النهرين والمناطق المحيطة بها – له أهمية خاصة. يعكس هذا الرابط الجيني الأصول التي لوحظت في الأناضول وبلاد الشام خلال العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي.