Posted inمصارف (بنوك)

تجفيف السيولة للحد من التضخم

في سعيها للحد من التضخم،عمدت بعض الدول الخليجية في الآونة الأخيرة إلى تقييد القروض الاستهلاكية التي شهدت زيادة كبيرة خلال السنوات الماضية،

تجفيف السيولة للحد من التضخم

في سعيها للحد من التضخم،عمدت بعض الدول الخليجية في الآونة الأخيرة إلى تقييد القروض الاستهلاكية التي شهدت زيادة كبيرة خلال السنوات الماضية، وإلى ضبط وترشيد سوق الإقراض ككل وبخاصة بعد الارتفاع غير المسبوق في السيولة المالية.

ولأجل امتصاص تلك السيولة، اتخذت بنوك مركزية خليجية إجراءات رفعت نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بنسبة 1 % لتصل في بعض البنوك إلى 12 % من حجم ودائعها الإجمالية.

الارتفاع الكبير للسيولة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب تحجيم قدرة البنوك على التوسع في الإقراض وبخاصة في مجال القروض الاستهلاكية التي شهدت زيادة كبيرة خلال السنوات الماضية، كما يتطلب رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك وهو ما عملت به حتى الآن سلطنة عمان وقطر.

فلسنوات طويلة، ظلت نسبة الاحتياطي في البنوك الخليجية في حدود 3 % أن لم يكن أقل (2.75 %) لكن هذه النسبة ارتفعت في البلدين إلى نحو 4.75 % وبخاصة بعد القرارات المتتالية للبنك المركزي الأمريكي بخفض سعر الفائدة.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه معظم المحللين استمرار الاتجاه الصعودي لمستويات التضخم في المنطقة نظرا لأن دول الخليج باستثناء الكويت ترفض فك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي، كما ترفض التفكير في رفع أسعار صرف عملاتها.

وفي هذا الإطار، قال ماريوس ماراسيفتس، المدير الإقليمي للأبحاث لدى بنك ستاندارد تشارترد «لسوء الحظ، ما يناسب الولايات المتحدة لا يناسب اقتصاد الخليج. ما يقلقني ليس المستويات الحالية للتضخم، بل المستويات المستقبلية المنتظر تسجيلها. هذا بالإضافة إلى أن رفع أسعار الصرف سيساعد على سحب السيولة من النظام المالي».

وبينما يرى الخبير الاقتصادي البحريني أحمد اليوشع أن ” نحو 40 في المئة من أسباب التضخم في البحرين تعود لانخفاض قيمة الدينار البحريني بسبب تراجع الدولار». رأت دراسة نشرتها الأمانة العامة لاتحاد الغرف التجارية في دول مجلس التعاون أن «توفر السيولة الذي يصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات وانخفاض قيمة العملات الوطنية جراء تراجع الدولار سببان رئيسيان للتضخم”.

وأكد اليوشع أن «معدلات نمو حجم النقد في دول الخليج تتجاوز أحيانا نسبة 20 %» وأن ذلك ينعكس على الطلب الذي ينعكس بدوره على الأسعار».

ويتفق واضعو الدراسة واليوشع على أن «تقليل حجم السيولة» و»خفض الانفاق الحكومي» و«رفع سعر الفائدة من السياسات المالية والسياسات النقدية» توفر الوسائل الممكنة للحد من إجراءات التضخم.

وقال اليوشع أن «محاولة التحكم في حجم السيولة هي سلاح ذو حدين» موضحا انه في عهد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر وأيضا في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان تم تبني سياسة تخفيض معدل السيولة لكن ذلك تم على حساب النمو الاقتصادي الذي تراجع مع ارتفاع حجم البطالة».

الإمارات تتحرك

ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، بحث المجلس الوطني الاتحادي قبل أيام، وضع ضوابط جديدة للقروض الاستهلاكية، بعد أن تلقى طلبا بذلك من 7 نواب في المجلس.

وفي الإمارات ارتفعت المؤشرات النقدية خلال النصف الأول من العام الماضي 2007 عرض النقد «ن 1» بنسبة 25 % مقارنة بمستواه في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2006 كما زاد عرض النقد الواسع»ن 2» بنسبة 19.1 % وعرض النقد “ن 3» بنسبة 18.5 %.


وقال سلطان ناصر السويدي حاكم المصرف المركزي الإماراتي أن هناك سياسات نقدية يتم من خلالها السيطرة على السيولة، حيث يشترط المصرف المركزي وجود 14 % في الحسابات الجارية وتحت الطلب لدى البنوك.

