تزايدت تصريحات مصادر حكومية، وخبراء اقتصاد، حول استمرار المفاوضات بين مصر، وصندوق النقد الدولي، وتوقعاتهم بمضاعفة قرض صندوق النقد لمصر إلى 6 مليارات دولار.
ووافق صندوق النقد الدولي، منذ عام على حزمة إنقاذ للاقتصاد المصري، قيمتها 3 مليارات دولار لمصر، تم صرف منها شريحة واحد بقيمة 347 مليون دولار فقط، وتجمد صرف باقي الشرائح بعد ذلك بسبب تأخر الحكومة المصرية في تعويم الجنيه المصري “تحرير سعر صرف الجنيه المصري”، وجعله “مرن”، يتحدد حسب العرض، والطلب.
هل يتضاعف قرض صندوق النقد لمصر؟

وقالت مصادر مطلعة طلبت عدم الإفصاح عن أسمائها لحساسية المحادثات، إن الحكومة المصرية، تتفاوض مع صندوق النقد الدولي، حاليا على مضاعفة قرض صندوق النقد، من 3 إلى 6 مليارات دولار، بعد تزايد أهمية مصر الجيوسياسية، بسبب استمرار حرب إسرائيل على غزة.
أضافت المصادر، لوكالة بلومبرج، الخميس، أن مصر، البلد الأكثر سكانا في منطقة الشرق الأوسط، تقترب من التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قرض صندوق النقد لها (برنامج حزمة الإنقاذ الخاص بها) من 3 إلى 6 مليارات دولار تقريبا، موضحين أن قيمة قرض صندوق النقد قد ترتفع لمستوى أعلى من ذلك.
وكشفت المصادر، أن الحكومة المصرية، تتفاوض أيضا مع شركائها من الاتحاد الأوروبي، ودول الخليج، ومؤسسات التمويل متعددة الأطراف، للحصول علي قروض، أو تمويلات جديدة لسد الفجوة التمويلية، التي تعاني منها خلال العام المالي الحالي 2023 / 2024.
وأكد معهد التمويل الدولي، في تقريره منتصف الشهر الجاري، أن مصر لديها فجوة تمويلية، قدرها 7 مليارات دولار، خلال العام المالي الحالي 2023 / 2024، متوقعا أن يتم تمويل هذه الفجوة من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر، والتدفقات المالية الرسمية.
ويرى جون ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي في “بنك أوف أميركا”، أن صندوق النقد الدولي، يتفاوض مع الحكومة المصرية، على تعديل برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه، بما يتناسب مع موقفه، وتقييمه الجديد للاقتصاد المصري، والموازنة بين استعادة ثقة المستثمرين بالسوق، وفي الوقت نفسه عدم تقليص حوافز المسؤولين لتنفيذ برنامج إصلاح الاقتصاد المصري.
المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مستمرة

كشف مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أن مفاوضات (محادثات) الحكومة المصرية، مع صندوق النقد الدولي، لم تتوقف، موضحا أن الحكومة تعمل على وضع برنامج جديد (خطة زمنية) بالتعاون مع الصندوق.
وأضاف مدبولي، في مؤتمر صحفي الأربعاء، أنه سوف يتم الإعلان عن البرنامج الجديد، خلال الفترة القصيرة المقبلة، موضحا أن إيرادات الخصخصة (بيع حصص في بعض أصول الدولة) بلغت 5.6 مليارات دولار.
وتواجه مصر، أسوأ أزمة اقتصادية، تمر بها منذ عقود، بعد قفزت الديون الخارجية لمصر، إلى 100 مليار دولار يتعين سدادها خلال الـ 5 سنوات المقبلة، حسب رويترز، واستمرار ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، على مدار العامين الماضيين، حيث سجل 35.6% سنويا الشهر الماضي.
ومصر ملتزمة بسداد أقساط ديون خارجية خلال عام 2024، تبلغ قيمتها 24.26 مليار دولار.
ويمر الاقتصاد المصري، بأزمة حادة، ويعاني من شح في العملات الأجنبية، ما دفع البنك المركزي المصري، لتثبيت سعر صرف الجنيه المصري، عند نحو 30.94 جنيها مقابل الدولار، منذ يناير الماضي، في حين تجاوز سعر الدولار في السوق الموازية “السوداء” أكثر من 50 جنيها حاليا.
مصر رفضت طلبات لصندوق النقد الدولي

