Posted inمقالاتآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسأخبار السعودية

تنامي الثقة في الطروحات الثانوية: مؤشر قوي على نضج السوق السعودي

تعمل الطروحات الثانوية على تعزيز جاذبية السوق السعودي وترسيخ مكانته في المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة.

الطروحات الثانوية

تشهد الأسواق المالية في المملكة العربية السعودية نشاطًا متزايدًا، ليس فقط من خلال الطروحات العامة الأولية التي تحظى باهتمام كبير، وإنما أيضًا من خلال الطروحات الثانوية، حيث تقوم الشركات أو أحد مستثمريها الرئيسيين ببيع حصصهم في السوق الثانوية بعد الطرح العام الأولي، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في تعزيز نشاط السوق، حيث ينعكس أثره على السوق الرئيسية والاقتصاد السعودي بشكل عام.

وتُسلّط أرقام عام 2024 الضوء على هذا التحول، حيث نفّذت شركة “أرامكو السعودية” في شهر يونيو 2024، أول طرح ثانوي لها بعد الطرح العام الأولي في 2019، والذي جمعت المملكة العربية السعودية من خلاله ما قيمته 11.2 مليار دولار من خلال الطرح العام الثانوي المُسوَّق بالكامل لأسهم الشركة، وهو ما يعد أكبر طرح عام ثانوي في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا منذ عام 2000، وأكبر عملية طرح لأسهم في الشرق الأوسط، بعد الطرح العام الأولي للشركة في عام 2019.

وفي نوفمبر 2024، أتمَّ صندوق الاستثمارات العامة بيع جزء من حصته في شركة الاتصالات السعودية (STC) من خلال الطرح العام الثانوي الذي بلغت قيمته 1.03 مليار دولار، وذلك ضمن استراتيجية الصندوق لإعادة تدوير رأس المال والاستثمار في قطاعات جديدة في الاقتصاد المحلي.

ويُعد هذا الطرح أكبر عملية بناء سجل أوامر مسرّع في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تهدف إلى جذب المستثمرين المؤسساتيين عبر تنفيذ سريع في أقل من 48 ساعة.

ويعكس نجاح هذه الصفقات التطوُّر المتزايد للسوق السعودي، فبينما كان المستثمرون يتعاملون سابقًا بحذر مع الطروحات الثانوية -مثل الطروحات العامة الثانوية المسوَّقَة بالكامل، وعملية بناء سجل أوامر مسرّع-، فقد عزَّزت الجهود المشتركة في الوقت الحالي من كبار اللاعبين في السوق، إلى جانب جهود هيئة السوق المالية، والسوق المالية السعودية، من ثقة المستثمرين في هذه الآليات، مما جعلها أداة قوية لجذب الاستثمارات في هذه المرحلة المحورية من نمو الاقتصاد السعودي.

تعزيز الإطار التنظيمي

بدأت هذه التحولات بشكل ملموس في عام 2021، عندما تعاونت شركة الأهلي المالية مع هيئة السوق المالية ومستشارين آخرين لصياغة إطار تنظيمي واضح لعملية الطرح العام الثانوي المسوَّق بالكامل لأسهم شركة الاتصالات السعودية (STC) الذي بلغت قيمته 3.2 مليار دولار، والذي يُعد الأول من نوعه في السوق المالية السعودية، وهي الصفقة التي أرست الأساس لمزيدٍ من الصفقات البارزة الأخرى.

وتابعت الهيئة هذه الجهود في 2023، بإطلاقها استطلاعًا حول “مشروع الإطار التنظيمي المقترح لتنظيم الطروحات الثانوية في السوق المالية السعودية”، والذي سيُطَبَّق على كل من السوق الرئيسية (تاسي) والسوق الموازية (نمو)، بما يُسهم في تحسين تسعير الطروحات وتسريع تنفيذها، ويعزز العرض والطلب على الطروحات الثانوية المنظمة.

ويأتي مشروع الإطار التنظيمي لتنظيم الطروحات الثانوية ضمن مجموعة من مشاريع الأطر التنظيمية الهادفة إلى تعزيز جاذبية السوق السعودية للاستثمار، بما في ذلك الإطار التنظيمي المقترح لإدراج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في السوق المالية السعودية، والإطار التنظيمي لطرح شهادات الإيداع في السوق المالية السعودية.