من جانبه قال رئيس اللجنة المالية بالمجلس الوطني حمد حارث المدفع إن هناك اتجاها لإلغاء الضوابط الحالية، ووضع ضوابط جديدة «نحافظ من خلالها على الكيان الاجتماعي لمواطني الدولة، وتقنن عملية الإقراض لتصبح موجهة أكثر إلى الإنتاج بدلا من ترسيخ المفاهيم الاستهلاكية التي تساعد بدورها في زيادة التضخم».

وقال المدفع «إن الضوابط الأخيرة التي تسربت عن البنك المركزي ليست كافية، وإن أعضاء المجلس سيبحثون الأمر بموضوعية وسيصدرون من التوصيات ما يرونه مناسبا لضبط سوق الإقراض، مشيرا إلى أن توصيات المجلس رغم أنها غير ملزمة بحكم الوضع القانوني إلا أن الحكومة عادة تتجاوب مع هذه التوصيات».

وقبل هذه الخطوة ذكرت أنباء صحفية أن المصرف المركزي الإماراتي يتجه إلى تعديل النظام الحالي الخاص بالقروض الاستهلاكية الشخصية، على ألا يزيد ما يقتطع من راتب المقترض أو دخله المنتظم عما هو محدد سابقا، وألا تزيد مدة السداد على 60 شهرا ومنع تقديم المساكن الخاصة للمقترضين كضمانٍ لهذه القروض، وكذلك منع أخذ الكفالات الشخصية لمواطني دولة الإمارات كضمانٍ عند منح هذه القروض لأفراد من غير مواطني الدولة، ويمنع على الوافدين ضمان أية قروض شخصية تمنحها البنوك وشركات التمويل.

وقال المدفع إن الضوابط التي تسربت، وهي ليست رسمية حتى الآن، تتضمن بعض التيسيرات مثل رفع سقف القروض بمعدل 25 ضعف الراتب والتفريق بين القروض الشخصية وقروض السيارات وعدم الاعتداد بالكفالات الشخصية. غير أن التعديلات المقترحة تتضمن في الوقت نفسه تشددا في تحديد السقف الزمني وخفض سقف قروض العقار، كما تتضمن تشددا تجاه البنوك المقرضة في حرمانها من أخذ مساكن المواطنين كضمان للقرض.

وتتضمن التوجهات الجديدة للمركزي معاملة قرض السيارة باعتباره منفصلاً عن القرض الشخصي الاستهلاكي، ويكون حدُّه الأقصى 250 ألف درهم (الدولار يساوي 3.65 درهم) ولا يتجاوز 90 % من قيمة السيارة المموَّلة إذا كانت السيارة مستعملة، أو 100 % إذا كانت السيارة جديدة، ويكون ضمان هذه القروض برهن السيارة وتكون مدته القصوى 60 شهرا.

كما تضمنت ألا يتجاوز الحد الأقصى للقرض طويل المدى الممنوح لشراء بيت جديد، أو لترميم بيت قائم، أو إضافة مرافق، 85 % من قيمة البناء أو قيمة الشراء إذا كان القرض لشراء بيت قائم، وتكون المدة القصوى للسداد 25 عاما.

والسلطنة أيضا

وفي سلطنة عمان قال رئيسُ البنك المركزي العماني حمود بن سنجور الزدجالي يوم 13-4-2008 “البنك مستعدٌ لتشديد قيود الإقراض المصرفي مرةً أخرى بعد ما وصل التضخم إلى أعلى مستوياته في 18 عامًا عند 11.1 % خلال فبراير/شباط الماضي”.

وكانت السلطنة قد رفعت في ديسمبر/كانون الأول الماضي متطلبات الاحتياطي للبنوك للمرة الثانية في 5 أشهر إلى 5 % من إجمالي الودائع بدلاً من 3 % لمنع تكاليف الإقراض المنخفضة من إشعال التضخم.

وقال الزدجالي «البنك المركزي العماني يتابع عن كثب وضعَ السيولة في السلطنة، وإذا احتاج الأمر إلى رفع متطلبات الاحتياطي المصرفي مرةً أخرى فسوف نقوم بذلك».

وقد جاءت تصريحات محافظ البنك المركزي العماني بعد أن قفز المعروض النقدي السنوي في السلطنة بنسبة 40.5 % في فبراير/ شباط، وهو أسرع معدلات نموه خلال 4 سنوات على الأقل.


