لعل التوصية بربط اعتماد الموظفين على تقنيات الذكاء الاصطناعي بتقييم الأداء وفرص التطور المهني هو أمر لافت في دليل جديد يبرز مع أطلاق حكومة دولة الإمارات، ممثلة بمكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، وبالتعاون مع شركة “أوبن إيه آي” العالمية، “دليل الريادة في الذكاء الاصطناعي” باللغة العربية، في خطوة استراتيجية تواكب مبادرة “يوم الإمارات تبرمج”. تهدف هذه المبادرة إلى تمكين القادة والمسؤولين من مواكبة التطورات المتسارعة في عالم الذكاء الاصطناعي، وتزويدهم بأحدث المعارف وأفضل الممارسات لقيادة التحول الرقمي بكفاءة. يأتي الدليل في 15 صفحة (يتوفر بالإنكليزية هنا). يوفر “دليل الريادة في الذكاء الاصطناعي” إطاراً عملياً يساعد القادة على اتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة، ويشجع على تطوير المهارات الوطنية لضمان الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة في مختلف القطاعات، بما يعزز الأداء الحكومي ويرفع كفاءته، يرتكز الدليل على خمسة مبادئ أساسية تمثل ركائز النجاح في مسيرة الذكاء الاصطناعي: المواءمة، التفعيل، التوسع، التسريع، والحوكمة. فالمواءمة تهدف إلى تحديد الأهداف المرجوة بوضوح، في حين يركز مبدأ التفعيل على تطوير البنية التقنية والتدريبية اللازمة. أما التوسع فيتناول إنشاء مراكز الابتكار ومجتمعات المعرفة، بينما يسعى مبدأ التسريع إلى تمكين الوصول السريع إلى البيانات ودعم المشاريع المبتكرة، وتأتي الحوكمة لتضمن وضع أطر تنظيمية مرنة تواكب التطورات العالمية وتكرس الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.
يشير الدليل إلى مجموعة من المعلومات اللافتة حول الريادة في عصر الذكاء الاصطناعي، ومن أبرزها، سرعة النمو والتكلفة، حيث حققت الشركات و المؤسسات التي تبنّت تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ بداية ظهورها نموًا في الإيرادات أسرع بمعدل 1.5 مرة من نظرائها. هذا يؤكد القيمة التنافسية للتبني الاستراتيجي والمبكر. ويورد الدليل مبادرة القيادة التنفيذية اللافتة، وهي حين وضع الرئيس التنفيذي لشركة مودرنا Moderna هدفًا واضحًا للموظفين وهو أن يستخدم الموظف ChatGPT عشرين مرة يوميًا. هذا المثال يوضح كيف يمكن للقادة تحديد هدف قابل للقياس لتبني الذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من العمل اليومي، مما يعزز تبنيه.
كما تمكّن فريق San Antonio Spurs من رفع مستوى إتقان الذكاء الاصطناعي من 14% إلى 85% عبر دمج التدريب في سياق العمل اليومي، بدلاً من التعامل معه كمبادرة منفصلة. هذا يشدد على أهمية دمج التدريب في سير العمل لضمان الفعالية. و يوصي الدليل بإنشاء مجلس ذكاء اصطناعي متعدد التخصصات بدعم من الإدارة التنفيذية، يمتلك صلاحية إزالة تحديات المشاريع وتسريع الموافقات على المبادرات الواعدة. هذا يهدف لإزالة العقبات وتحويل الأفكار المبتكرة بسرعة إلى تنفيذ فعلي.
ومن اللافت أيضا الربط المباشر بالتقييم والأهداف، فهناك التوصية بربط اعتماد الموظفين لتقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر بتقييم الأداء وفرص التطور المهني. ويشمل ذلك استخدام الأهداف والنتائج الرئيسية (OKRs) أو أدوات مماثلة لتحديد أهداف واضحة لكل وظيفة، وإبراز المساهمات المتميزة في مناقشات الترقيات والمكافآت.
يعد هذا النهج تحولًا جذريًا، حيث يجعل تبني الابتكار الرقمي والتجريب مع تقنيات الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في مسار النجاح المهني للموظف، بدلاً من كونه مجرد مبادرة جانبية.

