ارتفعت اليوم الاثنين أسعار الذهب بمعدل 0.5% ليتجاوز 3604 دولارات للأونصة، مقتربة من مستوياتها القياسية المسجلة يوم الجمعة، ويأتي ذلط مدفوعاً ببيانات وظائف أمريكية أضعف من المتوقع. هذا التطور عزز التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما يجعل المعدن الأصفر أكثر جاذبية للمستثمرين بحسب بلومبرغ. في نهاية الأسبوع الماضي، لم يكن الذهب مجرد معدن ثمين يُتداول في البورصات، بل أصبح محور قصة اقتصادية مثيرة، تُروى فصولها بتفاصيل دقيقة. ارتفع سعره ليقترب من قمته القياسية التي سجلها يوم الجمعة، مدفوعاً بتقرير أمريكي جاءت نتائجه مفاجئة ومخيبة للآمال في آن واحد.
ولم يكن التقرير يتحدث عن أرقام مالية معقدة، بل كان يحمل أخباراً عن الوظائف في الولايات المتحدة، والتي أظهرت تباطؤاً غير متوقع في التوظيف، وارتفاعاً في معدل البطالة لأعلى مستوى له منذ عام 2021. هذه الأرقام، التي قد تبدو سلبية للوهلة الأولى، كانت بمثابة وقود للمتداولين، الذين زادوا رهاناتهم على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة.
انخفاض الفائدة يجعل الذهب، الذي لا يدر عائداً، أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات الأخرى. هكذا، قفز المعدن النفيس بنسبة 1.5% في أواخر جلسة الجمعة، ليصبح على بعد حوالي 20 دولاراً فقط من ذروته الأخيرة بـ 3600 دولار للأونصة.
هناك عامل آخر لا يقل أهمية، وهو السياسة. ففي الأيام الماضية، تضاعفت أسعار الذهب والفضة، ليس فقط بسبب العوامل الاقتصادية، بل أيضاً نتيجة لتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية. عاد اسم الرئيس السابق دونالد ترمب إلى الواجهة، بتهديداته التي استهدفت استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما أثار قلق المستثمرين. فالبنوك المركزية المستقلة هي صمام الأمان للاقتصاد، وأي مساس بها قد يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، وأفضلها هو الذهب.
لم تكن تصرفات ترمب مجرد كلمات، فقد اتخذت إدارته خطوة عملية باستثناء سبائك الذهب من الرسوم الجمركية، مما أزال حالة من الارتباك سادت السوق العالمية. وفي الوقت نفسه، كان هناك لاعب آخر مهم في هذه القصة، وهو البنك المركزي الصيني، الذي استمر في زيادة احتياطياته من الذهب للشهر العاشر على التوالي، في خطوة واضحة لتنويع احتياطياته بعيداً عن الدولار الأمريكي.
وفي خضم كل هذا، لا تزال الأنظار متجهة إلى المستقبل القريب. فالأسبوع الحالي يحمل في طياته أحداثاً قد تغير مسار القصة بالكامل، من مراجعات بيانات الوظائف، إلى بيانات التضخم، ومزادات سندات الخزانة الأمريكية. فهل سيستمر الذهب في صعوده؟ أم أن هناك فصلاً جديداً ينتظر أن يُكتب؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.