في ظل النمو الاقتصادي المتسارع لدولة قطر، وتزايد المشروعات الكبرى التي تلعب دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية الشاملة بات من الضروري وجود مناطق صناعية تهتم بالصناعات الصغيرة والمتوسطة كرافد أساسي للصناعات الثقيلة، إلا أن المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة لا تزال غير كافية ولا تلبي حاجة الدولة بما يتماشى مع التطور الاقتصادي. كشف ذلك خالد البوعينين، صاحب مجموعة شركات ومصانع “فيتكو”، وقال أن منطقة صناعية واحدة للصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطر لا تكفي، فصحيح الدولة أعلنت عن مناطق جديدة لكنه يأمل أن يسهم في تنميتها الصناعيين أنفسهم، وأن يستشاروا في تقسيمها وأن تقسم إلى قطاعات منظمة بما يخدم الصناعة والصناعيين.
طالب خالد البوعينين أن تقوم إحدى الشركات الكبرى بعمل وإعادة تطوير المنطقة الصناعية بالكامل وتحسين الخدمات اللوجستية بها عبر رصف الطرق الجانبية بين تلك المصانع المختلفة، وأن تكون تلك المصانع بالإيجار الذي ينتهي بالتمليك للصناعيين. مبيناً عندما يكلف كل شخص بمفرده إنشاء المصنع فإن ذلك يكون مكلفا وصعبا ولن يكون هناك تنسيق كامل في أجهزة الأمان، وهذا على عكس قيام شركة واحدة بعمل الــ “100” مصنع، بالتأكيد سيكون هناك تنسيق كامل في معدلات الأمن والسلامة والكلفة ستكون أقل بكثير مما هي عليه حالياً، كما أن تنظيم وتنسيق المنطقة سيكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن حيث تعاني مشكلات كثيرة.
تطوير المنطقة الصناعية
وعن تطور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطر قال البوعينين: “نحن في قطر مقارنة مع دول الخليج نعتبر أنفسنا تأخرنا كثيرا في المجال الصناعي، والسبب أن كل دول الخليج اهتمت بالمناطق الصناعية من أجل تطوير الصناعة، لكننا في قطر لدينا منطقة واحدة فقط للصناعات الصغيرة والمتوسطة وبها مشاكل كثيرة، لكن منطقة “المساعيد” مخصصة للصناعات الثقيلة فقط، وقد سمعنا عن تأسيس شركة مناطق المتخصصة في عمل مناطق اقتصادية، ومن هنا تقدمت بمقترح لمعالي رئيس الوزراء في هذا الشأن، وقد لاقى المقترح استحسان معاليه وأتوقع ردة فعل جيدة بهذا الخصوص”.
وأوضح البوعينين أن فكرة المقترح تتمثل في إيجاد منطقة صناعية من وجهة نظر الصناعيين أنفسهم وأن يستشاروا في تقسيمها لأنهم أصحاب المشكلة، فالمناطق الصناعية القائمة مكلفة جدا، حيث يدفع المستثمر 2 مليون ريال لمستلزمات التجهيزات الخاصة بالدفاع المدني، وكذلك مستلزمات الكهرباء والأمن والسلامة، من أجل استخدام الكهرباء عبر محولات يشتريها المستثمر على نفقته، لذا يجب أن يتوافق تمديد الكهرباء مع طبيعة النشاط الصناعي الذي يقام في تلك المنطقة الصناعية.
عراقيل ومعوقات
وقال البوعينين: “يجب أن تتضافر الجهود من أجل نجاح العمل الصناعي في قطر، وأن تكون الجهات المعنية في الدولة أكثر فعالية وخدمة للمستثمرين بدلا من وضع العراقيل”. وضرب مثالاً بمبنى “الدفاع المدني” المغلق في منطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة منذ 4 سنوات وليس به حتى سيارة إطفاء، وفي المقابل يطلب من المستثمر أن يضع مبلغ “مليون ريال” في أعمال تتعلق بالأمن والسلامة كأن يحفر بركة مياه ضخمة وعمل مضخات للمياه وخزانات خاصة تكفي المنطقة الصناعية كلها، يجب على الدفاع المدني أن يعمل نظام خاص لنفسه بحيث يستطيع أن يطفئ الحرائق بشكل سريع ولا يطلب من المستثمر مبالغ كبيرة لمعدلات الأمان أو أن يتحمل الكلفة كاملة، لأن المستثمر في النهاية ينافس مع مصانع أخرى في دول الخليج.
آليات التطوير
وحول آليات تطوير المنطقة الصناعية وكيفية عمل هذا التطوير قال البوعينين: “على الدولة أن تختار شركة عقارية كبيرة تقوم بدور محدد كتطوير البنية التحتية وبناء الهناجر لمصانع على مساحة 50 إلى 100 مصنع، وتصبح دراسة الجدوى واضحة للصناعيين، من حيث إنشاء المصنع وإيجار الأرض وثمن المعدات والحصول على الموافقة والتراخيص أما مسألة التمويل فليست صعبة من بنك قطر للتنمية وفي خلال أيام يستطيع المُصَنّع تشغيل المصنع، مضيفاً أن المستثمر القطري أو الأجنبي يبحث عن الفرصة السانحة أينما وجدت في مجالات الاستثمار وإذا وجد تعقيدات في الإجراءات فلن يستثمر في هذا المجال، وسيذهب إلى مجالات أخرى كالعقارات أو البورصة.. إلخ”. مشدداً أن على الدولة أن تعطي مزايا للمستثمرين تحديدا في مجال الصناعة، لأن المستثمر ليس مجبراً على الاستثمار في هذا المجال، ومغريات الاستثمار الأخرى كثيرة، كما أن الاستثمار في المجال الصناعي به مخاطرة ويحتاج إلى وقت وهامش الربح فيه ليس مرتفعاً، لكنه يمثل قيمة مضافة لتعزيز النشاط الصناعي في قطر، ومن ثم دعم هذا المجال بقوة وزيادة حراك الاستثمار الصناعي.
