شهد عام 2025 نقطة تحول حاسمة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحديدا معالجة اللغة العربية الطبيعية، إذ تميز بالانتقال من النماذج العامة إلى أنظمة متخصصة للغاية، تتسم بالكفاءة، وتراعي اللهجات العربية. فمن المغرب العربي إلى الخليج، تؤكد المؤسسات الإقليمية سيادتها التكنولوجية من خلال تطوير نماذج تحترم الفروق اللغوية الدقيقة في العالم العربي. وهناك قرابة عشرة أحداث محورية شكلت ملامح تطوير الذكاء الاصطناعي العربي خلال العام 2025.
المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية يقلص تكاليف التدريب
في خطوة هامة نحو إتاحة تطوير الذكاء الاصطناعي للجميع، أطلق المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية إطار عمل ثوري مصمم لخفض تكاليف الحوسبة اللازمة لتدريب نماذج اللغة العربية بشكل ملحوظ. ومن خلال تحسين خوارزميات التجزئة وتنقية البيانات خصيصًا للخط العربي، يتيح هذا الإطار للمؤسسات البحثية الصغيرة بناء نماذج عالية الجودة دون الحاجة إلى التكلفة الباهظة لمجموعات الحوسبة الضخمة. يُسهم هذا الإنجاز في سدّ “فجوة الموارد”، ما يضمن عدم اقتصار تطوير الذكاء الاصطناعي باللغة العربية على عمالقة التكنولوجيا، بل إتاحته للأوساط الأكاديمية.
معهد قطر لبحوث الحوسبة نموذج فنار 2.0 للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
اختتم معهد قطر لبحوث الحوسبة (QCRI) بجامعة حمد بن خليفة العام بإطلاق فنار 2.0. وانطلاقًا من نجاح سابقه، يركز فنار 2.0 على “الذكاء الثقافي”، ما يضمن فهم النموذج للسياقات المحلية والأطر القانونية والأعراف الاجتماعية في العالم العربي. ويُقدم التحديث قدرات استدلالية مُحسّنة ودعمًا أفضل للغة العربية التقنية، ما يجعله أداةً رائدةً للقطاعين الحكومي والتعليمي الباحثين عن مساعد رقمي موثوق ومُراعي للسياق الثقافي.
جيس 2: تطور التميز
تعاونت كل من Inception وCerebras وMBZUAI لإطلاق جيس 2، ما كان يُعتبر بالفعل البرنامج الرائد عالميًا في مجال نماذج اللغة الكبيرة العربية. يتميز نموذج جايس 2 بزيادة ملحوظة في عدد المعلمات ومجموعة بيانات تدريبية مُحسّنة تتضمن مجموعة أوسع من الأدب العربي الكلاسيكي والمعاصر. وبفضل الاستفادة من حواسيب سيريبراس العملاقة للذكاء الاصطناعي CS-3، حقق الفريق كفاءة تدريب غير مسبوقة. يرسي جايس 2 معيارًا عالميًا جديدًا، متفوقًا على العديد من النماذج الغربية في مهام اللغة العربية المعقدة ودقة الترجمة بين اللغات.
إطلاق أول نموذج وطني شامل للغة في ليبيا
في إنجاز تاريخي لقطاع التكنولوجيا في شمال إفريقيا، أطلقت ليبيا أول نموذج وطني شامل للغة. تمثل هذه المبادرة جهدًا استراتيجيًا لرقمنة اللهجة الليبية والحفاظ على التراث الثقافي الخاص بالبلاد في عصر الذكاء الاصطناعي. تم تطوير النموذج من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص، ويهدف إلى تبسيط الخدمات العامة وتزويد الطلاب الليبيين بأداة تعليمية محلية. ويمثل هذا النموذج دخول ليبيا الرسمي إلى سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، مع إعطاء الأولوية للسيادة اللغوية وتوطين البيانات.
تطبيق هيومين
يمثل إطلاق تطبيق HUMAIN للدردشة خطوةً هامةً في مجال الذكاء الاصطناعي الموجه للمستهلكين في المنطقة. توفر هذه المنصة، المدعومة بنموذج ALLaM 34B، تجربة محادثة سلسة وتفاعلية للغاية، مصممة خصيصًا للمتحدثين باللغة العربية. تتيح البنية الأساسية التي تضم 34 مليار مُعامل (parameter) إمكانية التعامل مع الفروق الدقيقة والذاكرة المتطورة، مما يجعلها واحدة من أكثر واجهات الدردشة كفاءةً للاستخدام التجاري والشخصي. ويُظهر نشرها نضج النماذج العربية في التعامل مع التطبيقات ذات الاستخدام العالي في الوقت الفعلي، مع الحفاظ على زمن استجابة منخفض ودقة عالية.
