في واحدة من أخطر الأزمات المالية التي ضربت القطاع المصرفي الإقليمي في الولايات المتحدة منذ أعوام، تفجّرت فضيحة احتيال في القروض العقارية التجارية، كشفت عن ثغرات واسعة في نظم الإقراض والمراقبة الداخلية. وقفزت أسعار الذهب لمستويات قياسية، فيما يسود القلق الأسواق المالية الأوسع، وتراجع مؤشر “كي بي دبليو” المصرفي إلى أدنى مستوياته منذ ستة أشهر. وخسرت أكبر 74 بنكًا أمريكيًا مجتمعةً حوالي 100 مليار دولار من قيمتها السوقية وجاءت هذه الأحداث لتضيف مزيداً من الضغط على القطاع المصرفي الذي لا يزال يتعافى من تداعيات إفلاسات سابقة، مثل “تريكولور هولدينغز” و”فيرست براندز غروب”، التي كبّدت مصارف كبرى مثل “جيه بي مورغان” و”فيفث ثيرد” و”جيفريز” خسائر ضخمة. ونقلت رويترز نبأ انخفاض أسهم البنوك الأمريكية، بما في ذلك زيونز بانكوربوريشن وجيفريز وويسترن ألاينس، بشكل حاد يوم الخميس، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن المخاطر في القطاع، الذي تأثر سلبًا بالتعرض لإفلاس شركتين لصناعة السيارات. انخفض سهم زيونز (ZION.O) بنسبة 12% بعد إعلانه عن تكبده خسارة قدرها 50 مليون دولار في الربع الثالث من قرضين تجاريين وصناعيين من فرعه في كاليفورنيا. كما انخفض سهم ويسترن ألاينس (WAL.N) بنسبة 11% تقريبًا بعد أن كشف البنك بشكل منفصل عن رفعه دعوى قضائية يتهم فيها شركة كانتور جروب 5، ذ.م.م. بالاحتيال.
وقد هزت هذه الأوضاع السوق الأوسع نطاقا، مع انخفاض مؤشر البنوك الإقليمية (.KRX) بنسبة 5.8% وخسارة مؤشر S&P 500 ما يقرب من 1%.
ومع تصاعد التحقيقات، يتزايد القلق من أن تكون هذه الفضيحة مؤشراً على خلل أعمق في آليات الرقابة والإقراض لدى المصارف الإقليمية، ما يثير المخاوف من موجة اضطرابات جديدة في أسواق الائتمان الأميركية. القضية بدأت عندما أعلنت مصارف متوسطة الحجم عن اكتشافها عمليات احتيال معقدة، تورطت فيها صناديق استثمارية متخصصة بشراء وتمويل الرهون المتعثرة. كانت هذه الصناديق تحصل على تسهيلات ائتمانية بملايين الدولارات، مقابل ضمانات يُفترض أنها مدعومة بعقارات وسندات حقيقية، قبل أن يتبيّن أن هذه الضمانات إما نُقلت إلى جهات أخرى أو كانت أصلاً على وشك الحجز القضائي. من بين أكثر المصارف تضرراً، بنك “زيونس بانكورب” الذي هبط سهمه بنسبة 13%، بعد إعلانه شطب قرض قيمته خمسون مليون دولار جرى منحه عبر فرعه “كاليفورنيا بنك آند تراست”. البنك رفع دعوى قضائية ضد صندوقين استثماريين مرتبطين بأندرو ستابين وجيرالد مارسيل، متّهماً إياهما بتزوير المستندات المتعلقة بحق الامتياز على العقارات المرهونة. أما “ويسترن ألاينس بانكورب”، فقد واجه بدوره صدمة مماثلة بعد أن تراجع سهمه نحو 11%، إثر كشفه عن قروض قدرها 98.6 مليون دولار للمقترضين أنفسهم. وفي الدعوى التي رفعها البنك، تبيّن أن الضمانات لم تكن كما أُعلن عنها، وأن المقترض لجأ إلى تزوير وثائق الملكية وحذف الامتيازات القانونية، إلى جانب سحب أموال من حسابات كان يُفترض أن تُستخدم كضمان إضافي.