وقطر تمتص السيولة

أما في دولة قطر فقد صرح مصدر مسئول بمصرف قطر المركزي «أن سياسة المصرف المالية تستهدف امتصاص السيولة وتحقيق التوازن في الاقتصاد القطري، بعد قرارات خفض الفائدة على الودائع في أمريكا».

يذكر أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى الشهر الماضي قام مصرف قطر المركزي بتخفيض سعر الفائدة على الإيداع من 4.5 % إلى 2.25 % أي بنسبة 50 %. وتزامنت الخطوة القطرية مع قرار آخر برفع الاحتياطي الإلزامي من 1.75 % إلى 4.75 % خلال أشهر قليلة، بعد أن ظل ثابتا قرابة 10 سنوات.

وقال المصدر «قرارات مصرف قطر المركزي تستهدف الحد من توسع البنوك في عمليات الإقراض للحد من ارتفاع معدلات التضخم، الذي يقدر حاليا وفقا لمجلس التخطيط القطري بنحو 13.74 %».

وأضاف المصدر أن المصرف كان قد بدأ منذ يناير/كانون الثاني الماضي عملية حساب الودائع اليومية لكل بنك، تمهيدا لاحتساب المتوسط العام للودائع وتنفيذ النسبة الجديدة 4.75 % على هذا المتوسط. وأضاف البنوك ملزمة بتخصيص هذه النسبة بدءا من تاريخ 15-4-2008 والاحتفاظ بها لدى مصرف قطر المركزي بدون أية فوائد، وإلا تعرضت للغرامات المقررة في قانون المصرف».

وأوضح المصدر قائلا « يتوقع أن يصل حجم الاحتياطي بعد الزيادة الجديدة إلي حوالي 6 مليارات ريال ( الريال اقطري يساوي 0.274 دولار) بزيادة قدرها مليار ريال عن النسبة الحالية التي تحتفظ بها البنوك، مؤكدا أن حجم الودائع خلال 2007 وصل إلي 160 مليار ريال قطري تصل نسبة الاحتياطي الإلزامي عليها إلى 6 مليارات ريال».

تسهيلات وتسهيلات

ولم ينس المصدر المسئول بمصرف قطر المركزي القول «أن التسهيلات الائتمانية لدى البنوك العاملة في قطر ترتفع بمعدل يتراوح ما بين 35-40 % سنويا. وعندما يستشعر مصرف قطر المركزي ارتفاع معدلات السيولة في الأسواق يحاول تحجيمها من خلال رفع نسبة الاحتياطي التي يجب على البنوك أن تحتفظ بها البنوك لدى المصرف المركزي لتقليل عمليات السحب اليومي التي تقوم بها البنوك لإقراض عملائها». كما أوضح المصدر أن مصرف قطر المركزي يعمل على تحقيق التوازن في السوق من خلال الحد من قدرة البنوك على التوسع في الإقراض من خلال زيادة نسبة الاحتياطي.

وتوقع أن تقوم الزيادة الجديدة في الاحتياطي، والتي تبلغ مليار ريال بتحجيم السيولة في الأسواق، وخفضها إلى نحو 4 مليارات ريال، وأشار إلى أن القرار يعالج المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد القطري حاليا، وهي الارتفاع النسبي للسيولة، مما يتطلب تحجيم قدرة البنوك على التوسع في الإقراض ومنح القروض للقطاعات المختلفة، خاصة القطاعات الاستهلاكية التي تشهد زيادة كبيرة خلال الفترة الحالية، والتي تشير الأرقام إلى وصولها إلى 50 مليار ريال حتى نهاية العام الماضي.

ثقافة القروض

وفي ما يمكن وصفه بالظاهرة العامة، في دول مجلس التعاون الخليجي، وإن بشكل مختلف من دولة لأخرى، ظهر ما يسمى بثقافة القروض. فعلى سبيل المثال بلغ عدد المقترضين القطريين من البنوك نحو 90 بالمائة من مجموع السكان.

وتعبيرا عن هذه الظاهرة المستفحلة، أو ما سمي بسلوك الاقتراض الترفي من جانب البعض، ظهرت عبارة «من لم يقترض من البنك فليس بقطري»، لا سيما بعد أن لجأ مئات الآلاف الإماراتيين والكويتيين والعمانيين وغيرهم من مواطني دول مجلس التعاون، إلى الاقتراض من البنوك للمضاربة على الأسهم في الأسواق الخليجية والتي هوت إلى معدلات قياسية خلال السنوات الماضية ملحقة بهم خسائر كبيرة، اضطر معها العديد منهم لإعلان إفلاسه رسميا بعد سنوات نبت خلالها كالفطر، مئات الآلاف من الأغنياء الخليجيين بفعل المضاربة في الأسهم.