تسهيل الاجراءات
وناشد البوعينين الجهات المعنية في الدولة أن تسهل إجراءات التراخيص للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وأن يكون هناك تنسيق فيما بينها بما يشجع المستثمرين على ضخ رؤوس أموالهم في المجال الصناعي، وهذا الأمر بالطبع يتعلق بالأمن الصناعي في قطر، ومن المعروف في كل دول العالم أن أي شخص يستثمر في المجال الصناعي يرحب به بقوة حتى في الدول الفقيرة. مبيناً أن وزارة الطاقة والصناعة هي المسئولة عن قلة المصانع في الدولة، فهي تصدر قرارات تضيق بها على الصناعيين. وضرب مثلاً عندما تريد أن تستثمر في المجال الصناعي فإن وزارة الطاقة والصناعة تشترط أن يكون عندك سجل تجاري وتظل سنوات تنتظر لتحصل على الأرض، وقد لا تحصل عليها ومع كل ذلك يدفع المستثمر رسوم السجل التجاري سنوياً، مضيفاً هل سيستثمر المستثمر بالسجل التجاري فقط؟ أين الأرض التي سوف يستثمر عليها؟ وهذا عكس ما كان يحدث في الماضي، حيث كانت الاجراءات في المجال الصناعي تنصب على أن يقدم المستثمر على الأرض فيحصل عليها ومن ثم يخرج السجل التجاري ويباشر عمله.
المنافسة مع الدول المجاورة
وعن مجال المنافسة في الصناعات الصغيرة والمتوسطة مع الدول المجاورة قال البوعينين: “أنا أتنافس مع مصانع مجاورة في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي يوجد بها أراضٍ عديدة للصناعات الصغيرة والمتوسطة ومصانع مختلفة ولا ينتظر المستثمر طويلاً للحصول على الأرض، متسائلا هل توجد أراضٍ صناعية خاصة في قطر؟ الإجابة لا”.
موضحاً أن: “ذلك يؤثر على ديمومة المشروع واستمراره، ولا يوجد خيارات أمام المستثمر إلا أن يحالفه الحظ ويحصل على الأرض أو يستأجرها من الباطن من أحد المستثمرين القطريين”.
مبيناً هل الدولة أعطت هذه الأرض للمستثمر القطري كي يؤجرها لي ويدفع عليها نصف ريال في الشهر بينما أدفع أنا 100 ريال على المتر هل هذه تنمية صناعية يجب أن تكون هناك حلول بديلة في هذا الجانب. كما يجب على الدولة أن تراجع عقودها مع المستثمرين القطريين في المجال الصناعي، وأن تكون العقود أكثر ذكاءً من ذلك، كأن يشترط عدم بيع الأرض إلا بعد الانتهاء من الإنشاءات بالكامل والتشغيل لمدة من 5 إلى 6 سنوات.
المستثمر والأسواق الخارجية
وأضاف البوعينين: “هناك أسواق خارجية أخرى وسعر الأرض رخيص والعمالة رخيصة، فالمستثمر عندما يواجه عقبات قد يخرج للاستثمار في دول مجاورة”. موضحاً أنه عنده أمل كبير أن تحل المشكلة والدليل أنه قابل معالي رئيس الوزراء ويتوقع انفراج الأزمة قريبا، لكن المشكلة إلى الآن في أخذ القرار والصناعيون يبحثون عن حل للمشكلة.
منطقة صناعية قرب بوسمرة
وتساءل البوعينين نحن في قطر نعيش على مساحة صغيرة من الأرض وبقية الأرض خالية تماماً لماذا لا تقام منطقة صناعية قرب بوسمرة؟ وتكون بعيدة عن الزحام المروري في الدوحة، موضحاً أننا في قطر نستورد المواد الأولية من المملكة العربية السعودية وبذلك نختصر الوقت والجهد ونحل مشكلة المرور ونسهل على الصناعيين وصول المواد الأولية، كما أن المصدرين في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة لدول مجلس التعاون الخليجي، سيكون الأمر لهم سهلا جداً بحكم قرب المسافة وتوفير الجهد عليهم. وقال البوعينين: يجب أن تقسم الصناعات الصغيرة والمتوسطة إلى قطاعات مختلفة، مثل قطاع المواد الغذائية، وقطاع الأثاث وقطاع المنظفات وهكذا، فعندما تنشئ الدولة منطقة صناعية وخدمات لوجستية متكاملة للاستيراد والتصدير تسهم بذلك في بناء بنية تحتية صناعية في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة.