سجلت بتكوين تراجعاً هذا العام بنحو 3%، رغم ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 16%، في أول انفصال سنوي بين الجانبين منذ عشر سنوات، والعملة التي تجاوزت 125 ألف دولار مطلع 2025 هوت إلى نحو 85 ألفاً، ما أدى إلى موجة تصفيات ضخمة في السوق. ويأتي التراجع في وقت تجتذب فيه أسهم الذكاء الاصطناعي ومعادن الذهب والفضة السيولة بعيداً عن سوق العملات المشفرة والخبراء يرون أن هذا الانفصال طبيعي بعد تفوّق بتكوين الكبير في العامين الماضيين، فيما قد يكون ما يحدث الآن مجرد تصحيح داخل مسار صاعد طويل الأمد.
بعد فترة طويلة من التوافق التاريخي، يبدو أن العملة المشفرة الأبرز، بتكوين، تنفصل عن المسار الذي تسلكه أسواق الأسهم العالمية. هذا الانفصال هو الأبرز هذا العام، ويأتي في سياق يثير التساؤلات حول موقع العملة الرقمية في استراتيجيات المستثمرين.
تحوّل عن العهد القديم
لطالما تحركت بتكوين والأسهم في اتجاه واحد، وهو ارتباط وصل إلى أوضح مستوياته خلال جائحة كورونا. حينها، أدى انخفاض أسعار الفائدة إلى ضخ سيولة هائلة غذّت موجات صعود مشتركة في الأسهم وأصول المضاربة عالية المخاطر. كان يُنظر إلى بتكوين كـ “الرفيق الحساس” لموجات التفاؤل والنمو الاقتصادي.
لكن الصورة تبدو مختلفة تمامًا اليوم. فبينما تحلّق أسهم شركات الذكاء الاصطناعي عاليًا، وتتصاعد مستويات الإنفاق الرأسمالي، ويعود المستثمرون بقوة إلى سوق الأسهم، لم تعد بتكوين تركب هذه الموجة.
المعادن النفيسة تخطف الأضواء
يُعدّ الانفصال لافتًا أكثر مع الأداء القوي للمنافسين التقليديين. ففي الوقت الذي تشهد فيه الأسهم زخمًا إيجابيًا، يقترب الذهب والفضة من تسجيل مستويات قياسية جديدة، مما يشير إلى تحوّل في تدفقات رؤوس الأموال.
وفي هذا الصدد، يرى مات مالي، كبير الخبراء الاستراتيجيين للسوق لدى “ميلر تاباك بلس كو”، أن “بتكوين أصل يعتمد على الزخم”. ويضيف: “في معظم السنوات العشر الماضية، عندما كان الزخم قويًا، كانت بتكوين تقود المسار. لكن هذا العام، يبدو أن المعادن النفيسة قد استحوذت على جزء كبير من التدفقات التي عادة ما تتجه إليها بتكوين”.
مكاسب هشة وثقة متدهورة
هذا التغيير يتزامن مع تدهور سريع في ثقة المستثمرين داخل سوق العملة المشفرة. إذ تباطأت التدفقات الداخلة إلى صناديق بتكوين المتداولة في البورصة، وبدأت تظهر علامات ضعف في صمود مكاسب العملة.
وتشير المؤشرات الرئيسية إلى هشاشة الارتفاعات الأخيرة، حيث سجلت بتكوين أطول سلسلة من الإغلاقات اليومية المرتفعة لثلاث جلسات فقط هذا العام، وهو أدنى مستوى في أي عام تسجل فيه أسعار بتكوين مستويات قياسية جديدة. هذا الأداء يوحي بأن القوة الدافعة للبتكوين لا تدوم طويلاً، مما يزيد من صعوبة العودة إلى دورها القيادي السابق في أسواق المضاربة.