وهذه الظاهرة وضعت مصرف قطر المركزي في موقف لا يحسد عليه، بعد ارتفاع ودائع البنوك لديه إلى أكثر من 160 مليار ريال. ففي الوقت الذي ترتفع فيه معدلات السيولة المحولة إليه من قبل البنوك العاملة في قطر، يسعى المصرف لوضع سياسة مالية تضمن استثمار هذه الأموال بالشكل الذي يحقق قيمة مضافة للاقتصاد القطري.


وعلى الرغم من أن عمليات الإقراض العقاري تحتل حيزا مهما من مجمل سوق الإقراض في المنطقة، فإن مشكلة الإقراض أخذت أبعادا جديدة بفعل القروض الشخصية التي ساهمت ولا تزال تساهم بشكل كبير في زيادة معدلات التضخم.

السعودية

وفي السابع عشر من شهر فبراير/شباط الماضي ناقش مجلس الشورى السعودي بحضور وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور حمد السياري جملة من المواضيع الاقتصادية والمالية المحورية إضافة إلى موضوع السياسة النقدية التي تتبعها المملكة لمواجهة التضخم والضغوط التضخمية ومكافحة الغلاء.

وحول السياسة النقدية المتبعة لمواجهة التضخم، بين وزير المالية أن المملكة لديها سياسة نقدية مستقلة ومتوازنة، ومنها تسهيل الحصول على التمويل وفي الوقت نفسه منع السيولة من التأثير في الأسعار.

مشيراً إلى انه لا توجد دولة في العالم عملت على مواجهة التضخم بإجراءات مكثفة ومتنوعة تهدف إلى حماية المستوى المعيشي لجميع شرائح المواطنين، موضحاً أن فاعلية تلك الإجراءات ستظهر خلال الفترة المقبلة.

يذكر أن وزارة المالية السعودية رصدت 23.2 مليار ريال لمواجهة التضخم في عام 2008 والحد من تأثير ارتفاع أسعار السلع والمنتجات في القوة الشرائية للمواطنين والمقيمين، عبر تنفيذ حزمة من القرارات التي اتخذت في هذا الشأن، والتي منها دعم السلع ورفع رواتب الموظفين وتخفيض رسوم الخدمات وتقديم المساعدات المباشرة للمستفيدين من الضمان الاجتماعي.

البنوك تشجع

وعبر كامل منطقة الخليج، باستثناء المملكة العربية السعودية، تلعب البنوك دورا رئيسا في تشجيع المواطنين والمقيمين على الاقتراض، عن طريق الخروج كل يوم تقريبا بمنتجات مغرية للاقتراض وعن طريق التسهيلات التي تقدمها لهم.

وقد لعبت البنوك المركزية الخليجية خلال السنوات الماضية دورا رئيسيا في إيصال ظاهرة القروض إلى مستواها الراهن من خلال اتباعها لسياسة عدم التدخل في تفاصيل سياسات الإقراض البنكية.

فمصرف قطر المركزي على سبيل المثال، لا يتدخل في سياسات الإقراض التي تتبعها البنوك العاملة في قطر، رغم أنه يسعى دوما لوضع سياسة نقدية شاملة لضمان عدم زيادة السيولة في الأسواق.

غير أن هذه السياسة قد لا تؤثر بالضرورة على معدلات الائتمان التي تمنحها البنوك للأفراد أو حتى للمستثمرين، خاصة وأن مصرف قطر المركزي حريص على استمرار تنامي معدل النمو الذي يحققه بشكل سنوي الاقتصاد القطري.

وبينما تنشر الصحف الإماراتية والقطرية وغيرها إعلانات شبه يومية تصدرها المحاكم للعاجزين عن الوفاء بديونهم للبنوك نتيجة حصولهم على قروض كبيرة لا تتناسب مع دخولهم الشهرية، فإن البنوك من ترفع دعاوى يومية هي الأخرى على المقترضين المتوقفين عن السداد.

ومع ذلك استبعد وزير المالية والاقتصاد والتجارة القطري بالإنابة يوسف حسين كمال إمكانية تحول القروض البنكية في قطر إلى أزمة، مثلما حدث في أمريكا بسبب قروض الرهن العقاري عالية المخاطر، مؤكدا أن البنوك المحلية لم تستثمر في تلك المجالات. أضاف أنه من المتوقع أن ينمو القطاع المصرفي بنسبة 17.7 % عام 2008 و15 % تقريبا سنويا خلال الأعوام الخمسة القادمة.