كما كشف الصحفي أحمد موسى، مقدم برنامج “على مسئوليتي” بقناة صدى البلد المحلية، والمقرب من الحكومة المصرية، الأربعاء، أن مصر رفضت بعض طلبات لصندوق النقد الدولي خلال المفاوضات في الفترة الماضية، مؤكدا استمرار مفاوضات صندوق النقد الدولي، والحكومة المصرية، وأن هناك أحاديث متداولة في أروقة الحكومة عن مضاعفة قرض صندوق النقد، إلى 6 مليارات دولار.
ويراهن المستثمرون في سوق المشتقات المالية الدولية، على أن الحكومة المصرية، سوف تضطر إلى السماح بانخفاض سعر الجنيه “تعويم الجنيه“، بنسبة 40% أخرى خلال العام المقبل، ليصل سعر الدولار، مقابل الجنيه المصري، إلى ما بين 49 و50 جنيها، مقارنة بنحو 30.85 جنيها حاليا.
علاقة قرض صندوق النقد لمصر وحرب غزة
أكد الخبراء، أن استمرار حرب إسرائيل على غزة، وارتفاع أهمية مصر الجيوسياسية بسببها، دفع صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، والشركاء الخليجيين، ومؤسسات التمويل الدولية متعددة الأطراف، لتغيير موقفهم من إقراض الحكومة المصرية، وتسهيل شروطهم، لضمان خروج مصر من أزمتها الاقتصادية، باعتبارها البلد الأهم في المنطقة، الذي يساهم في استقرارها.
ويرى سايمون ويليامز، من مجموعة “إتش.إس.بي.سي” المصرفية، أنه بعد ارتفاع أهمية مصر لجيوسياسية مع استمرار حرب إسرائيل على قطاع غزة، تغير موقف صندوق النقد الدولي، ومؤسسات التمويل الدولية متعددة الأطراف من مصر، وعبر مسئوليهم عن استعدادهم لتقديم دعم مالي جديد لأكبر بلد في المنطقة سكانا.
ورغم ذلك تتوقع بلومبرج، أن يستغرق حصول مصر على هذه التمويلات الجديدة، وقتا طويلة، ومفاوضات صعبة، لكي تضمن عدم تخلف مصر عن سداد ديونها.
عائد السندات الدولارية المصرية

ورغم انخفاض متوسط عائد السندات المصرية، المقومة بالدولار، حاليا بنسبة 5.6% حسب مؤشر بلومبرج، إلى 13.4% فقط، إلا أنه يظل الأعلى عالميا، مقارنة بمتوسط عائد أكثر من 19% في أكتوبر الماضي.
وأهم موارد النقد الأجنبي للاقتصاد المصري، هما السياحة، وقناة السويس، ويوجد حاليا تهديد لعوائد قناة السويس، التي تتجاوز الـ 5 مليارات دولار سنويا، بسبب توقف عدد من شركات الشحن عن استخدام الممر المائي العالمي، بسبب الهجمات الأخيرة على السفن عند مضيق باب المندب بالبحر الأحمر.
أسباب تثبيت سعر الفائدة
أعلن البنك المركزي المصري، الخميس، تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير كما توقع الخبراء.
وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري، إن نمو الناتج المحلي الإجمالي تباطأ إلى نسبة 2.9% في الربع الثاني من عام 2023، مقارنة بمعدل 3.9% في الربع الأول، كما تباطأ التضخم الإجمالي في الشهرين الماضيين.
وأضافت في بيان، إنها أبقت على سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة عند نسبة 19.25%، وسعر الإقراض لليلة واحدة عند نسبة 20.25%.
وجاء قرار البنك المركزي المصري، متوافقا مع أغلب توقعات المحللين، في استطلاعين للرأي أجرتهما وكالتا بلومبرغ، ورويترز.
تراجع معدل النمو العام المالي الماضي

وأوضحت لجنة السياسة النقدية، أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بلغ خلال العام المالي 2022 /2023، نحو 3.8%، مقارنة بنحو 6.7% خلال العام المالي 2021 /2022.
والعام المالي في مصر، يبدأ في أول يوليو من كل عام.
وتوقعت لجنة السياسة النقدية، أن يستمر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري، في التباطؤ خلال العام المالي الحالي 2023/2024، على أن يعاود النمو الارتفاع تدريجيا فيما بعد، بما يتماشى مع التطورات الفعلية للبيانات والتداعيات السلبية نتيجة المخاطر الجيوسياسية، وآثارها ولا سيما على قطاع الخدمات.
