Posted inأخبار أريبيان بزنس

الفرات يحتضر ودجلة ليس بخير.. بلاد الرافدين دون مياه نهريها

دجلة والفرات اللذان شكلا على مر التاريخ بلاد الرافدين وانخفض منسوبهما أكثر من 70% بسبب سدود تركيا وإيران في دول المصب

دجلة ليس بخير والفرات يحتضر والخزين المائي في العراق بات على المحك وتركيا وإيران يتفرجان حرب من نوع آخر عملية تعطيش تقوم بها دول المنبع ضد بلاد الرافدين

انخفاض مستوى نهري دجلة والفرات بسبب تركيا وإيران
بلاد الرافدين بدون ميه نهريها الفرات ودجلة

أكدت تقارير عدة أن نهري “دجلة والفرات العظيمين يحتضران” في العراق الذي يكنى تاريخياً باسمهما بلاد الرافدين التي يقظنها نحو 42 مليون نسمة وحيث يعد ملف المياه أساسياً وشائكاً حيث تتهم بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها لا سيما بسبب بنائهما لسدود على النهرين.

وقال تقرير لقناة “الرابعة” التلفزيونية “دجلة ليس بخير والفرات يحتضر والخزين المائي بات على المحك وتركيا وإيران يتفرجان. حرب من نوع آخر؛ عملية تعطيش تقوم بها دول المنبع ضد بلاد الرافدين. سدا أتاتورك وأليسون في تركيا المقامان على نهري الفرات ودجلة خفضا الحصة المائية العراقية بنسبة 70 بالمئة”.

وأضاف “بالنسبة للجانب الإيراني، الصورة ليست أفضل حالاً بل ربما أكثر إضراراً في العراق، عمدت إيران إلى تغيير مسار أكثر من 42 نهر كبير ومجرى مائي ووديان موسمية، وحرفها، وإعادتها إلى داخل الحدود الإيرانية أبرزها نهري الكارون وسيروان، كأن كل شيء يتآمر على العراق حتى المناخ، فالعراق خامس أكثر دول العالم تضرراً من تغيراته، ووفقاً لتوقعات مؤشر الإجهاد المائي، فإن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول العام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي”.

وختمت تقريرها قائلة “بينما يمد العراق يد العون لجيرانه ويقدم لهم المساعدات (في إشارة إلى المساعدات العراقية التي قدمته بغداد إلى أنقرة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا يوم 6 فبرايرمشباط 2023) يأتي رد الجميل عن طريق المسيرات (في غشارة إلى المسيرات التركية التي تدخل أجواء العراق وتقتل مطلوبين للجيش التركي) وقطع المياه هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟”.

تراجع الفرات 70%

تراجعت موارد العراق المائية، مؤخراً، بنحو 70 بالمئة جرّاء موجات الجفاف المتزايدة، وقلة هطول الأمطار، وانخفاض منسوب المياه في نهرَي دجلة والفرات، وذلك بسبب سياسة حرمان العراق من حصّته المائية العادلة في النهرَين، من جانب تركيا وإيران وعلى خلفيّة كل ما تَقدّم، تُحذّر وزارة الموارد المائية من أن وضْع البلاد “بات على المحك”، وأن الخزين المائي وصل إلى مراحل حرِجة، حتى قبل بداية موسم الصيف اللاهب.

وقالت صحيفة “الأخبار” إن العراق يشهد حالة قلق وخوف، لا سيما في محافظتَي ميسان وذي قار الواقعتَين جنوبي البلاد، بسبب أزمة المياه الحادّة. ويَعدّ مختصّون ما يَحدث بمثابة جرس إنذار من خطر مُقبل قد يكبّد العراق خسائر فادحة في أراضيه الزراعية، وقد يولّد مشكلات اقتصادية ومناخية وبيئية خطيرة مستقبلاً. وإضافة إلى ذلك، أَجبرت أزمة شحّ الموارد المائية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بعض سكّان المناطق الوسطى والجنوبية على اللحاق بركب الهجرة القسرية، وحملت مئات الفلاحين على النزوح إلى مناطق أخرى، كي يؤمّنوا مستقبل مواشيهم المهدَّدة بالنفوق جرّاء موجات العطش والجفاف المتصاعدة.

بلاد الرافدين دون مياه دجلة والفرات

يُعتبر العراق المشهور باسم بلاد الرافدين من بين دول العالم الخمس الأكثر عرضة للتصحّر والتغيّر المناخي، وسط تحذيرات الخبراء من وقوع “كارثة بيئية” نتيجة تراجُع كمّيات المياه القادمة من دول الجوار.

