يتوقع صندوق النقد الدولي، في تقريره الاقتصادي الإقليمي الذي نشر اليوم الإثنين، أن تحقق الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مكاسب تراكمية استثنائية غير متوقعة تبلغ حوالي 1 تريليون دولار خلال 2022-2026، وسط توقعات بأن معظم الدول الخليجية ستواصل إدخار حصة كبيرة من ايراداتها النفطية.
وقد يكون تدفق البترودولارات أكثر مما توقعه صندوق النقد الدولي قبل عام، وهو انعكاس لارتفاع أسعار النفط الخام حتى مع المخاوف من الركود الذي يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من العام. وستستفيد المملكة العربية السعودية وخمسة أعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي ، وهم بالفعل من بين أكبر الرابحين في الأسواق الناشئة، بشكل أكبر لأنهم قد يوفرون حوالي ثلث عائداتهم النفطية، وفقاً للصندوق.
وأكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد خلال مؤتمر صحفي في دبي، أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تتحسن الأرصدة المالية الأولية غير النفطية مع توقع استمرار معظم دول مجلس التعاون الخليجي في الاحتفاظ بحصة كبيرة من عائداتها النفطية.
وقال أزعور: «من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في البلدان المصدرة للنفط 5,2% في عام 2022 من 4,5% في عام 2021 ومن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 3,5% في عام 2023 مع تراجع إنتاج أوبك + وتراجع أسعار النفط وتباطؤ الطلب العالمي”.
وأضاف: «من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم الرئيسي للمنطقة 14,2% في المتوسط في عام 2022 ومن المتوقع أن يظل ضمن رقمين عشريين في عام 2023 للعام الرابع على التوالي”.
ومن المتوقع أن يصل متوسط فائض الحساب الجاري لدول الخليج إلى ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022؛ أي ضعف مستوى العام الماضي تقريباً، ويصل إلى 7,8% في عام 2023.
ومن المرجح أن تزيد وتيرة التوسع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي عن الضعف مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 6,5% في عام 2022، وهي أعلى بقليل من توقعات الصندوق في أبريل، مما يساعد على دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 5%.
وفي ما يتعلق بتصورات انخفاض أسعار النفط الخام العام المقبل يتوقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3,6% في كل من دول الخليج والشرق الأوسط بصورة عامة.
ومع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة بجانب أزمة الطاقة العالمية وتشديد أسواق الائتمان أصبحت الثروة البترولية في الخليج أكثر أهمية من أي وقت مضى كمصدر لرأس المال.
زيادة الأرصدة الأولية غير النفطية
وفي البلدان المصدرة للنفط، امتنع معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي – على عكس ما حدث
في الماضي – عن زيادة الأرصدة الأولية غير النفطية، مع مواصلة جهود الضبط المالي في عام 2022 . وفي المقابل، يُتوقع أن تؤدي السياسات المسايرة للاتجاهات الدورية في الجزائر والعراق وقطر والإمارات العربية المتحدة إلى تساهل موقف المالية العامة في عام 2022 مقارنة بعام 2021 ، وهو ما يمثل تحولا عن مسار الضبط المتوقع قبل الحرب – بسبب زيادة الدعم (الجزائر والعراق والإمارات العربية المتحدة( ورفع الأجور )الجزائر وقطر والإمارات العربية المتحدة).
غير أن موقف المالية العامة عبر مجموعات البلدان يعد أقل تساهلا بكثير عن النوبات السابقة بسبب الحيز المالي المحدود واعتبارات الحيطة المالية.
وخلال نوبات ارتفاع أسعار السلع الأولية في الماضي، اتضح مدى هشاشة الاستقرار الاجتماعي في
الأسواق الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويُتوقع أن تدخر بلدان مجلس التعاون الخليجي حوالي 20% من مجموع إيراداتها في المتوسط (أو 33% من الإيرادات لاالنفطية ) رغم التراجع المتوقع في أسعار النفط على المدى المتوسط – وهو معدل أعلى بكثير مقارنة بالنوبات السابقة عندما بلغت معدلات الادخار مستويات سالبة عقب انخفاض أسعار النفط.
وفي البلدان خارج مجلس التعاون الخليجي، يُتوقع أن تشهد حكومة الجزائر تراجعا حادا في معدلات الادخار، بينما تشير التوقعات إلى ادخار ربع الإيرادات النفطية تقريبا في العراق.
وفي البلدان المصدرة للنفط، تقترن الإيرادات النفطية الكبيرة بخطر الإسراف المالي، وإن كان ذلك لم يحدث حتى الآن في معظم البلدان. وقد يؤدي مزيج من هذه التطورات المعاكسة المحتملة إلى ضغوط حادة
على الآفاق المالية المتوقعة كما اتضح من النتائج المالية السابقة في أعقاب نوبات ارتفاع أسعار السلع الأولية حينما تحققت مخاطر عدم الاستقرار الاجتماعي والارتفاع المطول في أسعار النفط، مما أدى إلى ضغوط على حسابات المالية العامة تجاوزت التوقعات الأولية، بالرغم من أن التداعيات الموروثة من الجائحة وتآكل الحيز المالي ربما ساهما في الحد بدرجة كبيرة من إمكانية الاستجابة المالية التوسعية.