مجموعة نماذج الذكاء الاصطناعي العربية الجديدة من هيومين
بالتزامن مع إطلاق واجهة الدردشة، أعلنت هيومين HUMAIN عن مجموعة شاملة من نماذج الذكاء الاصطناعي العربية الجديدة، المصممة خصيصًا للتكامل مع المؤسسات. تتضمن هذه المجموعة إصدارات متخصصة في مجالات التمويل والتحليل القانوني وخدمة العملاء، مما يسمح للشركات بتطبيق ذكاء اصطناعي يفهم المصطلحات الخاصة بقطاعاتها باللغة العربية. من خلال توفير نهج “وحداتي” للذكاء الاصطناعي، تُمكّن منصة هيومين الشركات الإقليمية من تجاوز الأدوات العامة التي تركز على اللغة الإنجليزية، لصالح أنظمة مصممة خصيصًا للاقتصاد الناطق بالعربية.
أول نموذج لغة كبير لقطاع الاتصالات باللغة العربية
طورت جامعة خليفة، بالتعاون مع شركاء رئيسيين في قطاع الاتصالات، نموذج لغة كبير متخصص بالتركيز على قطاع الاتصالات. يُدرَّب هذا النموذج على مجموعات بيانات ضخمة من الأدلة الفنية، وسجلات دعم العملاء، وبيانات تحسين الشبكات باللغة العربية. ويهدف إلى إحداث ثورة في كيفية إدارة شركات الاتصالات الإقليمية لعمليات استكشاف أخطاء الشبكة والتفاعل مع العملاء. من خلال التركيز على قطاع صناعي محدد، يُثبت هذا المشروع أن النماذج العربية “المتخصصة” يمكن أن تُحقق عائدًا على الاستثمار أعلى من النماذج العامة في البيئات التقنية المتخصصة.
معيار الذكاء الاصطناعي العربي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات
سد معهد الابتكار التكنولوجي (TII) ثغرةً حاسمةً في تقييم الذكاء الاصطناعي بإصداره معيارًا جديدًا خاصًا بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات العربية. سابقًا، كانت معظم المعايير العربية تختبر نماذج اللغة الكبيرة في مجال الترجمة والمعرفة العامة، أما هذا الإطار الجديد فيختبر قدرتها على حل المعادلات المعقدة وشرح المفاهيم العلمية باللغة العربية. تدفع هذه الخطوة المطورين إلى تجاوز مفهوم “برامج الدردشة الآلية” والتوجه نحو بناء نماذج قادرة على دعم البحوث المتقدمة والابتكار الصناعي في العالم العربي.
نايل-تشات: التخصص في اللهجة المصرية
إدراكًا منها أن اللغة العربية الفصحى الحديثة ليست سوى جزء من اللغز اللغوي، أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي نموذج نايل-تشات، وهو نموذج مُصمم خصيصًا للهجة المصرية. تُعد اللهجة المصرية اللهجة الأكثر فهمًا في المنطقة، ويلتقط نايل-تشات تعابيرها الفريدة وروح الدعابة فيها وقواعدها النحوية بدقة ملحوظة. يُمثل هذا تحولًا نحو “الذكاء الاصطناعي باللهجات”، ليكشف فعلاً بأنه كي يكون الذكاء الاصطناعي “محوريًا حول الإنسان” في الشرق الأوسط، يجب أن يتحدث اللغة المستخدمة في الحياة اليومية.
فالكون ٣ يدمج التميز في اللغة العربية
أعلنت سلسلة فالكون ٣ من شركة TII، المشهورة عالميًا بأدائها المتميز في مجال البرمجيات مفتوحة المصدر، عن دمجها رسميًا لأول نموذج مخصص للغة العربية هذا العام. ومن خلال دمج إمكانيات اللغة العربية في بنية فالكون الأساسية بدلًا من اعتبارها إضافةً منفصلة، ضمنت TII بقاء فالكون ٣ خيارًا رائدًا للمطورين العالميين الذين يحتاجون إلى دعم عالي الأداء للغة العربية. ويعزز هذا التكامل مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، جامعًا بين فلسفة البرمجيات مفتوحة المصدر والخبرة اللغوية الإقليمية العميقة.