وعلى خلفيّة ذلك، شرعت ملاكات وزارة الموارد المائية العراقية في إزالة التجاوزات على مياه الأنهر والجداول في عدد من المحافظات، لتخفيف شحّ المياه، فيما تُواجه كوادر الوزارة اعتداءات متكرّرة من قِبَل أصحاب البحيرات المتجاوزة، بالأسلحة الخفيفة والمتوسطّة. وتعتمد البلاد على مياه الأنهر الآتية من دول الجوار، ولا سيما دجلة والفرات، بنسبة 70 بالمئة، بينما تشكّل مياه الأمطار حوالي 30 بالمئة من ثروتها المائية.

ومنذ سنوات، يعاني العراق من عدم تأمين حصصه المائية، فيما بدأت الأزمة تتفاقم أخيراً نتيجة “القطع الممنهج” من قبل تركيا وإيران التي تبرّر سلوكها بأن الجانب العراقي لم يَشرع في بناء السدود وتحديث طُرق الريّ لضمان احتياجاته من المياه.

وتمضي تركيا في بناء سدود ضخمة على نهرَي دجلة والفرات، ومنها سدّ أتاتورك العملاق على الفرات الذي أنجزتْه في 1990، وتَبلغ الطاقة التخزينية لبحيرته نحو 48 مليار متر مكعّب، ما يؤدّي إلى تراجُع حصة العراق المائية بنسبة 80 بالمئة من النهر، ووفقاً لتقارير دولية. وبحسب الخبير المائي، رمضان حمزة، فإن دول الجوار “استمرّت في فرْض الأمر الواقع بإكمالها مشاريع السدود والأنفاق ونقْل الماء إلى خارج أحواض الأنهر، فأصبح موقف العراق رهناً بقرارات هذه الدول. ومستقبلاً، ستكون هناك مقايضة رسمية للماء مقابل النفط أو أيّ مقابل آخر”.

وقال “حمزة” لصحيفة “الأخبار” إن العراق تعدّى مرحلة المعضلة المناخية والمائية. حالياً نحن على شفا كارثة إنسانية. منوهاً إلى أن وزارتي الموارد المائية والزراعة “ليس لديهما تعاون جيّد”، ومنظومات الريّ قديمة وكلاسيكية، فيما لم يتقدّم العراق في تحديث منظومته المالية لترشيد الاستهلاك، وكذلك الحال في الصناعات النفطية التي تستهلك كثير من الماء.

وأكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، للصحيفة، إن “العراق خسر نحو 70 بالمئة من حصّته المائية، وإن الإيرادات الحالية التي تأتي من دول الجوار لم تتجاوز الثلاثين بالمئة، مشيراً إلى أن من بين أسباب انخفاض منسوب نهرَي دجلة والفرات في جميع المحافظات، هو عدم التزام دول المنبع بسياسة الاستحقاق العادل بين الدول المتشاطئة.

وكان وزير الموارد المائية، عون ذياب، أوصلَ صورة عن الوضع الحالي إلى رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الذي وجّه باتّخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتفعيل ملفّات التفاوض مع دول الجوار.

وقال خالد شمال إن جميع الحكومات السابقة لم تبرم اتّفاقات تُلزم تلك الدول بضخّ حصّة العراق المائية، علماً أنها لا تزال تشرع في بناء سدود على نهرَي دجلة والفرات، وهذا سيؤثرّ على البلد الجار لها مستقبلاً.

وأضاف “ننتظر ذوبان الثلوج لتعزيز الخزين، وأيضاً نعوّل خلال الأسابيع القادمة على أنه سيتمّ ضخّ المياه من بحيرة الثرثار لتعزيز نهر دجلة.. التجاوزات على الأنهر بحجّة الزراعة أثّرت بشكل كبير على نسبة المياه”.

تحذيرات

عقد عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، مؤخراً، مؤتمراً صحافياً في مبنى البرلمان للوقوف على أسباب أزمة المياه وتداعياتها. وحذر النائب المستقل رائد المالكي من تفاقُم مشكلة الجفاف وقلّة منسوب المياه في نهرَي دجلة والفرات، وطالَب الحكومة باتّخاذ التدابير اللازمة لتلافي شحّ الموارد المائية. ونقل المالكي إلى الصحافيين ردّ وزارة الخارجية على كتاب رَفعه إليها في وقت سابق يخصّ ملفّ المياه، والذي جاء فيه أنها “لم تَصل إلى نتائج مقبولة مع دول الجوار، بسبب عدم تجاوبها بحسن نيّة مع العراق في منْحه حصة مائية عادلة”.

