انتهت محاولة شاب أمريكي خطير للعمل في مستشفى سعودي في أكثر سجون العالم حراسة وهو إيه دي إكس ADX Florence Supermax في مقاطعة فريمونت في ولاية كولورادو الأمريكية مع عتاة المجرمين ممن عليهم أن يقضوا باقي حياتهم داخل الزنزانة التي لا يصلها ضوء الشمس، وتبين أن ذلك الشاب هو قاتل متسلسل اسمه مايكل سوانجو وهو طبيب سابق، بعد أن أنقذت العناية الإلهية مرضى مستشفى الظهران الملكي من توظيفه بعد فراره من تهم تسميم وقتل أكثر من 60 مريض.
الطبيب القاتل
كانت الأقدار تخط طريقًا مختلفًا لمستشفى الظهران الملكي حين تقدم “طبيب أمريكي” وحصل على موافقة مبدئية على وظيفة، كان اسمه مايكل جوزيف سوانجو، الطبيب الأمريكي البارع على الورق، يتقدم للحصول على وظيفة خلال فراره من زيمبابوي بعد تسميمه العشرات من المرضى ومن جيرانه. لكن وراء الأوراق المزوّرة والابتسامة الواثقة، كان يختبئ قاتل متسلسل متمرس يُقدّر عدد ضحاياه بنحو 60 شخصًا، تنقّل بجرائمه القاتلة من عدة مستشفيات في الولايات المتحدة ثم هرب إلى زيمبابوي، قبل أن يحاول أن يبدأ بجرائمه مجدداً في المملكة العربية السعودية.
كان مايكل سوانجو، المُدان بالتسميم بالزرنيخ ودس الجرعات الزائدة القاتلة من المبيدات، يظن أنه وجد ملاذًا جديدًا لتنفيذ جرائمه الطبية. لكنه لم يدرك أن الإجراءات السعودية، والعدالة، كانت تنتظره.

قيد الإقامة ينهي الجرائم
لإتمام إجراءات الإقامة وبدء العمل في المملكة، كان على سوانجو أن يعود من أفريقيا مؤقتًا إلى الولايات المتحدة لإنهاء متطلبات التأشيرة السعودية. هذا الشرط الإجرائي البسيط هو ما وضع حدا للمجرم الهارب.
في يونيو 1997، بينما كان سوانجو في مطار أوهير بشيكاغو، تم اعتراضه. لم يكن يعلم أن السلطات الفيدرالية الأمريكية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، كانت تتعقبه لشهور، وقد بنت ملفًا قويًا ضده بسبب جرائم الاحتيال وتزوير المؤهلات. كان توقيت عودته الإلزامية للحصول على متطلبات التأشيرة السعودية هو اللحظة الذهبية لاعتقاله. لو كانت الإجراءات أقل صرامة، ولو لم يُطلب منه العودة لاستكمال متطلبات الدخول، لكان مايكل سوانجو قد بدأ بممارسة عمله الطبي، ولتحولت أجنحة المستشفى في الظهران إلى مسرح لجرائمه المميتة.

الإجراءات أنهت مسيرة اجرامية
في نهاية المطاف، أنقذت اليقظة الإجرائية للمملكة، مقرونة بالتعاون الفعال بين وكالات إنفاذ القانون الأمريكية، أرواحًا سعودية لا تُحصى. هذا التعاون الدولي ضمن عدم تمكن هذا “المفترس المميت” من اختراق النظام الصحي السعودي.
صعود وسقوط
وُلد جيمس سوانجو في 1954، وتميز أكاديميًا في الدراسة والخدمة العسكرية، ثم تخرج بامتياز من كلية الطب عام 1983. رغم تفوقه، شكك زملاؤه في شخصيته، وأطلقوا عليه لقب “سوانجو ذو 0 ضعف”.
بدأت الشكوك تُحيط به في 1984 خلال تدريبه في جامعة أوهايو، بعدما اشتبه طالب تمريض بتعمده التلاعب بمحاليل وريدية لمريض، ما سبب نوبات وتوقفًا تنفسيًا. ورغم تجاهل الشكوك وتوصية الجامعة بترخيصه، لم يكمل سوانجو برنامج الجراحة.
لازمته الشكوك عندما عمل كمسعف في إلينوي، حيث تعرض زملاؤه لمشاكل صحية خطيرة، وعُثر في منزله على “مختبر سموم” يحتوي على السيانيد والريسين. في 1985، أُدين بالتسمم غير المميت وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات، قضى منها سنتين.
بعد إطلاق سراحه في 1987، استمر سوانجو في ممارساته، متنقلاً بين المستشفيات بوثائق مزورة (من داكوتا الجنوبية إلى نيويورك وحتى زيمبابوي)، قبل أن يُقبض عليه في شيكاغو بتهم احتيال فيدرالية.
في عام 2000، بعد محاولته استكمال أوراقه للعمل في السعودية تم ضبط في مطار اعترف سوانجو بذنبه في قتل ثلاثة مرضى في مستشفى المحاربين القدامى، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. كما أقر بقتل مريضة شابة في كولومبوس عام 1984. وهكذا، تحول الطبيب الطموح إلى أحد أخطر الأطباء القتلة المتسلسلين، ليقضي بقية عمره خلف القضبان. أُدين سوانجو في نهاية سنة 2000 بجرائم قتل متعددة في الولايات المتحدة وحُكم عليه بثلاثة أحكام متتالية بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط، منهيًا بذلك مسيرة إجرامية كادت أن تزهق المزيد من الأرواح في الظهران.

ومع إقبال صناع المحتوى على استعادة قصص أخطر المجرمين والجرائم الغامضة انتشرت مؤخراً قصة الطبيب المجرم وأصبحت مثال فضول الآلاف على الشبكات الاجتماعية.