السعودية سوقٌ جاذبة للمستثمرين الدوليين

تعمل الطروحات الثانوية على تعزيز جاذبية السوق السعودي وترسيخ مكانته في المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة، وذلك من خلال زيادة عدد الأسهم القابلة للتداول للشركات المدرجة، مستفيدةً في ذلك من عملية بناء سجل الأوامر المسرّع، والآلية المنظمة للطروحات الثانوية المسوّقة بالكامل، فبينما تتجه الطروحات الأولية إلى تخصيص حصص أكبر للمستثمرين المحليين، تستهدف الطروحات الثانوية بشكل أكبر المستثمرين على نطاق واسع، خاصةً المستثمرين الدوليين، وهو ما يتضح من مشاركتهم البارزة في الطرح العام الثانوي المسوَّق بالكامل لشركة “أرامكو السعودية” وعملية بناء سجل الأوامر المسرّع لشركة (STC).

ويُلاحَظ بوضوح أن من يقود هذه العملية هي مؤسسات السوق المالية المحلية، حيث تعمل هذه المؤسسات بشكل مشترك مع البنوك الدولية في تنفيذ هذه الصفقات، ويُظهر هذا التحول ريادة النظام المالي في المملكة العربية السعودية، الذي لا يكتفي بمواكبة المعايير العالمية فحسب، بل يضع أيضًا معايير جديدة.

نمو وتنوُّع الاقتصاد السعودي

يأتي الاهتمام المتزايد من جانب المستثمرين بالطروحات الثانوية في السعودية في توقيت محوري يتزامن مع تنفيذ مشاريع رؤية السعودية 2030، التي تفتح آفاقًا جديدة أمام عصرٍ من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وتطوير مجموعة من المشاريع العملاقة، التي تتطلب بدورها استثمارات عالمية ضخمة، تسعى الحكومة إلى جذبها بما يدعم برنامجها الشامل للإنفاق العام.

وتعد الطروحات الثانوية أداة رئيسية في هذا السياق، حيث تتيح آليات مثل عملية بناء سجل الأوامر المسرّع والآلية المنظمة للطروحات الثانوية المسوّقة بالكامل، للمؤسسات الإسهام بفعالية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، مثل صندوق الاستثمارات العامة الذي يعمل من خلال استراتيجيته لتدوير رأس المال على دعم تنفيذ هذه الرؤية عبر توجيهه للقطاعات الجديدة، كما توفر هذه الطروحات للمستثمرين الدوليين فرصة الوصول إلى حصص كبيرة من الأسهم، الأمر الذي يَصعُب أو يستحيل أحيانًا في السوق المفتوحة.

وبالنظر للفاعلية التي أثبتتها الطروحات الثانوية في الأسواق العالمية، تزداد احتمالية أن تكون أحد محركات تنمية وتنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية، ففي النصف الأول من عام 2024، سجلت بورصة لندن ارتفاعًا في عدد الطروحات الثانوية، بعد تراجُع نشاط الطروحات العامة الأولية، حيث بلغت القيمة الإجمالية لـ 110 صفقة 11.5 مليار دولار، وهو أعلى حجم منذ عام 2021.

كما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية نموًا متزايدًا في الطروحات الثانوية، مثل جمع مجموعة “ستيبستون” العالمية المدرجة في بورصة “ناسداك” 7.4 مليار دولار في سبتمبر، من خلال صندوقها الثانوي الخامس للاستثمار في الأسهم الخاصة.

وبناء على كل ما سبق، فإن نمو الطروحات الثانوية يمثل فصلاً جديدًا للأسواق المالية السعودية، فمع استمرار التطورات التنظيمية وزيادة ثقة المستثمرين في السوق، ستظل هذه الصفقات أداة حيوية لزيادة التنوع الاقتصادي، وتعزيز الشفافية، وتمكين الأسواق المالية من دعم مسار النمو في المملكة العربية السعودية.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
زيد الغول

زيد الغول

زيد الغول - رئيس إدارة الاستثمارات المصرفية يتمتع زيد بخبرة تتجاوز 30 عامًا في مجالات تمويل الشركات والخدمات المصرفية...