أفاد تقرير مطول لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الجمعة أن الحكومة الألمانية تتطلع إلى إيجاد “حلول غير بيروقراطية قدر الإمكان” لمنح تأشيرات (فيزا) للناجين من كارثة الزلزال الذي ضرب كل من سوريا وتركيا قبل أيام.
ويأتي ذلك على خلفية رغبة كثير من الأقارب في ألمانيا استقبال أقاربهم الناجين من كارثة الزلزال الذي خلف عشرات آلاف الضحايا.
ودعا نواب برلمانيون على المستوى الاتحادي والولايات من حزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى إتاحة إمكانية للمتضررين يمكنهم من خلالها العثور على سكن مع أقاربهم في ألمانيا على المدى القصير من دون بيروقراطية.
ويحتاج الأفراد المتضررين من كارثة الزلزال في سوريا وتركيا، بصفتهم مواطنين من دول غير عضوة في الاتحاد الأوروبي، إلى تأشيرة لدخول منطقة التنقل الحر شينغن.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية اليوم الجمعة، بحسب التقرير، إنها تعمل عن كثب مع وزارة الداخلية الألمانية “لتمكين إيجاد حل عملي بسرعة كبيرة في هذه الحالات”، موضحة أن العديد من أفراد الجالية التركية في ألمانيا يريدون استقبال الأقارب المتضررين مؤقتاً.
وأضافت “مهمتنا الآن هي أن نرى كيف يمكننا جعل ذلك ممكناً”، موضحة أنه ليس بالإمكان الآن تقديم تسهيلات للحصول على التأشيرة، لأن هناك عدداً غير قليل من الجوانب التي يجب مراعاتها، مثل ما إذا كان المتضررون لا يزال لديهم جواز سفر وكيف يمكنهم الحصول على تأشيرة.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الوزارتين (الخارجية والداخلية) تتشاوران لإيجاد “حلول غير بيروقراطية قدر الإمكان”.
وذكرت وزارة الخارجية الألمانية إن المواعيد المؤكدة في مركز طلبات التأشيرة في مدينة غازي عنتاب التركية لا تزال سارية على الرغم من تضرر المركز نفسه بسبب الزلزال، موضحة أنه يمكن إجراء المقابلات والمواعيد في مركز آخر في تركيا.
وفي ضوء إغلاق السفارة في العاصمة السورية دمشق، يمكن للمتقدمين من سوريا الاستمرار في اللجوء إلى السفارات الألمانية في العاصمة اللبنانية بيروت أو العاصمة الأردنية عمان أو مدينة إسطنبول التركية.
الأتراك والسوريين في ألمانيا
يبلغ عدد الأتراك في ألمانيا نحو مليوني تركي، بحسب إحصائيات شبه رسمية، في حين بلغ عدد اللاجئين السوريين في ألمانيا نحو 800 ألف سوري في العام 2021 بحسب إحصائية سابقة للمكتب الإحصائي الاتحادي الألماني.
زلزال سوريا وتركيا المدمر
ارتفع عدد القتلى من جراء الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة في تركيا وسوريا فجر يوم الإثنين إلى ما يزيد على 22 ألف شخص حتى الآن، وسط تحذيرات أممية بأننا لم نقف بعد على حدود الكارثة.
ولا يزال عمّال الإنقاذ يعثرون على أحياء تحت الأنقاض، رغم مرور أكثر من أربعة أيام على وقوع الزلزال.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي اليوم الجمعة، إن استجابة السلطات في بلاده للزلزال المدمر، الذي ضرب مناطق واسعة في الجنوب، لم تأت بالسرعة المطلوبة.
ومن محافظة أديامان المنكوبة في تركيا، أعلن أردوغان أن أعداد الوفيات جراء الزلزال في تركيا قفزت إلى نحو 19 ألف شخص.
وقال أردوغان إن بعض الناس ينهبون المحال التجارية ويهاجمون مقارّ الأعمال، وإن حالة الطوارئ المعلنة في المنطقة ستمكّن الدولة من فرض العقوبات الضرورية.
حدود الكارثة
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “حدود الكارثة لم تتضح بعد أمام أعيننا”، لا سيما في سوريا التي تتمزق تحت وطأة حرب أهلية منذ أعوام.
في يوم أمس الخميس، وصلت أولى قوافل الإغاثة الأممية إلى الشمال الغربي السوري الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة المدعومة من قبل أنقرة عن طريق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويعد باب الهوى المعبر الوحيد الذي يمكن أن تدخل من خلاله المساعدات الأممية إلى مناطق الشمال الغربي السوري دون المرور بمناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية السورية.
ووعد الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم المزيد من المساعدات، وحثّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على السماح بوصول المساعدات إلى سوريا عبر أكثر من معبر.
وقال غوتيريش “هذه هي لحظة الاتحاد، ليست لحظة تسييس أو تقسيم. إننا بحاجة ماسة إلى تقديم دعم كبير”.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن منيرة محمد وهي أم لأربعة أبناء، وقد نزحوا جميعا من مدينة حلب بعد الزلزال، القول إن أسرتها في حاجة ماسة إلى التدفئة والمزيد من الدعم.
وأضافت منيرة “ليلة أمس لم تغمض لنا جفون من شدة البرد. إن الوضع بالغ السوء”.
تحذيرات من كارثة ثانية
قال مسؤولون اليوم الجمعة إن 18.342 شخصاً لقوا مصرعهم في تركيا، متجاوزين بذلك عدد القتلى جراء زلزال مشابه ضرب شمال غربي تركيا في عام 1999 والذي أسفر عن سقوط 17 ألف قتيل.
وأفاد آخر التحديثات الواردة من سوريا بوصول حصيلة قتلى الزلزال إلى 3.377 شخصاً.
أكبر الكوارث في القرن الجديد
يعد هذا الزلزال أحد أكثر الكوارث الطبيعية الدامية في القرن الجديد، متجاوزاً كوارث أخرى كزلزال وتسونامي ضرب اليابان في العام 2011.
وحذرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من أن كارثة إنسانية أخرى قد تقع ما لم يحصل الناجون من الزلزال على مأوى وغذاء وماء ودواء “على وجه السرعة”.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوغ، إن العاملين في المنظمة بمنطقة غازي عنتاب التركية ينامون في السيارات لأنه “لا تزال هناك مئات ومئات من الهزات الارتدادية”.
ونوّه كلوغ، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى أن هناك مجتمعات في سوريا تعتمد على مياه الخزانات والتي كانت أول ما انهار جراء الزلزال. وقال إن الخزانات تحتاج إلى بديل، وإلا ستواجه البلاد موجات تفشٍّ لوباء الكوليرا – وهو أمر كان يُخشى وقوعه حتى من قبل الزلزال.
وتعهد البنك الدولي، أمس الخميس، بتقديم 1.78 مليار دولار كمساعدة إلى تركيا، بما في ذلك تمويل فوري لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية، ولدعم المتضررين من الزلزال.