وقال “المالكي” إن على الحكومة العمل على إعداد استراتيجية وطنية للتفاوض مع دول الجوار، واستخدام ملفّات ضاغطة يملكها العراق تطبيقاً لمبدأ الصفقة أو السلّة الواحدة، معتبراً أن جميع الجهود التي تَبذلها الحكومة حالياً، بمعنى المساعي الديبلوماسية والاحتجاج، هي “مضيعة للوقت، لأن دول الجوار لم تكترث لمطالب العراق”. كما نَقل النائب عن الوزارة نفسها قوله إنه “توجد مذكّرة تفاهُم مع تركيا وُقِّعت عام 2014 ودخلت حيّز التنفيذ عام 2021، إلّا أن الأتراك لا يُبدون جدّية في تنفيذ ما تضمّنتْه”.

وأكد رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد أن العراق من أكثر البلدان المتضرّرة جرّاء شحّ المياه والجفاف، مشدداً على أهمّية أن يتبنّى مؤتمر نيويورك للمياه معالجات جذرية لهذا الملفّ وللتغيّرات المناخية القاسية.

قاع نهر للفرات

أكد تقرير حديث لوكالة فرانس برس أنه في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار في جنوب العراق، تمكن مصورها من رؤية قاع نهر الفرات ظاهراً عند الضفاف ودعامات الجسور العابرة للنهر، بسبب الجفاف الذي لحق بالنهر العظيم.

وتقول بغداد إن “الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية” عائد إلى “قلة الايرادات المائية الواردة الى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا”، وإن ذلك أدى إلى “انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد”.

وأدّت كذلك أساليب الري الخاطئة، وفق الوزارة، إلى زيادة حدة هذا النقص، مشيرةً إلى “عدم التزام المزارعين المساحات الزراعية المقررة” وفق الخطة الموضوعة من السلطات.

وغالباً ما يواجه العراق مشكلة نقص في المياه، ولذلك تقوم السلطات بتقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة واستهلاك مياه الشرب وتغذية أهوار جنوب العراق. ويتم ذلك عبر حفظ المياه في السدود في شمال البلاد ما يثير غضب المحافظات الجنوبية.

ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة.

جفاف الفرات في سوريا

تعاني في المقابل سوريا من جفاف نهر الفرات، الذي يبلغ طوله في الأراضي السورية نحو 610 كلم، لذات الأسباب في العراق كونه يمر في سوريا قبل دخوله الأراضي العراقية بطول 1160 كلم في بلاد الرافدين.

وأوقفت سلطات الإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على شمال شرق سوريا، يوم الأربعاء الماضي، تشغيل سد تشرين على نهر الفرات بريف منبج الشرقي الجنوبي، بسبب انخفاض حاد في الوارد المائي من تركيا، وذلك لمدة سبعة ايام بدءاً من 1ولغاية 7 مارس/آذار الجاري.

وقال مسؤولون في سد تشرين إن منسوب بحيرة السد قريب من الوصول إلى المستوى الميت، ولا يفصله عن ذلك سوى 30 سم، في ظل استمرار حبس تركيا لمياه نهر الفرات.

وأضاف أن مياه البحيرة اقتربت لدرجة كبيرة من المنسوب الميت المصمم على أساس السد، وإذا وصلت له فسيتوقف السد عن العمل تماماً، وذلك يسبب أضراراً إنشائية وخروج العنفات عن التشغيل الطبيعي.

وانخفض منسوب المياه في سد تشرين إلى مستويات قياسية، لم يصل إليها من قبل، رغم أن ذروة التخزين له في فصل الشتاء الذي لم ينته بعد في المنطقة.

وتعتزم الإدارة الذاتية إيقاف سد تشرين عن العمل لفترات متقطعة، بسبب النقص الحاد في الوارد المائي من الجانب التركي، في ظل العمل على أولوية تأمين مياه الشرب والري لسكان شمال شرقي سوريا، إذ أن نقص الوارد المائي أثّر بشكل كبير على البحيرات، لذا باتوا يعملون لإنقاذ الموسم الزراعي.