ويرى محللون عبر الخليج أن السيولة الضخمة في الأسواق الخليجية والناجمة أساسا عن الارتفاع القياسي في أسعار البترول حيث زاد سعر البرميل الواحد عن 117 دولار الأسبوع الماضي، تظهر بشكل خاص من خلال عمليات الاكتتاب في الشركات الجديدة والتي غطى بعضها أضعاف أضعاف القيمة الأساسية للاكتتاب.

كما يرى هؤلاء أن لجوء بعض المصارف المركزية الخليجية، وأن لم يكن جميعها إلى زيادة نسبة الاحتياطي يمثل سياسة حكيمة لامتصاص السيولة من الأسواق والحد من القروض الاستهلاكية التي تمنحها البنوك للأفراد.

ويؤيد المحللون أن تدخل البنوك الخليجية في استثمارات أو في مشاريع استثمارية كبيرة مضمونة العائد كالمشروعات الصناعية ومشاريع قطاعات الطاقة لكي لا تتراجع أرباحها بفعل تراجع أرباح القروض الاستهلاكية والائتمانية.

منابع السيولة

وفي الكويت التي لم تشذ عن قاعدة شقيقاتها الخليجيات في موضوع الإدمان على القروض، وحيث باتت القروض مشكلة سياسية واجتماعية بامتياز، تبحث في البرلمان وعلى صفحات الجرائد شبهت فعاليات اقتصادية قرارات البنك المركزي الأخيرة للحد من القروض الاستهلاكية بأنها «ثورة مواجهة التضخم» الذي بلغت مستوياته حدوداً قياسية لم تشهدها الكويت عند 7.2 %، هددت استقرار المجتمع، رغم قرار الحكومة والبنك المركزي بفض ارتباط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي العام الماضي.

ويجمع المحللون في الكويت تقريبا على اعتبار أن هناك ضرورة لمجموعة من الإجراءات المالية والنقدية لتجفيف منابع السيولة من أجل الحد من التضخم.

فحسب إحصائيات نشرت في الكويت فإن هناك نحو 26.5 % من أبناء الكويت مهددون بالسجن بعد أن بلغت مديونياتهم من القروض الاستهلاكية ما قيمته 1.087 مليار دينار (الدولار يعادل 0.266 دينار). وجاءت قرارات المركزي للحد من ارتفاع السيولة والعمل على معالجة الكويتيين من إدمان القروض.

لا بل أن البعض يقول أن القروض الاستهلاكية هي التي شطرت المجتمع الكويتي واختطفت الكويت من قضاياها العامة إلى قضايا فرعية وأوصلت الحكومة إلى صدام كان نتيجته حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة.

ضمن الحدود

وعلى الرغم من التداعيات السلبية لمشكلة القروض الاستهلاكية على المواطن، فإن الخبراء والمحللين يتوقعون أن تؤدي القرارات الكويتية الأخيرة إلى الحد من تأثير معدلات التضخم.

وقال رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولي عبد الوهاب الوزان أن قرارات المصرف المركزي الكويتي في محلها وتهدف إلى الحد من التضخم الذي وصل مستويات قياسية، مقارنة بدول أخرى، مشيراً إلى أن تأثير القروض سيكون سلبيًّا في بداياته على أداء البنوك، إلا أن نتائجه الإيجابية ستتضح على المستوى البعيد، سواء للمواطنين أو المؤسسات المالية وأوضح الوزان أن القرارات الأخيرة ستخفف من إدمان المواطن الكويتي على الاقتراض وتجعل تلك العمليات في حدود المسموح به وبخاصة إذا ما تم تخفيض حجم القروض الاستهلاكية لمستويات مأمونة العواقب اقتصاديًّا واجتماعيًّا. وتوقع الوزان أن تؤدي القوانين الأخيرة إلى الحد من الاقتراض الاستهلاكي.

وقد أشارت آخر التقارير الصادرة من البنك المركزي الكويتي إلى أن عدد المقترضين وصل إلى 278 ألف عميل للقروض الاستهلاكية يشكلون ما نسبته 55.7 % من الشباب الذين تتعدى أعمارهم 21 سنة فما فوق، ومن تلك القروض 9500 متعثر يشكلون 3.4 % من هؤلاء المقترضين، ولا تزال الأرقام في تزايد مستمر.

وحسب رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون فإن جاذبية القروض الاستهلاكية في طريقها إلى الزوال، حيث توقع أن تنصرف تلك البنوك إلى القروض الاستثمارية بدلاً من القروض الاستهلاكية.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا