تراجع الدولار بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، مسجل أسوأ خسارة له منذ ما يقارب 3 سنوات، ورغم التوقعات الأولية التي كانت تشير إلى أن فرض الرسوم الجمركية من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيؤدي إلى رفع قيمة الدولار، إلا أن الأداء الفعلي كان مخالفًا لذلك تمامًا.
وفي ظل هذه التذبذبات، يبقى السؤال قائمًا: هل ستعود العملة الخضراء للارتفاع بسرعة أم أن تراجع قيمتها قد يستمر لفترة أطول؟
تراجع مفاجئ للدولار بعد فرض الرسوم الجمركية
وحسب مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أوضح الخبير الاقتصادي روبرت أرمسترونغ أن الدولار قد شهد تراجعًا حادًا بعد فرض الرسوم الجمركية من قبل ترامب، وهو ما يثير استغرابًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية.
وكان من المتوقع أن تؤدي هذه الرسوم إلى رفع قيمة الدولار نتيجة لانخفاض الطلب على الواردات، مما يقلل من الطلب على العملات الأخرى مثل اليورو والين الياباني.
وأضاف أرمسترونغ، إن هناك مجموعة من الأمور الغريبة التي قد تحدث في أيام مثل هذه الأيام الحالية، عندما تضطر الأسواق إلى إعادة ترتيب أوضاعها المالية بسرعة بعد صدمة كبيرة.
وفي هذا السياق، أوضحت كالفن تسي، رئيس قسم الاستراتيجية والاقتصاد الأميركي في بنك بي إن بي باريبا، قائلة: “كان تقييمنا لأسواق الصرف الأجنبي يعتمد على عاملين رئيسيين لتحديد تأثير الرسوم الجمركية الجديدة. على وجه الخصوص، لكي يرتفع الدولار بشكل ملحوظ، كان يجب أن تكون الرسوم أكبر بكثير من التوقعات وأن تستمر لفترة طويلة. وقد تم تحقيق الشرط الأول فقط”.

من جهة أخرى، أشار أرمسترونغ إلى أن أحد العوامل التي قد تساهم في هبوط الدولار هو انخفاض العوائد على السندات الأميركية مقارنة بالسندات السيادية الأخرى.
المستثمرون يخفّضون استثماراتهم في الأصول الأميركية
أما المحلل الاقتصادي جيمس أثي، فيرى أن سبب التراجع قد يكون مرتبطًا بتخفيض المستثمرين العالميين لاستثماراتهم في الأصول الأميركية ذات المخاطر العالية، مضيفا أن التدفقات الأجنبية إلى سندات الخزانة الأميركية قد تكون أقل من المتوقع، مما يؤدي إلى مزيد من الضغط على الدولار.
ويشير المقال المنشور في “فايننشال تايمز” إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستؤثر سلبًا على الاقتصاد الأميركي، ومن المرجح أن تلحق أضرارًا أكبر بالاقتصادات الأخرى.

ويلفت المقال إلى أنه في فترات الاضطرابات العالمية، كان المستثمرون عادة ما يتجهون نحو الدولار وأصوله كملاذ آمن، وهو ما لم يحدث هذه المرة، مما ساهم في تراجع قيمة الدولار.
ويعتقد بعض المحللين أن هناك تحولًا تدريجيًا بعيدًا عن الدولار الأميركي، إلا أن مايكل هاول، المحلل في “كروس بوردر كابيتال”، يشير إلى أنه “لا يوجد دليل على أن الأموال تغادر الولايات المتحدة بشكل كبير”.
وأضاف هاول، قائلًا: “البيانات المتعلقة بتدفقات رأس المال لا تدعم هذا الافتراض؛ ففي نهاية فبراير، لم تكن هناك إشارات على تحول كبير بعيدًا عن الدولار، التحركات الأخيرة في مؤشر الدولار لا تكفي للإشارة إلى تحول طويل الأمد نحو الخروج من الولايات المتحدة